- En
- Fr
- عربي
تخليداً لذكراهم
أحيت عائلة النقيب الشهيد الطيار سامر حنا وأهالي بلدة تنورين الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده بقداس لراحة نفسه وإزاحة الستار عن نصب تذكاري له في الساحة العامة في البلدة. وازدانت تنورين بالأعلام اللبنانية وأعلام الجيش اللبناني وصور الشهيد، كما رُفعت اللافتات التي حيّت روح الشهيد وثمّنت استشهاده. ترأس القداس الذي أقيم في كنيسة سيدة الإنتقال في تنورين، راعي أبرشية البترون المارونية المطران بولس إميل سعادة، بمشاركة المطران شكرالله حرب، في حضور اللواء الركن الطيار ميشال منسّى ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، العقيد عدنان الشيخ علي ممثلةً رئيس مجلس النواب نبيه بري، قائمقام البترون الهام الدويهي الحاج ممثلاً رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، النائب هادي حبيش ممثلاً رئيس الحكومة المكلف النائب سعد الحريري، النائبين بطرس حرب وأنطوان زهرا، العميد الركن بانوس منجيان ممثلاً وزير الدفاع الوطني الياس المر، العميد الركن شربل فغالي ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، الرائد سيمون مخايل ممثلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء الركن أشرف ريفي، الرائد يوسف الشدياق ممثلاً المدير العام لأمن الدولة، الرائد شربل أنطون ممثلاً المدير العام للأمن العام، ممثل قائد القوات الدولية العاملة في لبنان، الى رؤساء بلديات ومخاتير وفعاليات، وممثلي هيئات وجمعيات ومؤسسات، وعدد من الضباط رفاق الشهيد في دورته، وأفراد العائلة وجمع كبير من أبناء تنورين ومنطقة البترون.
عظة المطران
بعد الإنجيل، ألقى المطران سعادة عظة جاء فيها:
«في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد النقيب الطيار سامر حنا نجتمع في رحاب كنيسة سيدة الإنتقال تنورين لنصلي ونضرع الى الشهيد الأول يسوع المسيح أن يتقبّل روحه صحبة الشهداء الأبرار الذين جادوا بدمائهم الزكية فداءً عن الوطن والمواطن، والصلاة والإحتكام الى الله في مثل هذه الحالات هما العزاء الوحيد...
... نشأ الشهيد سامر في بيت تقوى وإيمان بالله والوطن وشبّ وترعرع في رحاب بلدة تنورين، فكان الضابط الشجاع والجندي الباسل والنقيب الذي استهوته الشهادة في سبيل لبنان، ولسان حاله يردد «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم». في المؤسسة العسكرية تخرّج الشهيد المرحوم سامر ملازماً وأخذ يتدرّج في مدارج الرقي والرتب العسكرية الى أن وصل الى رتبة نقيب وحصل على تنويهات من القيادة العسكرية لمهمات قام بها وسلوك منضبط تميّز به. وكان المستقبل يبتسم له لو قدر له أن يعيش عمراً أطول.
نجتمع اليوم في تنورين الأبية لا إعراباً عن غضبة ولا للبكاء والنحيب. نجتمع للصلاة لراحة نفس الشهيد النقيب الطيار سامر حنا في السعادة الأبدية، ليسكنه الله فسيح جنانه صحبة الشهداء الأبرار. ومن أجل أن يسكب الله بلسم العزاء على جميع القلوب التي فجعت باستشهاده وفي مقدمهم الوالدان والأخوة والأخوات والمؤسسة العسكرية بهدف أن تبقى الضامن الوحيد للأمن والسلام والوحدة الوطنية وخشبة خلاص للبنان الواحد الموحد».
كلمة القيادة
بعد القداس وصلاة رفع البخور، ألقى العميد الركن شربل فغالي كلمة باسم العماد قائد الجيش، هنا نصها:
«لا عطاء أكرم من عطاء الشهيد، ولا فداء أنبل ولا إيثار أعظم، إنه الكبير المتوّج بتضحياته، هو مدماك الحق وطريق الحرية المكلّلة بالعزة والكرامة. البعض يشهد بالكلمة أو بالقلم، أو يقدّم اليسير مما وسعت يداه من مال ورزق ومقتنى، أما الشهيد فهو مَن يبذل حياته ويجود بزهرة شبابه فداءً لشعبه، فيبقى على مرّ الزمان، سيد اللقاء في الوطن، كما سيد اللقاء في المدى الأبعد، حيث شمس الحياة التي لا تغيب، ونهر الخلود الذي لا ينضب.
