- En
- Fr
- عربي
الدوافع النووية الايرانية والجهود الدولية للإحتواء
بعد سنتين من المفاوضات رفضت إيران العرض الذي تقدمت به فرنسا وبريطانيا وألمانيا، والذي تضمن سلسلة حوافز سياسية وتجارية، حيث وجدت طهران أنّ العرض لا يلبّي رغبتها في تطوير برنامج نووي يؤمن لها الوقود الذي ستحتاجه لتشغيل محطاتها النووية. وهي أعادت نتيجة رفضها للعرض الأوروبي فتح محطة ناطنز قرب أصفهان وهي محطة متخصصة بعمليات تخصيب اليورانيوم بطريقة "الطرد المركزي". ويبدو بوضوح أنّ هناك إجماعاً لدى القيادات الإيرانية حول الاستمرار في تطوير دورة إنتاج الوقود النووي حيث صرّح رئيس الجمهورية أحمدي نجاد أنّ المفاوضات مع الأوروبيين قد زادت "من توقعاتهم غير المشروعة".
وأكد أنّ إيران تريد متابعة المفاوضات في إطار قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكّد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الايراني علي أقا محمدي بأنّ طهران تريد مواصلة المحادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا رغم رفض إيران إقتراحاتها الأخيرة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وذكر أقا محمدي أنّ إيران لن تستأنف تخصيب اليورانيوم في مفاعل ناطنز، وذلك إفساحاً لمواصلة المحادثات.
في المقابل بالرغم من القلق الذي أبدته أوروبا حول قرار إيران بمعاودة العمل في مصنع ناطنز قرب أصفهان، يبدو أنّ هناك رغبة أوروبية في البحث عن مخارج لاستئناف المفاوضات. أعلن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي "أنّ التفاوض ما زال ممكناً مع إيران بشأن نشاطاتها النووية". وبأنّ الأوروبيين ما زالوا يمدّون اليد إلى إيران.
وكان مجلس الحكام في الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تداعى لاجتماع طارىء لدرس القرار الإيراني بإعادة تشغيل محطة ناطنز، وأظهرت المناقشات بأنّه ليس هناك حاجة الآن لإحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن. ورأى رئيس الوكالة محمد البرادعي امام الصحافيين من ما يحدث "آمل الا تكون سوى عثرة وليس قطيعة دائمة" وأضاف "أن إعادة الثقة بين الطرفين بعد ربع قرن من الريبة هي عملية طويلة الأمد، وأطلب من كل الأطراف ممارسة أقصى حد من ضبط النفس".
ويظهر بوضوح بأنّ وفد الإتحاد الأوروبي للمفاوضات وكذلك مجلس حكام الوكالة الدولية لا يرون حاجة لإحالة الملف إلى مجلس الأمن تفرض عقوبات صارمة ضد ايران، مفضّلين ضرورة الإستمرار في البحث عن حل مشترك يعيد إحياء الروح الإيجابية لإتفاقات باريس المبرمة في تشرين الثاني 2004 بين إيران والدول الأوروبية الثلاث حول تعليق إيران لعملياتها النووية.
في هذا الوقت تستمر التهديدات والضغوط الأميركية مؤكدة بأنه يجب أن لا يسمح لإيران بانتهاك التزاماتها الدولية وتطوير أسلحة نووية.
في هذا السياق وصف بوش قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي دعا إيران لوقف الأنشطة النووية الحساسة بشكل نهائي بأنه "خطوة أولى إيجابية" وأضاف بأنّ استراتيجيته هي العمل مع الثلاثي الأوروبي "حتى يسمع الإيرانيون صوتاً واحداً يتحدث اليهم بشأن طموحاتهم الخاصة بالتسلح النووي.
بعد اجتماع مع نائبه تشيني ورايس ورامسفيلد ومسؤولين كبار قال بوش: "العالم يتوحّد حول فكرة أنّه ينبغي ألاّ يمتلك الإيرانيون الوسائل والقدرة التي تمكّنهم من تطوير أسلحة نووية".
أما بخصوص الخيار العسكري فقد قال بوش "كل الخيارات موجودة على الطاولة، إنّ استعمال القوة يبقى آخر خيار لأي رئيس... واني أريد الإحتفاظ به كآخر وسيلة لتحقيق أمن بلادنا".
في معرض هذا البحث تبرز الحاجة لمقدمة سريعة تتحدث عن مسار المفاوضات وعن اتفاق باريس لتعرض بعد ذلك إلى جذور الأزمة النووية مع إيران وننتقل بعدها الى الحديث عن مصادر نقل التكنولوجيا النووية إلى إيران، وسيقودنا هذا منطقياً للحديث عن تقنية تخصيب اليورانيوم ومستوى ما بلغته إيران من تقدّم في هذا المجال، على أن لا تغيب عن اهتماماتنا الدوافع الإيرانية للسير قدماً في تطوير وتملّك التكنولوجيا النووية.
لا بدّ في نهاية هذا البحث من طرح ما يترتّب من نتائج واستنتاجات عن "السيناريو الأسوأ" إذا استطاعت إيران الإفلات من الرقابة الدولية ومن كل نظام الضوابط الأخرى بما فيها الضربة العسكرية وامتلكت السلاح النووي، سيترتب على ذلك نتائج خطيرة على البيئة الإستراتيجية في منطقة الخليج وتجاه إسرائيل.
تتواصل الجهود الديبلوماسية من أجل احتواء النشاط الإيراني الحثيث من أجل امتلاك سلاح نووي خلال سنتين أو ثلاث سنوات وفق بعض التقديرات الغربية.
تمثّلت أحدث هذه الجهود الديبلوماسية بالمحاولات الأوروبية المتكررة لإقناع إيران بالتخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم لقاء تقديمات سخية لجهة مدّها بالوقود النووي ومساعدتها على الحصول على مفاعل نووي يعمل بالمياه الخفيفة، إلى جانب مساعدات أخرى تتعلق بالتسهيلات التجارية. وعقدت جولات عدة من المباحثات بين لجنة أوروبية ثلاثية تضم فرنسا وألمانيا وإنكلترا وبين المسؤولين الإيرانيين، كانت آخرها الجولة التي عقدت في باريس في الأسبوع الأول من تشرين الثاني 2004 والتي أظهرت فيها إيران قابلية للموافقة على طلب رئيسيّ تقدّم به الأوروبيون، بعدما كانت قد عرضت تعليق نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم لفترة محددة. ويسعى الأوروبيون لتحقيق نتائج حاسمة مع إيران (في هذا الملف) مستغلّين تهديد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإحالة ملف النشاط النووي الإيراني إلى مجلس الأمن مع كل ما يترتب على ذلك من مخاطر اتخاذ قرار يقضي بفرض عقوبات اقتصادية حازمة ضد إيران. ويسعى الأوروبيون للحصول على تعهّد إيراني بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم بشكل نهائي، وذلك من أجل ضمان ألاّ تتحول هذه التكنولوجيا من صنع الوقود للمفاعلات النووية الإيرانية، إلى صنع المواد الإنشطارية اللازمة لصنع السلاح النووي. ويعمل الطرفان الأوروبي والإيراني تحت ضغط عامل الزمن من أجل وقف التداعيات التي يمكن أن تترتب على عملية استمرار تخصيب اليورانيوم، سواء من خلال ما يمكن أن يتخذه مجلس الأمن الدولي من عقوبات ضد إيران، أو لجهة التهديدات التي أطلقت في الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً تلك التي صدرت عن إسرائيل، والداعية إلى ضرب المنشآت الإيرانية النووية في حال امتنعت إيران عن التجاوب مع الجهود الديبلوماسية الأوروبية.
يبدو بوضوح أنّ هذه الجهود الديبلوماسية ستستمر، فالأوروبيون لا يريدون الوصول إلى طريق مسدود، لأن مثل هذا الاحتمال سيتسبب بأضرار كبيرة لمصالحهم الواسعة مع إيران. وهم يرغبون في الإستمرار في طرح كل ما يمكن أن يثير قابلية إيران للقبول بالحل الديبلوماسي، آملين أن تستمر إيران في اعتماد المنهجية "البراغماتية" التي سلكتها بالإبقاء على أبواب الحوار مفتوحة، مما يسهّل تأجيل أي تصعيد في الموقفين الأميركي والإسرائيلي.
يعتقد الأوروبيون بأنّ هناك مؤشرات تؤكد على نيّة إيران بالإستمرار في البحث عن مخرج يؤمن لها مصالحها، ولكنها غير مستعدة للقبول بصياغة أي حلّ تحت تأثير التهديدات الإسرائيلية أو الأميركية. وتأتي المناورة الإيرانية من أجل إطالة أمد المفاوضات كسباً لمزيد من الوقت من خلال اقتناع القيادة الإيرانية بأن أوروبا ترفض بشكل قاطع توجيه أية ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وظهرت هذه القناعة الأوروبية بشكل واضح من خلال تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الهولندي الذي كانت بلاده تتولّى الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي ، بأنّ توجيه ضربات جويّة ضد إيران ستكون له "نتائج عكسية"، كما رأى وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بأنّ القيام بعمل عسكري أميركي ضد إيران هو عمل "غير مقبول"([1]).
