- En
- Fr
- عربي
تربية وطفولة
يُنفق الآباء والأمهات أموالًا طائلة على شراء الألعاب والهدايا لأطفالهم، ويشعرون بالأسى إذا اعتقدوا أنّهم يقصّرون في جلب الأجمل والأغلى لهم. لكن مهلًا، فإغراق الطفل بالهدايا ليس بالأمر الصحيح تربويًا.
تؤكد عالمة النفس سفينيا لوتج أنّ الإكثار من الهدايا يُرهق نفسية الطفل. فالطفل الذي يحصل على عشر هدايا مثًلا لا يفرح بأي واحدة منها، لأنّ الفرح يتشتت ويتبدد داخله فلا يعرف إلى أي منها يوجّه فرحته.
من جهته، يرى طبيب الأطفال هدبرت رينز بوليستر، أنّ الهدايا لا ينبغي أن تكون الجزء الرئيس من الاحتفال بالعيد، فعندما نعطي الأهمية الأكبر للهدايا، نوجّه الأطفال إلى الاهتمام بالماديات وإهمال المشاعر الأخرى، وقد يُفسد ذلك فرحة العيد التي يترقبونها فضلًا عن تأثيره السيئ في سلوكهم على المدى البعيد
ماذا يحتاجون فعلًا؟
حتى نفهم ما الذي يفعله جبل الهدايا في نفسية الأطفال، يجب أن نعرف ما الذي يحتاجونه من والديهم بالدرجة الأولى. يشدّد أستاذ علم النفس التربوي آرمين كرينز في هذا السياق على أنّ «أكبر هدية يمكن أن تمنحها لطفلك هي مصاحبته ورعايته وتفهّم نفسيته»، ويذكّر بأنّ الأطفال بحاجة دائمًا إلى نبع عاطفي لا ينضب. فأهم ما يجب أن يكتسبه الطفل في سنوات عمره الأولى هو اليقين والثقة بالنفس والتأكد من أنّه محبوب، وذو قيمة كبيرة لوالديه، يقدره الآخرون ويحترمون شخصيته. وإذا لم تكن هذه العلاقة العميقة والصلبة موجودة بين الأهل وأولادهم، فإنّ الأطفال سيعانون مشاعر الإحباط وسوف تترسخ لديهم أفكار سلبية مثل، «أنا لا قيمة لي إلاّ بما لدي» أو «لم أحصل على الهدية التي طلبتها إذًا أنا لا قيمة لي». إنّ غياب التوازن بين الاحتياجات العاطفية من جهة وكمية الهدايا من جهة، يولّد لدى الطفل شعورًا بالحاجة إلى الاشباع المادي فقط، ويتنامى هذا الشعور ليطغى على ما عداه من المشاعر الأخرى. ومن الاحتياجات العاطفية المقصودة هنا، شعور الأطفال بالاحترام، والحب، والتقدير، وبأنّ أهلهم ينصتون إليهم، ويهتمون بهم وبمشاعرهم ويقدّرون اهتماماتهم. ويتابع الطبيب النفسي: «الأطفال يستعيضون عن هذا الخلل بتجميع الهدايا والأشياء المادية». وفي النتيجة سرعان ما تفقد الهدايا أهميتها لديهم مع الوقت، أو بالعكس يصبّون اهتمامهم بالكامل عليها، ولا يظهرون أي اهتمام بالبيئة المحيطة بهم.
لدى العديد من الأطفال غرفة مليئة بالألعاب، ومع ذلك يشعرون بالملل والبؤس. في المقابل، يشعر الأطفال بحب والديهم إذا ربطتهم بهم علاقة قوية، وتنمو شخصياتهم بشكل سليم ومتوازن.
كيف يمكن أن يقدّم الوالدان الهدايا لأطفالهم بشكل صحيح؟
وفق علم النفس القليل يعني الكثير، أي كلما قلّت الهدايا وزاد الحب نمت الشخصية ونضجت. وقيمة الهدايا تكمن في قدرتها على تحفيز التطوّر والإبداع، وفي الوقت نفسه تحقيق المتعة الدائمة. لذلك على الأهل ابتكار أفكار جديدة والتفكير جيدًا في أنواع الهدايا التي يقدمونها لأطفالهم، وكذلك التركيز على الألعاب التي تعزّز قدرتهم على التواصل مع الآخرين.
إلى ذلك ينصح الخبراء الآباء والأمهات بإعطاء أبنائهم بعض الهدايا التي يصنعونها بأيديهم، فهي ستكون ذات قيمة كبيرة لدى الأطفال، تمامًا مثل «المنح» العاطفية واللحظات السعيدة التي يمضونها معًا.