- En
- Fr
- عربي
العوافي يا وطن
يفصل العيد بين زمنين، الزمن اليومي العادي، والزمن المرتجى، الآتي مغلفًا بالأماني والآمال. الإنسان مفطور على الأمل، والعيد محطة نودّع فيها ما كان وننتظر ما نحب أن يكون. في هذه المحطة يجتمع الأهل والأصحاب، روح البهجة تكون أقوى حيث يكون المرء محاطًا بمن يحبهم ويشاركهم التطلعات والآمال، كما الهموم والمتاعب.
احتفالات العيد ببريقها وما يرافقها من دعوات وموائد وسوى ذلك، مساحة ضرورية لكسر الرتابة والتغلّب على ما لا يمكن التغلّب عليه إلا في دورة جديدة للزمن.
هكذا كان الناس في المجتمعات القديمة يعمدون إلى إقامة الاحتفالات الصاخبة ليلة رأس السنة مودّعين ليس فقط عامًا مضى، بل عالمًا كثرت مشاكله ومفاسده وصار من الضروري الخلاص منه عبر تحطيمه رمزيًا، ليولد عالم جديد، نقي، على صورة ذلك الذي خلقه الله في البدايات.
في الأيام الماضية احتفل اللبنانيون بالأعياد وفي نفوسهم أمل كبير رغم قسوة المشهد المفتوح على مختلف أنواع الهموم والأسئلة. رغم الضائقة الاقتصادية تجوّل الفرح في الشوارع والمنازل. تجوّل محروسًا بهمة الوحدات العسكرية والأمنية وسهرها. ومدعومًا بروحية التضامن بين اللبنانيين والتي تجلت بأروع مظاهرها.
في المراكز التي يكتنفها الثلج صنع العسكريون بهجة العيد بثباتهم. كسروا قسوة الصقيع بإيمانهم، تقاسموا خبز العيد والإلفة معلنين دوام العزم والعطاء. وفي الشوارع حرسوا فرح الناس وتنقلاتهم مواصلين مسيرة تعب يعرفون أنّها لا تنتهي.
في البيوت الباردة الخاوية إلا من ناسها المتعبين، وجد الكثير ممن كسرتهم الحياة وحرمتهم فرحها أيادي كريمة حملت إليهم باقات أمل ومحبة. حلّ العيد وانزاحت الهموم في تلك البيوت، وإن لوقت...
بالأمس كان عيد، أما الغد فمسيرة طويلة.
مسيرة سوف تحتاج منا إلى الكثير من الوعي والإرادة والتضامن، وسوف يكون جيشنا خلالها في طليعة حراس الأمل. سيكون سدًا منيعًا في وجه أي محاولة لأخذ الوطن إلى مزالق الشرذمة ومتاهات الفتن.
.العوافي يا جيشنا
.العوافي يا وطن