- En
- Fr
- عربي
دور المحميات الطبيعية في تنمية السياحة البيئية في لبنان
نبذة تاريخية
يرى البعض أن إقامة المحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية في العالم بدأت منذ حوالى 140 سنة، وذلك عندما أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية أول منتزه قومي، هو منتزه «يللوستون» في ولاية «وايومينغ» العام 1872. لكن المصادر التاريخية تشير إلى أن فكرة المحميات الطبيعية قديمة في التاريخ. فمنذ آلاف السنين، إعتبرت بعض الأراضي في بعض الدول مناطق «مقدّسة»، فكان هناك أيضًا جبال مقدّسة لها تاريخ وسحر خاص في كل من استراليا وأوروبا. والعام 252 ق.م، أقرّ أمبراطور الهند «أسوكا» قانونا لحماية الحيوانات والأسماك والأحراج. وفي المعلومات التاريخية أيضًا، أنه خلال حكم الرومان للبنان، منذ حوالى ألفي عام، وجد الأمبراطور الروماني «أدريان»، أن قسمًا كبيرًا من غابات لبنان قد تعرّض للقطع، فعمد إلى تحديد مساحة ما تبقى بحجارة منقوشة، يعلن فيها ملكية الأمبراطورية لهذه الأحراج لحمايتها. ويمكن القول إن الإمبراطور، بهذا العمل، قد أنشأ أول محمية في لبنان[1].
وفي العالم العربي عرفت المحميات منذ زمن بعيد، حيث كانت كل مجموعة من السكان أو القبائل تتولى حماية ينابيع المياه والمراعي والأشجار القائمة حولها لتستأثر القبيلة برعي مواشيها وبالشرب من مياه المحمية الخاضعة لحمايتها. وفي أوائل عهد الإسلام أعلن الرسول (ص) «منطقة النقيع» منطقة محمية.
أما في أوروبا، فقد أمر الملك وليم الأول الإنكليزي، العام 1084، بإعداد مسح شامل للأراضي والغابات ومناطق السمك والمناطق الزراعية ومحميات الصيد والمصادر المنتجة للمملكة لوضع خطط مناسبة للتنمية والإدارة.
أما فكرة حماية الموارد الطبيعية في لبنان الحديث، فقد وردت في القوانين اللبنانية منذ الثلاثينيات من القرن الماضي. كان أولها في القانون الصادر في 8/ 7/ 1939 المتعلق بحماية المناظر الطبيعية، حيث نص على ما يأتي: «تعد بمنزلة مناظر ومواقع طبيعية، جميع الأراضي أو العقارات والأشجار وفئات الأشجار المنفردة التي يستصوب حفظها بالنظر إلى عمرها أو جمالها أو قيمتها التاريخية، وبعد قيد الأراضي في لائحة الجرد العام للمواقع الطبيعية، فإن المالك لا يستطيع أن يباشر في أرضه أي تغيير في العقار المقيد أو في جزء من هذا العقار. وعليه الإمتناع عن كل عمل من شأنه أن يغيّر الهيئة العامة أو المواقع الطبيعية أو يفسد أو ينقص من أهميتها السياحية»[2]. لكن إنشاء محميات حسب المعايير الدولية في لبنان، لم تبدأ إلا العام 1992، مع صدور القانون الرقم 121 في 9/ 3/ 1992، الذي أنشئ بموجبه محميتي حرش إهدن وجزيرة النخل في شمال لبنان.
مفهوم البيئة
ورد في لسان العرب،تبوأ، أي نزل وأقام. وكان العالم البيولوجي الألماني «أرنست هاكل» أول من أدخل كلمة Echology على لغة علماء الطبيعة، ليدل على تكيّف الكائنات الحية بالنسبة إلى محيطها. والكلمة يونانية وقد ترجمت إلى العربية بعبارة (علم البيئة)، وكلمة Environnement (باللغتين الفرنسية والإنكليزية) للدلالة على مجموع الظروف الخارجية المحيطة والمؤثرة في نمو حياة الكائنات الحية وتنميتها، كما تستخدم للدلالة على الوسط أو المحيط الذي يعيش فيه الكائن الحي ويترك أثرًا في حياته[3].
أما مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية الذي انعقد في ستوكهولم العام 1972، فقد عرّف البيئة بأنها:
«رصيد الموارد المادية والإجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته». ووفق هذا التعريف يتبيّن أن البيئة ليست مجرد موارد يتجه إليها الإنسان ليستمد منها مقومات حياته، وإنما تشمل أيضًا، علاقة الإنسان بالإنسان التي تنظّمها المؤسسات الإجتماعية والعادات والقيم والأديان. وحاليًا أصبح هناك علوم بيئية تشمل مجالات العلوم الطبيعية والإنسانية والإقتصادية المرتبطة في بيئة الإنسان والتي يمكن إدراجها في المجموعات الآتية[4]:
البيئة الطبيعية: وتشتمل على الأرض، بمكوناتها من تربة وتضاريس وتكوين جيولوجي والموارد المائية، كما ينضوي إلى إطارها المناخ والغطاء النباتي البري (النبيت) والحيوانات البرية (الوحيش) والمناظر الطبيعية.
البيئة الإصطناعية أو المشيدة: وتضم استعمالات الأراضي، في السكن، الزراعة، الصناعة. كما تضم البنية التحتية والخدمات العامة ومستوى التلوث.
البنية الإجتماعية: وتتضمّن الخدمات الإجتماعية العامة، مثل المواصلات، الخدمات الترفيهية، الخدمات التعليمية والصحية. كما تشتمل على الخصائص الإجتماعية، الإقتصادية والثقافية، العرقية للسكان، وحجمهم وكثافتهم. يضاف إلى هذه البيئات، البيئة الجمالية، التي تشتمل على المناطق الأثرية والتراث الوطني والمناطق الطبيعية.
المحميات الطبيعية
أولًا: مفهوم المحمية الطبيعية
هي مساحة أرضية أو مائية تتميّز بالغنى الواضح بالتراث الطبيعي (التنوع النباتي والحيواني والأحياء الدقيقة) تتعايش في ما بينها وفق نظام أو نظم بيئية معينة وقد يكون بعضها معرضًا للتدهور، تخصص هذه المنطقة لحماية الأحياء التي تقطنها بحيث تكون هذه الحماية هي المنظم للعلاقة بين النشاطات البشرية والمواقع الحيوية وبخاصة السكان القاطنين في المحمية أو حولها، والذين سبق لهم الاستفادة من مواردها الطبيعية المتعدّدة. وفي لبنان تضمّن قانون حماية البيئة 444/ 2002، فصلًا خاصًا بإدارة الموارد الطبيعية والمحافظة على التنوّع البيولجي، وقد نص هذا القانون على أن إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي في لبنان ترتكز على أمور كثيرة أهمها: «إقتراح خطط حماية مسكن الأجناس الحيوانية والنباتية وشروط حمايتها وتنميتها»، «واقتراح إنشاء حدائق وطنية ومحميات طبيعية ومناطق محمية، واقتراح شروط حماية المواقع والمناظر الطبيعية». وهنا يبدو أن القانون اللبناني قد فرّق بين العبارات الآتية: «مسكن الأجناس الحيوانية والنباتية» و«حدائق وطنية» و«محميات طبيعية» و«مناطق محمية» و«مواقع ومناظر طبيعية»، وذلك من دون أن يعرّف هذه العبارات ويبيّن الفرق بينها.
