- En
- Fr
- عربي
دراسات وأبحاث
ما هو دور حلف شمال الأطلسي وما هو مستقبله؟
بعد انتهاء فترة الحرب الباردة، طُرح تساؤل حول معنى بقاء «الناتو» (حلف شمال الأطلسي) الذي كان الهدف من قيامه، الدفاع عن المصالح الغربية، في مواجهة التحدي والخطر السوفياتيين. في المقابل فإن قيام حلف وارسو بعد ذلك (1955) كان هدفه الدفاع عن دول أوروبا الشرقية ومصالحها، في مواجهة حلف الناتو.
ومع تفكك الاتحاد السوفياتي (1991) وانهيار حلف وارسو، زال الهدف من قيام حلف شمال الأطلسي. وقامت بالتالي بيئة دولية جديدة، عرفت بالنظام العالمي الجديد، نتج عنها تحولات جذرية في أنظمة الحكم في دول أوروبا الشرقية، التي انضمّ معظمها إلى حلف الناتو، فيما ينتظر الباقي اللحاق بها. ولذلك فإن هناك من يتساءل: ما هي التهديدات التي تواجه الناتو؟ من هو العدو الذي من أجله استمر الحلف؟ وما هي أهدافه الجديدة؟
مقدمات تاريخية
في شهر آذار من العام 1948، وقّعت كل من بريطانيا وفرنسا ودول البنلوكس (بلجيكا وهولندا واللوكسمبورغ) اتفاقية للتوصل إلى معاهدة عسكرية، تهدف إلى إقامة «الدفاع الجماعي المشترك وتعزيز التكامل الثقافي والاقتصادي»، انسجامًا مع مشروع مارشال لإعادة بناء اوروبا التي دمرتها الحرب العالمية الثانية. وقد سعت هذه الدول إلى تحقيق قدر أكبر من المشاركة الأميركية، وأدت المفاوضات في النهاية إلى توقيع معاهدة شمال الأطلسي في واشنطن (4نيسان 1949) التي انبثقت عنها منظمة تابعة لها، عرفت بإسم حلف شمال الأطلسي (الناتو) NORTH ATLANTIC TREATY ORGANIZATION = NATO, وهي ما زالت حتى اليوم تواصل عملها كحلف يتوسع في جمع إرادات ودفاعات الدول الأعضاء فيه ودمجها.
اتفاقية شمال الأطلسي
تؤكد الإتفاقية إيمان الأطراف المشاركين فيها بأهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، وتصميمهم على توحيد الجهود من أجل ترسيخ الإستقرار والرخاء في منطقة شمال الأطلسي، وتضم 14مادة هي الآتية:
• المادة 1:
يلتزم الأطراف ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، حول تسوية كل حالة نزاع دولي، يكونون طرفاً فيها، بالطرق السلمية، وبالتالي لا يتعرض السلام والأمن الدوليان والعدالة للخطر، كما يلتزم الأطراف أيضاً، التخلي عن أي تهديد بالقوة، أو استخدامها، في علاقاتهم الدولية، بشكل يتنافى مع أهداف الأمم المتحدة.
• المادة 2:
سوف تساهم الأطراف، في استمرار تطور علاقات السلم والصداقة الدولية، في الوقت الذي يدعمون فيه مؤسساتهم الحرة، وتحقيق فهم افضل للمبادئ والأسس التي تقوم عليها هذه المؤسسات، كما ينشدون ويشجعون عوامل التضامن، والرخاء، وهم يسعون في سياستهم الاقتصادية الدولية، إلى تجنب الخلافات والمتناقضات، وتشجيع التعاون الاقتصادي ودعمه بين كل الأطراف، فردية أو جماعية.
• المادة 3:
لتحقيق أهداف هذه الاتفاقية بشكل أفضل، يعمل الأطراف، فرادى ومجتمعين، من خلال الاعتماد الذاتي الفعال والدائم والدعم المتبادل، على تحقيق قوة مقاومة وقناعة ذاتية ومشتركة، ضد الهجمات والاعتداءات المسلحة، والاستمرار في تطوير ذلك.
• المادة 4:
يتشاور الأطراف مع بعضهم البعض عند إحساس أي منهم، بأن سلام المنطقة مهدّد أو معرّض للخطر.
• المادة 5:
(جوهر الحلف، وقد استخدمت هذه المادة عند إعلان الحرب على أفغانستان والإرهاب بعد إعتداءات 11 أيلول 2001 في نيويورك).
