- En
- Fr
- عربي
صحة ووقاية
يحتفل العالم في الحادي عشر من نيسان من كل عام باليوم العالمي لداء الشلل الرعاشي المعروف عالميًا بالباركنسون. فما هو هذا المرض، وما هي أعراضه، وهل يمكن الشفاء منه؟
توعية ومعاينات في الطبابة العسكرية… والجراحة مؤمنة
للمرة الثانية على التوالي، أقامت الطبابة العسكرية في المستشفى العسكري المركزي قسم المعاينات الخارجية -عيادة الأعصاب حملة توعية حول مرض الباركنسون بالتعاون مع شركة Promedz وهي شركة لبنانية للمعدات الطبية، حيث عاين الطبيب رشدي الأحدب (اختصاص طب الأعصاب واضطرابات الحركة) عددًا من المرضى المشخصين بالإصابة بالباركنسون، وذلك بغية تحديد المؤهلين منهم بحسب تقدّم حالتهم وفئتهم العمرية لإجراء التدخل الجراحي أو التنبيه العميق للدماغ DBS للتخفيف من حدة أعراضهم.
ومن خلال الفحص السريري عاين الطبيب مجموعة كبيرة من المرضى وأوصى بضرورة إحالة عدد منهم لإجراء التدخل الجراحي. ونوّه الدكتور الأحدب بتقدم لبنان على باقي البلدان العربية في إجراء هذه الجراحة.
ويُشار إلى أنّ الطبابة العسكرية توفّر التسهيلات اللازمة لإجراء هذه الجراحة لمن هم بحاجة إليها، وهي تتولى تأمين كلفة الجهاز الخاص على نفقتها بالإضافة إلى كلفة الجراحة والخدمات الطبية.
يفسّر الأطباء الشلل الرعاشي على أنّه خلل عصبي يقود إلى اضطرابات في النظام الحركي، ويؤدي هذا الشلل إلى تدمير خلايا عصبية توصل إلى نقص في مادة الدوبامين عند المريض، وهي المادة المسؤولة عن نقل الرسائل العصبية والإشارات إلى الدماغ فيسيطر على الحركة. ولدى انخفاض هذه المادة، يفقد المريض سيطرته على حركته فتبدأ أعراض الباركنسون بالظهور.
أعراض المرض
من بين هذه الأعراض: الشعور بالدوران عند النهوض من النوم أو بعد الجلوس لفترة طويلة، فقدان حاسة الشم، القيام بحركات غير اعتيادية عند النوم (فيعيش المريض أحلامه كأن يتشاجر مع أحد فيضرب من بقربه أو أن يتكلّم خلال النوم)، البطء خلال القيام بالأعمال اليومية، التعب بعد التنقّل، اختلال التوازن خلال المشي، التصلّب في الأطراف والمفاصل خصوصًا العنق والساقين (مع الوقت أي بعد عدة سنوات من تشخيص المرض يمكن أن تفقد عضلات المريض القدرة على أداء مهماتها فتتصلّب تمامًا وتتوقف عن الحركة)، التوتر المستمر، الرعشة في اليدين والرجلين والرأس وأحيانًا في الجسم كلّه، الإمساك، الصعوبة في الكلام والبلع والبحة في الصوت…
تبدأ أعراض الباركنسون بالظهور بين عمر الـ 40 و60 عامًا، ولكن قد يصاب به الأشخاص الأصغر سنًا ويتأثر به الرجال أكثر من النساء، وتعود تسمية الباركنسون نسبة إلى الطبيب الإنكليزي جايمس باركنسون الذي وصّف في العام 1817 هذا الداء وشخّصه. وما زالت المختبرات تدرس هذا المرض حتى اليوم وتنشر مقالات علمية دقيقة عنه، فتعرض كل اكتشاف جديد ومعلومة مفيدة حوله.
عوامل تزيد نسبة التعرض للإصابة
مسببات الباركنسون غير معروفة وغير دقيقة حتى الساعة، إلّا أنّه ثمة عوامل تزيد نسبة التعرض للإصابة به بحسب الأطباء، وهي: وجود حالات سابقة في العائلة، تلوث الهواء، التعرض للمبيدات الحشرية، تناول أنواع معينة من الأدوية الخاصة بأمراض الذهان والاكتئاب والتوتر، التعرض المباشر لمادة المنغنيز المستخدمة في صناعة الحديد ما يسبب التسمم، خصوصًا لمن يتعرضون لهذه المادة باستمرار كالحدادين.
يُكتشف مرض الباركنسون بالتشخيص السريري الذي يجريه أطباء الأعصاب فيؤكدون إصابة المريض به أو عدمها، وقد تضاعفت معدلات انتشار المرض بشكل كبير خلال الـ25 سنة الماضية.
من الأدوية إلى الجراحة
لا يوجد علاج يشفي تمامًا من مرض الباركنسون، لكن ثمّة علاجات يمكن أن تفيد في تخفيف حدة الأعراض. وتقوم التركيبة الدوائية المعتمدة عالميًا اليوم لمعالجة مرضى الباركنسون على استخدام مادة الدوبامين، يضاف إليها في مراحل لاحقة أدوية أخرى كمضادات الكولين التي تحد من حركة العضلات اللاإرادية. لكن قدرة الدواء على السيطرة على الأعراض بشكل كامل تتوقف مع مرور الوقت، فينصح الأطباء حينها بالتدخل الجراحي في بعض الحالات المتقدمة، ويسمّى هذا الإجراء الجراحي بالتنبيه العميق للدماغ أو التحفيز العميق (deep brain stimulation DBS)، والذي يقضي بزرع أقطاب كهربائية في جزء محدد من الدماغ، تتصل بمولّد مزروع في الصدر يرسل نبضات كهربائية إلى الدماغ. يخفف هذا العلاج أعراض المرض ويقلل الحركات اللاإرادية ويمكن أن يوقفها كليًا، كما يخفف الرعاش ويُحسّن الحركة ويُخفض نسبة تصلّب العضلات. لكن على الرغم من أنّ الجراحة تعالج الأعراض لفترة طويلة فهي لا تمنع المرض من التطوّر.
علاجات رديفة
ويوصي الأطباء بضرورة متابعة مرضى الباركنسون عند اختصاصيي النطق والبلع الذين يجرون اختبارات لعضلات المريض التي تدخل في عملية النطق وتتابع طريقة التنفس والبلع. وبعد تحديد نقاط القوة والضعف، يعمل الاختصاصي على تقوية الأولى ومعالجة الثانية، من خلال تمرينات مكثفة تساعد في تحسين نوعية الصوت وتوسيعه وتحسين مخارج الحروف.
تغيير نمط الحياة من شأنه أن يساعد في العلاج أيضًا، إذ تخفف بعض الأطعمة أعراض المرض، وعلى سبيل المثال يمكن للألياف وكميات كبيرة من السوائل (الماء خصوصًا) متى أُدخلت في النظام الغذائي أن تمنع الإصابة بالإمساك. كما تتيح أطعمة أخرى غنية بالأحماض الدهنية «أوميغا 3» فرصة تخفيف الأعراض الأخرى. وتزيد التمارين الرياضية مرونة الأطراف وتعيد التوازن للجسم، كما تقلل الشعور بالقلق والاكتئاب وتحسّن الدورة الدموية فتتحسن دورة النوم كذلك، ومن بين هذه الرياضات المشي، السباحة والرقص…