- En
- Fr
- عربي
في البال
تبقى ذكرى الشهيد خالدة في ذاكرة أهله والوطن... وتبقى حكايات عدد من الشهداء أيقونة للبطولة يتناقلها الرفاق. من ذاك الضابط المغوار البحري الذي غدره البحر في أثناء قيامه بمهمة غطس لإنقاذ مركب صيد، إلى بطل من معركة نهر البارد، نفّذ أخطر المداهمات على أوكار الإرهابيين مستخدمًا درّاجاتهم النارية، وعند مغيب الشمس حين كان يُفترض أن تتوقف العمليات وتعود الآليات أدراجها، رفع يده موجّهًا الملالة فأصابته رصاصة الغدر متحايلةً على درعه الواقي ومصيبةً قلبه بشكلٍ مباشر. وثالث أُصيب في المعركة نفسها مرارًا وكان في كل مرة ينتصر على أوجاعه ويعود إلى القتال، وفي طريق العودة، وسط نثر الأرزّ والورود وزغاريد الحشود التي استقبلت الأبطال العائدين منتصرين من نهر البارد، كان قدره أن يستشهد...
ورابع وقّع وصيته «العريف الشهيد...» التي كتبها على وصفة طبية، وأعاد كتابتها على الحائط. عرف أن الواجب يناديه فاستجاب. شعر بأنّه سيقدّم حياته فداءً للوطن. كتب وصيته ومضى إلى واجبه شجاعاً مقداماً لا يرهبه الموت.
وفي عرسال، تحكي الجرود عن بطولات رجال قارعوا الخطر وما استكانوا أو تراجعوا. ذاك الذي رفض أن يترك عسكرييه وسط المعركة، ورفض أن يسلّم بقعته للإرهابيين، فانتصب كالأرزة في وجه العاصفة وحارب حتى الرمق الأخير باللحم الحي ليقطع الطريق عليهم وعلى مخططهم الإجرامي. وذاك الذي لو كان لرصاصة القنص أن تدرك ما تفعله، لاعتذرت لأنّها ضلّت طريقها وأصابت قلبه الكبير...
وفي بيوت الشهداء وعائلاتهم بطولات طوت الجراح العميقة وانصرفت إلى رعاية أبناء الشهداء وخدمة المؤسسة، اسألوا تلك المرأة الجبارة التي خسرت زوجًا وابنًا، نسران كان صعبًا عليهما البقاء على الأرض، فاستشهدا في علياء سماء الوطن.