- En
- Fr
- عربي
تطوير أداء الخدمات الحكومية في لبنان رؤية استراتيجية
المقدمة
تسعى الحكومات في معظم الدول، للقيام بعملية إصلاحات، تطال إدارات الدولة عبر أساليب ومخططات وأدوات جديدة، بهدف رفع مستوى تقديم الخدمات إلى المستفيدين بفعالية وكفاية، وتكون أكثر استجابة لحاجاتهم، وأكثر اهتمامًا بضبط الإنفاق واستعدادًا للمساءلة. لقد كان لثورة التكنولوجيا الهائلة أثر واسع في تواصل الدول والشعوب وتفاعلها بعضها ببعض، بشكل سريع وقد نتج عن هذا التقدم أفكار ومفاهيم اقتصادية واجتماعية تطرق إليها الباحثون بدراساتهم تحت عنوان العولمة «Globalization». وبالرغم من أن الإدارة العامة في كل مكان تقوم بالإصلاحات الإدارية وتسعى باستمرار لتحسين الأداء الإداري، فإن الحكومات، وبفعل الثورة التقنية ومفاهيم العولمة الحديثة، دُفعت إلى التفاعل وتبني مفهوم الحكومة الالكترونية والأفكار الإدارية الجديدة. كذلك فإن النجاح المستمر الذي يحققه القطاع الخاص، بابتكار مفاهيم وتقنيات إدارية جديدة، حفز المختصين بالقطاع العام إلى إمكانية تطبيقها في الإدارات العامة في كثير من دول العالم.
قام لبنان منذ أوائل التسعينيات، وكما في معظم الدول، بمجموعة من الإصلاحات والتحسينات الإدارية، كانت انعكاسًا للنظريات الإدارية السائدة والمرتكزة على إلاصلاحات والتنمية الإدارية لتتكيف وضرورة إرضاء احتياجات المستفيدين من الخدمات الحكومية.
أصابت الحرب الأليمة التي عصفت بلبنان لفترة تجاوزت العقد من الزمن، وبفعل الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان والعدوان الدائم عليه، مؤسسات وأفراد الإدارة العامة اللبنانية بالضعف والترهل. وكان لاتفاق الطائف الدور الأبرز في إنهاء الحرب اللبنانية والقيام بالعديد من الإصلاحات السياسية والإدارية، بخاصةٍ على صعيد توزيع السلطات وصلاحياتها. وترك اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005 آثارًا سلبية من النواحي السياسية والامنية والاقتصادية، أدت إلى تعثّر تطبيق العديد من المشاريع المرتبطة بالتطوير والتنمية الادارية كما كان مخططا لها.
لقد أدى سوء أداء تقديم الخدمات العامة في السابق، إلى وجود ضغوط سياسية وشعبية على الحكومات المتعاقبة، كي تعيد تأهيل الإدارات الحكومية، ومن ثم التركيز على نوعية تقديم الخدمات وسرعتها الى المواطنين. إن المفهوم الجديد للمواطن والمجتمع (المرتكز على إشباع الاحتياجات) دفع الحكومات إلى إيجاد نظام خدمات يعتمد على الكفاءة والفعالية والاقتصاد في استخدام الموارد، والنوعية والاستمرار والمساءلة والشفافية والاستجابة السريعة لحاجات المواطنين، والصدق والاستقامة والوفاء لمبادئ العدالة وعدم التحيز وتحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع كافةً.
إن الوصول إلى هذا النظام، يتطلب القيام بعملية إصلاح وتنمية مستمرة على المستويات الإدارية كافة. لقد كان أوّل اهتمامات جميع الحكومات المتعاقبة منذ بداية التسعينات القيام بعملية تأهيل وإصلاح وتنمية إدارية للإدارة العامة اللبنانية.
إن الإصلاحات الإدارية التي تبنتها العهود المتعاقبة، وعبر عقود من الزمن كانت ظرفية ومؤقتة، وتتعلق بمشاكل إدارية متعددة وبيروقراطية متصلبة وفساد إداري مستشر، أدى في معظم الأحيان إلى فشل هذه الإصلاحات، وإلى فقدان ثقة المواطن بالإدارة العامة وبخدماتها[1].
