اسماء لامعة
فنجان قهوتها رافق صباح المستمعين سنوات واستديو الفن معها كان تجربة فريدة
جرأة الاطلالة والقلم
صوت مميز، نهج خاص وجرأة غير معهودة. إمرأة خرقت التقاليد، ومدت الجسور بين الشرق والغرب.
تلك بعض من ملامح صونيا بيروتي احدى الاعلاميات الرائدات في لبنان، الاعلاميات اللواتي شققن الطريق بجرأة وتحدٍ تتوجهما الموهبة المعززة بالجهد والاخلاص.
اعلامية رائدة بحق، صونيا بيروتي، من منا لا يذكر «فنجان قهوتها» على أثير اذاعة لبنان، وهل تغيب صورتها من أذهان ملايين المشاهدين المسحورين باطلالتها الفريدة وذكائها اللامع؟
صاحبة قلم جريء، حر، لاذع، عميق ومجتهد، أضاءت على قضايا المرأة خصوصاً والمجتمع عموماً، حررت المقالات والتحقيقات في الصحف والمجلات على امتداد عقود تبوأت خلالها العديد من مراكز المسؤولية الاعلامية، وجسدت نضوج تجربتها واختمارها في ثلاثة كتب.
صونيا بيروتي المرأة التي خاضت سباقاً مع عصرها، ربحت رهانها اعلامية فذة وامرأة مناضلة لا تهدأ ولا تستكين.
نبذة شخصية
في شارع أديب إسحاق في محلة الأشرفية، ولدت صونيا عون العام 1934. والدها السيد سليم عون (كان موظفاً في وزارة الخارجية) ووالدتها السيدة ماري رزق (عازفة بيانو) لها شقيقتان (كلير ودنيز)، وشقيق (جوزف وهو متوفٍ).
تزوجت صونيا عون من السيد بشارة بيروتي، وأنجبت منه ولدين، أنطوان وبسام، وهما يعملان حالياً في مجال الإتصالات والكومبيوتر.
زواجها من السيد بشارة بيروتي، لم يكتب له النجاح، فانفصلا، وتزوجت مرة أخرى من السيد إحسان شاتيلا.
بداياتها المهنية
تلقت صونيا بيروتي علومها الابتدائية والثانوية في مدرسة راهبات العائلة المقدسة المارونيات، ومن ثم انتسبت الى معهد العلوم والآداب الشرقية التابع للجامعة اليسوعية، وحازت شهادة الدراسات العليا في العلوم والآداب الشرقية.
لم تَرُق لها مهنة التعليم التي مارستها لمدة قصيرة في المدرسة التي تابعت فيها الدراسة. حبها الجارف للكتابة أخذها باكراً إلى عالم الصحافة الواسع، بتشجيع من صديقتها الممثلة رضا خوري.
انتسبت الى «دار الصياد» العام 1960، وفي هذه المدرسة الإعلامية العريقة، تعلمت كيفية كتابة الخبر وصنعه وطبعه ونشره وتوزيعه. حشريتها جعلتها تغوص عميقاً في مهنة الصحافة التي أحبتها لدرجة العشق، وأعطتها من وقتها وروحها الى أقصى درجات العطاء.
تنقلت صونيا بيروتي بين مجلة «الصياد» وجريدة «الأنوار»، كمحررة في الأقسام المختلفة، نسائية، وإجتماعية وسياسية. فعالجت العديد من المواضيع، مسلطة الضوء على مشاكل المرأة والمواطنين عموماً، فتفاعلت مع قضاياهم، ونقلتها الى المراجع المختصة.
العام 1962 تسلمت مسؤولية سكرتيرة التحرير في مجلة «الحسناء»، وبين العامين 1964 و1965، عملت كمحررة في قسم التحقيقات السياسية والاجتماعية في صحيفة «النهار». ثم عادت العام 1966 إلى مجلة «الحسناء» كمديرة تحرير هذه المرة. وتسلمت رئاسة تحرير مجلة «الشرقية» بين العام 1973 والعام 1976 حين انتقلت الى صحيفة «المحرر» وعملت لمدة سنة، في مجال إجراء التحقيقات والحوارات السياسية.
بين 1986 و1990 شغلت منصب رئاسة تحرير مجلة «الأناقة» وكتبت مقالات في مجلتي «فيروز» و«الفارس». كما شغلت منصب رئيسة تحرير مجلة «لبنان 09»، الثقافية، الاجتماعية، بين 1991 و1994. ومنذ العام 1999، تشغل منصب رئيسة قسم المرأة، في صحيفة المستقبل.
