- En
- Fr
- عربي
جندي الغد
الوردة المغرورة
في صباح يومٍ ربيعيّ جميل، تفتّحت وردةٌ حمراء جذّابة بين أزهار الحقل وأشجاره. شاهَدتها شجرة الصنوبر فذُهِلَت لجمالها وقالت: «ما أجمل هذه الوردة، ليتني كنت بمثل رقّتها». أما شجرة السّنديان فقالت: «ما أبهى لون هذه الوردة وما أطيب رائحتها».
اعتزّت الوردة بنفسها وقالت: «لا بدّ أنني الأجمل في الحقل، فالجميع ينظر إليّ بإعجاب ويحسدني». ثم تطلّعت حولها فوجدت نبتة صبّارٍ تجلس بجوارها صامتةً. امتعضت الوردة من مظهرها، وتوجّهت إليها بالقول: «ما أبشعك، إنّك مليئة بالأشواك!» وجاءها الجواب من شجرة الصّنوبر: «ما هذا الكلام أيّتها الوردة، أنت أيضًا لديك أشواك، فلا تجرحي مشاعر الآخرين! لم تكترث الوردة لما سمعته، بل كانت في كلّ يومٍ، تتوجّه إلى نبتة الصبّار بكلامٍ جارحٍ ومهينٍ، ولم تكن الأخيرة تردّ عليها بشيء.
مع انتهاء فصل الرّبيع وانحسار المطر، بدأت الوردة الجميلة بالذّبول. كان الخوف يملأ قلبها كلّما شعرت أن نهايتها قد اقتربت. وفي أحد الأيّام، شاهَدت طائرًا يُدخِل منقاره في شجرة الصبّار، ثمّ يطير فرحًا في الهواء، فسألت مستغربةً عمّا يفعله، وإذ أدركت أنّه يستقي الماء الذي تخزّنه النبتة في داخلها، سألتها مستوضحةً: ألا تتألّمين حين ينقر الطّائر أوراقك؟» وأجابت النبتة:» بلى، أتألّم! لكنني أفرح في الوقت نفسه لأنني أقدّم خدمة لغيري».
فكّرت الوردة في نفسها لو أنّها تطلب من نبتة الصبّار بعض الماء ، لكنّها لم تتجرّأ على سؤالها لأنّها خَشِيَت من أن ترفض طلبها بسبب معاملتها السيّئة لها. أدركت النبتة ما يدور في ذهن الوردة، فعرضت عليها الماء قائلةً: « إذا أردت، يمكنني أن أطلب من العصفور أن ينقل إليك بعض الماء الذي يستقيه من أوراقي كي لا تذبلي».
عند سماعها هذا الكلام، خجلت الوردة من نفسها، واعتذرت بشدّة إلى نبتة الصبّار أمام جميع أشجار الحقل ، ثم وعدت الجميع بألّا تتسرّع في الحكم على الآخرين من خلال مظهرهم الخارجي!