اقتصاد ومال

لبنان يعاني ضيق المساحات المرويّة ومشاكل أخرى فما العمل؟
إعداد: تريز منصور

العالم يبحث عن سبل لتأمين الحاجة المتنامية الى الغذاء


انفجار سكاني وتغيير مناخي، عنوانان كبيران لمشاكل تهدّد الأمن الغذائي وبالتالي حياة البشرية جمعاء. هذا الواقع دفع منظمة الأغذية والزراعة الدولية الى التوصية باعتماد أساليب تكثيف الإنتاج الزراعي، على نحو مستدام، لتلبية الطلب المتنامي على الغذاء والعلف، مع العمل للتخفيف من حدة الفقر وحماية الموارد الطبيعية.
هذا على مستوى العالم عموماً، فماذا عن الوضع في الشرق الاوسط ولبنان؟
الأمن الغذائي والتدابير المتّخذة عالمياً ومحلياً لمعالجة التحديات التي يطرحها نقص الموارد الزراعية، المياه، والخطة العشرية لبناء السدود والبحيرات في لبنان، محاور تتناولها «الجيش» مع وزير الزراعة السابق الدكتور عادل قرطاس ومدير عام الموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير.

 

الوزير قرطاس:
توسيع الرقعة الزراعية المرويّة والاعتناء بالطبقات المتوسطة والفقيرة

وزير الزراعة السابق الدكتور عادل قرطاس رئيس الهيئة اللبنانية للغذاء والتنمية (LAND) وعضو التجمع الوطني للإصلاح الإقتصادي، ورئيس جمعية أصدقاء المياه في لبنان، تطرق بداية إلى مفهوم الأمن الغذائي الذي طرح للمرة الأولى في الجمعية العامة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» (FAO), في عهد المدير العام السابق إدوار صوما. فقد طرحت مقولة أنه على كل دولة إنتهاج السياسة الملائمة لتأمين الأمن الغذائي، إن من الناحية الإقتصادية أو من ناحية الإمكانات العملية، أي توفير الأراضي الزراعية والمياه واليد العاملة. يمكن لبنان أن ينتج نحو 120 ألف طن من القمح، بينما الحاجة هي 350 ألف طن، ويتم تأمين الفارق عن طريق الاستيراد. أما بالنسبة إلى الحبوب العلفية (الذرة، الصويا، الشوفان والشعير) فيحتاج لبنان الى 560 ألف طن منها سنوياً، في حين لا يمكنه إنتاج أي شيء، نظراً إلى عدم توافر المساحات الزراعية الكافية، وغياب اليد العاملة.
يقول الدكتور قرطاس إن سياسات الأمن الغذائي يجب أن تتم على محورين:


- المحور الأول: توفير أو توسيع إمكانات الإنتاج المحلية، من أراض صالحة للزراعة، ومياه للري، ويد عاملة، وتدعيم وإنشاء البنى التحتية والمؤسسات التي تعنى بالإنتاج أو بالإرشاد أو بالتوجيه أو التسويق أو التسليف أو التصنيع الزراعي.


- المحور الثاني: إتخاذ سلسلة من الإجراءات التي تعنى بالغذاء والتغذية، وتأمين الغذاء بأسعار معقولة لطبقات المجتمع، خصوصاً الفقيرة منها، في أي بلد كان.


