- En
- Fr
- عربي
عبارة
يدرك الجيش في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، حجم الصعوبات التي تعترضه، وهو يوزّع خطواته بين الأنحاء والأرجاء، في انتقالات لا تخلو من الأخطار، وفي مهمّات يكلّف تنفيذها دماء غالية.
غير أنّ هذه الصعوبات، لم تزد الجيش إلاّ حزمًا وإصرارًا على القيام بواجباته الدفاعية والأمنية، سواء في مواجهة العدو الإسرائيلي على الحدود الجنوبية، أم في مواجهة التنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية، وخلاياها النائمة أو الناشطة في الداخل. كلّ ذلك، إنما ينبع من المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه، والتي تتجسد بالتزامه الولاء المطلق للوطن، وبخدمة مصالح جميع اللبنانيين على تنوّع انتماءاتهم المناطقية والطائفية والمذهبية.
ولا شكّ في أن ثقة الشعب بالجيش والتفافه حوله، خصوصًا عند المنعطفات الخطيرة، إنّما يشكّلان الحافز الأول للعسكريين، الذي يكسبهم الروح المعنوية العالية، ويضاعف من عزمهم على متابعة المهمّات بمنتهى الجرأة والإقدام والاستعداد للتضحية.
إنّ لوقفة اللبنانيين إلى جانب جيشهم جذورًا عميقة في وجدانهم الجماعي، نابعة من أداء هذا الجيش ومن تجارب الماضي غير البعيد. وإذا كان أهالي العسكريين وعائلاتهم أول من يدرك مدى قدسية دور الجيش ويقدّر تضحياته، فإنّ ذلك يمتد ليشمل الفئات كافة في المجتمع، وهو ما يترجم بأشكال عديدة: فمن المهرجانات واللقاءات إلى الأعمال الأدبية والفنية، ومبادرات الدعم المادية وسواها.
وإنّ اللبنانيين من خلال توجيههم التحية إلى المؤسسة العسكرية، فإنّما يؤكدون انتماءهم للوطن الذي من أجله تعمل وتضحي، ويؤكّدون أيضًا أنهم يدركون أنّ الجيش والمؤسسات الأمنية هي العمود الفقري للدولة. والمهمة التي تتولاها لا يمكن، ولا يجوز، ولا يصح، أن يتولّاها أيّ كان من خارج الوطن، شقيقًا كان أو صديقًا أو محايدًا أو أمميًا أو إنسانيًا، على الرغم من التعاون المبرر والمطلوب والمتنامي بين الدول والشعوب والأفراد. فمهمة الجندي، مهمة مقدسة، لا يقوم بها إلا مواطن أصيل، وكل من يستهدف هذا الجندي إنما يستهدف الوطن كاملًا ومواطنيه جميعًا.