- En
- Fr
- عربي
مشاكل مستجدة
يعتقد كثيرون أنّ السجائر الإلكترونية ومن بينها «Vape» هي بديل آمن للتدخين التقليدي، لذلك يُقبل على تدخينها بعض الذين يحاولون الإقلاع عن تدخين السجائر العادية، ونسبة غير قليلة من الشباب واليافعين من دون التنّبه لمخاطرها. وهنا تكمن المشكلة الأكبر... فقد بات من المألوف رؤية قاصرين يدخنون الـ «Vape» في أماكن اللهو والسهر والشوارع. وهؤلاء بالإجمال يماشون موجة سائدة ويعتقدون أنّهم يحصلون على متعة لا يشوبها ضرر. لكنّ الواقع مغاير تمامًا، فالضرر الذي يتعرضون له كبير وقد يكون دائمًا.
الـ «Vape» نوع من أنواع السجائر الإلكترونية، وهي تلقى رواجًا نظرًا لتصاميمها العصرية وتعدّد نكهاتها، وتجذب بشكلٍ خاص الشباب وبينهم نسبة من القاصرين مع أنّ كلفتها مرتفعة، إذ يبلغ سعر الواحدة منها ٧ دولارات تقريبًا. تعتمد هذه السيجارة مبدأ تسخين النيكوتين المستخرج من التبغ، وإضافة نكهات أُخرى من مواد كيميائية، ويمكن أن تُدخن على دفعات، لكنها تُستخدم مرة واحدة إذ لا يمكن إعادة تعبئتها.
«تراند» في لبنان
يُفيدنا رواد (صاحب ملهى ليلي) أنّ نسبة مدخني هذه السيجارة ممن يرتادون الملهى ليست بقليلة، وهو يعرب عن صدمته لرؤية شباب صغار يدخنونها، ويقول: «هذا مخيف». ثم يضيف: «شرحت لأولادي مخاطر التدخين ومخاطر الـ «Vape»، وأنا أتحدث إليهم في هذا الشأن من وقت لآخر».
لا يقتصر تدخين الـ «Vape» على أماكن السهر واللهو فقط، ماريا طالبة في سنتها الجامعية الأولى، لا تدخن لكن يصدمها أن ترى معظم رفاقها يدخنون هذه السيجارة رغم ضررها وكلفتها. وهي تقول: «قبل سنتين كان تدخينها شائعًا في أماكن اللهو والمطاعم، أما اليوم فأراهم يدخنونها في الجامعة وفي كل الأماكن، والخطير أنّهم يتداولونها في ما بينهم».
منظمة الصحة العالمية تُحذّر
وفق دراسات نشرها موقع منظمة الصحة العالمية، يتبين أنّ مشكلة استخدام «Vape»في الولايات المتحدة الأميركية تنتشر على نطاق واسع بين الشبان والشابات، إذ يستخدمها أكثر من ٢٧.٥٪ من طلاب المدارس الثانوية حسب ما تفيد به المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. أما كلية لندن الجامعية (UCL)، فقد نشرت دراسة تفيد بأنّه في بريطانيا وحدها هناك ٧٤ ألف مستخدم تراوح أعمارهم بين ١٦ و١٨ عامًا. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ السجائر الإلكترونية تُزيد من خطر أمراض الرئة لدى مدخنيها بنسبة الثُلث مقارنة بأولئك الذين لم يدخنوها قط، أما الضرر الأكبر فيصيب البالغين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والتبغ معًا.
ماذا يقولون؟
خالد ابن الـ١٢ سنة لا يشعر بأي خجل عند تدخين الـ «Vape»، فهي بنظره ليست سيجارة عادية. يبتاعها من ابن عمه الذي يقوم بتوزيعها على الدكاكين ومحلات بيع الأركيلة والتبغ والتنباك. «طيبة وبتسلّي»، يقول مضيفًا: «أدخّنها خفية عن أهلي، وأدفع ثمنها من مصروفي الأسبوعي».