أهداف المحميات الطبيعية
تضمّن البروتوكول الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة – وحدة التنسيق، الذي انعقد بشأن المناطق التي تتمتّع بحماية خاصة في البحر المتوسط العام 1986، تأكيدًا للدول الأعضاء في هذه المنطقة، أن الهدف من إنشاء المناطق المحمية، هو ضمان سلامة التنوّع البيولوجي والاختلاف الوراثي للأنواع والمستويات المرضية لتكاثرها، وأماكن توالدها ومواطنها. ليس هذا فحسب، بل يجب أن تكون المحمية آلية لإدارة الموارد البيولوجية واستثمارها بشكل مستدام يضمن المحافظة عليها وحمايتها وتنميتها[5]. ويمكننا تفنيد الأهداف من إعلان المحميات وتأسيسها وإدارتها عمومًا بما يأتي:
· الحفاظ على العمليات البيئية (الإيكولوجية) التي ترتبط باستمرارية الحياة وبقاء الإنسان، وذلك من خلال حماية الأنواع النباتية والحيوانية الموجودة وبخاصة المهدّد منها بالانقراض.
· البحث العلمي في مجال الأحياء والنظم البيئية.
· صون وحفظ المصادر الوراثية النباتية والحيوانية الوطنية.
· الاستخدام المستدام للموارد الحيوية والنظم البيئية الطبيعية.
· الاستثمار السياحي البيئي للمحمية بالشكل الذي لا يؤثّر سلبًا على مكوناتها الحيوية.
· التربية وزيادة الوعي الجماهيري بأهميـة الأحياء.
· الحفاظ على التراث الوطني في استثمار الموارد الطبيعية المتجددة والتراث الطبيعي وصيانتهما.
ولمّا كانت المحميات الطبيعية تختلف من حيث الأنواع التي تضمّها ومن حيث حجمها والبيئة التي تنتمي إليها، لذلك سوف نجد تنوعًا في الأهداف يتناسب مع نوع كل محمية، وإن تقاطعت هذه الأهداف في العديد من تلك المحميات.
أنواع المحميات
تصنّف المناطق المحمية عالميًا في عدة أنواع أهمها:
أ- المحمية البرية: هي محمية طبيعية محدودة في اليابسة، تتميّز بمحافظتها على وضعها الطبيعي بعيدًا من تدخّلات الإنسان أو تأثّرها بها. وهي تتميّز بصفات طبيعية خاصة ومعالم بيئية أو جيولوجية أو جيومورفولوجية أو غيرها من المعالم ذات القيمة العلمية أو التاريخية أو التراثية أو الجيولوجية أو الجمالية.
ب- المحمية البحرية-الشاطئية: وهي جزء من البيئة الشاطئية أوالبحرية الوطنية أو كليهما معًا تخضع لقوانين وأنظمة وطنية تؤمّن حماية النظم البيئية البحرية والشاطئية ومكوّناتها بما في ذلك الملامح التاريخية والتراثية (محمية شاطئ صور ومحمية جزر النخيل).
ج- المحمية الطبيعية العلمية (أبحاث علمية): هي مساحة أرضية أو مائية أو كلاهما، تتميّز بنظم بيئية أو ملامح شكلية أو تضم أحياء متميّزة أو متوطنة وتشكيلات جيولوجية، تخصص هذه المساحة للحفاظ على هذه المزايا أو إحداها بعيدًا من كل النشاطات الإنسانية ومؤثراتها، وضمان حماية أنماط من البيئة الطبيعية للقيام بالبحث العلمي ومراقبة التغيرات البيئية الحيوية.
د- محمية الكائنات الحية أو المحيط الحيوي: هي مساحات كبيرة من النظم البيئية الطبيعية، تحمى من أجل الإرتقاء بالعلاقة المتوازنة بين الإنسان والطبيعة.
ﻫ- المنتزهات القومية: هي عبارة عن مساحات واسعة من الأراضي تخصّص لحماية الطبيعة والمناطق الطبيعية الخلابة ذات الأهمية القومية أو العالمية، وتخصص للأغراض العلمية والتعليمية وللترويح عن النفس. يجب أن تتصف بالديمومة في حالة طبيعية متمثلة في عينات من المناطق الجغرافية والمجموعات الحيوية والمصادر الوراثية والأنواع المهددة لتشكّل بيئة ثابتة ذات أنواع مختلفة[6].
و- محمية التراث الطبيعي العالمي وهي محمية تحتوي على الأشكال الطبيعية التي تعتبر ذات أهمية عالمية أصلية.
ز- المحميات الإنسانية: تخصص هذه المحميات في بعض البلدان، حيث تتم حماية مناطق طبيعية يكون الإنسان جزءًا أساسيًا فيها، وتأثيراته على الحياة النباتية والحيوانية فيها محدودة، لذلك تحتاج هذه الجماعات إلى حماية خاصة لصيانة وجودها.
ج- المحمية الوقائية: هو موقع واسع يمكن أن يكون أجرد أو ذا نسبة تغطية نباتية حرجية متدنية ويتعرّض لأخطار طبيعية أو بشرية ويتطلّب الحماية وإعادة التأهيل وحماية النظم البيئية والعناصر المكوّنة لها من التدهور.
ح- المحميات ذات الإستعمالات المتعددة: تدار هذه الموارد لتعطي مردودًا ثابتًا باستمرار، تأمين استمرارية الإنتاج من المياه والأخشاب والحياة البرية والرعي والصيد.
ط- المحمية الطبيعية ذات الأهمية الخاصة: مساحة محدودة من الأرض أو المياه أو كليهما معًا تحتوي على نظام بيئي أو أنواع حية فريدة لا توجد في أماكن أخرى على المستويين الوطني والدولي.
المحميات الطبيعية في لبنان
يتمتع لبنان بمناخ فريد وتضاريس تتحوّل من خط ساحلي شبه مداري، إلى جبال تكسوها الثلوج في الداخل. وبفضل التنوّع الأحيائي الغني، تركّز الإهتمام خلال السنوات الأخيرة الماضية على حماية أنواع النباتات والحيوانات المهددة بالإنقراض والحفاظ على بيئتها في مناطق معينة. وقد أصبح عدد المحميات الطبيعية ثماني وهي: محمية أرز الشوف، محمية جزر النخل، محمية حرش إهدن، محمية كرم شباط، محمية بنتاعل، محمية أرز تنورين، محمية اليمونة ومحمية شاطئ صور الطبيعية.
أما المناطق التي تسعى وزارة البيئة لاستصدار تشريعات قانونية من قبل الدولة بهدف تحويلها إلى محميات، فهي: محمية القموعة (عكار)، وادي قاديشا، محمية سيسوق (عكار) ،محمية مستنقع عمّيق (البقاع)، محمية رأس الشقعة (حامات)، وادي نهر إبراهيم، وادي جهنم (عكار).
وهناك أيضًا، دراسة مشروع شبكة محميات بحرية تدرسه الوزارة المذكورة لاختيار ثلاثة مواقع لحمايتها، وستكون مناطق الشيخ زناد في الشمال حيث يتعرّض الشاطئ لشفط الرمول والدامور نظرًا إلى أهميتها البيولوجية ولمنع قيام مشاريع مدمّرة للبيئة في محيطها والناقورة لكونها لا تزال منطقة عذراء بيئيًا[7]. وسوف نستعرض في بحثنا هذا بعضًا من هذه المحميات ونلقي الضوء على الدور الذي يمكن أن تضطلع به على صعيد التنمية السياحية المستدامة في لبنان، علمًا ان الباقي لا يقل عنها أهمية أو شأنًا.
