معًا نحو مجتمع أفضل

ما لا تعرفونه عن مخدرات النوادي الليلية!
إعداد: ميا روفايل

كلنا يعلم أنّ الإدمان مرض مزمن يؤدي ﺇلى خلل في الدماغ، وتشمل تأثيراته السلبية الجوانب البيولوجية والنفسية والاجتماعية. كما نعلم أنّ هناك أنواعًا عديدة من المخدرات التي تختلف خصائصها وأطر استهلاكها وآثارها السلبية وبروتوكولات العلاج الخاصة بها. لكن ما الذي نعرفه عن المخدرات الأكثر رواجًا في النوادي الليلية حاليًا؟

”يؤدي استهلاك المخدرات إلى إنتاج مادة الدوبامين في الدماغ بمعدل مرتفع، ما يساعد على تذكّر الآثار الممتعة للمخدرات، ويدفع الشخص إلى البحث مرارًا وتكرارًا عن ذلك الشعور الممتع، وبالتالي الوصول ﺇلى الإدمان.“

 

من أشهر أنواع المواد المخدّرة: الكحول، الحشيشة، الكوكايين، الهيرويين، السالفيا، الحبوب المهدئة وغيرها.

لكنّ أكثر المواد التي نصادفها حاليًا هي ما يُعرف بـ «مخدرات نوادي الليل» أو بالـ club party drugs. وهي مجموعة متنوعة من الأدوية المتداولة غالبًا في النوادي الليلية والحفلات.

”عقاقير الاغتصاب“

يتم تصنيع هذه المواد عادةً من مواد كيميائية متعددة بالإضافة إلى مادة الكافيين، وهي تحفّز الدماغ على ﺇنتاج السيروتونين والدوبامين والأدرينالين. يُسمّى البعض من هذه المواد بـ «عقاقير الاغتصاب» وذلك لأنّها استخدمت في عدة حالات للاعتداء الجنسي، وهي عديمة اللون والمذاق والرائحة، ويمكن إضافتها إلى المشروبات الكحولية والسجائر.

من أنواع المخدرات الليلية وأكثرها شيوعًا الإكستاسي Extasy أو ما يعرف أيضًا بالـ «أم دي أم إي» MDMA الذي يُعدّ من المخدرات المنشّطة، ولكن له أيضًا تأثيرات مهلوسة. يعمل هذا المخدر على تغيير المزاج ويؤثر على إدراك الأشياء والظروف، يتم تداوله عادةً على شكل أقراص، ويتناوله الأشخاص من خلال ابتلاع المادة أو تنشّقها. تتعدد آثار الإكستاسي السلبية حيث يمكن أن تتسبّب بزيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم والغثيان والإغماء والتعرّق والقلق.

النوع الثاني من مخدرات الليل هو مادة الـ «أل أس دي» LSD التي يتم تصنيعها من حمض الليسرجك، وهو نوع من الفطر الذي ينمو على حبوب الجاودار والحبوب الأخرى. يأخذ الـ LSD شكل قطع من ورق عليها غالبًا رسومات كرتونية، يقوم الشخص بابتلاعها.

الرحلة السيئة

تتميز هذه المادة بتأثيرها الذي يسمى بالرحلة السيئة أو ما يُعرف بـ bad trip الذي يدوم لحوالى اثنتي عشرة ساعة متواصلة، يشعر خلالها الشخص بأنّه منفصل عن الواقع. تُسبب هذه المادة حالة ضياع وتشويش لإدراك الوقت والمكان، بالإضافة إلى الدوار (الدوخة) وارتفاع ضغط الدم والحرارة ومعدل ضربات القلب، وتقاطع الأحاسيس بما يجعل المستخدم يرى الأصوات ويسمع الأشكال، الأمر الذي يسبب له الهلع. وهنا تكمن الخطورة بسبب التصرفات التي يلجأ إليها المستخدم للتخلص من هذه الأحاسيس والتصرفات الغريبة.

