- En
- Fr
- عربي
سلامة البيئة
ضجيج المرور أشد الملوثات خطراً على الإنسان
تشير التقارير الحديثة الى أن ما يُسمى بـ«الضجيج المروري» يُعد من أشد الملوثات خطورة، خصوصاً في المدن المكتظة بالسكان والتي تشهد نشاطاً مرورياً كثيفاً لا تنقطع حركته على مدار الساعة. ولنا أن نتخيل الكم الهائل من الأصوات الضجيجية التي تزداد حدتها يوماً بعد يوم بسبب الاعتماد المتزايد على السيارات والمركبات كوسيلة رئيسة في عمليات النقل والمواصلات، ومدى تأثير هذه الأصوات على حياة الناس وصحتهم.
فماذا عن الضجيج المروري؟ وما هي مخاطره؟ وكيف نحدّ منه؟
مصادر الضجيج الرئيسية
ثمة أجزاء عديدة داخل السيارات والمركبات تمثل المصدر الرئيسي للضجيج المروري، لعل أهمها:
● المحرك، إذا كان ثابتاً فإن محرك الديزل هو الأكثر ضجيجاً من محرك البنزين، إلا أن كمية الضجيج التي تخرج من محرك السيارة تعود بدرجة أولى الى تصرف السائق. فكلما زاد السائق من سرعته إهتزت سيارته وهدر صوت محركها، بينما يقل صوت المحرك أثناء القيادة بسرعة معتدلة وهي السرعة التي ليست بالبطيئة أو الزائدة عن الحدود المسموح بها مرورياً.
● منظومة إفلات الغاز.
● آلة التنبيه.
● إحتكاك الإطارات وخصوصاً عند محاولة التوقف الفجائي من سرعة عالية.
● قطع ومعدات آلية أخرى متواجدة في السيارة أو المركبة.
وطبقاً للمعايير الدولية، فإن مستوى الضجيج الذي تحدثه حافلات نقل الركاب يتراوح ما بين 81 الى 85 ديسيبل، حسب نوع المحرك وحجم وكتلة الحافلة، بينما يتراوح مستوى الضجيج الذي تحدثه الشاحنات ما بين 82 الى 88 ديسيبل، وفي السيارات السياحية يزيد مستوى الضجيج عن 80 ديسيبل، وهذه المستويات تتعدى الحدود المسموح بها، والتي أقرتها الهيئات الصحية الدولية، بحيث لا تؤثر كثيراً على الصحة البدنية والنفسية، وهي تتراوح ما بين 70 الى 75 ديسيبل )الديسيبل هو الوحدة الأشهر لقياس شدة الصوت(.
مخاطر ضجيج المرور
لضجيج المرور مخاطره الصحية والنفسية التي أكدتها الدراسات والأبحاث العلمية.
في ما يتعلق بالصحة البدنية ثبت أن ضجيج المرور يؤثر في ما يلي:
● الدورة الدموية: فالضجيج والأصوات العالية المفاجئة تحدث إنقباضات وتقلصات حادة في الأوعية الدموية تؤدي الى إرتفاع ضغط الدم، ولعل هذا هو أحد العوامل المؤدية الى زيادة نسبة مرضى ضغط الدم بين سكان المجتمعات الصناعية عنه بين سكان المجتمعات الريفية والبدائية.
● الجهاز العصبي: تندفع الموجات الضجيجية في
شكل موجات كهربائية تصل الى لحاء المخ (cerebral cortex) ومنها الى التكويـن الشبكي( reticular formation) وينتج عن ذلك تهيّج في الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يؤدي الى زيادة سرعة دقات القلب وتقلصات في عضلات المعدة، وزيادة في إفرازاتها وفي إفراز نسبة السكر، والى ارتفاع في مستوى الكوليسترول في الدم.
● الجهاز السمعي: يتأثر هذا الجهاز بالضجيج بشكل مباشر وذلك في درجة حساسيته أو بقدرته على الأداء.
● الجهاز الهضمي: يؤدي الضجيج الى حدوث إضطرابات في الهضم، وقد يكون سبباً للإصابة بالقرحة المعدية وقرحة الإثني عشري.
أما في ما خص الصحة النفسية، فقد ثبت أن التعرض المستمر لضجيج المرور يؤدي الى ما يلي:
● التقلب المزاجي: وهو الشعـور بالفرح ثم الشعور بالضيـق والتوتـر بصـورة فجائيـة، وقد وضع العالـم الفيزيـولوجــي الفرنســي سوبريون عدة أبحاث مهمة
في هذا الشأن، ومما قاله
”إن التلوث الضجيجي يحدث توتراً عصبياً يزول بعد الإبتعاد عن مصدر الضجيج”.
● فقدان قسط كبير من القدرة على التعبير: حيث يعجز الشخص عن التعبير عن مشاعره وأحاسيسه بصورة سليمة.
● الإكتئاب: يؤدي التعرض المستمر للضجيج الى الشعور بالاكتئاب من دون سبب محدد، وأيضاً الى الشعور بالعزلة والغضب.
● الأرق وعدم القدرة على النوم بشكل طبيعي: وهذه الحالة تبرز خصوصاً لدى المرضى والأطفال وكبار السن.
ما هو الحل؟
لقد خلص القائمون على دراسات وأبحاث حديثة تتعلق بالحد من ظاهرة الضجيج المروري الى عدة حلول، يمكن من خلالها خفض مستويات الضجيج الى الحدود المسموح بها، وتتلخص بما يلي:
● العناية القصوى بوضع المواصفات الملزمة لتصميم وإنتاج كاتمـات لصوت العــوادم وآلات التنبيـه وعــدم التصريـح ببيع المنتجات وقطع الغيار التي لا تطابق المواصفات القياسية.
● الإكثار من الطرق البديلة والفرعية.
● إخلاء جوانب الطرق من اللافتات الكبيرة التي تعكس الصوت، وإذا كان لا مفر من وجود مثل هذه اللافتات فيجب طليها بمواد خامدة وكاتمة للموجات الضجيجية.
● إجراء الدراسات الميدانية بصورة دورية لتحديد مستوى إنتشار الضجيج في الميادين والطرق العامة في مختلف الأوقات, لتخطيط أماكن تنظيم المرور ومواقف السيارات والحافلات.
● ضرورة العناية برسم الخرائط الطوبوغرافيـة لإنتشار الضجيج في المدن الكبرى، على أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند إنشاء مناطق سكنية جديدة، وكذلك عند تخطيط المدن، بحيث تكون طرقها وعمائرها مصممة بشكل هندسي يحد من إنتشار الضجيج المروري.
ومن الوسائل المساعدة في هذا الشأن إقامة الحواجز الخاصة لامتصاص الأصوات الصاخبة والضجيج العالي واستخدام الجدران العازلة للضجيج عند إنشاء المباني.