من هنا بدأت الدولة، ومن ضمن مناخ عالمي جديد وفشل المحاولات الإصلاحية السابقة، في العمل لإصلاح الإدارة وتحديثها تحت عناوين الإصلاح الإداري «Administrative Reform» أو إعادة هندسة الإدارة أو «الهندرة» «Reengineering» أو إعادة الابتكار «Reinventing» واستخدام أدوات جديدة[2] (نظام الجودة الشاملة «Total Quality Management (TQM)M»، الإدارة بالأهداف «(Management by Objectives (MBO»[3] ومن ثم الحكومة الالكترونية «E-government» وذلك بهدف تعزيز إمكانية قيام نظام خدمات وفق مفاهيم جديدة يرتكز على النوعية «Quality» والاستجابة «Responsiveness» والفعالية «Effectiveness» والكفاءة «Efficiency»[4]. لقد بدأ لبنان هذه التجربة منذ تشكيل حكومة الرئيس الحريري الأولى في العام 1993، كجزء من خطة النهوض 1993-2002 التي تبنتها الحكومة في تلك الفترة، وبدأ الحصول على الهبات والقروض من الدول والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية لدعم تأهيل الإدارة العامة اللبنانية وتحديثها، حيث ما زالت بعض نواحي هذه التجربة قائمة من خلال وضع استراتيجيتين لتحديث الادارة العامة والحكومة الالكترونية، ومن خلال البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، التي شددت على تحديث الإدارة ومكافحة الفساد وتطبيق مشروع الحكومة الالكترونية[5].
مشكلة الدراسة
على الرغم من الإصلاحات العديدة التي قامت بها الدولة لتحسين أداء الخدمات الحكومية، فإن نجاح تطويرها، يظل محدودًا، كما الإصلاحات في العديد من دول العالم[6]. تكمن المشكلة الأساسية في هذه الدراسة حول صعوبة تحقيق الخطط والاهداف الموضوعة لتحديث نظام الخدمات العامة وتطويره والذي يعتمد على الكفاءة والفعالية والاستجابة. إذ أن جودة الخدمة تكمن بمدى قيام الإدارات العامة بتحقيق توقعات المستفيدين من هذه الخدمات، وهذا لم يصل إلى المستوى المطلوب.
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى عرض مبادرات التطوير والتنمية الادارية وتحليلها منذ بداية التسعينات ومدى انعكاس ذلك على رفع مستوى تقديم الخدمات إلى المستفيدين. إن الإصلاح الإداري والتنمية الإدارية هما عمليتا تطوير مستمرتان لإدارات الدولة ومؤسساتها ، بهدف بتحقيق أعلى قدر من الخدمة الجيدة للمواطنين، واستجابة سريعة لمتطلباتهم. لقد أقدمت الدولة على مجموعة من الخطوات العملية لتأهيل أداء الإدارة وتطويرها في مجموعة من إدارات الدولة ومؤسساتها. وبذلك يمكن تحديد الأهداف الأساسية لهذه الدراسة كما يلي:
1. مساهمة الإصلاحات الإدارية التي تمت في تقديم الخدمات إلى المواطنين بكفاءة وفعالية والاستجابة السريعة لحاجات المواطنين.
2. نجاح الإصلاحات الإدارية بمختلف مستوياتها وتأثيراتها على الأعمال الإدارية، وبالتالي على تقديم الخدمات إلى المواطنين.
3. الاستفادة من تجارب مختلفة بهدف تعزيز تقديم الخدمات إلى المواطنين والاستجابة السريعة لحاجاتهم.
4. وضع إطارعمل لتطويرالخدمات الحكومية.
أهمية الدراسة:
تتمثل أهمية هذه الدراسة في أنها:
1. تقدم مراجعة عامة للخطوات التي قامت بها الحكومة، لتطوير أداء الخدمات الحكومية منذ بداية التسعينات.
2. تناقش العوامل التي تعيق نجاح الخطوات الحكومية في الإصلاح وتطوير أداء الخدمات الحكومية.
3. تقدم بعض الاقتراحات والتجارب التي تساعد على نجاح أدوات تطوير أداء الخدمات الحكومية.
