- En
- Fr
- عربي
عبارة
قد يبادر البعض إلى التساؤل، ما هو السرّ الذي يقف خلف منعة المؤسسة العسكرية، في ظل استمرار الأزمات الإقليمية التي تتصادم رياحها فوق أرض الوطن بين الحين والآخر، وفي حمأة احتدام التجاذبات الداخلية التي كادت تربك مسيرة الدولة على أكثر من صعيد.
أو قد يتساءل البعض الآخر، كيف لهذه المؤسسة الاّ تشعر بالتعب وتتراجع عزيمتها، وهي تواصل مهماتها منذ سنوات طويلة بلا توقّف، مقدّمةً قوافل الشهداء والجرحى، وأدًا للفتنة وحفاظًا على مسيرة الأمن والاستقرار في كل مدينة وبلدة وقرية ومفرق من مفارق البلاد.
أمّا الإجابة عن هذين التساؤلين، فبالنسبة إلى قيادة الجيش وإلينا نحن كعسكريين واضحة للغاية، نعرفها كما نعرف أنفسنا وندركها كما ندرك أجسادنا. نختصرها بالقول: إن بنيان مؤسستنا قائم على أرض صلبة لا تنال منها العواصف العتية.
الأرض الصلبة، هي أولًا، تلك التنشئة العسكرية الراسخة التي تلقيناها في خطواتنا الأولى، فأكلنا من معجنها الصالح، ونهلنا من ينابيعها الصافية.
وهي ثانيًا، تلك الثوابت الوطنية التي حفظناها ومارسناها عن ظهر قلب، فأنارت لنا طريقنا، وأوضحت لنا العدو من الصديق، العدو هي إسرائيل صاحبة الذراع الطويلة في العدوان على لبنان، ثم الإرهاب وهو الوجه الآخر لعملتها المسمومة، يليهما العابثون بالأمن إلى أي جهة انتموا، أمّا الصديق فهو الشقيق أو الصديق الذي يقف إلى جانب لبنان في محنه، ولا يوفّر وسيلة لدعم الجيش في أداء مهماته الوطنية.
والأرض الصلبة ثالثًا، هي فهمنا العميق لرسالة لبنان، تلك الرسالة التي تمثّل معنى وجوده واستمراره، وبالتالي أهمية الحفاظ على صيغة العيش المشترك بين أبنائه، كأساس للحفاظ على وحدته واستقلاله، وموقعه الإنساني والحضاري الرائد بين سائر بلدان العالم.
والأرض الصلبة رابعًا، هي ثقة المواطنين بالجيش، والتفافهم حوله، لأنهم يثقون بأدائه، ويراهنون على دوره الإنقاذي عند كلّ منعطف خطير.
ويبقى خامسًا، العمل المؤسساتي الصحيح الذي يميّز مؤسستنا، على قاعدة التجرد والنزاهة والشفافية، والكفاءة والإنتاج، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في كل شأن من شؤونها.
بعد ذلك، هل يستغربنّ أحد سرّ قوة مؤسستنا وتماسكها ومناعتها، والهمم المشتعلة أبدًا في صدور جنودها؟