خريطة رقم(1) أهم المحميات الطبيعية في لبنان
1- محمية أرز الشوف: (محمية طبيعية ذات أهمية خاصة)
أهم المحميات الطبيعية في لبنان من حيث المساحة والتنوّع البيولوجي. مساحتها 550 كلم2، أي ما يعادل نحو %5 من مساحة لبنان. يقع %70 منها في الشوف و%30 منها في البقاع الغربي. تمتد على ارتفاع يراوح بين 1000 و2000م. تتكوّن المحمية من ثلاث غابات رئيسة هي: أرز الباروك، أرز معاصر الشوف، أرز بمهريّه، آخر غابات الأرز جنوبًا، في القسم الشمالي من الكرة الأرضية، باستثناء غابات جبال الأطلس المغربية. وفي المحمية، فضلًا عن ذلك، 524 نوعًا من النباتات والأشجار بينها ست شجرات نادرة على المستوى العالمي، وتضم المحمية ما يزيد على 200 نوع من الطيور و24 نوعًا من الثدييات بعضها مهدَّد بالإنقراض[8]. (سيتم الكلام عن المحمية بشكل أكثر تفصيلًا، عند بحث إجراءات الحماية داخل المحميات الطبيعية).
2- محمية جزرالنخيل: (محمية بحرية): تتألّف من جزر النخل وسنني ورامكين، تقع على بعد حوالى عشرة كيلومترات شمال غرب مدينة الميناء في طرابلس (أهميتها في أنها، محطة للطيور المهاجرة، منطقة لتعشيش السلاحف البحرية الخضراء المهددة بالإنقراض) والجزر مشهورة بأزهارها البرية والنباتات النادرة. كما تحتوي على آثار لكنيسة صليبية وبقايا مرابض مدفعية فرنسية تعود إلى أوائل القرن العشرين[9].
وعلى الصعيد السياحي والعلمي تمثّل المحمية مكانًا هامًا للباحثين البيئيين ولهواة السياحة البيئية. إلا أنه، وللمحافظة على المحمية، يتمّ فتح بعض أجزائها للسياحة خلال الأشهر الصيفية، لكنّها تبقى في باقي أشهر السنة ملاذًا هادئًا للحياة البرية. وبفضل إجراءات الحماية هذه، عادت الجزر لتعجّ بالأزهار في فصل الربيع، ولتؤمن مكانًا تبني فيه الطيور المحلية والمهاجرة أعشاشها وتستريح فيه، بعيدًا من الازعاج والتلوّث، ولتحمي مخزون السمك لأجيال الصيّادين. وخلال الفترة التي يسمح فيها بزيارة المحمية يقصدها عدد كبير معظمهم من الزوار اللبنانيين، وبالأخص طلاب المدارس والجامعات، وهذا ما ينعش الحركة الإقتصادية في منطقة المحمية، سواء بالنسبة لأصحاب المراكب أو للمطاعم والمحال التجارية هناك.
3- محمية حرج إهدن: (محمية طبيعية ذات أهمية خاصة)
أعلن حرج إهدن محمية طبيعية العام 1992 وهي تقع في القسم الشمالي من سلسلة جبال لبنان الغربية على بعد حوالى ثلاثة كيلومترات عن بلدة إهدن، وعلى ارتفاع يراوح ما بين 1300 و1950م عن سطح البحر. يتميّز هذا الحرج بالتنوّع البيولوجي الغني، ويعتبر منطقة مهمة للطيور المهاجرة والمقيمة، ويعيش فيه عدد لا بأس به من الثدييات ذات الحجم المتوسط والصغير. وهو آخر موقع طبيعي جنوبي لشجرة الشوح (Abies cilicica).
ويضم أكثرية أنواع الاشجار التي تنمو طبيعيًا في لبنان. تقع بمحاذاة أشجار الأرز غابة تضم الصنوبر وأشجار الخوخ والاجاص البريّ. وتضمّ آخر غابة لأشجار التفاح البري المستوطنة في لبنان[10]. فيه 700 نوع من الأزهار البرية المهدّدة بالإنقراض[11]
على صعيد السياحة البيئية يمكن للزائر مراقبة الحيوانات النادرة المهدّدة بالإنقراض كالعقاب الملكي وبعض أنواع السنوريات وحيوان السمندر. بالإضافة إلى كون هذه المحمية متحفًا للعديد من النباتات البرية التي تشكّل مصدرًا هامًا للباحثين. كما أن ما تقدمه المحمية المنتشرة على أربعة وديان، من مناظر خلابة وجمال فطري يجعل منها من أهم مقاصد السياحة البيئية في لبنان إذا ما أحسن التسويق لهذا النوع من السياحة.
4- محمية شاطئ صور: (محمية شاطئية –بحرية)
من أجمل الشواطئ الرملية على ساحل المتوسط، هي ومحمية إشكل على الساحل التونسي. تقع جنوب مدينة صور التاريخية، أعلنت محمية طبيعية في تشرين الثاني/ نوفمبر 1998. وعلى الرغم من أنّها تغطّي مساحة (8.3 كلم مربع)، وأن مخيّم الرشيديّة للاجئين الفلسطينيين يقسمها إلى قسمين، تشمل هذه المنطقة مجموعةً متنوّعةً من النظم البيئية البرّية والبحرية[12].
في وسط الحقول الزراعية جنوب المحمية، ينابيع طبيعية تستعمل منذ أيام الفينيقيّين للريّ، ومياه الشرب في برك رأس العين. التي تشكّل موئلًا من المياه العذبة، كما تخلق مساحات صغيرة رطبة في محيطها تجذب اليها الضفادع وغيرها من البرمائيات. ويولّد تدفّق المياه العذبة من الينابيع في البحر مياهًا قليلة الملوحة، تتميّز بشكلٍ خاص بتنوّع الكائنات المائية وغناها. وهذه المناطق القليلة الملوحة مهمّة جدًا بالنسبة إلى مستقبل مصائد الأسماك في لبنان. وتشكّل هذه المحميّة ملجأً مهمًّا للطيور، كما أنّ الشاطئ يكتسي أهميةً خاصةً، لكونه موقعًا تبيض فيه السلاحف البحرية المهدّدة عالميًا بالانقراض.
ويحظّر الوصول إلى شاطئ رأس العين بهدف عدم إزعاج الحياة البرية، لكنّ القسم الشمالي المجاور لاستراحة صور مفتوح للعامّة للسباحة والاستجمام. وفي هذه المحمية وبقربها يمكن ممارسة العديد من النشاطات السياحية، فليس بعيدًا عن المحمية، يمكن للسائح الغوص والتمتع بمشاهدة قسم من مدينة صور ومرفئها الجنوبي الغارقين على أمتار قليلة في مياه البحر، وكذلك مشاهدة ينابيع المياه العذبة التي تتدفق بغزارة من تحت مياه البحر والتي يشرب منها الصيادون أحيانًا.ويضفي على أهمية المحمية من الناحية السياحية وقوعها قرب مدينة صور الزاخرة بالمواقع الأثرية وفي مقدّمها الملعب الروماني، يضاف إلى ذلك متحف الأحياء البحرية. ولا شك أن هذا انعكس إيجابًا على حركة السياحة في المدينة، حيث انتشر فيها العديد من الفنادق والمطاعم والمقاهي، وبالأخص في المناطق القريبة من المحمية.
