- En
- Fr
- عربي
العوافي يا وطن
بعيدًا عمّا يسود الساحة السياسية من غليان، وما تشهده من مواقف ونقاشات وجدل، بعيدًا من كل ذلك يعتمد الجيش لغة خاصة به، وهو لطالما اتقنها. لكنّ خطورة المرحلة وما تحمله من تداعيات واستحقاقات، تجعل هذه اللغة أكثر بلاغة وتعبيرًا. فالمفردات هنا خطوات حثيثة في وحشة الليل وفي وضح النهار. على الجرود وفي الشوارع والأزقة... جنود يتقنون رصد الخطر ومواجهته، والتحسّب لربيع آتٍ أو لصيف يعد باللهب، ويبرهنون كل يوم، بالإنجاز الحيّ، أنهم جديرون بحفظ الأمانة.
أواخر آذار أتى الخبر من الميدان، من جرود السلسلة الشرقية:
«نفّذت وحدات من الجيش فجر اليوم (27/3/2015) عملية عسكرية سريعة وخاطفة في منطقة جرود عرسال، تمكّنت بنتيجتها من السيطرة التامة على بعض المواقع التي كانت تستخدمها التنظيمات الإرهابية بين الحين والآخر للتسلّل والاعتداء على مواقع الجيش. وقد تمركزت قوى الجيش في هذه المواقع، وباشرت تنفيذ الإجراءات الميدانية لتأمين حمايتها وربطها مع سائر المراكز العسكرية الموجودة في المنطقة...».
الخبر المختصر لا يذهب إلى تفصيل المواقع ولا إلى كيفية سير العمليات التي تظل ضمن دائرة السرّية. غير أنّ ما يمكن إضافته هو أن وحدات الجيش تقدّمت باتجاه الجرود في السلسلة الشرقية، لتتابع ما أنجز منذ أسابيع في إطار السيطرة على المواقع الاستراتيجية، واحتلال نقاط جديدة كان الإرهابيون يتمركزون فيها. وبذلك أمّن الجيش خط حماية حصينًا يحول دون تسلّل المسلّحين إلى القرى المحاذية، ودون مهاجمتهم المراكز العسكرية، بعد أن تمركز في النقاط المهمة وعزّز عديد عناصره فيها.
فجر آخر أيام الأسبوع الأول من نيسان حمل مزيدًا من الأخبار الطيبة:
«إثر توافر معلومات عن قيام مجموعات إرهابية بتحضيرات قتالية ولوجستية على جبل المخيرمة والمرتفع 1564 في أعالي جرود رأس بعلبك، نفّذت قوّة من الجيش عملية إغارة نوعية وخاطفة ضدّ المجموعات المذكورة، حيث اشتبكت معها بمختلف أنواع الأسلحة، وأوقعت في صفوف الإرهابيين 3 قتلى و4 جرحى، وكبّدتهم خسائر جسيمة في الأسلحة والعتاد بينها تدمير مدفعين وعدد من الرشاشات الثقيلة والآليات. وقد عادت قوى الجيش إلى مراكزها من دون تسجيل أيّ إصابات في صفوفها...».
هذا في الجرود التي يعرف وعرها صلابة جنودنا المنتشرين فيها، من دون أن نعرف نحن حتى أسماء تلالها ووديانها...
أمّا في الداخل وعلى خط موازٍ، فقد حقّقت عمليات الرصد والمتابعة إنجازات تضاهي إنجازات التقدم الميداني في أعالي الجرود، إذ قبض الجيش على عدة مطلوبين خطرين. وها هي الاعترافات تكشف بشاعة أعمالهم وحجم جرائمهم بحق الوطن وجيشه. فمن أعمال الاغتيال والذبح والتفخيخ إلى عمليات التفجير وسواها، مجرمون كبار باتوا في قبضة العدالة.
وغدًا سوف يكون آخرون مثلهم في قبضتها لينالوا الجزاء العادل، فقد يتأخر القصاص لكنه حتمًا آتٍ.
كما أن الصقيع قد يطول، لكن الربيع حتمًا آتٍ...
فبوركت خطوات من يتقدّمون في الجرود، وبوركت عيون من يسهرون في الداخل... والعوافي يا وطن.