يتفق الأطراف على أن أي هجوم أو عدوان مسلح ضد طرف منهم، أو عدة أطراف، في أوروبا أو أميركا الشمالية، يعتبر عدوانًا عليهم جميعًا، وبناء عليه، فإنهم متفقون على أنه، في حالة وقوع مثل هذا العدوان المسلح، فإن على كل طرف منهم - تنفيذًا لما جاء في المادة «51» من ميثاق الأمم المتحدة، حول حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم بشكل فردي أو جماعي - تقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم، باتخاذ الإجراءات الذاتية، وبالتعاون مع الأطراف الأخرى، من دون تأخير، بما في ذلك استخدام قوة السلاح، التي يرى أنها لازمة لإعادة الأمن إلى منطقة شمال الأطلسي وتأكيده.
ويتم إبلاغ مجلس الأمن من دون تأخير، بكل هجوم وعدوان مسلح، وكل الإجراءات المضادة المتخذة تجاهه. ويتم وقف الإجراءات، بمجرد اتخاذ مجلس الأمن الخطوات الضرورية لإعادة السلام والأمن الدوليين واستقرارهما.
• المادة 6:
وفق مفهوم المادة «5»، فإنه يعتبر عدواناً، أو هجوماً مسلّحاً، على طرف أو أكثر:
- كل عدوان أو هجوم مسلح على أي منطقة لأحد الأطراف، في أوروبا وأميركا الشمالية، أو القسم الجزائري من فرنسا، ومنطقة تركيا، أو إحدى الجزر الخاضعة لمنطقة سيادة أحد الأطراف، في منطقة شمال الأطلسي، شمال مدار السرطان.
- العدوان أو الهجوم، على قوات مقاتلة أو سفن أو طائرات أحد الأطراف، في هذه المناطق، أو عبر مجاله الجوي، أو مياهه الإقليمية، أو إحدى المناطق في أوروبا، أو في منطقة شمال الأطلسي شمال مدار السرطان، حيث كانت قوات احتلال أحد الأطراف تتمركز لفترة كانت اتفاقية شمال الأطلسي فيها نافذة أو سارية المفعول.
• المادة 7:
هذه الاتفاقية لا تمس ولا يمكن أن تفسر، بأنها تؤثر على حقوق وواجبات الأطراف، الأعضاء في الأمم المتحدة، المترتبة على ميثاقها، كما لا تمس في المقام الأول، مسؤولية مجلس الأمن في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، ولا يمكن أن تفسر على مثل هذا المنوال.
• المادة 8:
يعلن كل طرف، أنه لا توجد التزامات دولية حاليًا بينه وأطراف أخرى، أو دولة ثالثة، تتعارض مع لوائح هذه الاتفاقية وبنودها. ويلتزم عدم التعهد أو التورط في أي التزامات دولية تتناقض مع هذه الاتفاقية.
• المادة 9:
يقوم الأطراف بتشكيل وتكوين مجلس يتم فيه تمثيل كل منهم، لبحث قضايا تنفيذ هذه الاتفاقية، ويتم تشكيل وبناء هذا المجلس، بحيث يمكن أن يجتمع في أي وقت وعلى وجه السرعة.
ويقوم المجلس بتكوين هيئات وأجهزة تابعة له طالما كان ذلك ضروريًا، وبصفة خاصة، يقوم من دون تأخير، بتشكيل لجنة دفاعية، تتولى مهمة التوصية بالإجراءات الخاصة بتنفيذ المادتين 3 و5.
• المادة 10:
يمكن للأطراف من خلال قرار جماعي، أن يطلبوا من كل دولة أوروبية أخرى يكون بإمكانها مساندة مبادئ هذه الاتفاقية، والمساهمة في تحقيق أمن منطقة شمال الأطلسي، الانضمام إلى الحلف. وكل دولة يتم دعوتها على هذا النحو يمكنها من خلال إيداع مستندات انضمامها لدى حكومة الولايات المتحدة، أن تصبح عضوًا في هذه الاتفاقية. وتقوم حكومة الولايات المتحدة بدورها بإحاطة كل طرف علمًا، بتقديم هذه المستندات لها، وإيداعها لديها (وثيقة ومستند الانضمام).
• المادة 11:
يقوم الأطراف بالتصديق على الاتفاقية وإقرارها بالأسلوب الذي يتماشى مع دستورهم، ثم يقومون بتنفيذ بنودها ولوائحها. ويتم إيداع وثائق ومستندات التصديق بأسرع ما يمكن لدى الولايات المتحدة، والتي بدورها تقوم بإحاطة كل الدول الأخرى الموقعة على الاتفاقية، بكل عملية إيداع تتم لديها. وتدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، وتصبح سارية المفعول، بين الدول المصدقة عليها، بمجرد إيداع غالبية الدول الموقعة على الاتفاقية، وثائق التصديق، بما في ذلك، وثائق تصديق كل من: بلجيكا - المملكة المتحدة - فرنسا - كندا - لوكسمبرغ - هولندا - الولايات المتحدة. أما بالنسبة إلى الدول الأخرى فتصبح سارية المفعول بالنسبة إليهم، في يوم إيداع وثائق تصديقهم، على الاتفاقية لدى الولايات المتحدة.