فنجان قهوة
لم تبعد الصحافة المكتوبة صونيا بيروتي عن أثير الإذاعة، فمنذ العام 1963 بدأت كتابة واعداد البرامج والحوارات الاذاعية وتقديمها. واستمر عملها في الاذاعة اللبنانية حتى العام 1948. ذاع صيتها من خلال برنامجها «فنجان قهوة»، الذي إستمر وبنجاح كبير، نحو خمس سنوات، وكانت تتخلله «اسكتشات» تكتبها وتشارك في تمثيلها.
عملها في التلفزيون كان وليد الصدفة. جاء زميل لها من تلفزيون لبنان في أحد الأيام ليقول بأنه يحتاج إلى أحد يساعده في تقديم برنامج عن الهواة (شعر، غناء، عزف...).
كانت التجربة غريبة، فقد ذهبت الى مبنى التلفزيون وبدأت بتقديم الهواة معتقدة أنه بث تجريبي لصوتها ولأدائها، لكن الواقع أن كل شيء كان يبث مباشرة على الهواء.
بدأت مسيرتها في عالم التلفزيون العام 1960 واستمرت لغاية العام 1973. تخلل هذه الفترة برنامج «المجلة المتلفزة» الذي استمر نحو 9 سنوات (1960 - 1969)، وهو برنامج عرض مشاكل اجتماعية وثقافية وسياسية متعددة، وكان له جمهوره الخاص.
مع تجربة برنامج «ستديو الفن» الفريدة، إتسعت رقعة الجمهور.
إطلالتها أثارت الجدل، شعرها، ملابسها، صوتها، غير ان الجمهور سحرته تلك الاعلامية المميزة بشكلها وصوتها وذكائها وسرعة بديهتها.
عمر مهني حافل
بفضولية وجدية وذكاء وصمت وإصغاء ونشاط دائم طبعت صونيا بيروتي مسيرتها المهنية الحافلة والتي بدأت منذ نحو 54 عاماً. وكانت فريدة في أدائها وإخلاصها لعملها، وفي تواضعها الذي جعلها لا تتردد في أداء أي عمل يطلب منها.
على امتداد نحو عشرين عاماً، كانت في الوقت نفسه تعمل في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة، وهذا الأمر قل نظيره في مهنة المتاعب.
اكتشفت موهبتها في التمثيل خلال عملها في الاذاعة والتلفزيون. وأدت إضافة الى «فنجان قهوة» دوراً تمثيلياً صغيراً في إحدى مسرحيات أنطوان ولطيفة ملتقى التي كانت تعرض على شاشة تلفزيون لبنان في حينه.
أحبت العمل الإذاعي والتلفزيوني تماماً كما أحبت الصحافة المكتوبة، وهي تقول: «إن الصحافي في العمل الإذاعي والتلفزيوني، لا يحاسب نفسه، خصوصاً في أثناء البث المباشر، لأن الخطأ يذهب بسرعة. أما في الصحافة المكتوبة فالأمر مختلف؛ لكنها ترى أن العمل في البث المباشر يجعل الاعلامي في حالة استنفار نفسي وعقلي.
الصحافة مهنة جميلة بنظرها، وتقول، «بقدر ما نعلن الحقيقة للقارئ بقدر ما نعتبره ونحترمه».
إضافة إلى عملها الإعلامي الصرف، نجحت صونيا بيروتي في مجالات موازية. ففي الثمانينيات كانت مسؤولة عن الإعلام ومحاضرة في معهد الدراسات النسائية للعالم العربي التابع لكلية بيروت الجامعية (الجامعة اللبنانية الأميركية حالياً). وكانت مسؤولة عن الإعلام في شركة «أوجيه لبنان»، وفي اللجنة الدولية لحماية آثار صور» (1985)، وكذلك عملت كمستشارة إعلامية لمؤسسة «الذات» للإنتاج التلفزيوني بين 1996 و1997.
لم تــنــدم صــونـيــا بيروتي على الوقت الكبير الذي خصصته للصحافة، المهنة التي أحبتها وعشقتها، وهي تدعو النساء العاملات كافة، إلى إعطاء الأولوية في حياتهن لمهنتهن، فلا يجعلنها مجرد مرحلة عابرة.
مؤلفاتها
إلى أعمالها الإعلامية العديدة والتي أعطتها من وقتها وروحها، ولجت صونيا بيروتي عالم التأليف من خلال ثلاثة كتب هي:
- «مواعيد مع البارحة» صادر عن مؤسسة نوفل (شهادة مهنية) العام 1987.
- «حبال الهواء» صادر عن مؤسسة بحسون الثقافية (مجموعة قصص) العام 1991.
- «مدار اللحظة» صادر عن دار النهار للنشر (مجموعة قصص) العام 1995.