منهج الدراسة
يعتمد منهج هذه الدراسة، الأسلوب الوصفي والتحليلي للمراجعات والتجارب المتعلقة بالخدمات الحكومية، للتعرف على الإجراءات التي اتخذت لتطوير أداء هذه الخدمات الحكومية، مستندًا إلى مراجعة مكتبية للمعلومات والإحصاءات والتقارير المتوافرة وتنظيمها لتسليط الضوء على تجارب الآخرين، والعوائق التي تواجه هذه الإجراءات، والسبل الكفيلة لإنجاحها.
الإطار النظري للدراسة
الدراسات السابقة
نظرًا لحداثة الاهتمام بالخدمات الحكومية ورضى المستفيد ، فإن معظم الدراسات تركّز على الاصلاح والتنمية الإدارية، والتغيير التنظيمي وتقديم الخدمات الحكومية. أما أهم هذه الدراسات فهي:
• في مجال الاصلاح والتنمية الادارية
أجريت دراسة ميدانية (القريوتي والعنزي، 2004) حول تقويم جهود الاصلاح الإداري في الكويت. أظهرت نتائج الدراسة ما يلى: 1) تدني محصلة الجهود المبذولة في مجال التطوير الإداري بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة تحظى بالدعم السياسي؛ 2) غياب وجود معايير موضوعية لقياس الأداء المؤسسي؛ 3) الانتقائية والجزئية وعدم التكامل في جهود التطوير؛ 4) الاهتمام القليل بالتطويرالاداري الذي يؤثر إيجابًا على المستفيدين من الخدمات العامة؛ 5) الاهتمام الكبير بالتدريب بمختلف أشكاله وعلى مختلف المستويات. وقد أوصت الدراسة بأهمية وضع استراتيجية وطنية للتطوير الإداري وتوفير دعم سياسي لها ووضع أنظمة مساءلة وتحفيز للقادة الاداريين[7].
أجرى (العكش، 2003) دراسة ميدانية حول الاصلاح الإداري في الأردن. وقد توصلت الدراسة إلى أن أسباب تخلف الجهاز الإداري تعود إلى مجموعة من الممارسات أبرزها: المحسوبية، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعدم ربط العمل القيادي الإداري بالإبداع وغياب نظام فعال للحوافز، وضعف أجهزة الرقابة الإدارية، وتدني مستوى الرواتب، وإهمال إعادة هيكلة الجهاز الحكومي. إقترحت الدراسة إيجاد فرص عمل جديدة، وضرورة إبداء الحكومة الجدية في تنفيذ برنامج الإصلاح الإداري، والتشجيع على التقاعد والإعارة والاستيداع، ثم الحد من المحسوبية، وتفعيل دور القطاع الخاص، وتطبيق القوانين والأنظمة بدقة[8].
أجريت أيضًا دراسة ميدانية (الفاعوري والعمادي، 2000) في دولة قطر للتعرف على أراء المديريين في القطاع الحكومي الخدماتي حول جوانب التطوير الإداري. وقد أظهرت الدراسة أن التطوير الاداري لا يحتل أهمية كبرى عند المديرين، وأن النجاح يتطلب تبني وحدات متخصصة للتطوير الإداري واقتناع المديرين بأهداف التطوير الإداري وفهمهم له[9].
• في مجال التغيير التنظيمي
إعتبر المدهون (1999) أن الاصلاح والتغيير يتمّان ضمن فرضيتين: 1) إمّا بطريقة سريعة أو بطريقة بطيئة؛ 2) موقف العاملين السلبي أو الإيجابي. فإذا اختارت الإدارة الأسلوب السريع وكانت اتجاهات العاملين إيجابية، فإن إنجاز ذلك يتم بإعادة هندسة الإدارة. أما إذا تم التغيير بطريقة بطيئة واتجاه إيجابي من العاملين، فإن تحقيق ذلك يتم من خلال إدارة الجودة الشاملة. في المقابل، إختارت الإدارة التغيير بأسلوب سريع وباتجاه سلبي من العاملين فإن ذلك يتم باستراتيجية تخفيض حجم العمالة. أخيرًا إذا أرادت الإدارة إحداث التغيير بصورة بطيئة وبموقف أيضًا سلبي من العاملين، فيتم من خلال إعادة الهيكلة البطيئة[10]. في هذا المضمار، أكّد (القحطاني، 1999) على أهمية تبني إدارة الجودة الشاملة كاستراتيجية «لتحقيق أهداف التطوير التنظيمي عن طريق التعامل مع العميل والبيئة الداخلية والخارجية للمنظمة والخدمة»[11].
