ملف العدد

القوات البحرية نقطة التقاء
إعداد: ندين البلعة خيرالله

القوات البحرية، وانطلاقًا من طبيعة مهماتها، تألف البحار وتتأقلم مع كل ظروفها. وها هي في مسيرة تطوّر وتعزيز لقدراتها وبناها التحتية لمواكبة المرحلة المقبلة التي ينتظرها لبنان. هذه المرحلة تدخل في صميم مهمات القوات البحرية وجهودها لضمان الأمن والأمان اللذَين يؤمنان نجاح أعمال التنقيب في المياه اللبنانية. 

قائد القوات البحرية العقيد الركن البحري هيثم ضناوي يتحدّث عن الجهود التي يتمّ بذلها في هذا المجال، وهي تشمل عدة محاور.

 

البنى التحتية

تعمل القوات البحرية على تطوير البنى التحتية لمواكبة هذا التطور، وصيانة وخدمة أسطول المراكب والسفن المستقبلي الذي سيتمّ توسيعه من أجل تغطية الدوريات اللازمة لكل البلوكات النفطية أو التي سيُعمل فيها على الأقل، ودعم الطواقم التابعة لهذه السفن. أمّا بالنسبة إلى المراكب، فقد وضعت القيادة خطة طويلة تمتدّ لعشر سنوات، بهدف تأمين كمية وأحجام مراكب كافية للقيام بهذه المهمة، في المجال القريب من الشاطئ على المدى المتوسط أي حدود المياه الإقليمية، والمياه الوطنية التي تمتد حتى ٧٠ ميلًا بحريًا. الدوريات

من جهة أخرى، تنفّذ القوات البحرية دوريات بحرية في المحيط القريب من الشاطئ، مستعينةً بالطائرات من دون طيار التابعة للقواعد والمراكز البحرية التي تشغّلها وتطلقها. كذلك، تقوم القوات الجوية بدعم البحرية بطائرات عادية وأُخرى من دون طيار لتأمين صورة واضحة ومباشرة للمجال البحري والأنشطة البحرية، وذلك لمصلحة آمري المراكب والمجموعات العاملة في البحر. وإدخال الطائرات من دون طيار ضمن عمل القوات البحرية هو لتسهيل عمل المراكب في البحر وتنفيذ دوريات سريعة، وبالتالي تأمين نتيجة فورية لما يحصل في البحر. 

كذلك، تملك القوات البحرية شبكة رادارية متطوّرة تغطّي المسطّح المائي، وهي تعمل على تطوير هذه الشبكة وزيادة فاعليتها وصيانتها بطريقة حديثة ومتطورة. كما تعتمد على الشبكة المتطورة التي بدأ العمل فيها منذ سنتَين، والتي تعمل على خطوط الألياف الضوئية، للاستفادة منها على طول الشاطئ في نقل المعلومات والصور وكميات البيانات بسرعة ودقة وكثافة.

 

الهيدروغرافيا

تحتلّ الخرائط والهيدروغرافيا أهميةً كبرى في عمليات التنقيب، فهي على المستوى الوطني تسمح للبنان وللقوات البحرية بالمحافظة على صورة واضحة عن مكان التنقيب، وإبحار العمليات اللوجستية الكبيرة للشركات المحيطة بالتنقيب (طعام، محروقات، عتاد، أشخاص) في منطقة آمنة. كذلك، تؤمّن مصلحة الهيدروغرافيا الملاحة الليلية للمرافئ وللأماكن التي يشكّل العبور فيها خطرًا، وتنظّم أحدث الخرائط الميوّمة للمياه الإقليمية اللبنانية، لتستفيد منها السفن المقبلة إلى لبنان أو التي تريد العبور في شرق البحر المتوسط. ومن المهم الإشارة إلى أنّ كل سفينة أو منصة ستعمل في مياهنا الإقليمية يجب أن تملك مجموعة هذه الخرائط للشاطئ اللبناني. 

 

مصلحة عتاد البحر

مصلحة عتاد البحر هي المموّن الرئيس لكل مَن يتعاطى بالشأن البحري ضمن الجيش، ويمكن أن تكلّف قيادة الجيش هذه المصلحة تزويد الدولة هذا العتاد عند الضرورة. وتعمل القوات البحرية حاليًّا على إنشاء مزحف لصيانة كل مراكبها على البر من دون الحاجة إلى إرسالها إلى الخارج لصيانتها.