في نهاية جولة من المفاوضات بين إيران والدول الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) في الأسبوع الأول من تشرين الثاني 2004، أعلنت إيران أنّها توصّلت مع الدول الثلاث إلى اتفاق أولي حول برنامجها النووي. لم تعلن نتائج اتفاق باريس هذا ولكن أعلن أنّه تمّ التوصل إلى إقرار مجموعة من المبادئ الرئيسية. وصرّح حسين موسويان رئيس الوفد الإيراني لمفاوضات باريس بأنّ "المفاوضات كانت صعبة للغاية ومعقّدة جداً ، ولكننا توصلنا إلى اتفاق أولي على مستوى الخبراء"، ووصف الاتفاق بشكل عام على أنه "إطار يحتوي وجهات نظر كل الأطراف". وأشار موسويان بأنّ مسودة الإتفاق يجب أن يوافق عليها من قبل العواصم المعنية (في الدول الأربع) قبل نشرها.
وهكذا يبقى الغموض سيد الموقف، حيث لا يمكن استنتاج مدى التقدم على طريق حل كل التناقضات في مواقف الطرفين الإيراني والأوروبي: فأوروبا تريد أن تعلّق إيران عمليات تخصيب اليورانيوم في مقابل اتفاق تتعهد فيه أوروبا ببيع إيران كل ما تحتاجه من وقود نووي لمفاعلاتها. في المقابل قالت إيران تكراراً بأنّها لن تتخلى تحت أية ظروف عن حقها في تملّك التكنولوجيا النووية، ولكنها أعلنت بأنّه يمكن البحث في التوقف عن عملية تخصيب اليورانيوم لفترة قصيرة.
وكان مصدر أوروبي قد صرّح لوكالة "رويترز" بأنه "لم يجرِ الاتفاق على أي حل" وبأن المناقشات "كانت صعبة جداً".
ويبدو أن هناك توافقاً دولياً وتشجيعاً للإبقاء على باب الحوار مفتوحاً بين الدول الأوروبية وإيران بالرغم من الفشل في إحراز أي تقدم يقود نحو حل مقبول.
وهناك اعتقاد عام بأنّ استمرار المفاوضات على هذا النحو غير الحاسم لا يعتبر من الناحية الديبلوماسية مضيعة للوقت، لأنه يمثّل مخرجاً لتأخير إحالة الموضوع إلى مجلس الأمن وبالتالي تفادي مواجهة بين الدول الكبرى داخل المجلس بعدما أعلنت كل من الصين وروسيا عن رفضهما مساندة أي مشروع قرار في مجلس الأمن، كما هددا بإمكانية استعمال حق النقض لمنع تمرير أي قرار يفرض عقوبات على إيران"([2])
جذور الأزمة النووية مع إيران
يعود تاريخ البرنامج النووي الإيراني إلى زمن حكم الشاه محمد بهلوي والذي أنشأ عام 1974 "المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية"، والتي بدأت فور إنشائها عملية تفاوضية مع الولايات المتحدة من أجل توقيع عقد لمدة عشر سنوات لتزويد إيران بالوقود النووي، واستتبعت ذلك بعقدين مع كل من ألمانيا عام 1976 وفرنسا عام .1977 واشترت إيران حصة %10 من أسهم شركة Eurodif لتخصيب اليورانيوم عام 1975 (والشركة هي مملوكة من كلٍ من فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا، ومركزها تريكاستن في فرنسا).
ويقضي الاتفاق أن تطّلع إيران على تطوير التكنولوجيا الخاصة بتخصيب اليورانيوم وأن تحصل على حصة من اليورانيوم المخصّب الذي تنتجه الشركة. وضعت إيران خطة طموحة تخوّلها الحصول على عقود من أجل بناء 23 محطة نووية تتوزع على كل الأراضي الإيرانية، وأن تكون جاهزة للعمل في منتصف التسعينات، وكانت إيران قد خططت في حينه لشراء مفاعلات نووية من كل من ألمانيا وفرنسا.
عند سقوط الشاه وخروجه من إيران في كانون الثاني 1979، كان هناك ستة مفاعلات نووية قيد البناء، وكانت الخطة تقضي بشراء اثنا عشر مفاعلاً من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وكانت ألمانيا التي سبق لها وبدأت ببناء مفاعلين بقوة 1300 ميغاواط قد أنجزت (عند سقوط الشاه) 75 بالمائة و 60 بالمائة من محطتي الطاقة في بوشهر، فيما كانت فرنسا قد بدأت التحضيرات الهندسية على الأرض من أجل بناء أول محطتين بقوة 935 ميغاواط في Darkhouin .
وكانت طموحات الشاه من أجل إنتاج سلاح نووي قد بدأت في مطلع السبعينات وامتدت إلى منتصف 1975، حيث أصبحت جزءاً من برنامجه الأوسع المرتكز على بناء محطة بوشهر والمحطات الأخرى التي خطط لها. وقام البرنامج في الأساس حول برنامج للأبحاث، وقد جهدت منظمة الطاقة الذرية من خلاله لشراء بعض المعدات والمعلومات التي تسرّع عملية الأبحاث ، ومن مصادر أميركية وأوروبية تحديداً.
وكانت أبرز عناصر برنامج الأبحاث خلال هذه الفترة موزعة على:
مفاعل أبحاث بالماء الخفيف بقوة 5 ميغاواط في طهران
مفاعل يعمل بالنيوتران بقوة 27 ميغاواط في أصفهان
بناء محطتين بقوة 1300 ميغاواط في بوشهر
محاولات متكررة للحصول سراً على معدات وتكنولوجيا نووية متطورة.
وهناك مؤشرات على أن جهود الأبحاث الخاصة بالسلاح النووي قد تركزت في هذه الفترة في منطقة أميرأباد حيث أقيم مركز للأبحاث النووية، وشملت هذه الجهود العمل على دراسة صنع قنبلة نووية وعلى موضوع استخراج البلوتونيوم من الوقود النووي المستعمل. ويعتقد عدد من الخبراء أنّ إيران قد بدأت خلال هذه الفترة نشاطاً مخالفاً للقوانين الدولية واتفاقية منع انتشار السلاح النووي من خلال السعي إلى تخصيب اليورانيوم بواسطة أشعة الليزر، ولكن محاولاتها لم تتكلل بالنجاح. واستطاعت إيران في عام 1978 الحصول على أربعة أجهزة تعمل بالليزر (على ذبذبات الشريط 16 ميكرون).
وحاولت إيران في الواقع خلال هذه الفترة التي سبقت سقوط الشاه إقامة دورة تكنولوجية متكاملة تضعها على طريق صنع سلاح نووي صغير.
وكان الشاه قد قبل بالتوقيع على اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية، ولكنه لم يتقيّد بالضوابط التي فرضتها. وظهرت الانتهاكات الإيرانية جليّة من خلال عقده لصفقة نووية سرّية مع جنوب أفريقيا يحصل بموجبها على ما قيمته سبعمائة مليون دولار من "الكعكة الصفراء" وذلك ضمن اتفاقية تخوّله الحصول على كمية 1000 طن / متري في السنة. وليس هناك من معلومات دقيقة عن الكميات التي حصلت عليها إيران قبل أن توافق جنوب أفريقيا على تطبيق الضوابط التي تفرضها المنظمة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) عام .1984 وليس هناك أيضاً من معلومات مؤكدة حول مدى احترام جنوب أفريقيا لما التزمت به تجاه إيران. وسعت إيران أيضاً إلى شراء 26 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب من الولايات المتحدة ولكن هذا الاتفاق سقط (قبل تنفيذ الصفقة) بعد سقوط الشاه من الحكم.
توقفت الجهود الإيرانية بعد عام 1979 لسنوات عدة إلى أن أعاد إحياءها الإمام الخميني في عام .1984 وتفيد تقارير إستخباراتية عن تسلّم إيران لمساعدات ومعدات ذات علاقة بالتكنولوجيا النووية من كل من ألمانيا والأرجنتين خلال فترة الحرب مع العراق. كما أن هناك معلومات عن تسلّمها معدات طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم من كل من باكستان والصين. وهناك معلومات مؤكدة عن تزويد الصين لإيران بمفاعلين نوويين للأبحاث، ركّزا في أصفهان، أحدهما يعمل بالماء الثقيل والآخر بالماء الخفيف. ورشحت معلومات تفيد أنّ إيران تحتفظ بكميات كبرى من اليورانيوم وبأنّها قد نقلت بعض أبحاثها من مركز أميرأباد إلى مركز للأبحاث في أصفهان بمساعدة فرنسية، وقد أخفت وجود هذا المركز عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأفادت بعض التقارير عن شراء إيران لكميات كبيرة من ديوكسيد اليورانيوم من الأرجنتين عبر عقد أجرته بواسطة الجزائر. وتعتبر هذه المادة أكثر نظافة من مادة "الكعكة الصفراء" بحيث يمكن استعمالها داخل المفاعل من أجل إنتاج مادة البلوتونيوم.
وفي هذه الأثناء أطلقت إيران ورشة من أجل استخراج اليورانيوم من داخل أراضيها كما نقلت بعض معدات التكرير إلى منجم شاغند لليورانيوم في عام 1990.