5- محميتا أرز الرب (أرز بشري) ووادي قاديشا: في إسمي هاتين المحميتين معنى الخلود والقداسة، وهما من صفات الخالق الذي حبا لبنان بهذه الهبات الطبيعية، والتي، وللأسف كدنا ندمّرها بأيدينا لولا التدارك مؤخرًا وتحويلهما إلى محميتين بعد إدراجهما على لائحة التراث العالمي العام 1998.
أ- غابة أرز الرب
تبعد غابة الأرز حوالى سبعة كيلومترات عن بلدة بشري، وتعلو عن سطح البحر 1900م وفي أعلى نقطة منها تصل إلى ارتفاع 2200 متر، وتمتد على مساحة 11 هكتارًا، تمتاز أنها تضمّ أقدم أشجار الأرز في العالم، ولم يبق فيها سوى 48 شجرة معمّرةتعود إلى أكثر من ألف سنة، يصلُ عمر ست أرزات منها إلى 2500 سنة، وسبع ارزات يفوق عمرها الـ1500، كما تضم 375 شجرة يصل عمرها إلى بضع مئات من السنين، من بينها أربع يصل ارتفاعها إلى 35 مترًا. بالإضافة إلى تلك الأشجار المعمّرة هناك ألوف من الأشجار الأصغر سنًا، وقد غرست منذ عقود أو سنوات بهدف تأمين استمرارية هذا الإرث الوطني. وهناك مشاريع جادة لإعادة تحريج المنطقة المحيطة بالغابة. وتقوم لجنة أصدقاء الأرز في لبنان حاليًا وبالتنسيق مع وزارتي الزراعة والبيئة بإعادة تشجير 250 مليون متر مربّع قدّمتها بلدية بشري[13].
ولسنا بحاجة إلى تأكيد أهمية هذه المحمية على الصعد البيئية والسياحية. فمحمية أرز الرب، أو محمية أرز بشري تعتبر أوسع غابات الأرز اللبنانية شهرة، وهي تضم ما تبقى من تلك الشجرة المعمرة التي اتخذها لبنان شعارًا على علمه، وعلى مقربة منها، أنشئ أيضًا أول مركز تزلّج في لبنان في عهد الإنتداب الفرنسي. مركز يفوق سائر مراكز التزلّج اللبنانية بروعة مشاهده ونوعية ثلوجه التي تغطي المنحدرات طوال خمسة أشهر، نظرًا إلى ارتفاعها الذي يصل إلى 2066 مترًا.
لذلك فقد ساهمت هذه المحمية في إنعاش منطقة بشري إقتصاديًا، حيث أقيم فيها وعلى طول الطريق المؤدية إلى المحمية، العديد من الفنادق والمطاعم ومحال بيع القطع التذكارية المصنوعة من خشب الأرز. فكأنك في قرية سياحية يقصدها الهاربون من الحر صيفا والساعون وراء هواية التزلج شتاء، أو وراء الاستجمام والراحة.
ب- وادي قاديشا
من أعمق وديان لبنان وأجملها، تطل عليه من عل مغارة قاديشا الكارستية، والتي لا تقل روعة عن مغارة جعيتا من ناحية ما أبدعته الطبيعة فيها من أشكال الصواعد Stalagmites والنوازل Stalactites. منها ينبع نهر قاديشا الذي يجري في ذاك الوادي ويزيده عمقًا. لقد بات وادي قاديشا الذي يعني إسمه القداسة مقدّسًا فعلًا. فعلى مرّ العصور، منذ الألف الثالث ق.م حتى العصر الروماني، سكن الإنسان في مغاوره التي تزيد على أربعماية مغارة، والتي تحوّلت مع بدايات دخول المسيحية إلى كنائس وصوامع وأديرة.
أما أشهر معالمه، فنذكر منها: دير مار أنطونيوس قزحيا، وهو أكبر الأديرة في الوادي على الإطلاق، ودير سيدة حوقا المبني داخل تجويف صخري، ودير سيدة حماطورة، ودير قزحيا الذي ظل لمئات السنين مركزًا للبطريكية المارونية.
إن ما تزخر به المنطقة من مقومات سياحية متنوّعة يفترض أن يحوّلها إلى واحدة من أهم المناطق الجاذبة للسياح في لبنان. وفي محاولة لاستعادة بعض الوهج الذي افتقده مركز الأرز، دشّنت وزارة السياحة ثلاثة مشاريع في المنطقة، أولها إنارة المعبد القائم في قلب محمية الأرز، وثانيها توزيع نشرة سياحية مفصّلة عن المنطقة، وثالثها إطلاق نشاطات مهرجان الأرز.
إن المعالم الأثرية والتاريخية تشكّل مقصدًا للسياح الذين يبحثون عن الإرث الثقافي وعن الراحة النفسية والروحية في آن معًا. وبالإضافة إلى هذه المعابد والأديرة، يجدر بالإشارة أن بلدة بشري هي مقصد السائحين الذين يؤمّون متحف الأديب اللبناني جبران خليل جبران وضريحه في دير مار سركيس. أما هواة السياحة البيئية، فيمكنهم زيارة غابة الأرز أو مغارة قاديشا، ولمن يريدون أن يجولوا في أحضان الطبيعة، يمكنهم ممارسة رياضة المشي والتسلّق بين ما تبقّى من غطاء نباتي كاد يندثر بفعل القطع الجائر والغزو العمراني، لولا مسارعة وزارة البيئة لإعلانه محمية، بعدما وضعت منظمة اليونيسكو وادي قاديشا على لائحة التراث العالمي.
السياحة البيئية
يؤرّخ للسياحة البيئية في بداية القرن العشرين حيث بات سكان العالم المتقدّم على وعي أكبر بمخاطر الإتجاه التمديني، التصنيعي، التحديثي والمادي. وفي إطار اليوم العالمي للسياحة الذي انعقد في كيبيك-كندا العام 2002، خلص المجتمعون إلى أن استدامة السياحة يجب أن تأتي على رأس أولويات مؤتمرهم، وذلك بسبب مساهمتها الكبيرة في مجال تخفيف الفقر وحماية الأنظمة البيئية المهدّدة بالإنقراض. كما تكمن أهمية السياحة البيئية في مساهمتها بشكل فعّال في المحافظة على التراث الطبيعي والثقافي وفي إشراك المجتمعات المحلية والأصلية في عمليات تخطيطها وتنميتها والمساهمة في رعايتها.
ويرى البعض أن السياحة هي نقيض للبيئة، فالسياحة تستفيد من المكوّنات البيئية بل ربما تستنزفها إذا لم يحصل تعديل جذري في طبيعة السياحة نفسها، وبخاصة في الدول النامية التي تحاول اجتذاب السياحة الأجنبية الكثيفة إلى أراضيها لتلبية حاجتها إلى الموارد المالية حتى ولو على حساب استنزاف مواردها البيئية.
للسياحة البيئية أكثر من تعريف. فهي السياحة القائمة على الطبيعة. وهي أداة حماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة. كما أنها هي السفر المسؤول إلى المناطق الطبيعية التي تدار بصورة مستدامة من قبل السكان المحليين.
