ملف الحرب على العراق

تنظيم مجلس الأمن وسلطاته وقواعد التصويت فيه
إعداد: إلهام نصر تابت

بموجب ميثاق الأمم المتحدة, يتولى مجلس الأمن وظيفة أساسية تتمثل في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وهو يتمتع في هذا المجال بسلطات تقديرية وفعلية كبيرة, إذ له أن يقرر ما إذا كان العمل الذي وقع يشكل عدواناً أو تهديداً للسلم أو إخلالاً به, ليتخذ بالتالي القرارات والتدابير التي يراها ملائمة لمعالجة الوضع. ويتميز مجلس الأمن عن سواه من فروع الأمم المتحدة بكونه يتمتع بسلطة اتخاذ قرارات تكون الدول ملزمة بتنفيذها بموجب الميثاق.
هنا إضاءة على مجلس الأمن من حيث تأليفه وتنظيم العمل فيه, وصلاحياته وسلطاته, الى القواعد المعتمدة للتصويت فيه.

 

تأليفه وتنظيم العمل فيه

بحسب الميثاق (المادة 23, الفقرة الأولى), “يتألف مجلس الأمن من 11 عضواً...”, غير أن هذه الفقرة عدّلت في العام 1963 حيث ارتفع العدد الى 15 عضواً وبذلك أصبح عدد المقاعد في مجلس الأمن 15 مقعداً يشغل خمسة منها أعضاء دائمون, هم*: الصين, فرنسا, روسيا, المملكة المتحدة البريطانية, والولايات المتحدة الأميركية. أما المقاعد العشرة الأخرى فيشغلها أعضاء غير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة, ويراعى في ذلك مساهمة أعضاء الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين وفي تحقيق مقاصدها الأخرى, كما يراعى أيضاً التوزيع الجغرافي العادل.
وفي الفقرة الثانية منها تنص المادة 23 على أن الأعضاء غير الدائمين ينتخبون لمدة سنتين ويخضعون لقاعدة التجديد النصفي سنوياً, حيث تقوم الجمعية العامة بانتخاب خمسة أعضاء كل عام, والعضو الذي تنتهي مدة ولايته لا يجوز إعادة انتخابه على الفور.
عادة يكون مندوب الدولة في مجلس الأمن هو نفسه رئيس البعثة الدائمة لبلاده لدى الأمم المتحدة, لكن ذلك لا يمنع أن توفد الدولة العضو شخصاً آخر لتمثيلها في اجتماعات المجلس.
يعقد المجلس إجتماعات دورية, وله أن يجتمع في غير مقر الأمم المتحدة إذا رأى أن ذلك قد يؤدي الى تسهيل مهمته. وقد جرت العادة على أن يجتمع مجلس الأمن في أي وقت بناء على طلب من أي دولة سواء كانت عضواً في الأمم المتحدة أم لم تكن (مادة 35), أو بناء على طلب من الأمين العام أو الجمعية العامة. ويتولى رئيس المجلس الدعوة الى الانعقاد, وتكون رئاسة المجلس بالتناوب بين الدول الأعضاء كل شهر وفقاً للترتيب الأبجدي للأعضاء (باللغة الإنكليزية).
ولمجلس الأمن أن ينشئ ما يراه ضرورياً من اللجان أو الفروع الثانوية لأداء وظائفه. ومن بين هذه الفروع التي نص عليها الميثاق لجنة أركان الحرب التي تتألف من رؤساء أركان حرب الدولة الدائمة العضوية في مجلس الأمن, أو من ينوب عنهم. وبحسب المادة 470 من الميثاق, فإن مهمة هذه اللجنة إسداء المشورة والمعونة الى مجلس الأمن في جميع المسائل المتصلة بما يلزمه من حاجات حربية لحفظ السلم والأمن الدوليين, أو لاستخدام القوات الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها ولتنظيم التسلح ونزع السلاح بقدر المستطاع.
أما الفروع الأخرى فقد صدر قرار بإنشائها من المجلس نفسه وأهمها, لجنة نزع السلاح, لجنة قبول الأعضاء الجدد, لجنة الخبراء القانونيين...