• المادة 12:
بعد عشر سنوات من سريان المعاهدة، أو في أي وقت آخر، سوف يقبل الأطراف، بناء على طلب أحدهم، إجراء مشاورات بشأن إعادة مراجعة المعاهدة ودراساتها في ظل الظروف التي تؤثر في ما بعد، على سلام منطقة شمال الأطلسي وأمنها، أو بناء على أي تطوير قد يطرأ على الاتفاقيات الدولية والإقليمية، وذلك من أجل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، في إطار ميثاق الأمم المتحدة.
• المادة 13:
بعد فترة سريان المعاهدة وتطبيقها، لمدة عشرين عامًا، يحق لأي طرف الانسحاب، وذلك بعد عام من تقديم إنذار أو إخطار بذلك لحكومة الولايات المتحدة، التي تقوم بإحاطة حكومات الأطراف الأخرى علمًا بإيداع كل ما يبلغها من إخطارات وإنذارات.
• المادة 14:
تودع الاتفاقية في سجلات حكومة الولايات المتحدة الأميركية ومحفوظاتها، وهي تعتبر نصيها الإنكليزي والفرنسي، صحيحين، وبالدرجة نفسها، وسوف يتم إيداعها في أرشيف حكومة الولايات المتحدة، حيث تقوم بإرسال نسخ معتمدة، إلى حكومات الدول الأخرى الموقعة على الاتفاقية.
وقد وقعت المعاهدة في 4 نيسان 1949 في واشنطن وبدأ سريانها في 24 آب 1949 بعد إيداع تصديقات الدول الموقعة كلها.
الدول الأعضاء في الحلف
الحلف في القانون الدولي والعلاقات الدولية هو: «علاقة تعاقدية بين دولتين أو أكثر يتعهد بموجبها الفرقاء المعنيون بالمساعدة المتبادلة في حالة الحرب».
وحلف الناتو هو حلف عسكري يضم اليوم 28 دولة منضوية، 26 منها في اوروبا و2 في أميركا الشمالية هما الولايات المتحدة و كندا.
الدول المؤسسة للحلف هي التي شاركت في إنشاء معاهدة واشنطن (4 نيسان 1949) ووقعت عليها وهي: الولايات المتحدة الاميركية – كندا – بلجيكا – فرنسا – بريطانيا – دانمارك – إيطاليا – البرتغال – النروج – اللوكسمبورغ – هولندا وإيسلاندا.
العام 1952 إنضمت الى الحلف كل من اليونان وتركيا، تبعتهما ألمانيا (الغربية في ذلك الوقت) العام 1955 ثم إسبانيا العام 1982.
بعد انهيار الإتحاد السوفياتي وحلف وارسو العام 1991 إنضمت إلى الناتو كل من: تشيكيا – بولندا – هنغاريا (1999) ثم بلغاريا – إستونيا – لاتفيا – ليتوانيا – رومانيا – سلوفاكيا – سلوفينيا (2004). والعام 2009 إنضمت كل من ألبانيا وكرواتيا.
أقام هذا الحلف علاقات خاصة من التعاون والمشاركة مع دول أخرى على مساحة العالم يمكن تصنيفها كما يأتي:
• دول مجلس الشراكة الأورو - أطلسية EAPAC: EURO - ATLANTIC PARTNERSHIP COUNCIL ويضم 22دولة هي: أرمينيا – النمسا – أذربيجان – بيلاروسيا – بوسنيا – فنلندا – مقدونيا – ايرلندا – جورجيا – كازاخستان – قيرغيزستان – مالطا – مولدوفيا – الجبل الأسود – صربيا – روسيا – السويد – سويسرا – طاجكستان – تركمانستان – أوكرانيا وأوزبكستان.
• دول الحوار الناتو - المتوسطي: NATO’s Mediterranean Dialogue ويضم 7 دول هي: الجزائر – مصر – الأردن – موريتانيا – المغرب – تونس ودولة الكيان الصهيوني( إسرئيل).
• دول مبادرة اسطنبول للتعاون: ISTANBUL Cooperation Initiative (ICI)، وتضم اربع دول خليجية هي: البحرين – قطر – الكويت والإمارات العربية المتحدة.