وهي سياحة التمتّع الملتزم الطبيعة ومكوناتها، وهي التي تتمّ من دون الإخلال بالنظم البيئية ومن دون أي تأثير سلبي على مكوّنات التنوّع الحيوي. ويركّز فيها السائح البيئي على التمتّع بمشاهدة النظم البيئية ومكوّناتها الحية الحيوانية والنباتية في موئلها الطبيعي وليس في الأسر كمراقبة الطيور مثلًا، كما يمكنه القيام ببعض أنواع الرياضة كالمشي وتسلق الجبال والغطس والصيد المنظم والمدروس (في بعض أنواع المحميات) حيث تتوافر هذه الكائنات بأعداد تضمن استمرارية وجودها. كما يمكنه التمتّع بالمزايا التاريخية والثقافية والتراثية التي تميّز الموقع. وأخيرًا هي كأنواع السياحة الأخرى هدفها الإستمتاع والتعرّف، ولكن بشكل أكثر رقيًا وأقل إيذاءً للبيئة. لأنها سياحة خضراء نظيفة، وسياحة مسؤولة يحكمها العقل ومستدامة. وترتكز السياحة البيئية على عوامل ومكوّنات وعناصر متنوّعة معظمها متوافر في لبنان وتتمثّل أشكال السياحة البيئية في لبنان بما يأتي:
- العوامل الطبيعية الأيكولوجية التي تضم العناصر والأنظمة الحيوية من كائنات حية نباتية وحيوانية ومظاهر طبيعية كالتضاريس والمغاور والغابات والأنهار.
- العوامل المناخية، التي يمكن تحويل عناصرها إلى مكوّنات سياحية بيئية مثل الإشتاء والإصطياف والتزلّج على الثلج ومراقبة النجوم.
- مراقبة الطيور في أثناء هجرتها عبر الأراضي اللبنانية خلال فصلي الربيع والخريف، ولهذا الغرض يجب إيجاد نقاط عديدة للمراقبة وتزويدها التجهيزات اللازمة من كتب مرجعية وأدلّة لمعرفة أماكن المراقبة والتنشيط اللازم.
- العوامل الثقافية المادية من آثار ومواقع تراثية وتاريخية، إضافة إلى العوامل الثقافية غير المادية كالعادات والتقاليد والفولكلور واللباس والمعارض الحرفية والمتاحف الفنية.
- الرياضة والتسلية البيئية كالمشي في الطبيعة والتسلّق والسباحة والتزلج المائي والكاياك والتخييم وسواها من الرياضات التي تقوم على فكرة الاستفادة من تقديمات الطبيعة.
- الغوص لمشاهدة الأثار الغارقة على طول الساحل اللبناني وخصوصًا على ساحل مدينة صور وعلى مقربة من محمية شاطئ صور.
إن المحميات الطبيعية في لبنان تولي اهتمامًا كبيرًا للسائحين باعتبارهم أهم عناصر الدعاية البيئية والسياحية حيث يزداد عدد زوار المحميات الطبيعية عامًا بعد عام.
وتبقى الإشارة إلى أن التنمية السياحية المتواصلة يجب أن تراعي التخطيط الجيد والإدارة السليمة والرقابة والحماية البيئية والحفاظ على الموارد الطبيعية، بحيث يتولى جهاز شؤون البيئة، تنمية المحميات الطبيعية والثروات والموارد الطبيعية، وتتولى وزارة السياحة تنظيم زيارة هذه المحميات لقطاع كبير من الزائرين للاستمتاع بما تضمه، إلى جانب زيارة الآثار التاريخية الهامة فى ربوع تلك المحميات.
إن إدماج السياحة البيئية فى خطة إدارة المحميات الطبيعية يحقّق الكسب المادي ويكوّن جمهورًا واعيًا لأهمية الحفاظ على التنوّع البيولوجي والموارد الطبيعية، كما يضيف إلى أهمية المحميات الطبيعية والجمالية والبيئية أهمية إقتصادية، مما يمكّنها من تأدية دورها فى خدمة المجتمع.
ويجب أن نؤكد إن إدراكنا للدور الوطني للمحميات الطبيعية، سواء بالنسبة للسياحة أو لكونها احتياطيًا استراتيجيًا للموارد الطبيعية وبنوكًا للجينات الوراثية، يحتّم على المسؤولين توفير الجهاز والكوادر البشرية المتميزة، لتلك المحميات ودعمها بالوسائل العلمية والمعدات، لأداء مهام الحماية والمراقبة والرصد البيئي، ومتابعة سلامة الموارد، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون مع مختلف الأجهزة والمؤسـسات المهتمة بالمحميات في لبنان.
إن قاطني المناطق القريبة من المحميات يمثّلون عنصرًا جوهريًا فى صون الحياة البرية في هذه المناطق، ما يستلزم الاهتمام بهذه المجتمعات الأصلية وضمهم إلى نظم الإدارة سواء كباحثين، مراقبين، حراس للبيئة أو مقدمي الخدمات المختلفة بالمحميات. كما تتعدّد سبل المعاونة المقدمة لهم سواء بتدريب السيدات على إنتاج المشغولات اليدوية وتسويقها، وإشراكهم فى أنشطة السياحة البيئية كأحد المقومات الجاذبة للمحميات الطبيعية ومصدر لرفع مستوى معيشتهم والإرشاد وتقديم الخدمات للسائحين مع الاحتفاظ بتقاليدهم وتراثهم الأصيل. ومنها إنشاء الفندق البيئي فى المحمية باستخدام المواد المحلية وتصميم يتوافق مع البيئة المحيطة وباستخدام الطاقة النظيفة مما يمثل أسلوبًا متميزًا للجذب والتسويق السياحي يحّقق زيادة فى دخل المجتمعات المحلية، وافتتاح مركز تدريب المحميات الطبيعية والسياحي لتدريب الكوادر الوطنية حيث يتم عقد دورات تدريبية وتوعية للمرشدين السياحيين والعاملين فى مجال السياحة البيئية لتأهيلهم علميًا وبيئيًا بخصائص التراث الطبيعي والتنوّع البيولوجي وأساليب الحماية برًا وبحرًا.
إن تحقيق الأهداف المرجوة من المحميات الطبيعية في مجال السياحة البيئية يجب أن يراعي بعض الأبعاد، منها تحديد عدد الزوار وتوقيت زياراتهم والتسهيلات المقدمة إليهم، بالاضافة إلى دراسة نوعية البيئة بهذه المناطق ومقدار تحمّلها الضغوط الناجمة عن الزيارة، ومدى تفرّد المحمية بمقوّمات الجمال الطبيعية الجذابة.
جدير بالذكر أن السياحة البيئية في المناطق البيولوجية الحساسة يمكن أن تعطي نتائج إقتصادية طيّبة إذا تم تنظيمها وإدارتها بعناية، من خلال التمتّع بمشاهدة الطيور المائية المهاجرة والمقيمة والاستمتاع بالسياحة البرية والجبلية
كما تتعدد مظاهر الجذب السياحي في مناطق المحميات الطبيعية، ومنها التعريف بعادات المجتمعات وتقاليدها التي تنتشر فيها هذه المحميات، وإعداد منشورات ومواد تذكارية وترويحية، وبرامج تلفزيونية وإذاعية وأفلام وثائقية ومقابلات شخصية عن الغابات وأنواع أشجارها وبخاصة شجرة الأرز وعن الكثير من النباتات والأعشاب اللبنانية، ويكفي أن نذكّر أن لبنان الذي تبلغ مساحته 10452 كلم² يضمّ نحو 26000 نوع من الأزهار، بينما لا تضم المملكة المتحدة التي تبلغ مساحتها 22 مرة أكبر من لبنان سوى 2113 نوعًا من الأزهار[14].
بالإضافة إلى تلك النشاطات، يمكن الإعلان عن مسابقات التصوير الفوتوغرافي، وإنتاج أفلام عن المحميات، علاوةً على إقامة مهرجانات في المناطق المحيطة، وإقامة معرض للصور الفوتوغرافية واللوحات الزيتية، وإعداد مطبوعات عن المحمية المحلية وعن المغارات والكهوف المنتشرة في المنطقة وعن الآثار التاريخية.