في الواقع يلفّ الغموض والشكوك حقيقة مدى تطور البرنامج النووي الإيراني خلال الثمانينات والتسعينات، فالمعلومات حول سعي إيران للحصول على السلاح النووي غامضة ومتضاربة إلى حدّ كبير. وهناك معلومات عن قيام رئيس المجلس هاشمي رفسنجاني في شباط 1990 بجولة على المنشآت النووية الإيرانية وعن افتتاحه لمختبرات جابر بن حيان الجديدة لتدريب الفنيين. وترافق ذلك مع معلومات عن وجود 200 عالِم إيراني وعن السعي لتدريب ألفي فنّي للعمل في مراكز الأبحاث النووية.
وهناك تصريحات متضاربة لمسؤولين في الجمهورية الإسلامية حول مشاريع إيران النووية، أبرزها:
في تشرين الأول عام 1991 صرّح نائب الرئيس الإيراني آية الله مهاجراني بأنه ينبغي التعاون بين الدول الإسلامية من أجل صنع "قنبلة إسلامية".
قدّم المسؤولون الإيرانيون تكراراً مقترحات لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. وصرّح الرئيس رفسنجاني في مقابلة مع برنامج 60 دقيقة على شبكة سي بي أس الأميركية في ردّه على سؤال حول وجود برنامج نووي إيراني "كلا بالتأكيد، إني أكره هذا السلاح".
أنكر الرئيس خاتمي بشكل قاطع نيّة إيران صنع سلاح نووي، كما أنكر وزير الخارجية كمال خرازي ذلك في تصريح له في 5 تشرين الأول 1997 بقوله "إننا لا نعمل بالتأكيد على تطوير سلاح نووي، لأننا لا نؤمن بالسلاح النووي. إننا نؤمن ونسعى لدعم فكرة إقامة شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى. ولكننا مهتمون بتطوير تكنولوجيا نووية خاصة بنا. إننا بحاجة لتنويع مصادر الطاقة لدينا. خلال عقود عدة سينضب احتياطي النفط والغاز لدينا وسنحتاج لمصادر أخرى من الطاقة... وهناك استعمالات أخرى للطاقة النووية في الطب والزراعة. وإنّ وضعنا في إيران لا يختلف عن الوضع الأميركي. فالولايات المتحدة لديها مخزون كبير من النفط والغاز وهي بَنَت محطات عدة نووية للطاقة. ليس هناك من ضرر لتطوير التكنولوجيا النووية خصوصاً إذا كان لأهداف سلمية".
أمام الشكوك الغربية حول نوايا إيران النووية دأبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إرسال مهمات تفتيش إلى مواقع نووية إيرانية عدة. وردّت إيران على ذلك بشكاوى واحتجاجات عدّة بأنّ الغرب يستعمل معايير مختلفة تجاه العراق وإسرائيل حيث أن المنشآت النووية الإسرائيلية غير خاضعة لأية رقابة دولية وهي تعمل بشكل مكشوف من الغرب.
تسعى إيران لبناء محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية تؤمن مقدار 20 بالمائة من حاجات البلاد. ويرى الغرب في البرنامج الإيراني الطموح خطراً مزدوجاً، فهو لا يقتصر على إمكانية حصول إيران على مادة البلوتونيوم ولكنه يمكّنها أيضاً من اكتساب المعارف اللازمة لصنع مفاعلات نووية خاصة بها، ويفتح بالتالي أمامها الباب للتهرّب من كل الضوابط التي تتحكم بالسوق الدولية منعاً لانتشار التكنولوجيا النووية. إنّ مثل هذا التطوّر التكنولوجي الذي يمكن أن يتوفر لإيران سيضعها على طريق صنع القنبلة النووية، خصوصاً وأنّ لها من الطموح السياسي ما يدفعها بهذا الاتجاه.
بعد فشل المساعي الإيرانية مع كلٍ من إسبانيا وألمانيا وتشيكيا من أجل توقيع عقود نووية ، وبعد فشل كل الجهود لابتياع القطع اللازمة لاستكمال مشروع بوشهر من مصادر غربية، وقّعت إيران مع روسيا عقداً لبناء أربعة مفاعلات نووية بدءاً من مركز بوشهر: اثنان منها بقوة 10001200 ميغاواط واثنان بقوة 465 ميغاواط بالإضافة إلى منشآت تكنولوجية أخرى.
مارست الولايات المتحدة أقصى أنواع الضغوط على روسيا من أجل تأخير عملية البناء، كما أنّها ضغطت في قمة كلنتونيلتسين في أيار 1995 لمنع روسيا من بيع إيران تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم بواسطة الطرد المركزي. وكانت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة قد أغرقت وكالات الاستخبارات الغربية بسيل من التقارير والمعلومات (غير المؤكدة) حول النشاطات الإيرانية لصنع السلاح النووي وخصوصاً ما يتعلق منها بوجود مراكز سرّيّة للأبحاث في مناطق بحر قزوين. كما ساهمت مجموعة من التقارير الإسرائيلية في تضخيم الأخبار حول حصول إيران على معدات وتنظيم عقود مختلفة من أجل تطوير برنامجها لصنع السلاح النووي.
وهناك معلومات نشرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تزعم فيها أنّ إيران قد اشترت قنبلتين نوويتين من كازاخستان بمبلغ 25 مليون دولار، كما زعمت بأن علماء كازاخستانيين وآخرين من الأرجنتين يدربون الإيرانيين على فك وتشغيل نظام الحيطة والتشغيل لهاتين القنبلتين.
صنّفت وكالة المخابرات المركزية الأميركية في تقرير لها أعدّته عام 1999 إيران على رأس قائمة الدول التي تبحث للحصول على التكنولوجيا الخاصة بأسلحة الدمار الشامل وخصوصاً ما يتعلق منها بالسلاح النووي. وتركّزت خلال الفترة التي غطّاها التقرير المساعي الإيرانية للحصول على تكنولوجيا نووية على كلٍ من روسيا والصين.
شكّلت المعارضة العراقية بما فيها جماعة مجاهدي خلق مصدراً أساسياً لأجهزة المخابرات الغربية لرصد تنامي البرنامج النووي الإيراني، وتوزع مراكزه جغرافياً، حيث أوردت أنّ هناك منظمة إيرانية وطنية للطاقة النووية تتوزع أبحاثها وتجاربها على عدد كبير من المواقع أبرزها: مركز الأبحاث بواسطة أشعة الليزر ومجموعة مختبرات إبن الهيثم، ومركز "بوتاب" لأبحاث الطاقة النووية شرق أذربيجان، ومركز للأبحاث في جامعة الإمام الحسين الخاصة بالحرس الثوري، ومختبر بن حيّان للأبحاث النووية، ومنجم الخميني للأورانيوم في يزد، ومركز للأبحاث النووية في جامعة طهران، ومركز نووي للأبحاث الزراعية والطبية في "كرج"، ومركز الأبحاث النووية والتكنولوجية في أصفهان، ومنجم "ساخند" للأورانيوم، ومركز أبحاث الفيزياء في جامعة الشريف في طهران([3]
تؤشّر كل الوقائع إلى سعي إيران للحصول على المنشآت والمعدات الضرورية لإنشاء دورة كاملة لتطوير الوقود النووي بحجّة استعماله لأغراض إنتاج الطاقة الكهربائية والإستعمالات المدنية الأخرى وخصوصاً في الحقلين الزراعي والطبي. وتدافع إيران عن برنامجها النووي بأنه لأغراض مدنية، بما في ذلك المنشآت الخاصة بتخصيب اليورانيوم، متجاهلة، بأن إنتاج اليورانيوم المخصّب سيفتح أمامها إمكانية استعماله من أجل صنع قنبلة نووية.
وتصرّ إيران على أن الغاية من جهودها في الحقل النووي هي من أجل الاستعمال المدني والسلمي. وهذه الحجج التي تقدمها إيران ليست بالجديدة، فقد طلب في 17 أيار عام 2000 الأستاذ غلام رضا آغازاده رئيس منظمة إيران للطاقة النووية من مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، أثناء زيارة هذا الأخير لطهران، مساعدة الوكالة الدولية في تطور الأبحاث النووية الجارية للزراعة والطب في مركز الأبحاث النووية الموجود غرب طهران. وأكّد آغازاده بالمناسبة بأن إيران تعارض استعمال التكنولوجيا النووية الخاصة بالأسلحة، لافتاً النظر إلى التباطؤ الحاصل في البرنامج النووي الإيراني بسب الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة لمنع انتقال هذه التكنولوجيا إلى إيران([4]
مصادر نقل التكنولوجيا النووية
صنّف تقرير رفعته وكالة المخابرات المركزية إلى الكونغرس في آب عام 2000 إيران بين أكثر الدول سعياً لامتلاك أسلحة الدمار الشامل وخصوصاً لجهة التوصّل إلى صنع القنبلة النووية. ويلفت التقرير إلى الجهود الإيرانية لاستيراد التكنولوجيا اللازمة من مصادر متعددة من أجل صنع أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية، بالإضافة إلى الوسائل اللازمة لنقلها إلى أهدافها المحتملة. ويؤكد التقرير بأن الجهود الإيرانية، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، قد انصبّت على مصدرين رئيسيين هما روسيا والصين، بالإضافة إلى ما يمكن الحصول عليه من كوريا الشمالية ومن الأسواق الأوروبية.
