- En
- Fr
- عربي
نحن والقانون
أعادت أزمة النفايات في لبنان تسليط الضوء على دور البلديات وصلاحياتها كسلطات محلية قادرة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين. فمن شق الطرق وصيانتها، إلى إقامة المستشفيات والمستوصفات والمدارس والمسارح، والتخلص من النفايات ومساعدة المعوزين والسهر على المصلحة العامة... تضطلع البلديات بدورٍ بالغ الأهمية على صعيد توفير الشروط الفضلى للحياة.
بداية العمل البلدي في لبنان
في العام 1864 شهد لبنان تشكيل أول بلدية في دير القمر، أعقبها انشاء بلدية بيروت (1867) ثم تلتها عدة بلديات في مناطق مختلفة. وعرفت البلديّات نهضة خلال فترة الانتداب الفرنسي نتيجة تطوير الإدارات العامّة، لكن دورها لم يصبح فعّالًا إلاّ في عهد الرئيس فؤاد شهاب الّذي أقرّ أول قانون للبلديات (1963) لتعزيز دور السلطات المحليّة. وقد تمّ وضع قانون جديد في عهد الرئيس الياس سركيس (بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 118/1977) وهو ما زال ساري المفعول مع بعض التعديلات.
البلدية هي إدارة محلية، تقوم، ضمن نطاقها، بممارسة الصلاحيات القانونية. وهي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. وتنشأ بلدية في كل مدينة أو في كل قرية أو مجموعة من القرى الوارد ذكرها في الجدول الملحق بالمرسوم الاشتراعي الرقم 11/1954 وتعديلاته.
وتضع كل بلدية نظامًا لموظفيها وملاكًا لهم، وكذلك نظامًا لأجرائها، ولها أن تنشئ ما تحتاجه من الوحدات الإدارية والمالية والفنية، والشرطة والحرس والإطفاء والإسعاف. كما يجوز إنشاء وحدات وشرطة وحرس وإطفاء وإسعاف مشتركة بين بلديتين أو أكثر، وتعيين موظفين مشتركين في ما بينها. وتتولى وزارة الداخلية إعداد البلديات لتمكينها من الاضطلاع بمهماتها. وتطبّق بحق البلدية الأصول المتّبعة في تنفيذ الأحكام الصادرة بحق الدولة.
ويتألف اتحاد البلديات من عدد من البلديات، ويتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويمارس الصلاحيات المنصوص عنها في القانون، علمًا أن إنشاء الاتحادات البلدية يمنحها المزيد من القدرة على توفير الخدمات.
السلطات البلدية
يتألف جهاز البلدية من سلطة تقريرية وأخرى تنفيذية. تتمثل السلطة التقريرية بالمجلس البلدي، ومدة ولايته ست سنوات. يتم انتخاب هذا المجلس وفق أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب، ويمكن حلّه بمرسوم مُعلَّل من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية إذا ارتكب مخالفات هامة متكررة أدت إلى إلحاق الضرر الأكيد بمصالح البلدية. ويعتبر المجلس البلدي منحلًا حكمًا إذا فقد نصف أعضائه على الأقل أو حكم بإبطال انتخابه، ويتولى القائمقام أو رئيس القسم الأصيل في القضاء والمحافظ أو أمين السر العام في مركز المحافظة، أعمال المجلس البلدي حتى انتخاب المجلس الجديد بقرار من وزير الداخلية.
أما السلطة التنفيذية في البلدية فيتولاها رئيس المجلس البلدي، وفي بلدية بيروت يتولاها المحافظ. وتسري الأحكام المتعلّقة بطريقة انتخاب أعضاء المجلس البلدي على طريقة انتخاب رئيس البلدية ونائبه. ويحقّ لرئيس البلدية ولنائبه أن يتقاضيا تعويض تمثيل وانتقال يحدده المجلس البلدي، ويكون متناسبًا مع أهمية الجهد الذي يقضيه كل منهما في تصريف شؤون البلدية.