بعكس الإكستاسي و الـ «أل أس دي»، يُعتبر الروهيبنول Rohypnol والـ «جي أش بي» GHB من المخدرات المهدئة، ويتم استعمالهما للتقليل من الاكتئاب الناتج عن استهلاك الكوكايين والميتامفيتامين في السهرات من خلال البلع والتذويب بالسوائل. من المعروف عن تلك المواد أنّها «عقاقير الاغتصاب» وذلك لأنها تسهّل تعرّض المستخدمين للاعتداء الجنسي، فمن أبرز تأثيراتها فقدان الذاكرة، واسترخاء العضلات، وبطء التنفس وضربات القلب، والدوار وفترات التعتيم أي blackout، وهي حالة مؤقتة تؤثر في الذاكرة.

يُعدّ الكيتامين Ketamine أيضًا من «عقاقير الاغتصاب» وهو من المخدرات المهلوسة، يصل تأثيره إلى الذروة بعد استعماله ما بين العشرين والستين دقيقة، ويشعر مستخدموه بأنّهم منفصلون عن الواقع. أما استخدامه فيتم عن طريق الابتلاع أو التدخين أو الاستنشاق أو الحقن. من تأثيرات الكيتامين السلبية: فقدان الذاكرة، ارتفاع ضغط الدم، بطء التنفس، وفقدان الوعي.

تتميز مادة الميتامفيتامين أو الـ «كريستال ماث» بمذاقها المر، وهي نوع من الحبوب أو الأقراص الزجاجية يتم استخدامها عن طريق: الحقن، الابتلاع، التدخين أو الاستنشاق بعد طحن المواد الزجاجية. تزيد هذه المادة مستوى اليقظة والنشاط البدني وضربات القلب، وضغط الدم وحرارة الجسم، وتسرّع عملية التنفس،  كما أنّها تؤدي ﺇلى  فقدان الشهية.

هكذا تؤثر المخدرات في الدماغ

يهتم الدماغ بوظائف الجسم الأساسية، فهو يفسر كل ما يواجهه الإنسان ويُحدد طريقة الاستجابة له، كما أنه المسؤول المباشر عن تكوين الأفكار والمشاعر والسلوكيات. يتألف الدماغ من مليارات الخلايا العصبية يعمل كل منها كمفتاح لتدفّق المعلومات. فعندما تتلقّى خلية عصبية إشارة ما، ترسل بدورها إشارة عصبية إلى الخلايا الأخرى في الدائرة، من خلال الناقلات العصبية لتلتصق بجهاز استقبال الخلية الأخرى. وللحدّ من هذه الإشارة تقوم ناقلات الخلية الأخرى بإرسال إشارة إلى الخلية العصبية الأولى التي انطلقت منها أول إشارة.

ﺇنّ استهلاك المخدرات يؤثر على طريقة إرسال الإشارات واستقبالها من خلال الناقلات العصبية، فبعض المواد المخدرة تنشّط الخلايا العصبية ولكن ليس بالطريقة نفسها التي تعمل بها الناقلات العصبية الطبيعية، وبالتالي يؤدي ذلك إلى إرسال رسائل غير طبيعية. وثمة أنواع أخرى من المخدرات تتسبب في إطلاق كميات كبيرة من الناقلات العصبية، ما يؤدي إلى تضخّم الاتصال الطبيعي بين الخلايا العصبية أو تعطّله.

بحسب تقرير المخدرات العالمي نسخة 2023، 62% من الناس عالميًا قد استخدموا مخدّر الإكستاسي خلال 10 سنوات (من 2011 إلى 2021)، وقد عانى 38% منهم اضطرابات نفسيّة نتيجة تعاطيهم الإكستاسي.

أخيرًا، لا بد من التذكير بأنّ استهلاك المخدرات يؤدي إلى إنتاج مادة الدوبامين في الدماغ بمعدل مرتفع، ما يساعد على تذكّر الآثار الممتعة للمخدرات، ويدفع الشخص إلى البحث مرارًا وتكرارًا عن ذلك الشعور الممتع، وبالتالي الوصول ﺇلى الإدمان.

المرجع

World drug report 2023: https://www.unodc.org/res/WDR-2023/WDR23_Exsum_fin_SP.pdf