- En
- Fr
- عربي
ملف العدد في الميدان
بطولات جديدة وانتصارات مشرّفة يضيفها فوج المغاوير الى سجلّه الحافل.
بعد نهر البارد وعبرا، عرسال محطّة جديدة يثبت فيها قدرته على حسم المعركة وضبط الأمن، وكفّ يد كل إرهابي معتدٍ على الجيش وعلى أمن لبنان وسيادته.
التمركز على التلال
تؤكد قيادة فوج المغاوير لمجلة «الجيش» أن الجيش حقّق النصر في عرسال واستطاع تمشيط كل الأماكن المشكوك فيها أكانت داخل البلدة أو في جرودها وكذلك في مشاريع القاع، وتمركز على التلال حيث يجب أن يتمركز.
وتشير قيادة الفوج إلى أن الاندفاع، والمسؤولية والالتزام هي من مسلّمات الجيش اللبناني، وقد أثبت الضباط والعسكريون قوة اندفاعهم، وبذلوا كل التضحيات لاسترداد عرسال إلى كنف الوطن، محافظين بذلك على هيبة الدولة وهيبة الجيش، وكانوا على قدر آمال الناس وثقتهم به.
النصر المحتّم
أيام التصدّي للإرهاب في بلدة عرسال تخلّلها محطات حزينة وأخرى مفرحة للفوج الذي شاركت معظم سراياه في القتال (السرية الأولى، الثانية الرابعة، الخامسة، الإستطلاع، الدعم، سرايا القتال الجبلي الأولى الثانية والثالثة، إضافة إلى سرية القيادة والخدمة). أيام حزينة لأن الجيش دفع ثمنًا باهظًا من دماء عسكرييه وبينهم شهيد من الفوج هو المعاون علي الكك، وهو عريس جديد لديه طفل رضيع في الشهر الرابع من عمره، إلى أربعة عشر جريحًا، لكن على الرغم من ذلك كان ثمّة فرح لأن الجيش استطاع حسم المعركة بسرعة ودحر إرهابيي «داعش» و«جبهة النصرة» ومعاونيهما.
معركة مصيرية
أحد ضباط فوج المغاوير وهو برتبة مقدم شارك في معركتي البارد وعبرا، اعتبر أن معركة عرسال تشبه أي معركة عسكرية ضد الإرهاب، إلّا أنّها كانت معركة مصيرية، إذ إنّ نتائجها تؤثر على الوطن في كيانه واستقلاله. فلو سقطت عرسال لاستطاع الإرهابيون السيطرة على عدة مناطق لبنانية.
وقال: «بفضل تضحيات جيشنا ومساعدة أهالي عرسال، تمكنّا من التصدّي لإرهابيي داعش الذين يشبهون الإرهابيين في نهر البارد وعبرا في سلوكهم وطريقة قتالهم وفكرهم». وأكد أن «الخدمة في فوج المغاوير لا تؤثّر على حياتي العائلية والاجتماعية، فجميع من يحيط بنا وخصوصًا العائلة، يتفهمون أهمية دور الجيش والتضحيات التي يقدمها، فداءً عن لبنان وعن شعبه الذي يعلّق الآمال الكبيرة علينا».
وأضاف: «لقد تجلّت ثقة الناس بنا وحبّهم لجيشهم من خلال نشاط «من ثكنة إلى ثكنة»، بحيث تهافت المواطنون من مختلف المناطق اللبنانية للمشاركة على الرغم من الظروف، وتسابقوا لتقبيلنا ولالتقاط الصور التذكارية معنا، ولدعمنا في مختلف المجالات عربون وفاء لتعبنا وتضحياتنا، الأمر الذي يزيد من مسؤوليتنا والتزامنا حمايتهم والدفاع عن لبنان».
الغدر والمباغتة
«أكسبتني معركة عرسال خبرة عسكرية مهمة، فقد تمكّنت من تطبيق الشقّ النظري الذي تلقّنته خلال الدورات في الخارج، وخصوصًا عندما شاركت جميع الأسلحة في المعركة لحسمها وكان التنسيق بين القوى جيدًا...». هذا ما قاله نقيب في الفوج، وهو يعتبر أن فوج المغاوير يتدخّل لحسم المعركة ولمؤازرة القوى المقاتلة، وإذ أكد أن «الجيش في جهوزية تامة لمواجهة الإرهاب وللحفاظ على لبنان وعلى هيبته، قال إن أسوأ ما عند داعش هو الغدر والمباغته، الأمر الذي يدفع بنا إلى التيقّظ والحذر من عمليات تسللّ، على مدار الـ24 ساعة، ولا سيّما خلال الليل». وأضاف: إن الخطورة في سياستهم هي اعتمادهم الدعاية التي تسعى إلى ترسيخ صورتهم كوحش مخيف يزرع الذعر في النفوس، وذلك للتأثير على معنويات العسكريين والمواطنين.
