- En
- Fr
- عربي
ملف العدد
بين الآلة والنوتة: الاحتراف والجمال
من تنوّع الآلات في الفرقة الموسيقية وتآلفها، يولد سحر الموسيقى ويروي الاحتراف حكاية جمال.
وبين تجديد آلة اللير واستعادة القربة لمكانتها، تؤكد موسيقى الجيش التزامها إرثها الغني ومواكبتها روح العصر في آن.
القطعة العريقة ذات الحضور الساطع في مختلف المناسبات، شهدت في العام ٢٠١٠، تأسيس مدرسة الموسيقى كإطارٍ أكاديمي لصقل المواهب وتدريبها، وبالتالي وضعها على سكة الاحتراف. فهي المدرسة مسؤولة عن كل المهمات الدراسية المتعلقة بالقسم النوعي (اختصاص موسيقى) من المكتب رقم ١ إلى المكاتب المتقدمة أي المكتب رقم ٦ الذي يتخرج منه المتدربون برتبة ملازم موسيقي.
لم يقتصر دور المدرسة على تدريب موسيقيي الجيش، فقد أسهمت في تدريب عناصر شكّلوا نواة فرقة موسيقى الأمن العام، والتعاون بين الطرفَين ما زال قائمًا لغاية اليوم.
المناهج
تتجدّد المناهج المعتمدة في موسيقى الجيش سنويًا والتجديد يُطاول بشكلٍ أساسي طرق التعليم، وذلك بالتنسيق مع مديرية التعليم.
نظرًا إلى نشأتها في ظل الانتداب، تأثرت موسيقى الجيش بالتراث الفرنسي، ولكنها كوّنت شخصيتها الخاصة، وتفاعلت مع تجارب الآخرين، ومن بينهم المدرسة الإنكليزية، خصوصًا في ما يتعلق بالسولفيج والنظريات الموسيقية وطريقة العزف.
أبرز المواد التي يتابعها المتعلمون في مدرسة الموسيقى هي: القراءة الموسيقية الإيقاعية والغنائية (سولفيج)، والنظريات الموسيقية، والعزف على الآلة.
وتتضمن المادة الأخيرة تعليم أسـس القواعد العامة والمناهج المتعلقة بالآلات الموسيقية المعتمدة في الجيش لجهة التعرّف إلى أقسامها، والعزف عليها.
ثمّة فارق بين معاهد الموسيقى الخاصة ومدرسة الموسيقى في الجيش اللبناني. فالتدريب في موسيقى الجيش يومي ومكثف، وهو يشمل أيضًا دورات يتابعها المتدربون برفقة مدربيهم، وتستغرق بين شهرين وثلاثة أشهر. والمستوى الراقي الذي وصلت إليه هو نتيجة هذه التدريبات.
تتميز موسيقى الجيش برقيّ أدائها لأهم المقطوعات التراثية، والأغاني اللبنانية والعربية والعالمية، ولا سيّما الكلاسيكية منها. ويتألق عسكريوها في عزف ألحان التشريفات، والأناشيد والمارشات العسكرية، مستخدمين آلات النفخ ذات الجودة العالية التي تُصدر الصوت الموسيقي النقي، الصافي. لذلك تُستَقبَل بحرارةٍ وتحوز الإعجاب أينما حلّت، فهي رفيقة المناسبات الرسمية والأعياد الوطنية والاحتفالات الشعبية ونجمتها المتألقة.
تستخدم موسيقى الجيش آلات النفخ الخشبية والنحاسية، إضافة إلى الآلات الإيقاعية، في حين أعادت إحياء آلة اللير الإيقاعية في العام ٢٠١٨، وكان سبق ذلك إحياء آلة القربة في العام ٢٠١٧، التي تستعمل في الاحتفالات العامة المفتوحة وفي عزف المارشات العسكرية.
وتحرص أيضًا على مواكبة التطوّر، ففي هذا الإطار، تُطوّر مدرستها برامح تأليل الموسيقى وتُحدّثها، لناحية التوزيع الموسيقي والتنويت، لذلك، تُتابع العناصر الفنية أحدث التقنيات وبرامج الكومبيوتر، فضلًا عن تحديث بعض الآلات وشراء أخرى.
إلى ذلك، يخضع العسكريون في مشغل الآلات الموسيقية وباستمرارٍ إلى دورات في لبنان وخارجه، بغية التعرّف إلى أحدث تقنيات تصليح الآلات التي تحتاج للمساعفة وفق الحاجة.
تعاون وشراكة
تجمع بين موسيقى الجيش والمعهد الوطني العالي للموسيقى - الكونسرفتوار علاقة تعاون وشراكة قديمة العهد، تُترجم من خلال المشاركة في الاحتفالات الوطنية الكبرى، إضافة إلى مشاركة بعض عناصرها مع الأوركسترا الوطنية وفرقة Big Band، كما أن البعض من عناصر موسيقى الجيش هم طلاب في المعهد.
الموسيقى هي بحر واسع، كلّما غرفنا منه اكتشفنا أننا لم نحصل إلا على القليل القليل. وبالتالي فإنّ عناصر فوج الموسيقى يحتاجون إلى علم ومتابعة وتدريب يومي، كي يبقوا على جهوزية عالية، تطبع اسم الجيش في سجل حضارة الشعوب.