وفي الاتجاه ذاته، أجريت دراسة استطلاعية (دقامسة، 2000)[12] حول إتجاهات المدراء في الإدارات الحكومية نحو التغيير التنظيمي. وقد أكدت الدراسة ضرورة التغيير التنظيمي وأهميته في مجال تطور المنظمات وتقدمها من خلال إشراك العاملين في جميع مراحل التغيير كجزء من عملية الإصلاح الإداري. أجريت أيضًا دراسة ميدانية (اللوزي، 1998) لمعرفة اتجاه الموظفين الحكوميين في الأردن حول مجالات إدارة التغيير وعلاقتها بعدد من العوامل مثل الجنس والحالة الاجتماعية والمؤهل العلمي والعمر ومسمى الوظيفة والخبرة .وقد أظهرت الدراسة وجود فروق تعزى إلى متغير الجنس بين اتجاهات العاملين نحو جميع مجالات إدارة التغيير. إذ كانت أعلى عند الذكور، وكذلك وجود تأثير لكل من متغير المؤهل العلمي والمسمى الوظيفي مع عدم وجود فروق حول متغيرات العمر والخبرة[13]. أما دراسة عواملة (1992)، فوجدت أن الحاجة إلى التغيير في المؤسسات الحكومية تعود إلى مجموعة من الأسباب منها داخلية، تتعلق بالمؤسسات الحكومية نفسها، والأخرى خارجية، ترتبط بالبيئة المحيطة بها. كما أظهرت الدراسة وجود مقاومة للتغيير داخل هذه الإدارات[14].
• في مجال تقديم الخدمات الحكومية
أجريت دراسة ميدانية (آل مذهب، 2009) حول توقعات المستفيدين من الخدمات الحكومية في مدينة الرياض. أظهرت نتائج الدراسة أن أهم الابعاد المحددة لرضا المستفيدين هي: التعامل مع المستفيدين، الاستجابة، الدقة، الاستعداد، وبيئة تقديم الخدمة. أما مستوى الرضا عند المستفيدين عن تقديم الخدمة فكان، بشكل عام، منخفضًا. وقد أوصت الدراسة بضرورة التأكّد من قدرات الموظفين المتعاملين مع الجمهور، وأهمية استخدام التقنية في تقديم الخدمات، وزيادة عدد ساعات العمل في الاجهزة الخدماتية، ودراسة توقعات المستفيدين بشكل دوري، وأهمية تقديم الخدمات المتعددة في مركز إداري واحد (one stop service)، وتدريب الموظفين بشكل مستمر.
كذلك أجريت دراسة (المعشر، 1999) للتعرف على مدى رضا القطاع الصناعي عن أداء دائرة الجمارك في الأردن. وقد بيّنت الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى رضا القطاع الصناعي عن أداء دائرة الجمارك تعزى إلى الوظيفة، إضافة إلى الكفاءة الفنية للدائرة نظرًا للمستوى التعليمي لأفراد العينة. وتوصلت الدراسة إلى أن مستوى الرضا العام للقطاع الصناعي الأردني عن أداء دائرة الجمارك كان مقبولا[15]. أُجريت أيضًا دراسة ميدانية (أبو تايه، 1999) حول مستوى الرضا عن خدمات القطاع العام في الاردن. وقد بينت الدراسة أن مستوى الرضا مرتفع بالنسبة إلى الخدمات المقدمة من الأجهزة التي تمت دراستها، وكذلك عن الخدمات بشكلٍ عام ويعود ذلك إلى عمر المستجيبين من العينة .هذا وقد أظهرت الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى الرضا عن خدمات مديرية الصحة تعزى لمتغيرات عمر المحل التجاري ودرجة التصنيف ومركز المتسجيب في المحل التجاري[16].
وفي اتجاه آخر، أجريت دراسة ميدانية (دقامسة، 2001) حول إشباع العاملين كونها تمثل أساسًا في تحديد نظم الحوافز التي من خلالها تحقق المنظمة إشباعًا للحاجات، والتي بدورها تمثل دوافع للأفراد وباتجاه ممارسة السلوك المرغوب فيه. أكدت الدراسة ضرورة دراسة مستوى الإشباع للحاجات في بيئة العمل والتي من خلالها تتمكن المنظمة من توجيه قدرات الأفراد العاملين وإمكاناتهم نحو العمل، وإطلاق قدراتهم الإبداعية من خلال المواءمة بين حاجات الأفراد ومتطلبات الإصلاح الإداري[17].
