- En
- Fr
- عربي
الفرقـة الموسيقيـة
لطالما ردّد قادة العدو أنّ فرقةً موسيقيةً عاديةً قادرةٌ على اجتياح لبنان والسيطرة عليه وعرقلة الحياة فيه. وقد تمكن هؤلاء من تحقيق انتصارات وتنفيذ اعتداءات في ظل بعض الظروف، وكان ذلك يتم من دون عقاب أحياناً، كما كانت جهود التصدي التي تواجهه غير كافية في أوقات كثيرة لوضع حد للغطرسة والعدوان والتمادي في الاستهتار بالأعراف والقوانين والأحكام الدولية. لكن، وفي معركة تمّوز التي زيّنت شهور هذه السنة من تاريخ الوطن، تبدلت الأوضاع وتغيّرت الأحوال، وعاد القادة هؤلاء ليلطموا وجوههم حيرة واضطراباً وندماً. فما الذي حصل؟ وكيف انتهت أسطورة ال " ميركافا "؟ ألم تعد حدود إسرائيل متحركة متطاولة مطّاطة مرسومة بسلاسل الدبابات؟ وهل أصبح من الواجب الانكفاء بتلك السلاسل الى الوراء، مع تنكيس أعلامها وكتم ضجيجها وخفض مدافعها؟.
لقد ضربت إسرائيل جسور الباطون والحديد في لبنان على مدى أيام المعركة، بشراسة لم تسبقها شراسة، فدمّرتها وأعادتها إلى وجه الأرض تراباً وحجراً، إلا أنّ تلك الأرض عادت لتنبت الحياة من جديد معلنة بذلك أنّ الجسور الإنسانية والوطنية التي تربط ما بين اللبنانيين لا يمكن أن يقصفها قاصف ولا يمكن أن يعصف في قوّتها عاصف، وبذلك انتصر الدمار على آلة الدمار، وصار من الواجب على إسرائيل أن تعيد حساباتها، وأن تدرس قراراتها، وأن تقرّ بأنّ دباباتها لن تصل إلى أبعد من أنوف قادتها، وأنها لن تجد من تحمّله المسؤولية بين هؤلاء، لأنّ المسؤولية تشمل الكيان الصهيوني بأسره، كما أنها لن تهتدي إلى أسلوب عدائي ناجع يمكنّها من الانتصار مهما نظرت، أو أعادت النظر، في تدريباتها ووسائلها، لأنّ صمودنا سيقلب برامجها وأساليبها رأساً على عقب.
إنّ علم بلادنا سيستمّر مرفرفاً فوق كامل ترابنا، ونسائم الحرية هي التي يجب أن تعزف نشيده وتحرك خيوطه وتداعب ألوانه. أمّا شعب لبنان فقد اعتاد على الصمود وتآلف معه، وجيشه باق على العهد في " شرف وتضحية ووفاء "، وليعلم العدو أنّ لا فرقة الآلات الموسيقية، ولا فرقة الدبابات، قادرتان على النيل من حقوقنا ومن كرامة أجيالنا، وكلما تهدم في طرقاتنا جسر، زادت بين أهلنا وشائج القربى، ووصلت بينهم جسور وجسور.