المتحف العسكري

ذاكرة لا تنضب وعلاقة وثيقة بالتاريخ الإنساني

 

زيارة المتحف العسكري

  • يستقبل المتحف العسكري زائريه كل أيام الأسبوع ما عدا أيام السبت والأحد والأعياد والعطل الرسمية .
  • دوام العمل داخل المتحف العسكري يبدأ إعتباراّ من الساعة 7:30 ولغاية الساعة 14:30 .
  • إنّ زيارة المتحف العسكري مجانيّة لكافة الزائرين.
  • عند رغبة مجموعة كبيرة من الأشخاص (وفد – جمعية – مدرسة...إلخ) زيارة المتحف العسكري يجب أن ترفع طلباّ إلى قيادة الجيش – مديرية التوجيه للحصول على موافقة على الزيارة , شرط أن يتضمن هذا الطلب عدد الأشخاص الزائرين ومستوى أعمارهم , وفي حال كانت مدرسة يجب أن تحدد إضافةً إلى ذلك مرحلة التعليم للطلاب الزائرين.
  • يمنع التصوير داخل وخارج المتحف العسكري إلاّ بإذن من مديرية التوجيه.
  • لمراسلة مديرية التوجيه أو إرسال طلباً إليها عبر رقم الفاكس:  424104-01
  • للتنسيق مع المتحف العسكري على رقم الهاتف: 956172-05

 

ألبوم

بدأت فكرة إقامة متحف عسكري في الجيش اللبناني بُعيد الاستقلال وتسلّم الوحدات العسكرية اللبنانية التي كانت ضمن جيش الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان، من قبل السلطات الوطنية اللبنانية في الأول من شهر آب عام 1945.


وبعد جلاء الجيوش الأجنبية عن لبنان، فكّرت قيادة الجيش اللبناني في ذلك الوقت بانشاء لجنة تعنى بكتابة تاريخ الجيش اللبناني وحفظ تراثه، وذلك منذ العام 1947.

 

منذ العام 1948 بدأت قيادة الجيش بتجميع بعض المعدات والأسلحة والألبسة العسكرية القديمة وجمعها في مكان واحد.

 

وفي العام 1949 جرت اتصالات بين قيادة الجيش ومديرية الآثار التابعة لوزارة التربية الوطنية، في ذلك الوقت، وطرحت القيادة فكرة بناء متحف عسكري لجمع ما تملكه من تراث عسكري قديم، وقد لاقت هذه الفكرة تجاوباً ودعماً من مدير الآثار في ذلك الوقت الأمير موريس شهاب.

 

وبالفعل فقد تمّت اتصالات بين الجهات المختصة، من مديرية الآثار الى وزارة التربية الوطنية الى وزارة الداخلية وبلدية بيروت لمنحها قطعة أرض تقع جنوبي المتحف الحالي في طرف سباق الخيل الشرقي مساحتها 2600م2 ليصار الى بناء مبنى جديد يلحق بالمتحف الوطني ويختص بالجيش، وعرف باسم "متحف القرون الوسطى والجيش"، بشكل يغطي بمحتوياته الفترة التي تبدأ بالقرون الوسطى حتى الوقت الحاضر.

 

استمرت الاتصالات طيلة فترة الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن المنصرم بين مدٍ وجزر، حتى العام 1963 حين وافق مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 7 آب من العام نفسه في الذوق على إقامة "متحف العصور الوسطى والجيش" وكلِّف مجلس تنفيذ المشاريع الانشائية العمل على تنفيذ مشروع بناء المتحف وذلك بالاتفاق مع وزارة الدفاع الوطني (قيادة الجيش) ووزارة التربية الوطنية (المديرية العامة للآثار).

بعد دراسات كثيرة وضع حجر الأساس لبناء هذا المتحف في صيف عام 1968 وشيّد هيكله بالمال المخصص له (مليون ليرة لبنانية) وتوقف العمل به بعد سنة لعدم توافر الاعتمادات اللازمة له في وزارة الدفاع الوطني. وقد استكمل في ما بعد خلال فترة السبعينيات، وكان بعهدة المديرية العامة للآثار.

 

في العام 1977 تمت إعارة المبنى للجامعة اللبنانية بقرار من مجلس الوزراء ليصبح مقراً لرئاسة الجامعة ومكاتبها، وبقي الأمر كذلك حتى العام 1998 حيث حوّل الى مقر رسمي لاجتماعات مجلس الوزراء. في العام نفسه تمّ إنجاز مبنى جديد للمتحف قرب وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، وهو مبنى صغير لا يتسع لكافة الموجودات القديمة من معدات عسكرية وألبسة وغيرها فبقي قسم منها في متحف المدرسة الحربية في الفياضية والقسم الآخر في قلعة راشيا في البقاع الغربي، وهذه المراكز تتبع للمتحف العسكري الرئيسي في وزارة الدفاع الوطني.


وبتاريخ 7/1/1998 صدرت برقية منقولة عن قيادة الجيش ألحقت بموجبها المتحف العسكري بمديرية التوجيه واعتبر قسماً من أقسامها.

