- En
- Fr
- عربي
ملحق خاص: خليك مستعد لعدوك المستجد
لماذا التعبئة العامة؟
في 15 آذار 2020 عقد مجلس الوزراء جلسة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، استمرت نقاشاتها المتمحورة حول مواجهة أزمة فيروس كورونا ساعات طويلة. خلصت الجلسة إلى إعلان التعبئة العامة بينما كان البعض يطالب بإعلان حالة الطوارىء.
لماذا أعلن مجلس الوزراء التعبئة العامة في مواجهة كورونا وليس حالة الطوارىء، وماذا يقول القانون في هذا الإطار؟
بحسب النصوص القانونية، هناك فرق بين إعلان حالة الطوارئ التي تُفرض لدواعٍ أمنية، وبين التعبئة العامة التي تكون عادة في مواجهة أي خطر يدهم البلاد من دون ذكر ماهيته بالتحديد. فالقانون يشير إلى أنّ إعلان حالة الطوارئ يتم وفق ظروف خاصة يحددها «تعرّض البلاد لخطرٍ داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو إضرابات تهدّد النظام العام والأمن». وللسلطة العسكرية العليا في حالة إعلان الطوارئ أو المنطقة العسكرية الحَق في: «فرض التكاليف العسكرية بطريقة المصادرة والتي تشمل الأشخاص والحيوانات والأشياء وكذلك الممتلكات، وتحرّي المنازل في الليل والنهار، وإعطاء الأوامر بتسليم الأسلحة والذخائر والتفتيش عنها ومصادرتها، وفرض الغرامات الإجمالية الجماعية، وإبعاد المشبوهين، واتخاذ قرارات بتحديد أقاليم دفاعية وأقاليم حيطة تصبح الإقامة فيها خاضعة لنظامٍ معيّن، وفرض الإقامة الجبرية على الأشخاص الذين يقومون بنشاطٍ يشكّل خطرًا على الأمن، واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المعيشة لهؤلاء الأشخاص ولعائلاتهم، ومنع الاجتماعات المخلّة بالأمن، وإعطاء الأوامر بإقفال قاعات السينما والمسارح والملاهي ومختلف أماكن التجمع بصورةٍ مؤقّته، ومنع تجوّل الأشخاص والسيارات في الأماكن وفي الأوقات التي تحدد بموجب قرار، ومنع النشرات المخلّة بالأمن واتخاذ التدابير اللازمة لفرض الرقابة على الصحف والمطبوعات والمنشورات المخالفة».
أمّا التعبئة العامة، ووفق المادة الثانية من الفصل الأول لقانون الدفاع الوطني التي استند إليها المجلس الأعلى للدفاع، فهي تدابير تتّخذ عند التعرض للخطر: «إذا تعرّض الوطن أو جزء من أراضيه أو قطاع من قطاعاته العامة أو مجموعة من السكان للخطر يمكن إعلان حال التعبئة العامة أو الجزئية لتنفيذ جميع أو بعض الخطط المقررة، على أن تعلن التدابير بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناءً على إنهاء المجلس الأعلى للدفاع». وتشمل إجراءات التعبئة العامة أحكامًا خاصة تهدف إلى: «فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها، وفرض الرقابة على المواد الأولية والإنتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وتخزينها وتصديرها وتوزيعها، وتنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات، ومصادرة الأشخاص والأموال وفرض الخدمات على الأشخاص المعنويين والحقيقيين، وفي هذه الحالة تراعى الأحكام الدستورية والقانونية المتعلّقة بإعلان حالة الطوارئ».
بناءً على النصوص القانونية المذكورة والتي لا تلحظ ما يعرف بحال الطوارئ الطبية أو الصحية كما هو الحال في بعض الدول، وبما أنّ الوضع الحالي يشكّل حالة طوارئ صحية لا أمنية، فقد وجد المجلس الأعلى للدفاع أنّ التدبير الأنسب هو إعلان حالة التعبئة العامة التي تستوجب تعاون الأجهزة وتُشرك المواطن بتحمّل المسؤولية، ولا تفرض عليه حظر التجوّل ومنعه، وبذلك تمّ الإبقاء على عمل بعض المؤسسات التي تُسَيِّر أمور الناس وشؤونهم.