 

التدريب

بالنسبة إلى التدريب تؤدي مدرسة القوات البحرية دورًا كبيرًا، وتعمل القيادة على تطويرها لتصبح مركز التدريب البحري الوحيد للقوات البحرية، من التدريب الأساسي وصولًا إلى التدريبات المتقدمة (المدافع الإلكترونيك، الصواريخ وكل مجالات التدريب). وتجدر الإشارة إلى أنّ المراكب البحرية التي تنفّذ المهمات تتابع كل سنتَين، في هذه المدرسة، على مدى نحو أسبوعَين، تفتيشًا على المركب مع طاقمه، مع تنفيذ كل المهمات التي يمكن أن يُكلَّف بها هذا المركب 

 

مزيد من المنشآت

في إطار الجهود الآيلة إلى تعزيز قدرات القوات البحرية، افتتح قائد الجيش العماد جوزاف عون في قاعدة بيروت البحرية مبنى المشاغل والمطبخ بعد الانتهاء من تأهيلهما بتمويل من السلطات الألمانية. ويُعزّز هذا المشروع قدرات القوات البحرية على تنفيذ مهماتِها في المجال البحري، ولا سيما حماية الحدود البحرية والثروات الوطنية في المياه الإقليمية، إضافةً إلى التنسيق مع القوات البحرية التابعة لليونيفيل، وعمليات البحث والإنقاذ، ومكافحة الهجرة غيرِ الشرعية، والتعاون مع القوات البحرية للجيوش الصديقة في البحر المتوسط بهدف صون حرية الملاحة وحماية البيئة البحرية.

في البحر، فيخرج المركب بجهوزية تامة ويعود إلى الأسطول لينفّذ مهماته بالشكل الأمثل.

 

مركز وطني

في سياق مواكبة المرحلة المقبلة، يتم العمل أيضًا على إنشاء المركز الوطني للبحث والإنقاذ. هذا المركز يتبع لغرفة العمليات البحرية المشتركة التابعة لقيادة القوات البحرية، والتي تتبع بدورها لغرفة عمليات قيادة الجيش. وهي تدير البواخر المدنية التي تدخل إلى لبنان وتخرج منه، وتعطيها الأذونات اللازمة، وفيها ممثلون عن كل الأجهزة الأمنية والوزارات. هؤلاء المندوبون سيكونون بتصرف مركز البحث والإنقاذ لتأمين التواصل والتنسيق والمساعدة الفورية من أي جهة بالدولة اللبنانية. وكل شيء يصب في غرفة عمليات قيادة الجيش التي ستحظى بصورة عما يحدث في البحر حين تحتاج لذلك.

إلى ذلك، وإضافة إلى التدريب على مكافحة التلوث النفطي على المستوى الوطني، وتحضيرًا لمهمات تفتيش السفن والمراكب خلال حراسة المنصات عند الضرورة، تملك القوات البحرية مجموعات تفتّش كل أنواع السفن بسرعة ودقة وفاعلية لإبقاء محيط المحطات آمنًا. كذلك، تقوم غرفة العمليات البحرية المشتركة بإدارة البواخر والطوافات فوق المسطح المائي، ويُعمل حاليًّا على تعزيز دورها وتوفير الإطار القانوني اللازم لإدارة المسطح المائي في المستقبل القريب المقبل.

 

أهمية هذه الاستعدادات بالنسبة للمرحلة القادمة

يؤكّد قائد القوات البحرية أنّ الثقة بالجيش اللبناني للإمساك بالاستحقاقات الوطنية هي التي تساعد لبنان وكل أصحاب المصلحة المعنيين بالشأن البحري فيه على تنفيذ عملهم. وتحديدًا في هذا المجال البحري، من الصعب جدًّا التنسيق بشكل مباشر من دون العودة إلى غرفة العمليات البحرية المشتركة، المنصة الوحيدة في الدولة اللبنانية التي تسمح بالتواصل والتنسيق المباشرَين بين مختلف الجهات المعنية وأخذ قرار فوري بما يحدث في البحر. كما يمكن لأي جهة أجنبية تحتاج إلى مساعدة أن تجد الإجابات الكاملة في هذه الغرفة.

من جديد، يثبت الجيش دعمه للمصلحة الوطنية، والتي تتمثّل هذه المرّة بالنمو الاقتصادي الذي سيشهده لبنان مع نجاح هذا الاستحقاق المستقبلي. الثقة بالمؤسسة العسكرية تشكّل عاملًا داعمًا يزرع الراحة في نفوس الأطراف المعنيين، مع تعامل هذه المؤسسة مع الموضوع بجدية وفاعلية وتخطيط وقرارات حاسمة.