هو وهي

من المشاحنات البسيطة حول أمور الحياة اليوميّة إلى الخلافات الأعمق التي تتمحور حول مسائل أساسيّة في حياتهما المشتركة، تبرز الخلافات الزوجيّة كأمر لا بدّ منه في حياة الزوجين، فكيف يمكن تحويلها إلى فرصةٍ لإغناء تجربة الزوجين وتمتين علاقتهما؟

الخلافات عامل إيجابي!
يؤكّد الاختصاصي في علم النفس العيادي المؤهّل أوّل عمّار محمّد أن الخلافات الزوجيّة يمكن أن تشكّل عاملًا إيجابيًّا في حياة الزوجين إذا ما استغلّت بطريقةٍ صحيحة. فالجدل البنّاء، والنقاش الهادف إلى تحديد أوجه الخلاف، وما يعقبه من تسوياتٍ مناسبة، هي أمور تغني تجربة الزوجين وتساهم في نضج علاقتهما إذا ما تمّت ضمن حدود الاحترام المتبادل. في المقابل، فإن تجاهل المشاكل البسيطة وعدم معالجتها في حينها، يؤدّي إلى تراكمها إلى أن تتحوّل إلى موضوع نزاعٍ حاد قد يهدّد الزواج. كذلك، فإن التعامل مع المشاكل الحياتيّة، صغيرة كانت أم كبيرة، بأسلوب التهجّم والعداّئيّة والسخرية، يولّد مشاعر النقمة والضغينة بين الطرفين، ولا يخدم زواجهما. من هنا، يوضح المؤهّل أوّل محمّد أن العلاقة الصحيّة تفترض معرفة المهارات اللازمة لإنهاء الخلافات الزوجية بطريقة وديّة وإيجاد حلولٍ عمليّةٍ ترضي الطرفين. وهو يقدّم في ما يأتي بعض النصائح للأزواج كي يحوّلوا خلافاتهم إلى فرصةٍ لتعزيز العلاقة الزوجيّة وتمتينهـا.

معالجة المشكلة في العمق
تأكّدا من أنّكما تعالجان السبب الحقيقي للخلاف، فأحيانًا تكون النفوس معبّأة بسبب مسألة عالقة بين الطرفين، وعندئذٍ يمكن لأيّ مشكلةٍ تافهةٍ أن تشعل خلافًا، وبالتالي فإن الحلّ سيكون بمثابة هدنة مؤقّتة، لن تلبث أن تُخرَق ما لم يتم الدخول في صلب الموضوع الّذي يثير النقمة، ومعالجته في العمق.

التركيز على المشكلة الحاليّة وعدم نبش الماضي
لا تحوّلا مشكلة بسيطة إلى خلافٍ كبير من خلال نبش أخطاء الماضي، واستخدام أساليب الإدانة كمثل عبارة «أنت دائمًا هكّذا»، أو «لطالما أخطأت في كذا أو كذا»، إلخ... وتأكّدا من أن فتح الملفّات القديمة يوسّع نطاق الخلاف ويبعدكما عن جوهر المشكلة الحاليّة.

الحرص على اختيار الوقت والمكان المناسبين
لا يصحّ أن تعالجا مشاكلكما الخاصة في الأماكن العامّة وفي حضور الغير، كما لا يجوز لأيٍّ منكما زجّ الآخرين في خلافه مع الشريك بهدف الحصول على دعمٍ يعـزّز موقفه. فالمفروض أن تحترما خصوصيّة زواجكما وأن تعالجا أموركما بعيدًا من التدخّلات الخارجيّة. كذلك، لا يصحّ أن تدخلا في نقاشٍ عندما تكونان في حالة غضبٍ. فالعبارات الجارحة والكلمات الحادّة التي يمكن أن تتفوّها بها في لحظة الغضب تبقى عالقة في الذاكرة ويتردّد صداها في الأذهان إلى ما بعد انتهاء الخلاف.
 

الإصغاء وتفهّم موقف الآخر
غالبًا ما يتلهّى الطرف المستمع في أثناء النقاش بتحضير دفاعه بدلًا من الإصغاء إلى ما يقوله الآخر، فيفوّت عليه فرصة تبرير موقفه أو إظهار وجهة نظره، ويخسر كلاهما إمكان التوصّل إلى تسوية من خلال تقريب وجهات النظر. لذلك، يجب الإصغاء إلى رأي الآخر باهتمام وموضوعيّة والسعي إلى تفهّم موقفه ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة لحلولٍ بنّاءة.
 

ضبط النفس والابتعاد عن التجريح
تحاشيا النبرة العالية والصراخ، فهما يحوّلان الخلاف البسيط إلى شجارٍ حادٍّ يفقد خلاله الطرفان السيطرة على انفعالاتهما، ويمكن أن يتفوّها حينئذٍ بكلمات التجريح والتحقير بالآخر. احذرا أيضًا أن يحوّل الغضب خلافكما إلى مبارزة تتباريان فيها بالنسب أو الثقافة أو المركز الاجتماعي، لأن في ذلك محاولة لتحطيم الآخر، ما يثير لدى الطرف المهزوم مشاعر الحقد والضغينة التي لا تمحى بسهولة.
 

الاعتراف بالخطأ
لا تحاولا التهرّب من المسؤولية عند حدوث خطأ ما بإلقاء الّلوم على الشريك، وإنّما بالعكس، فليراجع كلّ منكما ضميره لمحاسبة نفسه قبل محاسبة الآخر، وتذكّرا أن الاعتراف بالخطأ فضيلة.

إبداء الاستعداد للمسامحة وللتسوية الودّية
يتم ذلك من خلال تنقية النفس من الأفكار المسمومة التي يولّدها الغضب والاستعاضة عنها بأفكارٍ إيجابيّة. فليتذكّر كل منكما حسنات الآخر وفضائله، واقبلا بتقـديم بعض التنازلات بغية التوصّل إلى تسوية ترضي الطرفين.
وأخيرًا، تذكّرا أن زواجكما قائم على الحب والاحترام والثقــة، فلا تسمحا لأي خلافٍ، بسيطًا كان أم كبيـرًا، بزعزعة هذه المشاعر النبيلة.