- En
- Fr
- عربي
أخبار ثقافية
شاعر في الثمانين. نظم الشعر في العشرين، ولا يزال، لأن الشعر يجري في دمه وينساب مع روحه منذ الصغر فلا يتركه وحيداً لحظة واحدة. هذا هو الشاعر الياس عطوي. لقد ولد الشعر منه وسكن فيه وعاشا معاً، الى ان بات الشعر على لسانه ليل نهار ينطق به مع أنفاسه، وما زالت القريحة تتفاعل حتى بات يصدح بها في كل لحظة، ويتغنّى بترانيمها كلما سمحت له الظروف بذلك. الشعر في نفسه لا يشيخ بمرور السنين إذ لا يزال ينضب بالحياة والحب والوطنية والغزل والتأمل والتعبد.
ولعلّ حب النظم عنده لا يجاريه حب ثان: فهو ينظم في الليل، وينظم في النهار، وينظم وهو يتنقل من مغدوشة الى بيروت، ومن بيروت الى مغدوشة (قريته)، وكأن القريض هو حياته كلها، بل هو حياته بالذات.
فلا عجب بعد ذلك أن تكثر لديه القصائد، وتتكدس الأوراق، ويصبح الحصاد وفيراً، ما دام يثابر على النظم كل يوم وكل ساعة، حتى أضحى عدد دواوينه المنشورة تسعة، أما التي لم ترَ النور بعد فهي أكثر من ذلك بكثير.
"غناء الجراح" هو ديوانه التاسع الذي صدر مؤخراَ، ويقع في 350 صفحة تقريباً، ولا يختلف في الجوهر عن سابقيه من حيث سلاسة الأسلوب وايقاعه الآسر. أما مواضيعه فجديدة قديمة وهي تتمحور حول: المرأة والوطن وأرض الجنوب الحبيب وكيف لا؟! وهو يهتف بنا دائماً: "لا تسل، لبنانُ شرقُ الله والدنيا جنوبُ!..."
بعد كلمة الإهداء لأولاده السبعة، ندخل مباشرة الى رحاب الغزل. ثم ينقلنا الشاعر من قصيدة الى قصيدة... على قيثارة الحب والنجوى، فهو ابن الحياة منفعل ومتفاعل مع الشعر يأبى الانسلاخ والابتعاد عنه قيد انملة واحدة، الحب يعصف في قلبه، حب الناس والعباد، انه انسان يتأثر بالمحسوس والملموس. صامد في عرينه صمود الجبال يأبى مغادرة الطبيعة والحب والجمال والصلاة والقدود الممشوقة والقبل والصبايا الحلوات وزقزقة العصفور وشروق الشمس وطلة القمر وضحكة الطفل وبسمة الورد في الوادي وقداسة الروح والحرمان المقدس.
وهو القائل في قصيدة "معلمتي الدنيا":
وان سألتني الشمس: من علّم الفتى
سأصرخُ بالحرمان علمني الدهر
الياس عطوي يعرف كيف ينوّع في شعره، وينوّع في أبياته، وينوّع في قوافيه وأوزانه، فلا يعصى عليه أمرٌ، ولا يغلق دونه باب.
والى غزارة نتاجه، فهو يمتاز بجذالة الأسلوب، ورقة العاطفة، فإذا شعره يحملك الى عوالم الرؤى والابداع، وينقلك الى دنيا الدهشة والروعة والجمال...
تجدر الاشارة الى ان الياس عطوي بدأ بنظم الشعر في سنة 1962 وأطلّ بديوان كان باكورة أعماله يحمل اسم "نارانا" ثم انقطع مدة عن النشر الى أن وافانا بجديده "أناشيد البحر" في سنة 1999. وكرّت الدواوين فجاءت بالتتابع: "قدسية جنون القبل" (2000)، "كلمات من البعيد" (2000)، "صلّوا معي" (2001)، "صلّوا معي دائماً (2002)، "أنا لبنان" (2003)، وأخيراً "غناء الجراح" (2005).