• دول الإتصال Contact Countries: وهي دول تؤمن بمبادئ الحلف غير أنها ليست منضوية فيه ولكنها متعاونة معه وهي: استراليا – اليابان – كوريا الجنوبية ونيوزيلندا.
أجهزة الحلف
تتشكل أجهزة الحلف من الهيئات الآتية:
• مجلس الحلف: وهو السلطة العليا فيه ويتشكل من مندوبين مفوضين دائمين بدرجة سفير فما فوق، كذلك يمكن لوزراء خارجية أو دفاع الدول الأعضاء الإجتماع دوريا مرتين أو ثلاث مرات سنويا لدراسة شؤون الحلف.
• اللجنة العسكرية: وهي صاحبة السلطة العليا في الشؤون العسكرية وتضم رؤساء الأركان في جيوش الدول المتحالفة ومندوبين دائمين في مقر الحلف، يجتمعون اسبوعيًا للتخطيط المستمر للسياسات العسكرية للحلف.
• القيادات العسكرية: وهي تتبع الحلف وتتوزع ما بين الولايات المتحدة واوروبا وتقيم في قواعد على الأراضي الأوروبية أو الأميركية.هذه القيادات مقسمة وفق مخطط استراتيجي يسمح لها بالتدخل السريع في أي منطقة من أوروبا وغيرها وتضم مختلف أنواع الأسلحة والجيوش التابعة لقوات الحلف.
موارد الحلف
يقدَّرعدد سكان الدول المنتسبة إلى الناتو اليوم بنحو 900 مليون نسمة، وحجم الناتج المحلي الإجمالي لدوله (GDP) يبلغ حوالى 32 ألف مليار دولار أميركي (تقدير العام 2010).
أمَّا حجم الإنفاق العسكري لدوله فيبلغ حوالى الألف مليار دولار (تقدير2010) وهذا يعادل ثلاثة أرباع الإنفاق العالمي.
وهناك 3 من دوله دول نووية هي: فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وهي أيضاً أعضاء دائمة في مجلس الأمن الدولي.
وبذلك يعتبر الحلف من منظور الحشد الإستراتيجي أكبر قوة إقتصادية وعسكرية على وجه الأرض، سواء من حيث عدد الجيوش أم من حيث القوة النارية التقليدية وغير التقليدية، كذلك من حيث الإمكانات المادية والتقنية والتكنولوجية المتطورة في العالم وسرعة تحركها على الأرض أو في البحر أو الجو أو في الفضاء الخارجي.
مقر الحلف
العام 1950 عين الجنرال الأميركي دوايت ايزنهاور (الرئيس في ما بعد) كأول قائد لقوات الحلف واستقر في باريس التي أصبحت مقرًا لقيادة الحلف السياسية والعسكرية.
انتقلت القيادة كما المقر الى بروكسل عاصمة بلجيكا منذ العام 1967، وذلك على اثر الخلاف ما بين الجنرال ديغول والحلف على خلفية الهيمنة الاميركية السياسية والعسكرية على هذا الأخير، ما دفع الجنرال ديغـول إلى اتخـاذ قرار بالإنـسحاب من القيـادة العسكرية للحلف العام 1966 لاقتناعه الراسخ بأن الولايـات المتحـدة تستخدمه لخدمة مصلحتها القومية قبل مصالح بقية الحلفاء.
استراتيجية الحلف ومسيرته
قامت الإستراتيجية المبدئية للحلف على تدعيم القوة العسكرية التقليدية لأوروبا بالقوة النووية الأميركية، ولكن نتائج الحرب الكورية مطلع الخمسينيات من القرن الماضي دفعت الولايات المتحدة الى تبني نظرية «الإنتقام أو الرد الشامل والكثيف» (Massive Retaliation) مقابل التهديدات السوفياتية، أيًا كانت هذه التهديدات. وبسبب التطور التقني وبخاصة الصواريخ العابرة للقارات وقوة التدمير الهائلة للأسلحة النووية، غيرت الولايات المتحدة الأميركية استراتيجيتها القديمة واستبدلتها بنظرية «الرد المرن» (Flexible Retaliation) أي الرد العسكري المتدرج وفق حجم التحدي، وهذا ما وافقت عليه دول الحلف العام 1967، على مضض. ففرنسا رأت أن ذلك يعرض اوروبا للخطر ويجعل منها ساحة حرب لحماية اميركا، ولكنها (فرنسا) عادت الى القيادة العسكرية للحلف مطلع العام 2009.
