- En
- Fr
- عربي
عبارة
ها قد طوى العام ٢٠٢٠ آخر أيامه ودخل لبنان في سنة جديدة، حاملًا في انطلاقته أوزارَ مرحلةٍ متواصلةٍ محفوفةٍ بالأخطار، فيما تستنفر الدولةُ كلَّ أجهزتها للتعامل مع جائحة كورونا وتجاوُز تداعيات انفجار مرفأ بيروت وتخطّي الأزمة المالية والنقدية الخانقة التي ضربت الاقتصاد والمجتمع. يترافق ذلك مع تحوّلات تاريخيّة تعصف وتُلقي بظلالها على الأوضاع الداخليّة.
إزاء هذا الواقع، وإذ تَفتَحُ بدايةُ العام ٢٠٢١ صفحةً جديدةً من عُمُرِ الجيش، نستعرض التحدّيات الجمّة التي واجهها متسلحًا بطاقةٍ متجدّدةٍ وإرادةٍ لا تلين، عمادُها ضبّاطٌ ورتباءُ وأفرادٌ ذوي عقيدةٍ عسكريّة راسخة واستعدادٍ دائم للتضحية وروحٍ وطنيّة سامية تتعالى فوق الانقسامات والانتماءات المناطقية والمذهبية والسياسية، وترتبط مباشرةً بلبنان الوطن النهائي الجامع.
حينَذاك تَبرز أمامَنا صورةُ الجنديّ الواقف على الحدود جنوبًا حيث يتصدّى للعدوّ الإسرائيليّ الغاصب وأطماعه في أرضنا وثرواتنا، وشمالًا وشرقًا حيث يضبط أعمال التسلل والتهريب عبر المعابر غير الشرعيّة، مُحبِطًا محاولات اختراق الحدود والمسّ بالاستقرار الأمني والاقتصاديّ، والحاضر في الداخل ليحفظ الأرواح ويلاحق المجرمين والعابثين بالسلم الأهليّ. كما تَبرز صورةُ العسكريّ الذي يخوض المفاوضات التقنية غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية ساعيًا إلى تحصيل حقوق الشعب اللبناني دون التنازل عن ذَرّةٍ واحدةٍ منها. ويعلم عناصرَ المؤسّسة العسكريّة تمامًا أنّ ذلك كلّه جزءٌ من واجبهم الذي أقسموا على القيام به يومَ أدّوا قَسَمَ الانضواء تحت علم البلاد، مُدرِكين حجمَ الصعوبات التي تنتظرهم.
هنا نشير إلى ضرورة اقتران هذا الجُهد بالدور الذي يُفترض باللبنانيين أداؤه في تضامنهم مع جيشهم وحِرصِهم على مصلحة بلدهم، وهو دورٌ يتعارض دون شكّ مع ظاهرة إطلاق النار في الهواء بعدما أصبحت آفةً متكرّرةً في مناطق ومناسبات متعدّدة، وممارَسَةً قاتلةً تودي بحياة الأبرياء وتخطف الأطفال من أيدي أمّهاتهم. وإذا كان الجيش قد نفّذ سلسلةَ عمليّاتٍ لملاحقة مُطلِقي النار وتوقيفهم، فالأحرى أنْ يكون الرادع الأوّل الحسُّ الأخلاقيّ والإنسانيّ، الذي يَجزِم بأنّ إهراق دماء الآمنين بهدف الاحتفال أو التعبير عن الحزن جريمةٌ نكراء تُسيء بشدّةٍ إلى المناسبة أو الشخص بدلًا من تكريم ذكراه. فليكُن في دموع الأهالي الذين فُجعوا بأحبّائهم واعظٌ يردّ مُطلقي النار عن فِعْلَتِهِم الوحشيّة، وإلّا فليتحمّلوا مسؤوليّتهم ووِزرَ جريمتهم أمام خالقهم وضميرهم أولًا، وأمام القانون ثانيًا.
المطلوب في بداية هذا العام الوعي ثمّ الوعي، من جانب المؤسسات الأمنية كما المواطنين، وعدم خلق أيّ توتّرات ومآسٍ نحن بغنى عنها في ظلّ ما تشهده البلاد، وكلّنا أمل في أنّ اتّحادنا حول المصلحة الوطنية كفيلٌ بإيصالنا نحو الخلاص وبناء المستقبل المنشود لنا ولأبنائنا.