كيف يجب أن تدار المحميات وكيف نحافظ عليها؟
هناك تباين كبير في تطبيق نظام المحمية وكيفية إدارة المحميات بين بلد وآخر، وعلى كل دولة أن تعمل على سنّ القوانين لإنشاء المحميات الطبيعية للوصول إلى الأهداف الموضوعة لكل محمية، وإذا كان الإهتمام بالبيئة يتطلب منا أن نخطّط لما يسمى «التسويق الأخضر»، لكن قبل ذلك، يجب خلق ثقافة مؤسسية خضراء تتبع ما يسمى «الإدارة الخضراء»، من خلال الإجراءات الإدارية والأطر التنظيمية والنشاطات البيئية التي تقوم بها.
إن فوائد الإدارة الجيدة هي في اكتساب الخبرات وزيادة المعرفة التي تساعد على اتخاذ الحلول والقرارات المناسبة، عند مواجهة بعض المشكلات الإدارية. ويبقى الهدف الرئيس من إدارة المحمية، هو الوصول إلى الغايات التي من أجلها تأسست هذه المحمية، بطرق إقتصادية وفعالة. ذلك أن القرارات الإدارية الفعالة تعتمد على الخبرة في هذا المجال، وعلى الأشخاص المسؤولين عن تطبيق الإدارة اليومية في كل محمية. وإجمالًا، إن النظام الإداري للمحميات يشمل العناصر الأساسية الآتية: الإدارة، التجهيزات والبنى التحتية، الموارد المالية، نشر التعليم والوعي البيئي.
- الإدارة: تعيّن السلطات الرسمية لجنة لإدارة المحمية، تتمثّل فيها جميع الفعاليات المحلية الحكومية وغير الحكومية، كبلديات المنطقة والمخاتير والجمعيات البيئية والخبراء العلميين.
- التجهيزات والبنى التحتية: من الضروري أن تتوافر في المحمية، الآليات، من سيارات ودراجات نارية، وذلك لتأمين الدوريات وتوفير الحماية حسب قوانين الحماية المعمول بها، كذلك يجب شق طرقات وتوفير مواصلات محدودة داخل المنتزهات الوطنية لغرض تطوير السياحة والأبحاث العلمية، كما أنه من الضروري توفير مبانٍ ومسكن للجهاز الإداري العامل في المحمية أو المنتزه، على أحد أطراف كل منهما، ويمكن أيضًا، بناء فندق في الجوار لاستقبال الزائرين القادمين من مناطق بعيدة، إذا كانت أعدادهم كافية، إذ إن ذلك يسهم في إنعاش الحالة الإقتصادية لسكان المنطقة التي تقع المحمية في محيطهم. ويتطلب الأمر أحيانًا أن تزوَّد المحميات، وبالأخص المحميات الغابية، وسائل إسعاف طبية أو إنقاذ، أو معدات إطفاء.
- الموارد المالية: لايمكن للمحمية أن تستمر وتتطور ما لم تتوافر لها موازنة كافية، أما موارد هذه الموازنة فتتأمن من مصادر عدة، كالهيئات الرسمية، وبعض الجمعيات المحلية والعالمية المعنية بالشأن البيئي، وخصوصًا، الإتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة (IUCN) ولجنة المحافظة على المحميات الوطنية والمناطق المحمية (CNPPA) والأونيسكو، والدول المتقدمة[15]. كما أن بعض موارد الموازنة قد يأتي من الرسوم المفروضة على الزوار.
دور الإعلام والوعي البيئي في تنمية السياحة البيئية
في هذا المجال يضطلع الإعلام في عصرنا الحاضر بدورٍ هامٍ من خلال تصويبه على مخاطر تدهور البيئة وأهمية المحميات في درء هذه المخاطر.
وتتجلى أهمية الإعلام البيئي في كونه يساعد على دفع الجمهور إلى الإنخراط في عملية التخطيط واتخاذ القرار. وإن مشاركة الجمهور في الحوار البيئي تؤدي إلى تعميم الوعي البيئي للحفاظ على الموارد الطبيعة، كما تعطي المسؤولين صورة واضحة عن اهتمامات الرأي العام.
كما يجب أن تتسم عملية التربية البيئية بالشمولية، بدءًا من الأسرة إلى المدرسة فالمجتمع بأكمله. لكن ذلك لا يقلّل من دور القيمين على المحميات من العمل على غرس مفاهيم حب البيئة والمحافظة عليها من خلال توجيه الجمعيات المحلية وتوعيتها للقيام بدورها في الشرح للمواطنين وتثقيفهم حول أهمية المحافظة على ما تبقى من موارد بيئية في محيطهم، وأن هذه المحمية سوف تجلب لهم غير الفولئد البيئية، فوائد مادية تحسّن من وضعهم الإقتصادي.
ولأن المحمية ليست سوى منظومة بيئية من بيئة أكبر، فعليه يجب أن تكون التربية البيئية وغرس مفهوم المحافظة على البيئة والإهتمام بالمحميات القائمة في صميم المناهج التربوية، كما يجب إقامة نوادٍ للتربية البيئية، وتنظيم رحلات طلابية إلى المحميات، ليتعرّف هؤلاء على جمال الطبيعة وأهميتها، ولإسقاط حالة العداء التي يحملونها في مخيلتهم إزاء بعض الكائنات الحية. إن وجود مثل هذه الزيارت الميدانية للطلاب لواحدة من المناطق المحمية المنشأة، يمكّن المشاركين أيضًا من الإطلاع على نموذج حي لتقييم المفاهيم الأساسية واختبارًا لما تم مناقشته في الجانب النظري مما يرسّخ المفاهيم البيئية السليمة في أذهان هؤلاء.
أما الزوار فيمكن أن تتم توعيتهم وتعليمهم عن طريق مراكز الزوار المتوافرة في المحمية أو المنتزه، وعن طريق النشرات والكتيبات (Brochures). أما توعية الطلاب، فتكون عن طريق المحاضرات التي تتعلّق بشؤون البيئة،وتعريفهم مباشرةً على أهمية الأشجار، وخصوصًا، الحيوانات التي ربما لا يعرفونها إلا من خلال صورتها السيئة المطبوعة في مخيلتهم.
نجاح مشروع المحميات، ليس بديمومته فحسب، بل بتطويره
إن نموذج محمية أرز الشوف هو نموذج شبه كامل لما يمكن أن تكون عليه مشاريع المحميات المماثلة. وإذا كان الهدف الأساس من إنشاء هذه المحمية، هو الحفاظ على ما تبقى من ثروة حرجية في جبل الباروك ومحيطه، إضافة إلى صون التنوّع البيولوجي الباقي فيها، فإن من ضمن أهدافها المهمة أيضًا، التنمية المستدامة للمناطق الريفية الواقعة في محيطها.
وقد أقامت «لجنة أرز الشوف» مشروع التنمية الريفية تشجيعًا للإستخدام المستدام للموارد الطبيعية، بدلًا من الإستخدام السيئ لها، كالقنص والرعي الجائرين وقطع الأشجار والزحف العمراني العشوائي، خصوصًا وأن الجبال المجاورة للمحمية تجتاحها المقالع والكسارات. ومن جملة أهداف الجمعية، الحدّ من النزوح إلى المدن والمحافظة على المعلومات المتوارثة عن الموارد الطبيعية، والعمل على ربط الإرث الطبيعي بالإرث الحضاري وتأمين فرص عمل للمجتمعات القريبة من المحمية والتي ظهرت أولى نتائجها في تقديم خدمات السياحة البيئية والتنمية الريفية التي بدأت نوعًا ما في بيوت الضيافة القائمة في محيط المحمية. وقد استطاعت محمية أرز الشوف تدعيم إنجازاتها البيئية المختلفة، بالإنفتاح على محميات طبيعية في بلدان عربية وأجنبية وإقامة شراكة نوعية ومميزة، من شأنها ضخّ المزيد من الأفكار والتطلّعات، مما يعزز المشاريع التي تبدأ بالحماية ولا تنتهي بتوفير الشراكة والتفاعل مع المجتمع المحلي على مستويات شتى.