بذلت إيران وفق تقرير وكالة المخابرات المركزية جهوداً مركّزة لاستيراد التكنولوجيا والخبرات المرتبطة بها من روسيا خصوصاً منذ النصف الثاني من العام 1999، حيث استمرت الأعمال، بوتيرة متسارعة، على بناء محطتين نوويتين بقوة 1000 ميغاواط (لكلٍ منها) في بوشهر، وعدت إيران بإخضاعها لرقابة المنظمة الدولية للطاقة الذرية، لكن بالإضافة إلى هذا المشروع الكبير فقد استمرت الشركات الروسية بدعم الأبحاث في عدة مراكز نووية إيرانية أخرى. ستؤدي هذه الأبحاث المدعومة من قبل روسيا إلى تطوير قدرات إيران التكنولوجية من أجل تسريع البرنامج الإيراني لصنع أول سلاح نووي. ويقدّر التقرير أنّ الخبرات والدعم التكنولوجي المقدّم من قبل روسيا إلى البرنامج النووي المدني في إيران سيوظّف تلقائياً من أجل دعم البرنامج النووي العسكري.
كانت الحكومة الروسية قد وعدت باتخاذ خطوات لمراقبة عمل الشركات والهيئات الداعمة للبرامج النووية في إيران وغيرها من الدول وذلك منذ كانون الثاني .1998 ووضعت الحكومة الروسية في عام 1999 بالتعاون مع مجلس الدوما تشريعاً لتشديد الرقابة على كل الصادرات المتعلقة بالتكنولوجيا النووية، ولكنها لم تطبّق بنوده بشكل صارم وذلك بسبب ما تدرّه هذه الصادرات من أموال خارجية هي بأمسّ الحاجة إليها من أجل دعم الإقتصاد وتخفيف الضغوط على ميزان مدفوعاتها وخصوصاً ما يترتب من مبالغ لخدمة الديون الخارجية. تحركت الإدارة الأميركية من جهتها من أجل ضبط التجارة النووية الروسية مع إيران، فأرسلت تحذيرات عدة إلى روسيا من التمادي الحاصل في انتقال التكنولوجيا النووية والصاروخية إلى إيران، وفرضت نتيجة ذلك بعض التدابير ضد الهيئات الروسية المتعاونة مع إيران، كما أنها فرضت بعض العقوبات ضد شركتين منذ منتصف عام 1997 بعدم التعاون مع إيران في برنامجها النووي، مع استثناء واحد يرتبط بتنفيذ عقد لإنهاء مشروعين، يعود أحدهما لبناء مفاعل نووي يعمل لإنتاج الزيركونيوم في أصفهان، وهي المادة الضرورية لإنتاج أحد عناصر الوقود للمفاعلات ولكنها غير خاضعة لتدابير الرقابة المفروضة من قبل الوكالة الدولية بموجب معاهدة عدم الإنتشار التي وضعتها إيران (المعاهدة تستثني مفاعل إنتاج الزيركونيوم).
استمرت روسيا في لعب دور المصدر الرئيسي للتكنولوجيا النووية لإيران وذلك من خلال الاستمرار في تنفيذ العقود المبرمة لبناء مفاعلي بوشهر وذلك منذ عام .1999 وتمثل العقود الروسية لبناء منشآت الطاقة النووية الإيرانية لغايات مدنية المصدر الأساسي لدعم برنامجها العسكري الهادف إلى بناء السلاح النووي. وترى المخابرات الأميركية بأن لدى إيران النية للإستفادة من البرنامج النووي المدني من أجل تطوير التكنولوجيا وخصوصاً الوقود اللازم لصنع القنبلة.
مارست الولايات المتحدة كل أنواع الضغوط السياسية اللازمة باتجاه روسيا من أجل ضبط انتقال التكنولوجيا النووية باتجاه إيران، مما أجبر المسؤولين في موسكو على اتخاذ عدد من الخطوات لتشديد رقابتهم على الصادرات، ووقّع الرئيس يلتسن في تموز 1999 قانوناً فيدرالياً لمراقبة الصادرات المتعلّقة بإنتاج أسلحة الدمار الشامل. ولكن عملية تشديد المراقبة، على هذه الصادرات لم تترافق مع تشديد العقوبات على المخالفين. وكان يفترض أن يتبع قانون المراقبة على الصادرات صدور عدد من المراسيم والتعليمات الإدارية من أجل المساعدة في تنفيذ القانون،ولهذا السبب فقد فشلت الإدارة الروسية في ضبط المخالفات، بحيث أنه لم يفد سوى عن عدد ضئيل من الخروقات لنصوصه.
يخلق هذا الوضع المستمر منذ سنوات أجواء من الغموض والشك حول نيّة الحكومة الروسية وجدّيتها في ضبط التجارة النووية باتجاه إيران ودول أخرى كالهند.
ويبدو أنّ الظروف الإقتصادية السيئة التي تعاني منها الصناعات الروسية تشكّل الدافع الأساسي لمحاولاتها للإلتفاف على القانون المذكور، وممّا يسهّل لهذه الشركات الاستمرار في مخالفة بنود القانون، التراخي الحاصل من قبل هيئات الرقابة والأداء العام في الإدارة الفدرالية. وإنّ التأخير في استكمال تفعيل القانون بإصدار المراسيم التطبيقية يؤدي إلى ما يشبه التواطؤ بين الحكومة والشركات المصدّرة. وتفتح سياسة الغموض هذه المجال لشكوك أميركية بأن روسيا تدرك مدى خطورة هذه التجارة والتي تسعى إيران لاستغلالها لدعم البرنامج الخاص لصنع السلاح النووي. وتشكل التجارة النووية الروسية مصدر قلق بالنسبة للحكومة الأميركية([5]
بالرغم من تعهّد الصين في تشرين الأول 1997 بعدم التجاوب أو التعاون مع المطالب الإيرانية الخاصة بنقل التكنولوجيا النووية، فقد أعلنت الصين عن قرارها باستكمال بناء المشاريع التي كانت قد بدأت بإنشائها في إيران، بما فيها مفاعل صغير في أصفهان.
وبلغ التعاون الأميركيالصيني أوجه بتوقيع الرئيس الأميركي بيل كلينتون والصين جيانغ رايمين إتفاقاً في تشرين الأول 1997 أثناء اجتماع القمة بينهما لوضع الضوابط اللازمة على التجارة النووية باتجاه إيران؛ لكن تبيّن في آذار عام 1998 أن الشركة الصينية للطاقة النووية قد بدأت المفاوضات مع إيران لبيع هذه الأخيرة عدة مئات من الأطنان من مادة (Anhydrous hydrogen fluoride AHF) لاستعمالها في مفاعل الأبحاث في أصفهان، والذي يعتبره العلماء الأجانب المركز الرئيسي للبرنامج الإيراني الخاص بتطوير السلاح النووي. يمكن استعمال مادة (AHF) من أجل فصل مادة البلوتونيوم والتي تستعمل أساساً لصنع القنبلة النووية. كما تسمح مادة (AHF) بتكرير مادة "الكعكة الصفراء" إلى مادة اليورانيوم هيكزافلوريد (U 235). وكان سبق للصين أن وافقت على عدم تصدير هذه المادة.
كانت إيران قد وقّعت مع وكالة الطاقة الروسية عام 1991 اتفاقية لبناء مفاعل نووي بقوة 27 كيلوواط مخصص للأبحاث في أصفهان. وأعلنت الصين من جهتها في تشرين الثاني عام 1991 عن توقيع اتفاق للتعاون التجاري مع إيران لتزويدها بمعدات مغناطيسية لفصل الذّرات Electromagnetic isotope separator بالإضافة إلى مفاعل تجاري صغير.
يبدو أنّ الاتفاقيات بين الصين والولايات المتحدة من جهة ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة ثانية، تنفّذ وفقاً للتعهدات التي نصّت عليها، وذلك باستثناء ما يعود للمفاعل الذي يعمل بالزيركونيوم والذي يعتبر غير خاضع للرقابة الدولية.
حاولت إيران اختراق الأسواق الأوروبية في محاولاتها لاستيراد التكنولوجيا النووية، كما حاولت إختراق بعض الشركات الأخرى ذات الأصول الأميركية والكندية من أجل الحصول على تكنولوجيا مزدوجة الإستعمال، بالإضافة إلى ما استطاعت الحصول عليه من عقود وبرامج تعاون رسمية مع دول غربية عدة مثل فرنسا وألمانيا وبعض دول أميركا اللاتينية كالأرجنتين والبرازيل.