 

وظائفه وسلطاته

يتولى مجلس الأمن القيام بكل المهام التي تمكنه من تحقيق وظيفته الأساسية, أي الحفاظ على السلام والأمن الدوليين, لكن صلاحياته تتعدى ذلك لتشمل عدداً من الأمور الإدارية والدستورية المتعلقة بانتظام العمل في الأمم المتحدة ككل.
- أولاً, حفظ السلم والأمن الدوليين: ينبغي في هذا الإطار التمييز بين صلاحيات وسلطات مجلس الأمن المقررة له بموجب الفصل السادس من الميثاق (المتعلقة بتسوية النزاعات بالطرق السلمية), وتلك المقررة له بموجب الفصل السابع (المتعلقة بحالات تهديد السلم أو الإخلال به أو وقوع العدوان).
ففي الحالة الأولى (من المادة 33 الى المادة 38) تعتبر قرارات المجلس بمثابة توصيات لا تحمل طابع الإلزام. فمجلس الأمن في هذه الحالة يستطيع أن يوصي بحل النزاع من دون أن يقترح حلاً موضوعياً محدداً, وذلك سواء كان تدخله تلقائياً أو وفقاً لأي من الحالات التي يحددها الميثاق. كما أنه يستطيع أن يقترح إطاراً للتسوية ولشروطها إذا فشل الفرقاء المعنيون في التوصل الى حل سلمي. لكن في جميع هذه الحالات تظل قراراته بمثابة توصيات لا تتمتع بقوة الإلزام.
أما في الحالة الثانية (من المادة 39 الى المادة 51) أي عندما يتعلق الأمر بوجود تهديد للسلم أو إخلال به أو عند وقوع عدوان, فإن لمجلس الأمن صلاحيات واسعة وملزمة. وهو يتدخل في هذه الحالة بصفته سلطة ردع مهمتها حفظ السلم أو إعادته الى نصابه. كما أن له في الحالة عينها سلطات تقديرية وفعلية كبيرة.
فطبقاً للمادة 39 يقرر المجلس ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به, أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان, ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادة الأمن الى نصابه.
وله في هذا السياق أن يأمر باتخاذ تدابير مؤقتة تبعاً للمادة 40 (وقف القتال, سحب القوات المتحاربة...). وفي حال عدم انصياع الأطراف المعنية للتدابير المؤقتة (المادة 41), له أن يتخذ تدابير أخرى تشمل وسائل ضغط عدة, منها, وقف العلاقات الإقتصادية, قطع الإتصالات, قطع العلاقات الديبلوماسية, وصولاً الى حد استخدام العنف والقوة المسلحة (المادة 42).
ولكي يتمتع مجلس الأمن بالقدرة على تنفيذ قراراته, وردت في الميثاق نصوص عدة تمنحه صفة السلطة الرادعة, منها: المادة 25 التي تنص على تعهد جميع الأعضاء بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها, والمادة 43 التي تقضي بوضع الدول الأعضاء بتصرف المجلس, ما يلزم من القوات والمساعدات والتسهيلات حين يقرر استخدام القوة المسلحة, والمادة 45 المتعلقة بأن يكون للدول الأعضاء قوات جوية جاهزة للتدخل فوراً بناء على طلب من مجلس الأمن...
- ثانياً, الصلاحيات الإدارية والدستورية: لمجلس الأمن صلاحيات أخرى مهمة يشارك بموجبها في إدارة شؤون الأمم المتحدة. ومن هذه الصلاحيات: التوصية بقبول الأعضاء الجدد أو إيقاف عضوية دولة اتخذ ضدها عملاً من أعمال المنع والقمع, إنهاء قرار إيقاف العضوية وردّ حقوقها الى العضو الموقوف, وضع الخطط التي تعرض على الدول الأعضاء لتنظيم التسلح أو لنزع السلاح...

 

التصويت

لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد. وتصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه. أما القرارات في المسائل الأخرى كافة فتصدر بموافقة تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين (هذه القاعدة هي ما يعرف بحق النقض أو “الفيتو”). وعندما تكون القرارات المتخذة وفقاً لاحكام الفصل السادس والفقرة الثالثة من المادة 52 (تتعلق هذه المادة بحل النزاعات المحلية بواسطة المنظمات الإقليمية), يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت.

 
في 1 كانون الثاني / يناير 2003 ، بدأت البلدان التالية عضويتها لمدة سنتين :


- إسبانيا.

- أنغولا.

- شيلي.

- ألمانيا.

- باكستان.

 

* عقب انتصار الثورة الإشتراكية في الصين عام 1949 أصرت الولايات المتحدة على رفض تمثيل الصين الشعبية في الأمم المتحدة, واحتلت تايوان مقعد الصين الدائم في مجلس الأمن حتى العام 1971. أما روسيا فقد احتلت المقعد الدائم للإتحاد السوفياتي بعد إنهياره.