في الفترة الحرجة
يعيش العالم في هذه الايام فترة حرجة لم يتضح فيها بعد نوع العلاقات الدولية. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي واعلان جورج بوش الأول قيام النظام العالمي الجديد أحادي القطبية، بدا للمراقبين أن حقبة هذا النظام سوف تستمر عقوداً قبل أن تتبلور طبيعة العلاقات الدولية. وبعد مضي عقد ونيف على عالمٍ خالٍ من صراع دولي لافت، برز وبشكل مفاجئ العدو الجديد وهو الإرهاب حيث يجري استنساب الساحات ولصق التهم واشعال الحروب. بالأمس حرب افغانستان وإزاحة نظام طالبان وضرب القاعدة لم تنه الارهاب حتى في افغانستان نفسها، واليوم مشروع حرب ضد العراق - حيث تبرز تهمة حيازة أسلحة الدمار الشامل كذريعة - يبدو في الحسابات الدولية أبعد من الاهداف المعلنة وقد يطاول المنطقة العربية برمتها، حتى ان بعض المحللين ذهبوا في حساباتهم وتخيلاتهم إلى رسم خرائط لأوطان ودول جديدة.
لكن يظهر ومن وسائل الإعلام الدولية على رغم مشاركة قسم كبير منها في التمهيد الإعلامي لهذه الحرب، أن المزاج الشعبي العام في العالم لم يعد يستسيغ شن مثل هذه الحروب غير المبررة وهذا المزاج يظهر جلياً في استطلاعات الرأي وفي التظاهرات الصاخبة وفي مواقف بعض الدول الكبرى.
في هذه الفترة الحرجة التي يحتمل فيها أن تأخذ الأحداث وجهات مختلفة، لا بد من مواجهة الاخطار الناجمة عن هذه الاحتمالات بنظرة استراتيجية واضحة ومحددة تستند على الثوابت الوطنية لا سيما الموقف من النزاع العربي الإسرائيلي وبالتمسك بالحقوق العربية المشروعة وعدم التفريط بها مهما كانت الأسباب، والتركيز على الوحدة الوطنية كمنطلق اساسي لمجابهة التحديات.
مهما استغل العدو الإسرائيلي المتغيرات الدولية باستخدام آلته الإعلامية وقدراته الاقتصادية، تبقى الإرادة الوطنية والالتزام بالحقوق المشروعة أقوى من كل الهجمات المحتملة.
في الفترة الحرجة اشد ما نحتاج إليه هو التوحد ورص الصفوف لمواجهة العدو.