- En
- Fr
- عربي
أسماء لامعة
حسين ماضي: الحياة في صومعة الفن تصنع حياة وتجربة
لاعب أشكال وألوان، صاحب ريشة مبدعة، وعملية نحتية متميّزة وصاحب فلسفة كونية تقرّبه من الله، المبدع الأعظم!
إنه الرسام والنحات حسين ماضي، عاشق الألوان والأشكال...
تفاحتان وعصافير!
ولد الفنان حسين ماضي في بلدة شبعا - جبل حرمون في 4 شباط العام 1938، في عائلة مؤلفة من خمسة أولاد. والده علي ماضي كان عسكريًا في قوى الأمن الداخلي, ما اضطر العائلة إلى الانتقال من منطقة لبنانية إلى أخرى، وهكذا اختزن ماضي في ذاكرته ومخيّلته الكثير من جمال طبيعة لبنان الخلابة، التي يعتبرها مخزنًا من ذهب. ولكن أكثر ما انطبع في نفس الصبي هو تلك النزهات البرّية التي كان يقوم بها برفقة « معلمه» جده موسى ماضي (طبيب عربي) في منطقة شبعا المحاذية لجبل الشيخ، الرائعة بطرقاتها المتعرّجة وينابيع مياهها... كان يسبح في النهر ويقطف الجوز, بينما كان جده «أبو الهول» كما يحب أن يسميه، يشرح له خصائص كل ما كان يشاهده في الطبيعة من أشجار وأزهار وفواكه... تعلّم منه الصبر والاحترام والتعامل الصحيح مع الكائنات، ومن أحد أقواله المأثورة: «الشجر يجب أن لا ينحني، وإلا فلن تجد الطيور لها مأوى تركن إليه».
بذور موهبة الرسم لديه بدأت ملامحها تتّضح، قبل عمر السنتين والنصف. كانت الألوان تدهشه. وفي إحدى المرات، التقط صورة لتفاحتين، فراح يتأملها بفرح، وكأنه التقط لعبة طالما حلم بها.
حمل شغفه بالرسم والألوان إلى صفوف الدراسة، فما كان من أحد أساتذته في مدرسة المختارة (خليل سمعان) إلاّ أن نبّه والده قائلاً له: «إبنك ولد ذكي، ولكنّه يضيّع الوقت في رسم العصافير على هوامش دفاتره، ولا يعير أهمية لدروسه على الإطلاق».
بين لبنان وروما
بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية التي تلقّاها في عدة مدارس في لبنان (مدرسة المختارة الرسمية ومدرسة النبطية...) إنتسب إلى الأكاديمية اللبنانية للفنون (Alba) ونال منها شهادة الدراسات العليا في الرسم والنحت.
في كانون الأول من العام 1963، نال منحة من وزارة الثقافة، وسافر إلى روما وانتسب إلى أكاديمية الفنون «Faculty of Arts» ودرس فيها أصول الرسم والنحت والموزاييك والفريسك.
أقام في روما زهاء اثني عشر عامًا ثم عاد إلى لبنان، أنشأ محترفه الخاص ودرّس في معهد الفنون في الجامعة اللبنانية. ترأس جمعية الفنانين اللبنانيين منذ العام 1982 ولغاية 1992.
حين نرى بدايات حسين ماضي الأولى، نفاجأ بأنها لا تكشف لنا بسهولة سرّها. السهولة على كل حال ليست خاصية ماضي ومن يأتيه من هذا الباب، لا يدخل الى عالمه.
له فلسفته ونظرته الخاصتين، ويقول في هذا الإطار «جميع الناس يرون الطبيعة، ولكن كثيرون منهم لا يتقنون قراءتها ولا يتمكنون من الدخول إلى معاني أشيائها، لأن الله خلقها قبل الإنسان. إنها مبدأ هندسي حسابي، وكل شيء في الكون مرسوم بالخطين، المستقيم والمنحني، ومبدأ التكوين، ثابت لا يتغير على مرّ الزمن».
«الفنان اللاعب»
يمارس ماضي هواية الرسم ويلعب بالألوان والأشكال النحتية المتميزة بسعادة فائقة، ويفضل اللون Orange Blue Cobalt على كل الألوان.
يرسم وينحت الأشكال الرائعة، معتمدًا عملية حسابية معينة، وهو بحق لاعب أشكال بقدر ما هو صانع أشكال، يعشق فنه والخالق ولبنان، لا ينتمي إلى طائفة، أو حزب، يحترم الطبيعة، وكل إنسان يتقن مهنته على أصولها.
إنه الفنان اللاعب، كما يرغب أن يسمّى، المتأثر بالمبدع الأعظم الله الخالق، «العليم الخبير بكل شيء»، والذي كان علينا التعلّم منه عظمة الخلق كي تبقى الحياة مستمرة. ويقول مع الشاعر غوفي: «أرى بيدي وألمس بعيني»...
يتنقّل ماضي اليوم بين لبنان وإيطاليا التي تملك نحو 65 في المئة من الثروة الفنية العالمية، والتي قدّمت له وسامًا من رتبة فارس.