ونشطت إيران في جهودها لاستيراد هذه التكنولوجيا النووية عبر مجموعة من الشركات التجارية التي استعملت كواجهة تجارية من أجل تسهيل تهريب ما لا يمكن الحصول عليه بعقود رسمية مكشوفة، بين إيران والدول الغربية. وكشفت بعض التقارير الرسمية في عدد من الدول المحاولات الكثيفة للشركات الإيرانية (الوهمية) لاستيراد المواد الممنوعة. وكان أبرز ما كشفته الدوائر الغربية عن هذا النشاط التجاري الإيراني السّرّي اللائحة التي نشرتها وزارة الاقتصاد الألمانية والتي عددت فيها أسماء أكثر من عشر شركات (ألمانيةإيرانية) حاولت استيراد تكنولوجيا نووية أو مزدوجة الإستعمال من الأسواق الألمانية([6]
كانت التقديرات الأميركية حول قدرات إيران النووية تتّسم بالمغالاة في معظم الأحيان، وخصوصاً في بداية التسعينات حيث توقعت أن تصنع إيران أول سلاح نووي في نهاية القرن العشرين، ومن ثم عادت وصححت هذه التوقعات لتتحدث في تقارير لاحقة عن احتمال توصّل إيران إلى القنبلة النووية في عام .2007 ويمكن إدراج التوقّعات الأميركية والتي أمكن الحصول عليها من مصادر الإعلام المفتوح أو من بعض تقارير وكالة المخابرات المركزية الدورية للكونغرس على الشكل الآتي:
قدّرت وكالة المخابرات المركزية في تقرير لها عام 1992 إمكانية توصّل إيران لصنع أول سلاح نووي في عام .2000
في شهادة أمام الكونغرس عام 1995، صحّح جون هولوم هذه التقديرات بالقول بأن بعض المصاعب قد أجّلت موعد الحصول على القنبلة إلى العام .2003
عاد في شهادة لاحقة في عام 1997، وصحّح التاريخ المحتمل لصنع القنبلة فوضعه ما بين عامَي 2005 و .2007
في عام 1999 عادت المؤسسة الوطنية للطاقة وذكرت في تقرير حول انتشار أسلحة الدمار الشامل بأنها تتوقّع أن تتوصّل إيران إلى تجربة صاروخ عابر للقارات بإمكانه الوصول إلى الولايات المتحدة في عام 2010، ولكنها أبقت على احتمال الحصول على القنبلة النووية ما بين 2005 و .2007
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنّ وكالة المخابرات المركزية قد أصدرت تحذيراً (في بدايات سنة 2000) بأنّ إيران قد أصبحت على عتبة إنتاج أول سلاح نووي. وذكرت الوكالة بأنّها لم تحصل على معلومات مؤكدة حول حصول إيران على وقود نووي صالح لصنع قنبلة نووية من دول أخرى (لكن معلوماتها تشير إلى احتمال حدوث ذلك).
في التقويم العام الذي قدمته مجموعة من الخبراء الأميركيين، أكّد هؤلاء بأنّ إيران تتقدم بخطى مدروسة وحذرة نحو امتلاك القنبلة النووية. ولكنهم أكدوا بأنّه لا يمكنهم الجزم إذا كانت إيران قد امتلكت أو أنها ستمتلك في القريب العاجل ما يكفي من الوقود النووي اللازم لصنع هذا السلاح، وأنّ موعد امتلاك القنبلة كان يرتبط بتوفّر معلومات حول نجاح إيران باستيراد المواد النووية اللازمة، وفي حال التأكد من ذلك فيمكن توقّع أن تصنع إيران التصاميم اللازمة لإنتاج قنبلة خلال سنة أو سنتين.
وفي شهادة قدمها جورج تينت المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية في 20 آذار عام 2000 أمام الكونغرس، ذكر أنّ الوكالة تعتقد بأنّ إيران والعراق يسعيان إلى امتلاك السلاح النووي وأنّ العقبة الوحيدة التي تفصلهما عن ذلك تتمثّل بقدرتهما على استيراد الوقود النووي من دولة أخرى.
في الاستنتاج العام وعلى ضوء ما أثبتته تقارير لجان التفتيش، بعد احتلال العراق، بأنّ العراق لم يكن يمتلك أيّ برنامج نووي منذ حرب الخليج الأولى عام 1991، لا بدّ من التداول بحذر شديد مع كل ما أوردته الوكالات الأميركية من معلومات وتقديرات حول قدرة إيران على إنتاج أول سلاح نووي. لكن دون أن يكون الهدف من ذلك التقليل من قيمة اندفاع إيران لتطوير دورة كاملة للتكنولوجيا النووية، تؤهلها في القريب العاجل لدخول النادي النووي.
إيران وتقنية تخصيب اليورانيوم
بعد الضجة التي أثيرت خلال عامَي 2002 و 2003 حول نشاطات كوريا الشمالية لصنع السلاح النووي والمأزق الذي بلغته الجهود الدولية لاحتواء النشاطات الكورية الشمالية، وبعد احتلال العراق من قبل الجيوش الأميركية وما رافق ذلك من مناقشات حول البرامج العراقية لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، وفي ضوء خيبة الأمل الأميركية والبريطانية، من عدم العثور على أي دليل على تجديد العراق لبرامجه الخاصة بإنتاج أي نوع من أنواع أسلحة الدمار الشامل، كان من الطبيعي أن يقود الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة حملة مركّزة على برامج إيران النووية، بدءاً من التركيز على محطتي إنتاج الطاقة في بوشهر ووصولاً إلى توسيع ذلك لمتابعة النشاطات الإيرانية الخاصة بإنتاج اليورانيوم المخصّب، بالإضافة إلى امتلاك تكنولوجيا صنع القنبلة وتطوير قوة صاروخية قادرة على نقل رؤوس نووية إلى مسافات تصل إلى 1200 كلم (شهاب 3).
وتحولت مسألة امتلاك إيران لتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم إلى القضية المحورية، وعلى اعتبار أنّها تشكّل المدخل الفعلي لامتلاك إيران للسلاح النووي ضمن برنامج سرّي لا يخضع لأية رقابة دولية وفق ما نصّت عليه إتفاقية منع الإنتشار النووي (NPT) والتي وقّعت عليها إيران في السابق.
ظهرت نتيجة تقارير إستخباراتية بالإضافة إلى ما توصّلت إليه تفتيشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى استنتاجات وشكوك حول برامج إيرانية سرّية من أجل تخصيب اليورانيوم وتحويله إلى وقود نووي. وطرحت علامات استفهام عديدة، وتولدت الشكوك إلى أن اعترفت إيران رسمياً بوجود برنامج متطور لديها من أجل تخصيب اليورانيوم. ودافع المسؤولون الإيرانيون على جميع المستويات (إصلاحيون ومحافظون) عن حق إيران بالسعي لتأمين استقلالية كاملة لتطوير حاجاتها من التكنولوجيا النووية بما فيها عمليات التخصيب المعقّدة.
قبل الذهاب بعيداً في مناقشة مختلف المواقف حول ما تثيره المساعي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، لا بدّ من إلقاء بعض الضوء على هذه التكنولوجيا المعقدة الخاصة بعملية التخصيب.
يحتوي اليورانيوم المستخرج طبيعياً والذي يرمز إليه بالحرب اللاتيني (U) على ذرّات ثقيلة من نظير اليورانيوم 238 وذلك بنسبة 3,99 بالمائة. بالإضافة إلى ذرّات متوسطة الثقل من النظير 235 والذي تبلغ نسبته 7,0 بالمائة وهذا النظير المتوسط يستخدم في التفاعل النووي. وهناك 01,0 في المائة من النظائر الخفيفة 234 بالإضافة إلى ذرّات أخرى.
وتتركز عملية التخصيب على زيادة وجود نسبة النظائر 235 عبر مجموعة من التقنيات أبرزها تقنية الطرد المركزي أو ما يعرف بتقنية التنافذ الغازي. وهناك أيضاً تقنية التخصيب بواسطة أشعة الليزر. وتهدف هذه التقنيات إلى فصل النظائر 235، وزيادة نسبتها، من خلال عمليات تركيز على طرد النظائر الأخرى.
كانت الولايات المتحدة أول من طوّر تكنولوجيا الطرد المركزي في مشروع "منهاتن" والذي هدف إلى صنع أول قنبلتين نوويتين استعملتهما الولايات المتحدة ضد مدينتي هيروشيما وناكازاكي في الحرب العالمية الثانية من أجل دفع اليابان إلى الإستسلام وإنهاء الحرب الكونية عام .1945
وتتم عملية التخصيب في مرحلتها الأولى من خلال طحن وتنقية أوكسيد اليورانيوم U308 والمعروف تجارياً باسم "الكعكة الصفراء" يتبع ذلك عملية خلط أوكسيد اليورانيوم مع غاز الفلورين من أجل إنتاج مادة "سادس فلوريد اليورانيوم". ويحتوي (UF6) على ذرّة يورانيوم واحدة وست ذرّات من الفلورين. ويمكن تخزينه بعد ذلك على شكل غاز أو سائل أو مادة صلبة وفق درجة حرارته وقوة ضغطه.
تجري عملية التنافذ الغازي من أجل التخصيب بتحويل "سادس فلوريد اليورانيوم" (UF6) بعد تحويله إلى غاز عن طريق تسخينه، ويوجّه في تيارين غازيين منفصلين حيث تجري عملية تنافذ اليورانيوم 235 من أحد التيارين نحو التيار الآخر. ويتدفّق التياران عبر سلسلة من أجهزة الضغط نحو عدد كبير من الأسطوانات، والتي تحوي مساحات، وبما أن ذرّات اليورانيوم 235 هي أخف من ذرّات اليورانيوم 238 فإنها تنفذ عبر المساحات من تيار إلى آخر فتزداد نسبة وجودها في هذا الأخير. وتتوالى هذه العملية إلى حين إنتاج درجة عالية من التخصيب يتحوّل فيها اليورانيوم إلى وقود صالح للتفجير.