• ما الذي حصل على صعيد تسويق الإنتاج وتطويره عالمياً؟
- منذ العام 1974 وحتى العام 2007، كان هناك إنخفاض متواصل ومرتفع جداً، لأسعار المواد الغذائية عالمياً، نتيجة تطبيق التكنولوجيا الحديثة في الزراعة في الدول المتقدمة، وأهمها الولايات المتحدة الأميركية، ودول الإتحاد الأوروبي، وكندا وأستراليا، بالإضافة الى دول أخرى كالبرازيل والأرجنتين، التي تتوافر لها الإمكانات المناخية للإنتاج الكبير ضمن حيازات زراعية كبيرة. يضاف الى ذلك الدعم المقدّم من الدول المتقدمة، والذي يقدّر بـ360 مليار دولار سنوياً. ونتج عن جميع هذه العوامل، إنخفاض كبير ومتواصل في أسعار السلع الزراعية والغذائية، الأمر الذي أدى بدوره إلى إنخفاض حوافز الدول النامية، لزيادة إنتاجها الزراعي.
العام 2007، إنعكست هذه الاتجاهات تماماً على أثر زيادة الطلب المفاجئ من الدول ذات الكثافة السكانية كالصين والهند، بالإضافة إلى التقلبات المناخية، التي كان لها الأثر السيء على الإنتاج الزراعي، بصورة خاصة في الأرجنتين وأستراليا. يضاف الى ذلك عنصر آخر متأتٍ من السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة الأميركية، في زيادة الدعم على البذور الزيتية، واستعمالها لتأمين الطاقة والمحروقات (الإيتانول). كل هذه العوامل أدّت إلى ارتفاع مفاجئ في الأسعار العام 2007. أضف الى ذلك، أن زيادة سعر برميل النفط الذي وصل الى 147 دولاراً، كان حافزاً لزيادة الأسعار عالمياً.
في أواخر العام 2008، إنعكست الآية مرة أخرى، وبدأت أسعار البترول بالإنخفاض تدريجاً، مما كان حافزاً لانخفاض أسعار المنتجات الزراعية. ولكن هذا الإنخفاض لم يوصل لغاية الآن، الأسعار الى المستوى الذي كانت عليه قبل العام 2007.

 

تقرير الفاو
هذه التطورات في الأسعار على الصعيد العالمي، دفعت بمنظمة الأغذية والزراعة، إلى عقد مؤتمر قمة في مقر المنظمة في روما (بين 3 و 5 حزيران 2008)، لتدارس هذا الوضع، غير الصحي ومعالجة الموضوع. كما أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عيّن لجنة رفيعة المستوى بهدف وضع تقرير مفصل يتضمن توصيات لمعالجة هذه الظاهرة الخطرة.
ويوضح الوزير قرطاس أنّ ما تضمنه التقرير هو الآتي:
- إعطاء الأهمية القصوى لصغار المزارعين في الدول النامية، على الصعيد العالمي، والتوجّه للإهتمام بشؤونهم، وتحفيزهم على الإنتاج.
- إصلاح الخطأ المعتمد من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والمتأتي من المبالغة في تحرير التجارة العالمية. وبالتالي يجب أن يكون هناك بعض التطوير في سياسات هذه الدول لحماية الإنتاج الزراعي من المنافسة الأجنبية.
- إلغاء الدعم على البذور الزيتية وخصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية، وتوجيهها إلى إنتاج المواد الغذائية بدلاً من الطاقة والمحروقات.
- اتخاذ الإجراءات الآيلة الى مساعدة الفقراء من المستهلكين، وذلك من خلال دعم المنتجات الغذائية الأساسية.

 