«كل الناس عم بدخنوا منها شو بيمنعني!» هذا ما تقوله ليا ابنة الـ١٧ عامًا حين نسألها لماذا تُدخّن الـ «Vape». بالنسبة لها هي تُجاري بذلك «موجة» سائدة، وتخبرنا أنّها تعلّمت هذه العادة من شباب الحي خلال الصيف، وموعدهم اليومي في المساء، يجتمعون ويدخنون وكل منهم يفاخر بأنّ النكهة التي يدخنها هي الأطيب.
روبير الذي يبلغ من العمر ٣٥ عامًا يدخن الـ «Vape» هربًا من «الأرغيلة» وخوفًا من ضررها. يقول: «كل يوم بدي راسين أرغيلة، هيدي أهون بس يطلع عبالي باخد مجة».
مصطفى الرجل الستيني أقلع عن التدخين منذ ١٠ سنوات، حاليًا يُدخن الـ «Vape»، ويجد فيها متنفسًا أقل ضررًا من السيجارة العادية. لكنّ الأمر مختلف بالنسبة لجوزيف وزوجته، فهما يدخنان هذه السيجارة لأنّهما حرما متعًا كثيرة بسبب ضغط الأزمة، «هذه المتعة الوحيدة المتيسرة لنا في هذه الظروف» تقول الزوجة مشيرةً إلى أنّهما يقتصدان في تدخينها نظرًا لكلفتها المرتفعة. «ندخّنها عندما نكون مع الأصحاب فقط».
من إدمان إلى آخر!
من جهته، يوضح الدكتور عصام خوري المتخصص في الصحة العامة أنّ الـ «Vape» تحتوي على النيكوتين شأنها شأن السجائر العادية، ويضاف إلى ذلك احتواؤها على العديد من المركبات الخطرة الأخرى، مشيرًا إلى أنّ النكهات المستخدمة فيها كالمانجو والنعناع والفريز والفانيليا تخفي طعمها الحاد. وهو يحذر من تأثيرات هذه السيجارة التي تؤدي إلى صعوبات في أداء الوظائف العقلية، وتزيد من حالة الإدمان عند الفرد بحيث يفقد قدرته على الإقلاع عنها.
ويؤكد الدكتور خوري أنّ تدخين هذه السيجارة يمكن أن يضر بأدمغة الشباب تمامًا مثل تدخين التبغ، مضيفًا أنّ ارتفاع أعداد المراهقين والشباب الذين يدخنوها مؤخرًا يعد أمرًا مقلقًا، خصوصًا أنّ الأضرار التي يسببها النيكوتين في الدماغ خلال فترة المراهقة يمكن أن تكون دائمة. وهو يدعو إلى تدخل الأهل والمدارس والجامعات لتوعية الشباب قبل أن يتفاقم الوضع ويفوت الأوان.
وإذ أشار إلى أنّ التدخين الإلكتروني بشكلٍ عام يضر بالقلب والرئتين والأوعية الدموية، ومن بينها الشرايين التي تمد الدماغ بالأوكسجين والطاقة، من دون أن ننسى ما يلحقه من ضرر بالأسنان واللثة، أكّد أنّ الأشخاص الذين يحاولون الإقلاع عن تدخين السجائر العادية عن طريق استخدام «الفيب»، إنما ينتقلون من إدمان إلى إدمان آخر، لأنهم في الواقع لا يتوقفون عن تناول النيكوتين.
يُشير المحامي الدكتور عصام مبارك إلى أنّ القانون ١٧٤ المتعلّق بالحد من التدخين وتنظيم صنع منتجات التبغ وتغليفها والدعاية لها، يحظر في مادته الرابعة (الفقرة ب) تزويد القاصرين بأي منتج من المنتجات التبغية وتقديمها لهم بأي وسيلة كانت كالبيع أو التوزيع المجاني. لكن مع ذلك يجد القاصرون من يزودهم هذه المنتجات، ما يقتضي التشدد في تطبيق القانون وتوعية الشباب على أضرار التدخين. فالـ «Vape» باتت «موضة»، وقد ازداد انتشارها في الفترة الأخيرة، خصوصًا أنّ الكثيرين يجهلون مدى ضررها ويعتقدون أنّها قد تكون أقل ضررًا من السجائر العادية. من هنا ضرورة القيام بحملات توعية تتعاون فيها جميع الجهات المعنية من أهل ومؤسسات تعليمية وإعلامية.