ويجري التخصيب بطريقة الطرد المركزي حيث يجري فصل النظائر 235 عن النظائر الأثقل 238 من خلال مرور غاز "سادس فلوريد اليورانيوم" داخل أسطوانات تدور بسرعة بالغة، وهي متواصلة مع بعضها البعض. وأثناء مرور الغاز في هذه الاسطوانات تتساقط النظائر 238 لأنه الأثقل وتبقى النظائر 235 طائرة، وبالإنتقال بين عدد كبير من الأسطوانات تتساقط معظم النظائر 238 حيث نحصل في نهاية المطاف على الوقود النووي.
وتحتوي ذرّة اليورانيوم على 92 بروتوناً داخل نواتها بينما يختلف عدد النيوترونات من نظيرٍ لآخر فيحتوي النظير 235 على 143 والنظير 234 على 142 نيوتروناً فيما يحتوي النظير 238 على 146 نيوتروناً (14692238).
وصرّح رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية غلام رضا آغازاده في 22 أيلول المنصرم أنّ إيران كانت قد بدأت فعلاً بتحويل 37 طناً من "الكعكة الصفراء" إلى "سادس فلوريد اليورانيوم UF6" في مرحلة أولى من أجل تخصيبه بطريقة الطرد المركزي([7]). ومن المعلوم أنّ المعاهدة الدولية (NPT) لا تحرّم قبل هذه العملية شرط إجراء ذلك تحت إشراف وكالة الطاقة الذرية الدولية إلاّ أن إخفاءها يعني إثارة الشكوك حول نوايا إيران. ويفتح هذا الإخفاء الباب أمام الولايات المتحدة والأطراف الدولية الأخرى للتشكيك بنوايا إيران واتهامها بأنها تسعى لتصنيع الوقود النووي الكافي لصنع قنبلة نووية.
الدوافع الإيرانية
كان من الطبيعي أن تلقي الحرب في أفغانستان والعراق بثقلها على الخيارات السياسية والعسكرية الإيرانية. لقد تغيّر الوضع الدولي كما حدثت تطورات إقليمية، دراماتيكية، تتعارض كلها مع المصالح والأولويات السياسية الإيرانية. ويمثّل الحشد العسكري الأميركي "المطوّق لإيران" من وجهة نظر الجمهورية الإسلامية، تهديداً مباشراً لأمنها الوطني ولمصالحها الإستراتيجية مع محيطها المباشر كالعراق ودول الخليج وأفغانستان وباكستان ومع دول وسط آسيا وخصوصاً تلك التي تطل على بحر قزوين.
صحيح أن سقوط نظام صدام حسين في العراق يصب في المصلحة المباشرة لإيران، لكن هذا المكسب لا يبرر القبول بالمخاطر والتهديدات القادمة سواء على مستقبل حكم رجال الدين أو على أمن ومصالح إيران الجيوستراتيجية. وممّا يزيد في تحسسّ إيران لمخاطر الطوق الأميركي حولها، المنحى الأحادي الذي اعتمدته الولايات المتحدة من أجل شنّ الحرب على العراق، متجاهلة كل المعارضة الأوروبية، وما أبدته الشرعية الدولية الممثّلة بمجلس الأمن من ممانعة لقرار الحرب.
جاءت كل هذه التطورات في وقت يتعرّض فيها الحكم الإيراني لضغوط داخلية قوية: فهناك حالة عامة من عدم الرضى على الوضعين الإقتصادي والإجتماعي داخل إيران، وهناك المعارضة الشاملة التي تبديها الجامعات لأسلوب الحكم، والتي تطالب بالإصلاح وبإطلاق الحريات العامة والتحرّر من القيود التي فرضها رجال الدين والمحافظون من أتباعهم.
طالب 154 عضواً من المجلس الإيراني في 7 أيار 2003 باعتماد ديبلوماسية فاعلة من أجل إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة وذلك بهدف قلب المعادلة القائمة في العلاقات الإيرانيةالأميركية، وبالتالي استبدال التهديد الأميركي بشنّ حرب على إيران بفرصٍ جديدة للتعاون الأمني والإقتصادي. وترافقت هذه الفترة مع مظاهرات كثيفة للحركة الطالبية، والتي طالبت بالإصلاح، بدعم من المعارضة في الخارج ومن واشنطن.
مع الشعور بالضغط الخارجي والداخلي (المدعوم خارجياً) قررت إيران متابعة سياساتها "المستقلة" والتي تتعارض بوضوح مع الإنتشار الأميركي المطوّق لها ومع المصالح الأميركية في الجغرافيا المحيطة بها. وكان من الطبيعي أن يشكّل البرنامج النووي الإيراني نقطة محورية في المواجهة الجديدة بين إيران والولايات المتحدة. كان واضحاً أنّ إيران قد جعلت من طموحاتها النووية نقطة الخلاف المركزية مع الولايات المتحدة إنطلاقاً من قناعتها بأنّ ذلك كفيل بتوحيد الموقف السياسي الداخلي بين الإصلاحيين والمحافظين، كما يخفف من ضغوط المعارضة الطلاّبية وذلك لأنّ امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية يشكّل نقطة لقاء لكل القوى والتيارات السياسية والشعبية، وهو كفيل بشدّ انتباه الجميع نحو هواجس الخطر الخارجي وتخفيف الإحتقان حول المطالب الداخلية.
ضخّمت القيادة الإيرانية الضغوط الأميركية عليها في مسألتَي الإرهاب والعامل النووي، مشددة على أنّ الإستراتيجية الأميركية مع الرئيس بوش والمحافظين الجدد في إدارته لا تتوقف عند مداخل بغداد، وبأنّ هناك خطة أميركية مُعَدّة سلفاً للهجوم على إيران. في الواقع كانت هناك اتهامات أميركية لإيران بإيواء عناصر إرهابية من "القاعدة" وبالعمل على بناء سلاح نووي، وبالتدخّل في العراق ضد الوجود الأميركي، سواء عبر بعض القوى الموالية لها أو عبر تسلل كثيف لعملاء مخابراتها. وتصاعدت الإتهامات الأميركية لإيران حول التدخّل في العلاقة مع تصاعد العمليات الهادفة إلى زعزعة الأمن والإستقرار بما في ذلك الإنتفاضة التي قادها مقتدى الصدر وجيش المهدي.
يبدو من سياق التأكيدات الإيرانية على التمسّك بالعناصر الأساسية التي تؤهلها لامتلاك التكنولوجيا النووية بما في ذلك منشآت تخصيب اليورانيوم، بأنّ هناك قناعة إيرانية بأنّ امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل وحده قادر على إعطائها قوة الردع اللازمة لمنع تنفيذ التهديدات الأميركية ضدها، وبأنّ الإحجام الأميركي عن مهاجمة كوريا الشمالية ما هو إلاّ ترجمة حيّة لهذا الاعتقاد. هناك مجموعة ضرورات تدفع إيران للسعي الحثيث لامتلاك السلاح النووي أبرزها:
1 تدفع طموحات الجمهورية الإسلامية للعب دور قيادي وأساسي في العالم الإسلامي باتجاه السعي لدخول "النادي النووي" خصوصاً بعدما دخلته باكستان.
2 تعتقد إيران أنّ دورها التاريخي في غربي آسيا والشرق الأوسط يحتّم عليها تصحيح الخلل في موازين القوى والذي يتمثّل في امتلاك ثلاث قوى إقليمية (الهند وباكستان وإسرائيل) للسلاح النووي.
3 الإفادة من درس الحرب الأميركية على العراق، والذي كان مصنّفاً بين دول "محور الشر" وهناك فرضية تقول أنّه لو امتلك العراق السلاح النووي لما كانت الولايات المتحدة أقدمت على مهاجمته. ونجد البرهان على ذلك في كوريا الشمالية والتي صنّفت في محور الشر ولم تهاجمها الولايات المتحدة ظنّاً منها بأنها تملك قوة رادعة بما فيها السلاح النووي.
4 ترى إيران أن امتلاكها للسلاح النووي يشكّل معادلة جديدة قادرة على تغيير قواعد اللعبة في أمن الخليج، وجنوبي غربي آسيا.
في المقابل ترى الولايات المتحدة وبعض جيران إيران وخصوصاً إسرائيل بأنه ستترتب مخاطر كبيرة لا يمكن التحكّم بها جراء امتلاك إيران لقدرات نووية:
أ يشكل امتلاك إيران للقدرات النووية تهديداً مباشراً للوجود الأميركي في المنطقة وتهديداً لوجود دولة إسرائيل، في ظل مشاعر العداء الإيراني المعلن لأميركا وإسرائيل، والسياسات الراديكالية التي تتبعها إيران.
ب تشعر الدول العربية الخليجية أنّ امتلاك إيران للسلاح النووي يهدد أمنها كما يخلّ بموازين القوى الإقليمية، ويدفع باتجاه سباق للتسلّح، واندفاع الدول الإقليمية الأخرى للسعي لامتلاك السلاح النووي وخصوصاً كلٍ من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية.