إن توطيد العلاقة مع الدول المتقدّمة ذات الإمكانات المادية الكبيرة والخبرة في مجال حماية الطبيعة، أمر ضروري، بالنسبة إلى الدول النامية، إذا ما أرادت أن تحافظ على بيئاتها. لكن هذه العلاقة هي جزء لا يمكن التعويل عليه، إذا لم يقرن بخطوات وإجراءات محلية تتناسب مع طبيعة كل بلد وأوضاعه الإجتماعية والإقتصادية.
إن صوغ سياسة بيئية سليمة تنتج عن استراتيجية لصون البيئة وحمايتها أمر مهم، ولكن العبرة بالتنفيذ، أما المهم فهو كيفية حماية هذه المحمية وغيرها، من خلال:
- منع التعدي على حدود المحمية الجغرافية أو عليها.
- منع استخراج أي من المواد: معدنية أو نباتية أو حيوانية، إلا للأبحاث العلمية أو بمعرفة السلطات المختصة.
- منع الإستملاك العقاري داخل المحمية إلا بعد استشارة الاختصاصيين.
- منع إحداث أي تغيير في هيئة المنظر أو الموقع الطبيعي، إلا بعد الحصول على ترخيص من المعنيين بالشأن البيئي.
- منع الرعي والقنص والصيد وقطع الأشجار.
وطبقًا لطبيعة المحمية وأهدافها فإنه يسمح بالاستعمالات التالية، (وهي مدرجة حسب ازدياد التأثير على النظام البيئي):
1- السماح بالبحث العلمي.
2- السماح بالزيارة المنظمة في مناطق معيّنة من المحمية على أن تستعمل الطرق الخاصة.
3- شق طرق للعامة عبر تلك المناطق.
4- السماح بوجود مكثّف للزوار ولكن من دون التأثير على طبيعة المنطقة.
5- جمع الأخشاب الميتة من قبل السكان المحليين أو جمع العسل أو الثمار أو أي منتجات خشبية من دون الإضرار بالطبيعة.
6- إدارة المناطق المحمية إدارة سليمة للإكثار من الحيوانات القابلة للصيد أو لمشاهدة الصيد التقليدي المنظم.
7- السماح ببقاء السكان المحليين الذين كانوا يعيشون سابقًا بتناغم مع البيئة.
وعلى الصعيد المجتمعي، يمكن المحافظة على المحمية وتطويرها، من خلال إجراءات أخرى هي الآتية:
أ - إيجاد بدائل معيشية للسكان
يحتاج إنشاء المحمية إلى إيجاد بدائل معيشية للسكان المحليين، لمواجهة حاجاتهم وتحسين مستوى معيشتهم عن طريق تنفيذ خطة إدارة المحمية. وتترافق هذه العملية مع تنفيذ إجراءات الحماية التي تمنع إستخدام المحمية من السكان الذين يستفيدون من الموارد الطبيعية للمحمية، فالمبدأ الأساسي هو تجنّب نزاع مباشر بين السكان المحليين وإدارة المحمية وتطوير علاقة تعاون بدلًا من ذلك، لذا، فإن السياحة التي يمكن أن تكون موردًا ملموسًا، وتهديدًا للمحمية في الوقت نفسه، تحتاج إلى التنظيم بغية الوصول إلى نوعية متطوّرة من السياحة البيئية وتنويع النشاطات المرتبطة بتنمية المجتمع المحلي.
ب- تفعيل دور الجمعيات البيئية
من المسلّم به أن تضغط الجمعيات البيئية على المسؤولين من أجل دمج مفهوم حماية البيئة ضمن البرامج الخاصة بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية، والطلب منهم التوسّع بإقامة المزيد من المحميات. وفي هذا الصدد، يجدر بالإشارة أن معظم المحميات الطبيعية أنشئ بعد تحرّكات ومبادرات قام بها السكان المحليون حيث توجد هذه المحميات أو نتيجة ضغوط الجمعيات البيئية. واللافت للانتباه هو أن عددًا من الجمعيات البيئية تقوم اليوم بتولي إدارة هذه المناطق بصورة مباشرة تحت مراقبة وزارة البيئة وتوجيهها، وعلى سبيل المثال، نشير إلى أن محمية بنتاعل الطبيعية هي أقدم محمية في لبنان، تأسّست بواسطة جهود خاصة العام 1981، وأصبحت تحظى بالحماية القانونية العام 1999، كذلك الامر بالنسبة إلى محميتي تنورين واليمونة. ومحمية بنتاعل كذلك[16].
ج- تمويل المحمية
وضع آلية لتمويل المحمية على المدى الطويل، فتكاثر المحميات في بلد ما، هو دليل عافية، لذلك يجب تخصيص الأموال اللازمة، لصيانة المحمية ودرء الأخطار عنها، من مصادر متنوعة، وقد يساعد المردود المالي الذي تحقّقه المحمية من السائحين في هذا المجال. ومن الأمور المهمة أيضًا، تشجيع بعض المواطنين على شراء مساحات من الأراضي ذات الأهمية البيئية، وتقديمها للهيئات البيئية للمحافظة عليها، وذلك على غرار ما يقوم بها المواطنون في كثير من الدول المتقدّمة التي لها باع طويل في هذا المضمار.
وفي لبنان، قام وزير الزراعة السابق في لبنان الياس سكاف، بمبادرة فردية منه، بتقديم مساحة ألف دونم (مليون متر مربع)، في سهل البقاع، إلى وزارة البيئة، لإقامة محمية في مستنقع عمّيق، الذي يعتبر من أهم محطات العالم للطيور المهاجرة.
المحميات الطبيعية بين الواقع والمرتجى
إذا كان لبنان بدأ منذ زمن غير بعيد، يخطو خطوات معقولة على طريق التشريع البيئي وإنشاء المحميات الطبيعية والتراثية، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا وشاقًا أمامنا. طويلًا لأننا ما زلنا في بداية التجربة. فالوعي البيئي يقتصر على فئات محدودة من المجتمع، والتربية البيئية شبه معدومة سواء في الأسرة أو التعليم أو المجتمع، والتصحّر يزحف، والحيوانات البرية تنقرض، والغابات تجتث، والزحف العمراني العشوائي المحفوز بثقل ديموغرافي متزايد يلقي بظله المدمّر على الموارد البيئية المتبقية.
إزاء كل هذه المخاطر، يرى بعض الناشطين البيئيين، أن مؤسسات البيئة اللبنانية في غيبوبة. إذ لم تستطع القوانين والتشريعات البيئية أن تحدّ من تلك المخاطر إلا جزئيًا، فما زلنا نلامس الموضوع من الخارج، ولم نلج بعد إلى أعماق النضج البيئي. والسؤال الملح: هل ننتظر حتى يكبر صغارنا ويتسلموا قرار صون ما تبقى من مقومات بيئية؟ ربما، لن يبقى لهم شيء يعيشون منه أو عليه، ولن يبقى أي إرث نقدّمه إليهم مثلما قدم لنا من جاء قبلنا.
