- En
- Fr
- عربي
أيّ تغيير؟
دعوات إلى التغيير في منطقة الشرق الأوسط نسمعها من أوساط دولية مختلفة، ونتلقاها من مراكز أبحاث ودراسات هنا وهناك، مراكز من تلك التي تطرح الخيارات الستراتيجية، وتشارك إلى نحوٍ ما في صناعة القرار، في كلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
ظنَنّا في البداية أنّنا أمام تغيير سوف يلغي ديون منطقة الشرق الأوسط، وهي ديون لا تساوي برمتّها، ربع تكاليف حرب العراق. وظنَنّا أنّه سوف يتمّ تحقيق الحرية في تلك المنطقة، فتنسحب القوّات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها عام 1967 تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 242. وظنَنّا أنّه سوف يتم إعداد برامج تطوير وتنمية في حقول معرفية عديدة، كعلم الطاقة والمعلوماتية والخدمات المصرفية والصناعات عالية التقنية، حقولٌ لا نزال نحتاج الكثير في سبيل ترقيتها ورفع شأنها. لكن يبدو أنّ التغيير لن يشمل شيئاً من ذلك. من هنا يحق لنا أن نتساءل: هل أنّ إعادة تشكيل الشرق الأوسط هي التغيير الموعود؟ وكيف ستكون إعادة التشكيل؟ وهل أنّ خلق كيانات وإلغاء كيانات هو الهدف المقصود؟ وهل أنّه، بكل وضوح، تعميم للنموذج العراقي على المنطقة اقتتالاً واحتلالاً وتفتيتاً واستحضاراً للخلافات التاريخية والفروقات المذهبية والاختلافات العرقية؟ إنّ الدعوة إلى التغيير كلمة حيوية تبعث النشاط والحماس والاندفاع، وتفعل فعلها في صفوف الشباب الطامح إلى الأصحّ والأكمل، لكن أيّ تغيير جاء في المشاريع المذكورة، يدعونا لنترحّم على حالة الركود التي نعانيها من وقت إلى آخر، لأنّ تسليم قدرنا وخيارنا لطروحات مبهمة وعناوين غامضة سرعان ما يغرقنا بتفاصيل ملعونة وغد مجهول مشؤوم المصير. من هنا ضرورة التنبيه والتحذير، ومهلاً، لنتطلّع جيداً يميناً ويساراً، لعلّنا نتجنّب ألغام التغيير المزعوم، وأفخاخه وخفاياه.