- En
- Fr
- عربي
كلمة
تضحية لأجل الحقيقة
تمثّل ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية التي أحيَـتْها المؤسسات الإعلامية في لبنان في السادس من أيار مناسبة لتسليط الضوء على رسالة الصحافة بوصفها التزامًا راسخًا بالتضحية لأجل الحقيقة وخدمة العدالة. تؤدي الصحافة التي تُعرف بالسلطة الرابعة دورًا محوريًّا في حماية الديموقراطيّة وتمكين المجتمعات، فالعمل الصحافي لا ينحصر في جانبه المهني وحسب، بل يتعداه إلى الواجب الإنساني والأخلاقي تجاه المجتمع عن طريق نقل الأحداث والحقائق بأقصى قدر من الموضوعية والتجرّد.
الصحافة في جوهرها رمز للشفافية وشجاعة المساءلة، فالصحافيون يعملون كمراقبين يتابعون بلا كلل ولا خوف الشؤون الداخلية المتعلقة بحياة المواطنين، والشؤون الخارجية المرتبطة بأمن البلاد وسيادتها. وكم كشفت تحقيقات صحافية استقصائية وقائع مخفية وأظهرت إلى العلن مكامن الفساد والظلم، ودعمت قضايا محقة لأشخاص لم يستطيعوا نقل معاناتهم، فكانت بذلك صوت الذين لا صوت لهم.
علاوة على ذلك، تعمل الصحافة كجسر بين الأفراد والعالم من حولهم، وتساهم في نشر الثقافة والتعريف بوجهات النظر المتنوعة ونقل التقارير من مناطق النزاع وإعداد البرامج حول المجتمعات المهمّشة. هكذا يعمل الصحافيون كشهود للتاريخ، ومؤرخين للتجربة الإنسانية، وروّاد للتغيير الاجتماعي. ولا نبالغ إذا قلنا بأن احترام العمل الصحافي هو أحد أهم معايير الحكم على ديموقراطية الدولة وتَقَدُّمِها واحترامها للحريات وفي طليعتها حرية التعبير والمعرفة.
غالبًا ما يترافق سعي الصحافيين وراء الحقيقة مع تكلفة باهظة، إذ يواجهون في جميع أنحاء العالم أخطارًا وتهديدات تتراوح بين الرقابة والترهيب وقد تصل إلى العنف الجسدي وحتى الاستشهاد، بخاصة حين تكون المهمة نقل الحدث من ساحة الحرب، وهذا ما يعرفه صحافيو لبنان حق المعرفة بعدما استشهد كثيرون منهم في معرض الواجب ولا سيما على يد العدو الإسرائيلي، الأمر الذي شهدناه للأسف في المرحلة الأخيرة. رغم ذلك، يبقى الصحافيون ملتزمين التزامًا راسخًا بمهنتهم، ومتفانين لإيصال الحقيقة في أحلك الظروف، ومتميّزين بشغفهم واندفاعهم لمواجهة الخطر.
في عصر المعلومات السريعة والمتتابعة التي تفتقر أحيانًا إلى الدقة، تبقى الصحافة منارة للصدق والحقيقة. ولا يسعنا إلا أن نؤكد التزامنا دعم مبادئ حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الصحافيين، متطلّعين إلى مواصلة مسيرة التعاون مع الجسم الإعلامي، وهي مسيرة بدأها الجيش منذ نشأته وطوَّرَها من خلال مديرية التوجيه، وسيظلُّ متمسّكًا بها لما تتضمنه من قيم مشرقة تُميّز وطننا.
العميد حسين غدار
مدير التوجيه