ج ترفض الولايات المتحدة والدول الإقليمية المبررات الإيرانية حول الدوافع للإستعمال السلمي للطاقة النووية. من السهل تحويل التكنولوجيا النووية من الإستعمال لأغراض سلمية إلى الإستعمال العسكري. واعترف رضا خاتمي شقيق الرئيس محمد خاتمي بسهولة مثل هذا التحول في وجهة الإستعمال.
د تدرك الولايات المتحدة والدول الأخرى أنّ التهاون مع إيران في برنامجها النووي سيعطيها الذخيرة اللازمة لتحصين أوضاع الحكم الإسلامي في الداخل، حيث تتبدد كل الانقسامات أمام الأهميّة التي تعلّقها كل القوى موالية كانت أو معارضة على موضوع دخول إيران النادي النووي الدولي.
صرّح الرئيس خاتمي في مناسبات عديدة أن إيران مصممة على امتلاك التكنولوجيا المتطورة، بما فيها التكنولوجيا النووية: "إنه حق تتمتّع به أمتنا" (9 شباط 2003 أمام مجموعة من الأكاديميين الإيرانيين). لا يختلف موقف هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تخطيط مصلحة النظام عن موقف خاتمي من الموضوع النووي، ويستدل على ذلك من تصريحاته العديدة حول هذا الموضوع: "تريد إيران امتلاك التكنولوجيا النووية، وهي تريدها غير مشروطة، ولها الحق في ذلك". ويرفض رفسنجاني المنطق القائل بأنّ إيران لا تحتاج للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء وذلك بسبب ما تملكه من مخزون النفط والغاز، ويعتبر أنّ هذا المنطق ساقط بالمقاييس الأميركية والروسية، فالدولتان تمتلكان مخزوناً من النفط والغاز وهما تستعملان الطاقة النووية. ويتساءل رفسنجاني: لماذا قدّمت الولايات المتحدة عرضاً للشاه لبناء محطات نووية لإنتاج الكهرباء؟ لماذا كانت إيران بحاجة لذلك في زمن الشاه ولم تعد بحاجة إليه الآن؟. وعند ذكر القدرات النووية الإسرائيلية يذهب الإصلاحيون والمحافظون إلى اتهام الولايات المتحدة بتطبيق قاعدة "الكيل بمكيالين".
تؤكد "الضرورات الإيرانية" الداخلية والخارجية على نيّة إيران للإستمرار في برنامجها النووي ومواجهة كل الضغوط التي تتعرّض لها من خلال اعتماد سياسة متعددة الأبعاد:
البعد الأول: ربح المعركة في داخل إيران والتي تهدف إلى تحصين الحكم الراهن من خلال التأكيد على تمسّكها بالإنجازات الضخمة التي حققتها في حقل تملّك التكنولوجيا النووية، والتي تعتبرها تذكرة سفرها إلى الحداثة وبأنها حق مشروع لها ولا يمكنها التراجع عنه.
يسعى المحافظون في الحكم الإيراني إلى استغلال هذا البعد "الوطني" لامتلاك التكنولوجيا النووية من أجل التغطية على القصور في إنجازات الحكم منذ نشوء الجمهورية الإسلامية. يتركّز جهة الجناح المحافظ الآن على استغلال الضجة الدولية حول العامل النووي من أجل التغطية على الضغوط التي مارسوها ضد الحركة الإصلاحية، والتي تمثّلت بالموانع التي افتعلوها في الانتخابات الأخيرة، لمنع العديد من المرشحين الإصلاحيين من حق الترشيح أو الفوز في الإنتخابات، بالإضافة إلى ما سنّوه من قوانين وقرارات إدارية وقضائية قضت بإقفال أكثر من مائة صحيفة ومطبوعة، وإحالة عدد كبير من الصحافيين إلى المحاكم بتهمة زرع الخوف وإثارة مشاعر الرأي العام وتحريضه ضد النظام.
في خضم هذه المواجهة الخارجية استطاع المحافظون كسب تأييد كل من الرئيس خاتمي وضروبي وغيرهم من الإصلاحيين المعتدلين، ممّا أضعف حركة الإصلاحيين الليبراليين، بالإضافة للضغط على الحركة الطالبية وتهدئة تحركها.
ونجح رجال الدين والمحافظون في السلطة في معركتهم الداخلية بتوظيف عامل امتلاك التكنولوجيا النووية وبعض النجاحات في حقل الإقتصاد من أجل التغطية على كل القصور السياسي وتراكماته.
وبرز رفسنجاني وخاتمي وآصفي كأبرز المدافعين عن حق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية. وأدخل مشروع إيران النووي كأحد أبرز المواضيع المتداولة في خطبة صلاة الجمعة في كل المساجد. يقول رفسنجاني في خطبة صلاة الجمعة "إن المؤامرة لتعطيل المخططات الإيرانية والتي لم تثبت فعاليتها في وقف حركة التطور لدينا، ولكن ستستمر كل المحاولات لتأخير مسيرتنا نحو التطور خصوصاً في الحصول على التكنولوجيا النووية".
ولّدت الحملة الواسعة لاستكمال العامل النووي في البعد الداخلي الكثير من الغموض والتناقض وذلك بسبب سوء فهم المتكلمين فيها سواء من المسؤولين والعسكريين أو من أئمة وخطباء المساجد. وكانت أطرف مظاهر هذه الجهالة ما قاله أحد خطباء المساجد في خطبة صلاة الجمعة: "لا بدّ أن نُفهِم أميركا وقوى التعنّت الأخرى بأننا نريد القنبلة النووية، من أجل الأغراض السلمية وليس الحرب. فنحن لا نسعى للحرب كمسلمين". كما وقّع وزير الدفاع نفسه في خطأ المزج في المفاهيم حيث استعمل تعبير "الردع النووي" في حديثه عن المقاربة والوسائل التي ستستعملها إيران من أجل ردع إسرائيل عن تنفيذ هجوم مفاجئ ضد المنشآت النووية الإيرانية. وعندما استفسر عن "الردع النووي"، أجاب بأنه كان يعني نجاح إيران في تجربة صاروخ شهاب.3 وهنا يظهر بوضوح المزج في المفاهيم: فالردع النووي يهدف إلى منع حدوث حرب شاملة، فيما تبقى الصواريخ في عداد الأسلحة التقليدية التي يمكن استعمالها في حرب محدودة مع إسرائيل أو غيرها([8]
البُعد الثاني: التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، دون التخلي عن حقوق إيران الأساسية. وكان واضحاً منذ البداية أن التسوية التي تبحث عنها إيران مع الوكالة الدولية هي غير ما تريده الولايات المتحدة.
إيران توافق بمحض إرادتها على وقف نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم بصورة مؤقتة فقط، فيما طالبت أميركا بلسان الناطق باسم الخارجية رتشارد بوتسر بوقف نهائي.
وكانت الجهود الإيرانية منصبّة على بناء الثقة مع المجتمع الدولي بالذكر على أنه ليس لدى إيران النيّة لصنع قنبلة نووية. وجهد الإيرانيون فعلاً بمن فيهم الرئيس خاتمي لإقناع المجتمع الدولي والوكالة الدولية بأنّ إيران لن تسعى إلى صنع السلاح النووي. وكانت أبرز مواقف خاتمي في هذا الاتجاه ما قاله في مؤتمر دافوس الإقتصادي في كانون الثاني 2004 "نحن نعارض صنع السلاح النووي والمساهمة في انتشاره، وأننا سنتعاون بقوة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكننا نعتبر أنّ لنا الحق أن نستفيد من إنجازات التكنولوجيا المتطورة. وبما أننا لم نخالف أي من القواعد فإنه ليس لدينا أية تحفظات للتعاون مع الوكالة الدولية".
تستكمل مناقشة التعامل مع الوكالة الدولية في فصل لاحق.
البعد الثالث: مواجهة الضغوط الأميركية من خلال اعتماد ديبلوماسية الانفتاح باتجاه أوروبا والمجتمع الدولي من أجل إقناع الجميع بسلامة نوايا إيران لجهة تملّك التكنولوجيا النووية وليس السلاح النووي.
إن العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة لا تقتصر على العامل النووي الإيراني، فالعلاقات بقيت متوترة منذ احتلال السفارة الأميركية في طهران بعد سقوط الشاه. وإنّ حاجة أميركا للإستفادة من موقع إيران قد دفعتها للتعامل معها بإيجابية في بعض الإستحقاقات مثل: "إيران غيت"، والحرب في أفغانستان، وببعض القضايا داخل العراق.
نستكمل أيضاً بحث العلاقات والمواقف المتوترة بين إيران والولايات المتحدة والفرصة الديبلوماسية لإيجاد حلول مرضية حول العامل النووي الإيراني مع لجنة أوروبية ثلاثية مؤلفة من كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا في فصل لاحق.
البعد الرابع: تحذير إسرائيل من ركوب المغامرة لضرب المنشآت النووية الإيرانية وذلك انطلاقاً من أن طهران تمتلك الكثير من الوسائل للرد على العدوان الإسرائيلي، وبأنها لن تعتمد السلوكية التي اعتمدها العراق إزاء تدمير إسرائيل لمفاعل "تموز" النووي عام 1981.