الوضع في لبنان
• هذا على الصعيد الدولي، ماذا على صعيد لبنان؟
- الوضع الزراعي في لبنان يلخص كالآتي:
المساحة الزراعية ضيّقة جداً، ولا تزيد مساحتها عن 250 ألف هكتار في جميع المناطق اللبنانية، من ضمنها المساحة المروية التي لا تزيد عن 120 ألف هكتار. والمعضلة الأولى بالنسبة الى الزراعة، هي التوسع في الرقعة المرويّة، لتصبح أقله 180 ألف هكتار، وذلك ضمن الخطة العشرية، التي تقوم بتنفيذها وزارة الطاقة والمياه، مع التركيز بصورة خاصة على مشاريع الري المتوسطة والصغيرة، ومنها البحيرات التليّة (Lacs Collinaires).
والمعضلة الثانية هي في عدم توافر اليد العاملة وضآلة الإمكانات في المكننة الزراعية، نظراً الى صغر الحيازة الزراعية.
أما المعضلة الثالثة فهي في ضعف المؤسسات التي تعنى بالزراعة، وعلى رأسها التسليف الزراعي والتسويق والإرشاد الزراعي والأبحاث الزراعية.
أدّت هذه العوامل مجتمعة الى ضعف القطاع الزراعي في لبنان، بالرغم من وجود العديد من المزارعين، الذين تمكنوا من تخطي كل هذه المعوقات، واعتماد التكنولوجيا الحديثة في الزراعة والتوسع في الإنتاج والتصدير، خصوصاً إلى الخليج العربي.
إن السياسة التي كانت معتمدة في السابق، كانت تهدف الى حماية الإنتاج الزراعي اللبناني، وتأمين الدعم المالي لإنتاج القمح والتبغ والشمندر السكري. إلا أن الدعم في ما يخص هذه المادة الأخيرة توقف منذ ثلاث سنوات، وكذلك دعم إنتاج القمح، ولم يبق إلا دعم إنتاج التبغ، باعتبار أنه ينتج، بصورة خاصة، في الجنوب اللبناني، وأن هذا الدعم سيكون حافزاً للمزارعين، للصمود والبقاء في أرضهم، إضافة الى أن هذه الزراعة زراعة مطرية. ومن ناحية أخرى فقد اعتمدت الحكومة اللبنانية، منذ سنوات، دعم استهلاك الرغيف (حدد سعره على أساس 1500 ليرة لبنانية لكل 1.2 كلغ، مهما تقلّبت الأسعار العالمية للقمح).
وأضاف قائلاً:
في الماضي وجدت طريقة أخرى للدعم والحماية من المنافسة الأجنبية، وذلك باعتماد روزنامة زراعية (يمنع استيراد بعض المنتجات الزراعية، عندما يكون انتاجها متوافراً بكميات كبيرة على الصعيد الوطني)، ولكن هذا التدبير ألغي العام 2005، عندما قرر لبنان الانضمام الى اتفاقية التيسير العربية للتجارة والترانزيت، بهدف الانضمام الى منظمة التجارة العالمية.


• ماذا عن ترشيد إستهلاك المواد الغذائية؟
- يجب أن تؤخذ الناحية الغذائية بعين الإعتبار، وأن يتم التركيز على الوعي الغذائي عند السكان، وتأمين التوازن في عناصر الغذاء، وتأمين الكمية الكافية من السعرات الحرارية، بحيث يؤمن للفرد ما لا يقل عن 2600 سعرة حرارية في اليوم الواحد.
والحاصل اليوم أننا نأكل 3600 سعرة حرارية، مما يؤدي الى زيادة في الاستهلاك، وإلى البدانة والسمنة. وهذه مشكلة في لبنان تتفاقم مع عدم وعي أهمية إستهلاك الوجبات الغذائية المتوازنة. واعتبر أن تفادي هذه المشكلة يتطلب أمرين:
- التوجيه السليم في الاستهلاك الغذائي، ونشر الوعي عند السكان وعلى جميع المستويات.
- التغيير في النمط المعيشي عند السكان.

 

ما العمل؟
ودعا الدكتور قرطاس أخيراً إلى ضرورة وضع سياسة زراعية، ترمي بالدرجة الأولى إلى حماية الإنتاج الزراعي في لبنان، وتحفيز صغار المزارعين على زيادة انتاجهم، وتحديث الزراعة باعتماد التكنولوجيا الحديثة. وهذا يتطلب من الدولة تدعيم المؤسسات التي تعنى بالزراعة، وعلى رأسها وزارة الزراعة، ووزارة الطاقة والمياه، حتى يتأمن التوسع بالرقعة الزراعية، وخصوصاً المرويّة منها. ومن جهة ثانية، على الحكومة الاعتناء بحماية الطبقات المتوسطة والفقيرة في لبنان، وذلك بتأمين الغذاء الأساسي لهم، وبأسعار مقبولة.