صلاحيات البلدية
تقوم البلديّة بوظائف عديدة أهمّها: إدارة الشؤون المتصلة بالصحّة العامّة والتمدّن والبناء والخدمات العامّة والأمن وتنظيم الطرقات وتخطيطها وتوسيعها وتنظيفها والتخلص من النفايات، وإنشاء الحدائق والساحات العامة، ووضع التصاميم العائدة للبلدة والمخطط التوجيهي العام (بالتعاون مع المديرية العامة للتنظيم المدني)، وإنشاء الأسواق والمنتزهات وأماكن السباق والملاعب والحمامات والمتاحف والمستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمكتبات والمساكن الشعبية والمغاسل والمجارير ومصارف النفايات... ومن وظائفها أيضًا المساهمة في نفقات المدارس الرسمية والمشاريع ذات النفع العام، وإسقاط الملك البلدي العام إلى ملك بلدي خاص، وتنظيم النقل، وإسعاف المعوزين والمعاقين ومساعدة النوادي والجمعيات، ودعم النشاطات الصحية والاجتماعية والرياضية والثقافية... ومراقبة النشاطات التربوية وسير العمل في المدارس الرسمية والخاصة والمرافق العامة...
ويجوز للبلدية إنشاء أو إدارة أو مساعدة ودعم، المرافق الآتي ذكرها: المدارس الرسمية، دور الحضانة، المدارس المهنية، المساكن الشعبية، الحمامات، المغاسل العمومية، المسابح، المستشفيات والمنشآت والمؤسسات الصحية، المتاحف، المكتبات العامة، دور التمثيل والسينما والملاهي، المؤسسات الاجتماعية والثقافية والفنية، الأندية والملاعب الرياضية، الوسائل المحلية للنقل العام والأسواق العامة. ويراقب المجلس البلدي أعمال السلطة التنفيذية، وتعتبر قراراته نافذة بحد ذاتها باستثناء القرارات التي تخضع لتصديق سلطات الرقابة الإدارية الآتية: القائمقام، المحافظ، ووزير الداخلية.
ويقوم رئيس البلدية بشكل عام بتنفيذ قرارات المجلس البلدي، وإدارة أموال البلدية وأملاكها والحفاظ على حسن سير العمل في الأمور الإدارية، وتلك التي تتعلق بعمل الشرطة للحفاظ على الأمن والنظام والصحة والمناقبية العامة، وقمع التسوّل والمجانين الذين يهددون الآداب أو سلامة الأشخاص والأموال... على أن لا يتعارض ذلك مع مهمات القوى الأمنية المختصَّة. كما يتولى تأمين توزيع المساعدات اللازمة لإعانة ضحايا الآفات والنكبات، كالحريق وطغيان المياه والأمراض الوبائية أو السارية، والمحافظة على الراحة والسلامة والصحة العامة. وهو يمنح رخص البناء والسكن والإعلانات ورخص حفر الطرقات من أجل التهيئة لإمدادات الكهرباء والقنوات الصحيّة وأسلاك الهاتف. وعليه اتخاذ الاجراءات اللازمة للحفاظ على البيئة والمناظر الطبيعيّة والمدن التاريخيّة والأشجار والغابات وللحماية من جميع أشكال التلوّث، وتمثيل البلدية أمام المحاكم.
الرقابة على البلديات
تخضع بلديات مراكز المحافظات لرقابة مجلس الخدمة المدنية، الذي تخضع لرقابته أيضًا البلديات التي سبق وحددت بمرسوم، بينما تخضع بلدية بيروت لرقابة ديوان المحاسبة. وتُحدد البلديات الأخرى التي تخضع لرقابة مجلس الخدمة المدنية ولرقابة ديوان المحاسبة، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية. إلا أن أعمال السلطتين التقريرية والتنفيذية في البلديات لا تخضع لرقابة التفتيش المركزي.
مالية البلديات
تتكوّن مالية البلديات من:
- الرسوم التي تستوفيها البلدية مباشرة من المكلّفين.