الإستنتاجات والمتغيّرات الإستراتيجية
من الواضح جداً أنّ حصول إيران على أول سلاح نووي سيدفعها إلى تغيير عميق في تقويمها لموازين القوى في المحيط الجيوستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا وشبه القارة الهندية. من المتوقع وفق التقديرات الأميركية والأوروبية أن تحصل إيران على أول سلاح نووي في نفس الوقت الذي تكون فيه قد طوّرت صواريخ بعيدة المدى تغطي دائرياً شعاعاً يصل إلى أوروبا غرباً ويغطّي معظم وسط آسيا والهند شمالاً وشرقاً. ويعطي هذا الجمع بين القنبلة والصاروخ القدرة لإيران على تدمير أية مدينة أو تجمّع صناعي كبير ضمن بقعة العمليات المشار إليها أعلاه ([9]
في مجال تقويم الخلل الإستراتيجي في منطقة الخليج، يمكن اعتبار التهديد الإيراني لأيٍ من دول المنطقة باستخدام السلاح النووي تهديداً مصيرياً حيث أنه لا يلزم أكثر من قنبلة واحدة لإزالة دولة بكاملها من الوجود، والدولة الوحيدة التي يمكن أن تخرج عن هذه القاعدة هي السعودية، والتي يمكن أن تستدعي الأضرار الحاصلة من قنبلة واحدة، وجوب إجراء إعادة تنظيم شاملة للإقتصاد والأنظمة الأساسية الأخرى كالمرافىء وعمليات استخراج النفط وشحنه أو المنشآت المائية أو نظام المواصلات.
إذا استمرّت إيران في برنامجها النووي وفق الوتيرة الراهنة فإن التهديد النووي سيفرض نفسه على دول الخليج (ومن مصدرين إيران وإسرائيل) وأنّ مواجهته ستكون من خلال التظلّل تحت مظلّة القوة الرادعة لدولة نووية أخرى (كالولايات المتحدة أو باكستان) وهو ما يعرف بالتعريف التقني (Extended Deterrence)، بالإضافة إلى إقامة نظام دفاع جوي مضاد للصواريخ.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن نسبة تعرضها لمخاطر التدمير هي عالية وذلك بسبب الكثافة السكانية الكبيرة جداً في رقعة جغرافية صغيرة في وسط البلاد. لكن تشكّل القدرات النووية التي تملكها إسرائيل، وخصوصاً قدرتها على توجيه ضربات ثأرية متكررة من البحر والجو والبرّ (Triad) عاملاً رادعاً وتهديداً وجودياً لإيران. ولا يمكن أن نتجاهل أنّ اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك نظاماً متطوراً للصواريخ المضادة للصواريخ والتي يمكنها تدمير أي قصف مفاجىء باتجاه أراضيها.
إذا استطاعت إيران أن تفلت من رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإذا فشلت الديبلوماسية الأوروبية في جهودها لاحتواء الإندفاع الإيراني لصنع السلاح النووي، وإذا فشلت كلٌ من الولايات المتحدة وإسرائيل في توجيه ضربة مدمرة للبرنامج النووي الإيراني، فأنه من شبه المحتم أن تمتلك إيران السلاح النووي خلال ثلاث إلى خمس سنوات كحد أقصى. وسيؤمن لها هذا السلاح الحد الأدنى من الردع الذي تحتاجه لأغراض تتعلّق بأمنها. إنّ قوة إيران النووية المحدودة جداً بالمقارنة مع الولايات المتحدة وإسرائيل وباكستان والهند ستدفعها إلى اعتماد سياسة نووية دفاعية، تؤمّن لها ما تحتاجه من مفاعيل للحفاظ على استقلالها وسيادتها، وإطالة عمر حكم الجماعات الدينية المحافظة.
لهذه الغاية فإنّ سياسة إيران النووية "الغامضة" على غرار السياسة المعتمدة من قبل إسرائيل ستفرض التزامها بمجموعة من الإلتزامات للتأكّد من عدم ركوب أيّة مغامرة "قاتلة" ضد أي دولة نووية أخرى، وأبرزها:
1- الحفاظ على إخفاء مخزونها النووي، وتمويه ما ينشر عملانياً منه في مواقع محصّنة ومخفيّة، وضمن المنظومة الصاروخية المحملة برؤوس تقليدية.
2- إبقاء السيطرة على استعمال السلاح النووي في يد مرشد الثورة أو في يد إحدى السلطات الدينية القريبة منه كرئيس مجلس تخطيط مصلحة النظام.
3- الإبقاء على مستوى متدنٍ من الإنذار وفق تقديرات دقيقة للأخطار النووية التي تهدد الأمن الإيراني.
4- التأكد دائماً من قدرة إيران على تنفيذ ضربة ثانية في حال تعرّضها لهجوم نووي مفاجىء، وذلك من خلال تنويع نظم الأسلحة وانتشارها.
5- سيكون اتخاذ المدن الكبرى كأهداف على قاعدة قيمة الضرر ووسع مساحة الهدف ومن هنا تبرز أهمية اتخاذ المدن الكبرى كأهداف رئيسية للقصف، وذلك بسبب عامل التبدد الكبير لأنظمة الصواريخ الإيرانية، والاستفادة القصوى من القوة التدميرية للعدد القليل من الرؤوس النووية الذي تمتلكه إيران.
6- من المفترض أن تعتمد إيران في تقويمها للتهديددات الكبرى على أمنها كل من إسرائيل واحتمال غزوٍ أميركي واسع لأراضيها كعدو مفترض وكهدف محتمل يبرر اللجوء إلى استعمال السلاح النووي أو التهديد باستعماله.
ستحاول إيران الإستفادة من دراسة معمّقة للطرق والتقنيات الديبلوماسية التي استعملتها إسرائيل وباكستان وكوريا الشمالية من أجل المضيّ قدماً في برنامجها لامتلاك السلاح النووي. كما أنّها ستنكب على دراسة العقيدة النووية التي تعتمدها الدول النووية في المنطقة أو الدول النووية المتوسطة من أجل الإستفادة منها لبناء عقيدة نووية واضحة خاصة بها.
[1] Ash-Sharq Alawsat Newspaper, 5 june 2004 P.6
[2] Agreement in Iran Nuclear Talks, BBC News, 11 July 2004 http://news.bbc. co.uk/go/pr/fr
[3] Anthony H. Cordesman, "Weapons of Mass Destruction in the Middle East," Arleigh A. Burkle chair for Strategy, Center for Strategic and International Studies, Washinghton D.C., June 2001.
[4] Ibid
[5] Ibid
[6] The German Ministry of Economics has circulated a wide list of Iranian fronts which are known to have imported or attempted to import controlled items which could be used in its weapons industry.
[7] Ash-sharq Alawsat Newspaper also notes 24 September 2004 the same declaration of an Iranian officiel reported by Reuters.
[8] Hossein Seifzadeh, "Iranian Nuclear Issue: An Academic of Iran's Official Positions." a paper presented at UCLA Conference, Dead Sea, Jordan, 9-12 September 2004.
[9] Doctrine - Iran, Federation of American Scientistshttp://fas.org/nuke/guide/Iran/doctrine.
The Iranian nuclear motives and the international efforts to appease the crisis
The researcher presents the roots of the nuclear crisis between Iran and the important nuclear States represented in the International Agency of Atomic Energy. He speaks about the sources of transporting this energy to Iran, leading to the uranium enrichment technique, and the level that Iran reached in this field, as well as the motives that push Teheran to possess the secrets of this technique and to develop what it already has from it.
The researcher moves afterwards to show the consequences of this Iranian quest, above all the exposition of this country to a devastating war directly from the world powers that see in Teheran possessing the nuclear power, a threat to the stability of the world.
In presenting these consequences, he reviews the worst scenarios that could occur if Iran acquires the nuclear weapon and escape to the international control and the various regulation systems. The research worker thinks that the military strike against Iran, in case it happens, will have very dangerous results on the strategic environment, on the Gulf region as well as towards Israel.
Les motifs nucléaires iraniens et les efforts internationaux pour apaiser la crise
Le chercheur présente les racines de la crise nucléaire qui surgit entre l’Iran et les grands Etats nucléaires représentés par l’Agence Internationale de l’Energie Atomique (AIEA). Il relate les sources de transport de cette énergie jusqu’en Iran, arrivant jusqu’à la technique d’enrichissement de l’uranium et le niveau qu’a atteint ce pays dans ce domaine, ainsi que les motifs qui poussent Téhéran à posséder les secrets de cette technique et à développer ce qu’elle en possède.
Le chercheur expose par la suite les conséquences de cette quête iranienne, à savoir, en premier lieu, l’exposition du pays à une guerre destructrice directement de la part des puissances mondiales qui voient dans la possession de Teheran de la force nucléaire un élément qui menace la stabilité dans le monde.
Dans la présentation de ces conséquences, le chercheur passe en revue les pires scénarios qui pouraient advenir si l’Iran acquiet l’arme nucléaire et échappe au contrôle international et aux différents systèmes de régulations. A l’en croire, une frappe militaire contre l’Iran, au cas où, aura des conséquences très dangereuses pour l’environnement stratégique, tant au niveau de la région du Golfe qu’envers Israël.