 

الدكتور قمير: مردود الخطة العشرية على الاقتصاد 5 مليارات دولار في السنة
بين العامين 1999 و2000، وضعت وزارة الموارد المائية والكهربائية خطة طموحة عرفت بالخطة العشرية، وهدفت الى وضع أسس لإستثمار الموارد المائية في لبنان وتأمين حاجات اللبنانيين من مياه الشفة والري والمساهمة في تطوير المجتمع اللبناني إقتصادياً.
مدير عام الموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير تناول مساهمة الخطة العشرية في تنمية الإنتاج الزراعي، مشيراً إلى أن أهدافها ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالنمو السكاني، ما يوجب «علينا التخطيط لمئة سنة قادمة بالنسبة الى الموارد المائية، ولكن للأسف لا يوجد تخطيط لأي شيء في لبنان».
ويوضح قمير أن الخطة العشرية التي وضعها عقب تسلمه مهامه، مبنية على الإدارة المتكاملة للمياه، ومن شأن تطبيقها تأمين الموارد اللازمة للري وبالتالي المساهمة بفعالية في تنمية الإنتاج الزراعي. فهذه الخطة تركز أولاً على تأمين موارد مائية إضافية، من خلال دراسة حجم كميات المياه المتوافرة، وحجم استعمالها وماهية الأمكنة التي تذهب إليها وكيفية تنظيمها، لكي نتمكن من استعمالها لاحقاً، من خلال إنشاء السدود والبحيرات.
منذ ثلاثين عاماً، كان من المفترض تأمين الموارد المائية لنحو مليونين ونصف مليون إنسان، أما اليوم فينبغي تأمين حاجات ستة ملايين. مثلاً كانت بحيرة صغيرة أو نبع ماء يكفي لتوزيع المياه في بلدة مستيتا التي كانت تضمّ ثلاثة بيوت. اليوم أصبح عدد سكانها نحو أربعين ألف نسمة. وهنا السؤال الكبير: كيف يمكننا تأمين المياه، في غياب السدود والبحيرات، ومع واقع هطول الأمطار في فترة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر في السنة؟

 

تأمين مياه الري لـ280 ألف هكتار
وقال الدكتور قمير: منذ زمن طويل تذهب المياه في لبنان وبكميات هائلة هدراً إلى البحر، بينما يفتقد إليها اللبنانيون في بيوتهم. وخلال هذا الوقت كان السياسيون عن جهل أو غير جهل، وبالتواطؤ مع شركات محطات الضّخ، يمنحون رخص حفر آبار ارتوازية، وبأعداد هائلة من دون دراسة لواقع المياه الجوفية.
لقد جاءت الخطة العشرية كي تنظّم وضع الموارد المائية، بإعتبار أن الأمن الغذائي تؤمنه الزراعة، وخصوصاً أن البقعة الزراعية بالنسبة إلى كمية المياه، بدأت تتقلص، وأصبحت اليوم 120 ألف هكتار. وبالتالي علينا التفكير ملياً، كيف يمكننا تأمين المياه لمساحة 280 ألف هكتار خلال الخمسين سنة القادمة. وعلينا إدراك أن المزارع يمكنه تحقيق نقلة نوعية اجتماعية من موارد الزراعة.
وأضاف: طبقة المياه الجوفية يجب تركها كمخزون إستراتيجي للبلد، وبالتالي علينا تغذيتها من مياه الأمطار والمياه الآسنة المكررة في محطات التكرير، التي لم يتم تركيبها حتى الساعة في لبنان. ولا سيما أن كثرة الضّخ من المياه الجوفية أدت إلى انخفاض معدلها، واختفائها في الكثير من المناطق، ودخول الملوحة، أي مياه البحر إلى هذه الطبقة.
وأضاف د. قمير قائلاً: في منطقة البحر الأبيض المتوسط لا بدّ من العمل للحفاظ على 80 مليار متر مكعب من المياه بواسطة التكرير وهي تذهب هدراً إلى البحر، علماً أنها ذات قيمة إقتصادية، ويمكن استعمالها للري، ولتخزين طبقة المياه الجوفية، كما هو حاصل في أميركا ومختلف دول العالم، باستثناء منطقة البحر الأبيض المتوسط.