 

المكان لا يبعد سوى أمتار قليلة عن المدخل الرئيسي لمبنى وزارة الدفاع الوطني في اليرزة. الصورة أقرب إلى شبه جزيرة فنية. ساحة مفترشة باللونين الأخضر والبني، يشغل أحد أطرافها برج شاهق بطبقاته الثماني المؤللة أملاً بالسلام، فيما تنبسط الأرض في الجهة المقابلة أمام هيبة شعارات ألوية الجيش الممتدة بشكل نصف دائري محتضنة رمز شهدائها تخليداً.

 

البرج  ليس سوى " نصب أمل السلام" الذي صممه وقدمه الفنان آرمان تجسيداً للسلام الوطني في لبنان، بمناسبة اليوبيل الذهبي للجيش اللبناني في 2/8/1995. وما يقابله في الجهة الثانية عبارة عن " نصب الخالدين" الذي أزيح الستار عنه في 22/11/1996، تخليداً لشهداء الجيش اللبناني.

 

تحفتان فنيتان لا بد من وجود ثالث لهما تكمل خطوطهما ودوائرهما.. خطوات قليلة وتظهر درجات تنسحب نزولاً بسياج من النباتات الخضراء، لتوصل في نهايتها إلى لوحة تعلن فوق باب ضخم .. " المتحف العسكري- اليرزة" الذي أُنشىء في 9/10/1998 برعاية قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود.

الطريق نزولاً، رسالة ببدء رحلة العودة إلى الجذور.. الجذور التي مازالت تنبض بتاريخ عريق لا يتوقف عند رقم ولا ينتهي أبدا..


المبنى البيضاوي من الداخل يفرض رهبته سريعاً. صالتان صغيرتان تفصل بينهما درجات معدودات.. الصالة السفلى تفضي إلى مدخل خاص بالمعوّقين، في إشارة إلى أن الزيارة ليست بعصية على أي شخص كان.

 

تواضع في التنميق لا يخفي براعة في التنظيم والتنسيق.. التاريخ يلف المكان.. تاريخ يرسّخ أن الجانب العسكري لا ينفصل عن غيره من الجوانب الإنسانية المختلفة.. تاريخ يؤمن بأن الحياة بدأت مع الشرف وأكملت طريقها مع التضحية والوفاء.. تاريخ كُتب بدماء لم يعرف أصحاب ها سوى الولاء لوطن واحد.الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب أول المرحبين بالزائرين، إذا ما بدأوا رحلتهم يميناً.. صورته الكبيرة بالأسود والأبيض ترمي بظلالها فوق الخزانة الخشبية التي تحتضن بزته العسكرية المليئة بأوسمة الشرف، وإلى جانبها بندقيته فرنسية الصنع (عيار 7.5 ملم) وسيفه، بالإضافة إلى باقي الأعتدة العسكرية الخاصة به. أما نظرته البعيدة، فتبدو وكأنها ترى، في أول علم للجيش اللبناني المرتفع على الجدار المقابل، امتداداً طويلاً لمسيرة الحفاظ على أمن وسلامة الوطن.. العلم الأول الذي لم يكن يختلف عن العلم الوطني سوى بإضافة كلمتي " الشرف" و" الوطن" تكلّلان الأرزة، وبسنبلتي السلام ممسكتين بأطراف العلم الأربعة.

الأسلحة القديمة تعج بالمكان.. تنشّط ذاكرة الشخص الزائر لتعيده إلى أزمنة لم يعرف عنها سوى ما قرأه في كتب التاريخ..السيوف والفؤوس تزيّن الجدران. هي كانت في يوم من الأيام سلاحاً يدوياً يختبر بأس الجندي بالدفاع عن وطنه.. أما البنادق فتأخذ حيزاً كبيراً لتحكي عن علم انطلق من " النقش على الحجر". بنادق تعمل بواسطة حجر الصوّان، وأخرى يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر استعمل بعضها أيام نابوليون الثالث، و نقش على استون بعضها الآخر كلمة "محمد علي باشا" ، فيما زركشت أخرى بزخرفات دمشقية، و جميعها تعمل بواسطة" الكبسول". بنادق شاركت في الحربين العالميتين، وغيرها من تلك التي تطورت لتصبح في ما بعد أوتوماتيكية.

 

الصور واللوحات لها مكانها أيضاً في الداخل. فها هو الضابط طالب حبيش ( أول ضابط لبناني في عهد السلطة العثمانية) يظهر بطربوشه ولباسه العسكري من خلال لوحة زيتية، وها هو فوج الخيالة لسنة 1937 يجتمع في صورة مع قائده المقدم غوملان الفرنسي قبل أن تؤخذ الصورة في ما بعد لكتيبة الخيالة لسنة 1950 مع قائدها النقيب جد.


أما البراعة في توصيف المشاهد بالطريقة التعبيرية، فتكمن في الأيقونة طبق الأصل عن البرونزية الأصلية " قانا عرس الشهادة"، التي ابتدعها الفنان ميشال صقر وقدمها عربون محبة ووفاء وتقدير للمؤسسة العسكرية اللبنانية التي اعتبرها " تحمي الكيان وترعى الفنون وتحافظ على التراث برعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود وقيادة العماد ميشال سليمان الذي يتابع نهج سلفه". ومنحها للمسرح العسكري في الجيش اللبناني بعناية رئيسه العقيد أسعد مخول.