وأشار النقيب إلى أن «الخدمة في فوج المغاوير، الجاهز لتلبية أي نداء تطلقه القيادة، تؤثّر نوعًا ما على العائلة، ولكن نداء الواجب الوطني والعسكري هو في طليعة أولوياتنا»، وأضاف: «طفلي الأول سوف يبصر النور خلال أيام، ولقد عشت وزوجتي قلق الولادة خلال مشاركتي في معركة عرسال».
في الكمين
«المعركة في عرسال مختلفة عن معركة نهر البارد، خصوصًا لجهة اختباء المسلّحين في الجرود، هذا ما أكّده لنا ملازم أول في الفوج، موضحًا أن طريقة القتال هي نفسها بحيث أنّ الإرهابي يضرب ويختبيء.
ويخبر الملازم أول عن كمين مسلّح تعرّضوا له في أثناء محاولتهم إخراج جثّة الرائد الشهيد داني خيرالله من أرض المعركة، بحيث تعرّضوا لإطلاق نار كثيف ولكنّهم نجحوا في إتمام العملية المطلوبة على الرغم من إصابة نقيب آخر، وبعد وصولهم إلى المركز افتقدوا رفيقهم المعاون علي الكك، فقرروا العودة إلى بقعة الكمين لإنقاذه، وهذا ما حصل إذ نقلوه إلى المستشفى لكنه استشهد، فإصابته كانت بليغة.
وأضاف: «لقد واجهتنا بعض الصعوبات والمواقف المحرجة، وخصوصًا خلال عمليات البحث والدهم التي قمنا بها في منطقة وادي الرعيان صعودًا نحو تلّة ضهر السرج، حيث البيوت آهلة بكثافة بالرعيان السوريين وبالأطفال الذين انتابتهم موجة من البكاء والخوف...
وعند تمركزنا على التلة حيث بات بإمكاننا مشاهدة المارة على الدراجات بواسطة المناظير، أصبح الوضع أفضل. لقد قمنا بمراقبتهم واستطعنا قتل الكثيرين منهم دفعة واحدة».
أخيرًا، أشار الملازم أول إلى القلق الذي ينتاب عائلاتهم خلال المعركة، لكننا نحاول تهدئتهم، يقول، مؤكدًا أنّ الأولوية بالنسبة اليهم هي الحفاظ على أمن لبنان واللبنانيين...
المعركة الأخطر
كما الضباط، الرتباء والأفراد تفوح من كلامهم رائحة البطولة والعنفوان والتحدي.
أحد المعاونين في الفوج يقول: «إن مكافحة الإرهاب تشكّل القاسم المشترك في معارك البارد، عبرا وعرسال». ويضيف: «لقد حسم الجيش المعركة، وأعدنا بلدة لبنانية عزيزة إلى قلب الوطن. ونأمل أن يعود إلينا رفاقنا العسكريون بخير».
ويعتبر معاون آخر أنّ معركة عرسال كانت الأخطر من بين كل المعارك التي خاضها الجيش ضدّ الإرهاب، فعلى الجيش التمييز بين مسلّح إرهابي ومواطن مسالم واجب حمايته. إنّ مسلّحي داعش وجبهة النصرة يقاتلون كمجموعات كبيرة، ويملكون الدعم المالي والعسكري».
ويخبرنا أنه جاهز لتنفيذ أوامر قيادته في كل الأوقات، وأنه التحق بالفوج إثر سماعه خبر بدء أحداث عرسال، متمنّيًا الراحة الأبدية للشهداء والعودة السالمة لرفاقه الأسرى.
ويؤكد رقيب أول أن «الواجب الوطني أهم من أولاده وزوجته التي تعيش على أمل لقائه، فهو شارك في كل المعارك من البارد إلى عبرا وعرسال، معتبرًا أنّ الأخيرة حسمت بسرعة على الرغم من أن عدد الإرهابيين أكبر وحجم ترسانتهم أقوى. ويضيف: «اندفاعنا ازداد لحظة استشهاد رفيقنا المعاون الشهيد الكك، وسلاحنا سيبقى مصوّبًا ضد كل من يعتدي على الجيش وعلى لبنان».
عريف في الفوج شارك في معركتي عبرا وعرسال يعتبر أن «معركة عرسال كانت أشدّ خطورة لأنها بلدة مكشوفة ومحاطة بالجرود، ولأن الارهابيين أرادوا من خلالها افتعال فتنة في لبنان لتمرير مخططاتهم».
وإذ تمنّى الرحمة للشهداء والعودة السالمة للأسرى، دعا اللبنانيين إلى عدم الخوف، فجيشهم قوي يقاتل حتى الشهادة.
أخيرًا كان لقاؤنا مع أحد الجنود الذي قال إنها المعركة الأولى التي يشارك فيها ضد الإرهاب، لكنّه على استعداد للشهادة فداء للبنان ولإنقاذه من براثن هذا الوحش الغاشم المجرم، كاشفًا عمق حزنه على الشهداء الذين سقطوا، وآملًا في عودة رفاقه إلى صفوف الجيش بخير وسلامة.