 

مخزون لمواجهة تغير المناخ
يعتبر قمير أن تحقيق ما تقدم ضروري لمواجهة النمو الذي نشهده، والتغير المناخي (Climate Change) الذي يضرب منطقة البحر الأبيض المتوسط أولاً، حيث النسبة الأكبر من الإنبعاثات الغازية. ووفق آراء العلماء، التغيّر المناخي سوف يضرب أولاً الواجهة الشرقية الجنوبية لمنطقة الأبيض المتوسط. مثلاً سوف يتحوّل مناخ المغرب الشبه صحراوي إلى مناخ صحراوي كالسعودية، والمناخ المعتدل في لبنان سوف يتحول الى مناخ شبه صحراوي كالمغرب. هذه القضية بمثابة تحدٍ كبير لنا، فماذا نترك لأولادنا وللأجيال القادمة، العطش والجفاف...؟ علينا إيقاف الهدر والاستفادة من كل قطرة مياه عذبة أو آسنة لإستخدامها في عدة مجالات.
وأشار إلى أن سد شبروح يغذي منطقة كسروان بمياه الشفة بإنتظار مدّ شبكات المياه لتغذية منطقة المتن. ويمكن اعتبار هذا السّد من أهم السدود في منطقة الشرق الأوسط، علماً أنه لا يخزّن سوى واحد في المئة من كمية المياه، التي نستطيع تخزينها بموجب الخطة العشرية والبالغة 850 مليون متر مكعب، تتوزع على 11 سداً إضافة إلى سد شبروح. وهذه السدود يمكن إنجازها فور توافر الإعتمادات اللازمة، وإذا ما تمّ ذلك يمكن أن نؤمن مبالغ مالية تفي جزءاً من الدين العام خلال 7 سنوات. والتي بواسطتها يمكننا إيفاء جزء من الدين.

 

تقليص التهريب
وأوضح الدكتور قمير أنه لا بد أيضاً من تقليص التهريب في شبكات المياه من 50 إلى 5 في المئة. وتعتبر هذه العملية المعتمدة في العالم هي الأهم من منطلق القيمة الإقتصادية للمياه. فمثلاً إذا نجحنا في تخفيض نسبة التهريب في منطقة بيروت، يمكننا تأمين كلفة إنشاء سد بسري. إلى ذلك يجب العمل على ترشيد إستعمال مياه الري، من خلال إستعمال التقنيات الحديثة، والإستفادة من مياه الصرف الصحي، من خلال إنشاء نحو أربعين محطة تكرير للمياه الآسنة، وتنظيم مجاري الأنهر، منعاً للتعديات وحماية من الفيضانات.
وأشار الى أن كلفة الخطة العشرية كانت تبلغ نحو 800 مليون دولار حين وضعها، ولكنها أصبحت اليوم مع زيادة الأسعار، ملياراً ومائتي مليون دولار، ويمكنها أن تؤمن مردوداً إضافياً قيمته نحو 5 مليارات دولار في السنة، عندما يتم تخزين الـ850 مليون متر مكعب. ولفت الى «أن الدول تبنى على الإستراتيجيات، التي تنطلق من ثروتها الطبيعية أو صناعتها...، والسؤال الكبير هنا، ما هي إستراتيجية لبنان؟ ماذا يملك لبنان سوى مياهه التي تذهب هدراً الى البحر، وأدمغة أبنائه التي يصدّرها الى دول أجنبية، تستفيد منها، وتحتل أهم المراكز؟».