 

الأيقونة ابتدعها الفنان صقر بعيد مجزرة قانا تخليداً للشهداء.. كل الشهداء الذين سقطوا تباعاً  دفاعاً عن الوطن، وأزيح عنها الستار في جبيل- بيبلوس،ونقلت إلى المجلس النيابي، وركزت هناك ومنحت " درع قانا".. " قانا الذاكرة التاريخية التي شهدت معجزة التحول والانبعاث بعد ألفي سنة..إنها عملية عود على بدء، وعلاقة جدلية بين الوطن والإنسان والإله. مستوحاة من الأصالة اللبنانية المتمثلة بالأرزة رمزاً للحكمة والصمود والوفاء، وقد غاصت جذورها في أجساد حماة الوطن. وفي التراب ترتوي و تتغذى من دماء الشهداء.. تحت الأرزة يتظلل حماتها جيشاً وشعباً، يحمون ظهور بعضهم البعض مرددين كلنا للوطن للعلى للعلم، يحمون ويدافعون بالريشة كما بالسيف، يجمعهم حب الوطن. أسفل هذه الوحدة البشرية المتكاملة والمتلاصقة بالأجساد الحية، تجلس أم الشهيد تغمر ولدها الذي سقط في معركة الدفاع عن الوطن.. تجلس بعظمتها اللبنانية بلا عويل ولا آهات، عينها لا ترى في فقدها ميتاً، بل معجزة في التحول والانبعاث.. إنه شقيق البطل الواقف بلباس الجيش".

 

التاريخ لا يتوقف في المتحف.. فالوثيقة التاريخية ، الموقعة من 41 ضابطاً لبنانياً بناءً على اقتراح من النقيب جميل لحود " اللواء لحود" والتي بموجبها قرر الضباط أن لا يخدموا إلا في ظلال العلم الوطني، محفورة على الخشب.. الوثيقة التي جاءت بعد انقسام فرنسا على نفسها في العام 1941، واشتراك وحدات من قوات فرنسا الحرة بقيادة الجنرال ديغول في الحرب مع الحلفاء ضد دول المحور "ألمانيا وإيطاليا". الأمر الذي أدى في صيف 1941 إلى مهاجمة قوات مشتركة من البريطانيين والفرنسيين الأحرار للقوات الفرنسية التابعة لحكومة فيشي والمتمركزة في سوريا ولبنان عن طريق فلسطين. قاومت القوات الفرنسية المتمركزة في سوريا زحف الحلفاء واشتركت معها القوات اللبنانية والسورية التي كانت خاضعة لقيادتها آنذاك. أثار هذا التدبير اعتراض الضباط اللبنانيين، قادة القناصة اللبنانية، الذين اعتبروا أن ليس للبنان أن يتدخل بخلاف بين فريقين من الشعب الواحد وإن ليس لجنوده، إلا الدفاع عن حدوده ضد عدو يريد الشر بها.
وتستمر النصوص المشرفة عارضة البطولات، ومنها نص عن معركة المالكية حين نجح مجاهدون لبنانيون وسوريون وعراقيون بمشاركة متطوعين يوغوسلافيين، بتاريخ 15/16/ أيار/1948 في طرد الإسرائيليين من المالكية.

 

كذلك لا يخلو المتحف من الهدايا والدروع التذكارية و شهادات التقدير المقدمة إلى الجيش اللبناني عربوناً للعطاءات المستمرة. فهناك هدية الوفد العسكري للجمهورية العربية المتحدة في 22/11/1961 بمناسبة عيد الاستقلال، إضافة إلى شهادة تقدير مقدمة من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بتاريخ 5/9/1999، تقديراً لمشاركة الجيش اللبناني وجهوده المبذولة في معسكر العمل المشترك لشباب لبنان ومجلس التعاون لدول الخليج، وغير ذلك من الدروع والشهادات.

 

أما التاريخ العسكري اللبناني الحديث، فله حيزه أيضاً، من خلال مذكرات الخدمة و الاعفاء. لعل أبرزها ثلاث. الأولى عبارة عن المرسوم رقم (3) الصادر في 28/11/1989، والقاضي بإعفاء العماد ميشال عون من مهام وظيفته وتعيين العميد الركن اميل لحود قائداً للجيش. والثانية مذكرة خدمة صادرة في 13/6/1991، تقضي باستيعاب حوالى 6000 عنصر من الأحزاب اللبنانية لصالح الجيش وقوى الأمن الداخلي، وافتتاح معسكرات تأهيل لهم. أما الثالثة فتستند إلى المرسوم الإشتراعي 102/83 وتعديلاته، والقاضي بإخضاع جميع اللبنانيين لخدمة العلم.

 

المتحف العسكري في لبنان بوابة تاريخية مفتوحة على مصراعيها، تستقبل كل راغب في إنعاش ذاكرة سئمت من ضبابية مفرطة.