- En
- Fr
- عربي
قوة الحق
صحيح أننا نادينا، وننادي باستمرار، بقوة الحق، رافضين حق القوة الذي تتسلح به إسرائيل، وتمارس من خلاله عدوانها على لبنان، إلا أننا لا ننكر ما للقوة من أثر على بلادنا من حيث تمكينها من الدفاع عن حقها وصون كرامتها الوطنية وحماية أبنائها. لقد انتهى ما قيل في وقت من الأوقات بأن قوة لبنان ليست في قوته، وبانت قوته الحقيقية في حقه المشروع بأرضه، وفي حضارته وتراثه واستعداد أبنائه للإبداع والعطاء، وفي قوة جيشه وشعبه وقدرتهما على الصمود في مواجهة الأزمات ناهضين بالوطن، بعد كل أزمة، صحيحاً معافى.
ليس من الضروري أن تكون القوة في كل حين حافزاً للاعتداء على الآخرين، سواء على صعيد الأفراد أو على صعيد الدول، بل إنها تشكّل في أحيان كثيرة ضماناً لمواجهة مثل ذاك الاعتداء الذي يقترفه الآخرون، ولمواجهة مخططاتهم.
وتتجلى قوة المؤسسة العسكرية أكثر ما تتجلى في إعداد الإنسان، وترسيخ ارتباطه بقضايا بلاده، وتأكيد استعداده للتضحية في سبيل نصرتها والدفاع عنها، وتتجلى بعد ذلك في تأمين العتاد اللازم لهذا الإنسان كي يستطيع تنفيذ المهمات الوطنية الملقاة على عاتقه، خصوصاً في ظل تسابق الدول إلى التسلح وامتلاك أحدث ما تتوصل العقول إلى اختراعه وتصنيعه. أما في الداخل، فإن المؤسسة العسكرية تعتمد الوفاق الوطني سلاحاً أساساً، وهي تضع البندقية والمدفع في آخر خياراتها، لكنها لا تلغيهما، ومتى خرج العابثون بالأمن عن حدود السلامة العامة، ومضوا في غيهم وجنونهم وتحديهم للمطالبة الأهلية باحترام المواطنية وتطبيق القانون، ومنع تغليب العنف على التفاهم والتلاقي بين أجنحة الوطن كافة، فإن المؤسسة العسكرية تنبري لتعيد الأمور إلى نصابها، فتحمي المواطن وتحمي الممتلكات الخاصة والمؤسسات العامة بالوسائل اللازمة. فكيف للجندي أن يوقف تجاوزات مسلح ما من دون أن يلجأ إلى سلاحه الشرعي الذي تم إعداده لهذه الغاية؟ وكيف يتم وضع حد للبؤر التخريبية المجرمة من دون ملاحقتها وتعقّب أفرادها بالتعاون مع المواطنين، في كل شارع وحيّ وزاوية، مع ما في ذلك من مواجهة للخطر وتضحية بالذات؟
إن القوة هي من السمات الأولى للجندي، عناصرها التنشئة العسكرية والنفسية، والمادية والجسدية، وتوابعها عدالة القضايا الوطنية، والتجّرد، والبقاء على مسافة واحدة من الجميع خلال تطبيقها واللجوء إليها.