إن لبنان مر بفترات من الإضطرابات الأمنية والإعتداءات الإسرائيلية، التي زادت من عمليات التدمير البيئي في لبنان. وحاليًا، لا يزال الصيادون ينتشرون في معظم المناطق اللبنانية، ويتم اصطياد حوالى عشرة ملايين طير من الطيور المحلية والمهاجرة سنويًا. ولا تزال الحرائق تشتعل في بداية كل صيف، لأسباب بعضها طبيعي، والأخرى نتيجة الإهمال، ومعظم الباقي متعمّد، وحتى الآن، لم يلق القبض على أي متورط، ولا تزال الدعاوى تسجّل ضد مجهول. وتفيد إحدى الدراسات أن الحرائق التي بدأت العام 2003 وانتهت العام 2005، قضت على نحو %25 من مساحة غابات لبنان، أي ما يعادل خمسة أضعاف المساحة التي أعيد تشجيرها خلال السنوات الـ17 الماضية.
إن صون البيئة عمومًا والمحميات خصوصًا تقع على عاتق السلطات والحكومات التي بيدها القرار. وأن الشعب مستعد لدفع ضرائب أعلى إذا كانت مخصّصة لرعاية البيئة، وستعود عليه في نهاية المطاف بفوائد بيئية وإقتصادية أفضل[17].
لقد زادت مساحة المحميات الطبيعية في لبنان وهي في تطوّر مستمر، وهذا أمر يبعث على التفاؤل.
وإذا كانت السياحة تشهد حاليًا بعض الإزدهار فإن استمرار هذا الإزدهار مرهون بثورة إعلامية وإعلانية تحكي ماضي تراثنا التليد وحضارتنا العريقة، وفي هذا الصدد لا بد من إعادة تفعيل الملحقات الثقافية في السفارات الأجنبية وخصوصًا المكاتب السياحية لتعريف الشعوب على دور لبنان الحضاري وعلى ما تزخر به أرضنا من تراث عظيم ومواهب طبيعية تتمثّل في هذا الكم الرائع من التضادات الجغرافية في هذه المساحة الصغيرة من العالم التي يجب أن تكون كلها محمية طبيعية يتمتّع العالم كل بجمالهه.
[1]- مجلة أبعاد، العدد الثامن، المركز اللبناني للدراسات، بيروت، 1998، ص 60.
[2]- اسماعيل عصام، «النظم السياحية: دراسة حول التشريعات والأنظمة السياحية والفندقية»، مكتبة الإستقلال، بيروت، 2008، ص.ص: 149 - 158
[3]- بيلت جان ماري، «عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة»، ترجمة السيد محمد عثمان، عالم المعرفة، العدد 189، الكويت 1994، ص.23
[4]- مزاهرة أيمن والشوابكة علي، «البيئة والمجتمع»، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، د. ت، ص.ص 17-20
[5]- البروتوكول بشأن المناطق التي تتمتع بحماية خاصة في البحر المتوسط، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وحدة التنسيق لخطة عمل البحر، المادتان 3 و7 من البروتوكول. البحر المتوسط، 1986
[6]- «المنتزهات القومية والمحميات في الوطن العربي»، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس 1984. ص.ص:9-11
[8]- الخولي محمد، «بيئة لبنان ثروة ضائعة»، بيروت، منريخ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2000. ص.251
[9]- المرجع نفسه.ص: 252
[10]- سرحال أسعد وآخرون، «نحو خطة عمل بيئية للبنان»، منشورات مؤسسة فريدريك إيبرت بالتعاون مع التجمّع اللبناني لحماية البيئة، بيروت 1994، ص.187
[11]- الهبر ميرنا وريكاردو، «محمية حرج إهدن الطبيعية»، أصدقاء الطبيعة وأصدقاء حرج إهدن 1992، ص.ص. 187-188
[12]- الخولي، مرجع سابق. ص.253
[13]- المصدر: وزارة البيئة،مصلحة المحافظة على الطبيعة
[14]- زين الدين علي، «الزراعة في لبنان، واقعها وآفاق تطوّرها»، دار النصر، بيروت، 1994، ص 285
[15]- سرحال أسعد وآخرون، «نحو خطة عمل بيئية للبنان»، منشورات مؤسسة فريدريك إيبرت بالتعاون مع التجمع اللبناني لحماية البيئة، بيروت 1994، ص.195
[16]- www.ghadinews.net/ node/ 53
[17]- صعب نجيب، «يا بيئيي العرب اتحدوا»، ص 91
The role of natural reserves in developing environmental tourism in Lebanon.
Some consider that the creation of natural reserves and national parks in the world started 140 years ago. The Arab world has been accustomed to the idea of natural reserves since old ages where each community or tribe used to preserve its springs, pastures and trees in a way that the tribe monopolizes grazing and taking advantage of the water resources in the reserve which is under its protection. During the first stages of the Islamic era the Prophet Mohammad (God’s Blessing and Peace be upon him) declared the region of “Nkeih” as a reserve.
The idea of protecting natural resources appeared in the Lebanese laws since the thirties of the twentieth century.
The first law of this kind was issued on 8/7/1939 and tackled the preservation of natural landscapes. The law stipulated the following: “All pieces of land, real estates, trees, isolated trees which should be preserved in view of their beauty or historic value are considered as natural landscapes and natural scenes. After registering the pieces of land in the general inventory list, the owner cannot make any changes affecting the real estate or any part of this real estate. The owner should abstain from taking any steps which might change the general appearance of the natural scene or damage its touristic importance or decrease its value”. However, the creation of natural reserves in Lebanon according to international standards didn’t start until the year 1992 with the issuance of law 121 on 9/3/1992 and accordingly the reserve of Horsh Ehden and the Reserve of “el-Nakhel” island were created in northern Lebanon.
Le rôle des réserves naturelles dans le développement du tourisme de l’ environnement au Liban
Pour certains, l’établissement de réserves naturelles et de parcs nationaux dans le monde a commencé depuis près de 140 ans. Le monde Arabe a connu depuis longtemps les réserves naturelles; chaque groupe d’habitants ou des tribus assuraient la protection des sources d’eau, des prairies et des arbres qui les entourent afin que la tribu seule puisse laisser ses bétails brouter les herbes de ces prairies et boire de l’eau de la source qui est sous son influence. Au début de l’ère de l’Islam le Prophète déclara la région de «Noukeh» comme étant une réserve.
Quant à l’idée de la protection des ressources naturelles au Liban Contemporain, elle a apparu dans les lois libanaises depuis les années trente du siècle dernier. Elle apparaît premièrement dans la loi promulguée le 8/7/1939 concernant la protection des scènes naturelles, et dictant ce qui suit: «Tous les territoires, les immobiliers, les arbres et les arbres isolés et qui doivent être préservés que ce soit à cause de leur âge, leur beauté et leur valeur historique, sont considérés comme étant des scènes et des sites naturels. Après avoir enregistré les territoires dans l’inventaire des sites naturels, le propriétaire ne pourra effectuer aucun changement dans le terrain enregistré ou dans une partie de ce terrain. Il doit s’abstenir de tout acte qui pourra modifier l’aspect général des sites naturels, ou de gâcher ou dévaloriser leur valeur historique. Or la création de réserves au Liban selon les critères internationaux ne commença qu’en 1992, avec la parution de la loi 121 le 9/3/1992, selon laquelle les réserves de la forêt de Ehden et l’île el-Nakhel furent créées dans le nord du Liban».