- الرسوم التي تستوفيها الدولة أو المصالح المستقلة أو المؤسسات العامة لحساب البلديات ويتم توزيعها مباشرة لكل بلدية.
- الرسوم التي تستوفيها الدولة لحساب جميع البلديات.
- المساعدات والقروض.
- حاصلات أملاك البلدية، بما في ذلك كامل إيرادات المشاعات الخاصة بها.
- الغرامات.
- الهبات والوصايا.
تودع أمانة في صندوق بلدي مستقل في وزارة الداخلية حاصلات العلاوات المشتركة العائدة لجميع البلديات. وتخضع أصول وقواعد توزيع أموال الصندوق البلدي المستقل للمرسوم الرقم 1917/1979. كما تخضع قواعد وأصول المحاسبة في البلديات واتحاد البلديات للمرسوم الرقم 5595/1982. وتخضع الأعمال المالية في بلدية بيروت وسائر البلديات واتحادات البلديات، التي تحدد بمرسوم، لسلطة مراقب مالي يسمى «المراقب العام» الذي يُعيَّن وتُحدد تعويضاته وصلاحياته بمرسوم من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية، وتُنهى خدماته بالطريقة نفسها.
وتقتضي الإشارة الى أن عدم إعطاء البلديات عائداتها من الصندوق البلدي المستقل يؤدي حتمًا إلى شلّ دورها ومنعها من القيام بصلاحياتها، وبالتالي حرمان المواطنين من الخدمات الحيوية التي يجب أن تقوم بها البلديات.
الملاحقات التأديبية والجزائية
يعتبر رئيس المجلس البلدي أو نائبه أو العضو الذي يتولى أعمال السلطة التنفيذية مسؤولًا من الوجهة المسلكية، ويتعرض للعقوبات التأديبية إذا أخلَّ بالواجبات التي تفرضها عليه الأنظمة والقوانين، بالرغم من إنذاره، وأدى ذلك إلى إلحاق الضرر بمصالح البلدية.
والعقوبات التأديبية فئتان:
- الفئة الأولى: التنبيه – التأنيب، تُفرض بقرار من وزير الداخلية.
- الفئة الثانية: التوقيف عن العمل لمدة لا تتجاوز السنة – الإقالة، تُفرض بقرار من الهيئة التأديبية الخاصة التي تُعين بمرسوم بناء على اقتراح وزير الداخلية، ويرأسها رئيس المجلس التأديبي العام للموظفين.
ولا تحول الملاحقة التأديبية دون الملاحقة عند الاقتضاء أمام المحاكم المدنية والجزائية المختصة. إلا أنه لا يمكن ملاحقة الرئيس أو نائبه أو العضو البلدي جزائيًا من أجل جرم يتعلق بمهماتهم، إلا بناء على موافقة المحافظ الخطية. ويعود للنيابة العامة حق وصف الجرم، الملاحق به رئيس البلدية أو نائبه أو أحد الأعضاء، وما إذا كان ناشئًا عن مهمات البلدية أو غير ناشئ عنها.
وإذا صدر قرار ظني أو حكم بدائي بحق رئيس البلدية أو نائب الرئيس أو أحد الأعضاء، جاز كفّ يده بقرار من المحافظ، إلى حين صدور الحكم النهائي. واذا اتُّهِمَ أحد هؤلاء بجناية أو ظن به بجنحة شائنة، وجب كفّ يده بقرار من المحافظ حتى انتهاء الدعوى. وإذا صدر بحق أحد هؤلاء حكم مبرم بجناية أو بجنحة شائنة، يُعتبر مقالًا حكمًا وتعلن الإقالة بقرار من المحافظ. أما إذا صدر بحق أحد هؤلاء مذكرة توقيف (غيابية كانت أو وجاهية)، بجناية أو بجنحة شائنة، فهو يعتبر مكفوف اليد حكمًا اعتبارًا من تاريخ صدور المذكرة، على أن يعود إلى ممارسة أعماله إذا استردت مذكرة التوقيف أو أخلي سبيله، إلاّ في حال كان قد أوقف بجناية أو بجرم شائن.