شكل الحلف عنصر ردع وتوازن طيلة ما عرف بالحرب الباردة بينه وبين حلف «وارسو» حتى سقوط هذا الأخير العام 1990، ولم يخض أي حرب في تلك الفترة، واول مرة تدخل فيها كانت حرب الإنفصال في يوغسلافيا ضد صرب البوسنة، ثم في كوسوفو لوقف المجازر وحرب الإبادة العرقية والدينية هناك.
وعلى أثر اعتداءات 11 ايلول الإرهابية في نيويورك العام 2001، قام الحلف بحملة عسكرية كبرى على أفغانستان ضد تنظيم القاعدة المتهمة بهذه الاعتداءات، وما زال يحارب هناك ويدعم النظام القائم ويدرب قواته حتى اليوم، كذلك يقوم بالتوسع وبناء علاقات جديدة وقواعد في بعض دول آسيا الوسطى المتاخمة للصين وروسيا الجنوبية.
كذلك دعم الحلف قرار الامم المتحدة المتعلق بحماية الشعب الليبي الذي ثار ضد نظام الرئيس القذافي، وذلك بعمليات قصف جوي وبحري ضد قوات القذافي المتهمة بإبادة الثوار. ولكن خلافات ظهرت بين أعضاء الحلف حول هذا التدخل وذلك بسبب تساؤلات تتعلق بحقيقة دوره، وأيضًا بسبب التكاليف الباهظة لهذا التدخل ومن يتحمل نفقاته المادية والعسكرية.
وفي العالم اليوم قوى باتت ترى في الحلف وسياساته محاولة أميركية للهيمنة على العالم، أو ذراعاً عسكرياً يستخدم للي أذرع الدول المناوئة للسياسات الأميركية، وذلك عبر استخدام قرارات الأمم المتحدة كغطاء شرعي، علمًا أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي يخضعان بدورهما لهيمنة القوى الكبرى وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية.
مستقبل الحلف
في كلمة ألقاها روبرت غيتس في مقر الحلف في بروكسل في 10 حزيران 2011، قال وزير الدفاع الأميركي:
«ثمة احتمال أن يواجه الحلف إفلاسا عسكريًا جماعيًا ومستقبلاً قاتمًا، في حال لم يوافق حلفاؤه الاوروبيون على تحمل حصتهم من العبء المالي».
واعاد غيتس إلى الاذهان انه قد تنبأ منذ بضع سنوات أن الناتو قد يتحول إلى حلف ينقسم اعضاؤه إلى درجتين، اولى وثانية، حيث يشارك الاعضاء من الدرجة الاولى في العمليات الحربية، أما اعضاء الدرجة الثانية فيتفادون ذلك ولا يشاركون الا في تنفيذ المهمات الانسانية وما الى ذلك.
وقال غيتس: «هذا ما يقلقنا اليوم ولا يعتبر قلقنا قلقًا مستقبليًا بل تحول إلى أمر غير مسموح به». ذلك أن حصة واشنطن في الحجم الاجمالي للنفقات العسكرية للناتو تجاوزت نسبة 75%. واما نفقات اوروبا الدفاعية فتقلصت منذ سبتمبر/ايلول 2001 بمقدار 15%. وقد أوضح قائلًا: «يخصص 5 اعضاء فقط من مجموع 28 عضوًا في الناتو نسبة تزيد عن 2% من ناتجهم المحلي الاجمالي لصالح الحلف، كما تقضي بذلك عضويتهم فيه.
واستبعد غيتس أن يتغير هذا الوضع في المستقبل. وبحسب قوله فإن الحقيقة تكمن في أن الولايات المتحدة ليس بوسعها تحمل العبء المالي الرئيس للحلف في ظروف وجود عجز طائل في الموازنة وارتفاع ديون الدولة.
توازن الحرب الباردة
كان للتوازن الاستراتيجي والعسكري القائم بين حلفي وارسو والناتو خلال ماعرف بالحرب الباردة، الفضل الأكبر في كبح جماح أي إنفجار عسكري عالمي. غير أن المحافظة على هذا التوازن، أدى في المقابل إلى سباق للتسلح الدولي، شمل كل نظم التسلح التقليدية، وغير التقليدية، وكان ذلك على حساب اقتصاديات دول الحلفين. يضاف إلى ذلك ما اقتضته خطط انتشار كل حلف، ما أدى أحياناً إلى إثارة بعض الحساسيات الوطنية، وبخاصة في دول أوروبا الشرقية.
المراجع :
• www.nato.int
•www.arabic.rt.com
• www.wikipedia.org
•www.bbc.co.uk