الجيش في المواجهة
انطلاقًا من هذا القرار الذي نتج عنه تكليف رسمي للأجهزة الأمنية، فإن الجيش يعمل كما باقي الأجهزة الأمنية على مؤازرة الوزارات التي تعمل على تطبيق مرسوم التعبئة العامة منعًا لتفشّي الوباء، إضافةً إلى منع التجمّعات، والسهر على تطبيق هذا المرسوم، علمًا أنّه وانطلاقًا من واجبه الوطني الذي يفرض عليه حماية الوطن أرضًا وشعبًا، بدأ الجيش حملة توعية من وباء كورونا على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به قبل قرار التعبئة العامة، حث فيها اللبنانيين على البقاء في منازلهم لمنع تفشي الوباء.
فقد حرصت مديرية التوجيه على تحديث البوستات مرافقةً الحملة الإعلامية والأفلام المصورة التي نُشرت على التلفزيونات. فشهدت مواقع التواصل مشاركةً وتفاعلًا مميزًا وكبيرًا مع منشوراتها، وحملت التعليقات تشجيعًا ودعمًا قويَّين للجيش اللبناني، ودعاءات بأن يحمي الله هذا الجيش الذي يشكّل خشبة الخلاص ومصدر الأمان والثقة لشعبه. كذلك، نظّم الجيش طلعات بالطوافات في جولات فوق مختلف المناطق اللبنانية، حيث أطلق نداءات عبر المكبّر الصوتي تمنّى فيها على المواطنين ملازمة منازلهم حفاظًا على صحتهم.
جدير بالذكر، أنّ قيادة الجيش استدركت في مرحلة مبكرة الخطر الصحي الذي يهدد الوطن بشعبه ومؤسساته، فباشرت قبل دخول كورونا في لبنان مرحلة الخطر «خطة طوارىء» داخل المؤسسة العسكرية تضمنت سلسلة إجراءات وقائية من بينها إصدار كتيّب وُزّع على مختلف وحدات الجيش يتضمّن شرحًا عن فيروس كورونا وإجراءات الوقاية منه، كذلك أصدرت مذكرات وتوجيهات داخلية تحدّد كيفية التعامل مع المرحلة. وقد شملت التوجيهات تجميد اتباع بعض التصرفات التقليدية الرائجة في مجتمعنا كالسلام والتقبيل، وفي مقابل ذلك عممت على العسكريين وجوب ارتداء الكمامة داخل المنشآت التابعة للجيش، وألزمتهم الافصاح عن احتمال وجود حالات إصابة مؤكدة أو مرجحة بفيروس COVID-19، وإبلاغ قطعهم في حال حدوث احتكاك مع إحدى الحالات خارج السلك، قبل الالتحاق مجددًا بها لاتخاذ الإجراءات اللازمة. فضلًا عن ذلك اتخذت تدابير تتعلق بدوام العمل بما يحول دون الاكتظاظ في الثكنات والمراكز.
كما أطلقت القيادة حملة تعقيم داخل القطع والوحدات والمنشآت التابعة للجيش، وقامت بتأمين مستلزمات الوقاية الضرورية كافة بما فيها المستحضرات الطبية الخاصة بالحماية من الفيروسات لا الجراثيم.
في الإطار نفسه، تم تكليف عنصر على مدخل كل مبنى عسكري بمعاينة حرارة الوافدين من عسكريين وموظفين مدنيين، على أن يدوّن على جدول اسمي أي تغيرات قد تظهر على أي منهم بهدف متابعتها. وقد اتخذت الإجراءات نفسها في مبنى وزارة الدفاع الوطني، رافقها حرص شديد على اتباع الزائرين إرشادات السلامة والوقاية ومن ضمنها ارتداء القفازات والكمامات.