أيها الحضور الكريم
في تنورين الأصالة والعنفوان، هذه القلعة الوطنية الشامخة بأهلها، كشموخ أرزها الخالد وسندياناتها العتيقة، والتي لم تبخل يوماً في رفد الوطن بنخبة الشعراء والمفكّرين والمبدعين، كما الجيش بخيرة الرجال الأوفياء المخلصين، نلتقي اليوم أهلاً ورفاقاً وأصدقاء، لنتوجّه بتحية إكبار وإجلال الى روح إبن البلدة البار، النقيب الشهيد سامر حنا في الذكرى الأولى لاستشهاده، ولنجدّد العهد والوعد بصون شعلة تضحياته، والإقتداء بمآثره، واقتفاء مسيرته المفعمة بالبذل والعطاء.
لقد اختار شهيدنا الغالي سامر الإنضواء في سلاح الجو اللبناني بملء إرادته وقناعته، يقيناً منه بأن قدراته الجسدية والفكرية من جهة، وشجاعته واستعداده للتضحية بلا حدود من جهة ثانية، هما الكفيلان بالتغلب على مخاطر هذه المهنة الصعبة والدقيقة، فكان دوماً على قدر الأمل والرهان، نسراً لا يعرف التعب والكلل، يأبى حياة الأودية والكهوف، ويعشق الربوض فوق القمم والإستراحة بين الغيوم. ولم يكن يطل صباح حتى يطلق العنان لجناحيه، محلقاً في سماء لبنان التي أحبها وأحبته من الأعماق، الى أن بات بين الإثنين حكاية وفاء وموعد يتجدد باستمرار.
لقد سقط النقيب سامر حنا شهيداً في حادث مأسوي، اهتزت له ضمائر اللبنانيين ولاقى استنكار الجميع، وهو يقوم بمهمة تدريب فوق إحدى تلال الجنوب، استعداداً لمواجهة العدو الإسرائيلي، مدركاً تماماً ما يضمره هذا العدو من نوايا خبيثة ضد لبنان بشعبه وجيشه، لتشكّل دماؤه الزكية، قرباناً طاهراً على مذبح الوحدة الوطنية، وحافزاً لمزيد من الإلتفاف حول الجيش والإيمان بدوره الوطني الجامع.
شهيدنا البطل
من معين إخلاصك وسمو فضائلك، نستقي حب الوطن وشغف التضحية في سبيله، ونجدّد العهد بأننا على القَسم باقون، وعلى دربك ماضون، وأن قافلة شهدائنا لن تتوقف ذوداً عن لبنان الذي افتديته بأغلى ما لديك، وها نحن اليوم نمني أنفسنا ببعض من الإكرام والتقدير لروحك الطاهرة، من خلال إقامة هذا النصب التذكاري، الذي أردناه أن يكون شاهداً على عظمة تضحياتك، ونبل مآثرك، وصوتاً صارخاً يتردّد في أذن كل عابر، أنه بسواعد الأبطال وبدماء الشهداء، يحيا الوطن ويحرر ويصان.
باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي، أتوجّه بأحرّ التعازي الى ذوي الشهيد ورفاقه وأبناء بلدته، وأشكر كل مَن أسهم في إشادة النصب التذكاري، وإقامة هذا الإحتفال النابض بروح المحبة والمواطنية والوفاء.
المجد والخلود لشهيدنا البطل في عليائه، ودامت ذكراه العطرة أثراً طيباً في النفوس، ونبراساً وضاءً في مسيرة الشرف والتضحية والوفاء».
«لبّيك سماء لبنان»
ثم كانت كلمة عائلة الشهيد ألقاها شقيقه مروان حنا، حيّا فيها روح شقيقه الشهيد الذي كان يؤمن أن الجيش ترخص التضحيات لأجله لأنه في معركة وجودية مستمرة كي نبقى أحراراً وأسياداً في أرضنا، وقال: «إن سامر يوم انطلق الى الجنوب كان مطمئناً الى مهماته... واعتبر أن عشق الشهيد للتحليق في سماء الوطن بلغ ذروته لحظة استشهاده فجسّد شعار القوات الجوية «لبيك سماء لبنان».
بعد ذلك، توجّّه الحضور الى الساحة العامة لبلدة تنورين. وبعد النشيد الوطني اللبناني، أزيحت الستارة عن النصب التذكاري الذي أقيم للشهيد تخليداً لذكراه. وبعد نشيد الموت تقبّلت العائلة التعازي ووزّعت غرسات أرز تخليداً لذكراه.