تلبي حاجات الإنفجار السكاني وتستجيب لتغيّر المناخ 
«فاو» توصي بنظم زراعية أكثر استدامة وانتاجية
أكّد خبراء منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في المؤتمر العالمي الرابع للزراعة الذي عقد في 22/2/2009 في نيودلهي، أن على المزارعين في أنحاء العالم «التوجّه إلى إعتماد نظم زراعية أعلى قدرة على الإستدامة والإنتاجية لتلبية حاجات الانفجار السكاني في العالم والاستجابة لتغير المناخ». وأقر مدير شعبة الإنتاج النباتي وحماية النباتات في المنظمة الخبير شيفاجي باندي خلال المؤتمر أن «ليس أمام العالم بديل من اعتماد أساليب تكثيف الإنتاج الزراعي على نحو مستدام، لتلبية الطلب المتنامي على الغذاء والعلف مع التخفيف من حدة الفقر وحماية الموارد الطبيعية».
ولفتت «فاو» إلى أن أساليب الزراعة يجب أن تراعي استخدام غطاء التربة الطبيعي الدائم، وتطبيق دورات محاصيل متنوعة على نحو يضمن وضعاً مثالياً للتربة ومعدلات إنتاجية عالية. وأشارت إلى أن هذه الأساليب الزراعية «باتت معتمدة على مساحة مئة مليون هكتار في أنحاء العالم، منذ البدء بتطبيقها قبل 25 عاماً». وكشف باندي أن أساليب الزراعة التقليدية المكثّفة «أدّت إلى ضرر بيئي، ما أفضى إلى تراجع في معدلات الإنتاجية الزراعية، في وقت يتطلب العالم مضاعفة إنتاجه من الأغذية لتلبية حاجات تسعة بلايين نسمة بحلول العام 2050». وأوضح أن مزارعين كثراً في العالم، «درجوا على الإفراط في الحرث وتحريك التربة، وفي استخدام الأسمدة والري والمبيدات، بهدف تكثيف الإنتاج». وأكد أن ذلك «أثّر على سمات التربة أيضاً، من مياه وقوام وتنوعٍ حيوي، وخدمات أخرى يوفّرها نظام بيئي سليم، ما أدى إلى البدء في خفض معدلات نمو المحاصيل». وتوقّعت «فاو» مستندة إلى الإتجاهات الحالية، أن «يتراجع معدل نمو الإنتاجية الزراعية إلى 1.5 في المئة من الآن حتى العام 2030، ومن ثم إلى 0.9 في المئة من العام 2030 إلى 2050، مقارنة بمعدل نمو سنوي 2.3 في المئة منذ 1961.
وقد إنخفض معدل نمو إنتاج المحاصيل من القمح في البلدان النامية، من 5 في المئة العام 1980 إلى 2 في المئة العام 2005، وتراجع نمو المحاصيل من الأرزّ في المدة ذاتها من 3.2 في المئة الى 1.2، في حين تحرك مؤشر إنخفاض نمو إنتاجية الذرة من 3.1 في المئة الى واحد». وأعلن باندي أن الزراعة بالأساليب المشار إليها والتي تعرف بالزراعة الصونية «تتيح فوائد بيئية مهمة الى جانب زيادة حجم المحاصيل»، موضحاً أنها «تخفّض من استهلاك الطاقة في الزراعة، التي تُعتبر مسؤولة عن نحو 30 في المئة من غازات الاحتباس الحراري المنطلقة في أجواء الكرة الأرضية».
ويمكن هذه الزراعة أن «تخفف من تغيّر المناخ باحتجاز كميات إضافية من الكربون في التربة، واقتصاد نحو 1200 كيلومتر مكعب من المياه سنوياً بحلول العام 2030، نظراً إلى احتفاظ التربة السليمة القوام بكميات رطوبة أكبر وحاجاتها الأقل الى الري مقارنة بغيرها».
وحضّ الخبير في «فاو» الحكومات والجهات المتبرّعة وآخرين من أصحاب الحصص على «دعم السياسات والتمويل، لضمان الإعتماد المبكّر لأساليب الزراعة الصونية».

 

سدود
في المغرب 3500 سد، وفي سوريا 300، وثمة 65 في قبرص، وفي الأردن 9 سدود.