تجارب الاصلاح والتنمية الادارية في لبنان
إن الواقع المتردي للإدارة اللبنانية مرتبط إلى حدٍ كبير بطبيعة النظام السياسي وحالات اللاإستقرار السياسي والامني، والذي أدى إلى عدم حصول أي محاولة جدية وشاملة لإصلاح الادارة العامة منذ عام 1959. إن الإدارة العامة بوضعها الحالي لاتستطيع أن تكون إدارة فعالة لتقديم الخدمات إلى الجمهور بفعالية وكفاءة. حيث يشكو المواطن من تدني مستوى الخدمات، وتنفيذ اعتباطي وتعقيد في الاجراءات، وتأخر في إنجاز المعاملات، إضافة إلى الفساد، وتدخل السياسيين في الأمور العائدة للإدارة العامة.
المشاكل الأساسية التي تواجه الإدارة العامة اللبنانية:
تواجه الإدارة العامة اللبنانية العديد من المشاكل، أهمها[18]:
1. إدارة عامة مثقلة بالمهام والمسؤوليات الاجرائية والتي لا تعكس أولويات الدولة العصرية.
2. عدم ملاءمة تنظيم الإدارة وهيكليتها بسبب المركزية المشددة وعدم الترابط الفعال بين الإدارات مركزيًا ومحليًا (البلديات)
3. الضعف في التخطيط وصنع السياسات العامة والقوانين القديمة.
4. عدم وجود إدارة فعالة للموارد البشرية تتضمن تخطيط واستقطاب وتعيين وتطوير الموارد البشرية ووضع تعويضات عادلة.
5. تدني فعالية الأنظمة الإدارية يؤدي إلى ازدياد الفساد الإداري.
6. انعدام المساءلة بسبب ضعف أنظمة الرقابة.
7. عدم الاستفادة من تقنية المعلومات واستخدامها في مصلحة المواطن.
8. عدم وضع المواطن في صلب اهتمام الإدارة.
في ضوء هذه المشاكل، لا يمكن النظر إلى تطوير الخدمات الحكومية من دون مراجعة تجارب الإصلاح الإداري، والإصلاحات الإدارية التي اتخذتها الحكومة بهدف تطوير أداء الخدمات الحكومية.
تعريف الإصلاح والتنمية الإدارية
هناك تعريفات عديدة تم تداولها بين الباحثين والعاملين في هذا الميدان. وكما أشير سابقًا، فإن مفهوم الإصلاح الإداري أخذ مجموعة من العبارات المختلفة، لكنها هدفت جميعها إلى رفع مستوى الأداء بطرق مختلفة. يشير (Hammergren, 1983) بأن الإصلاح الإداري هو تغيير منتظم في الهيكلية والعملية الإدارية، بهدف القيام بتحسينات في النتائج أو «المخرجات الإدارية (Output)» ضمن بناء تنظيمي جديد[19]. والتنمية الإدارية هي مفهوم مرادف للإصلاح الإداري يشدد على تنمية الموارد البشرية والتطوير الإداري[20] بهدف «تحقيق أعلى قدر من خدمة كفوءة للمواطنين واستجابة سريعة لمتطلباتهم»[21]. وبذلك فإن مفهوم الإصلاح الإداري يرتكز على إعادة هندسة الإدارة، أو إعادة التصميم للعملية الإدارية لتؤدي أعلى قدر من الكفاءة والفعالية في تقديم الخدمات الحكومية إلى المواطنين. إذ إن عصر الهيكليات الكبرى قد انقضى، وإن الإدارات العامة في العالم، اليوم تبني هيكليتها في ظل فلسفة تقديم الخدمات، بأداء يتسم بالكفاية والفعالية والاستجابة إلى حاجات المواطنين.
الضغوط من أجل الإصلاح.
تزايد اهتمام الحكومات بتطوير تقديم الخدمات التي تمتاز بالفاعلية والاستجابة. أما ضغوط التحول إلى هذه السياسات فتعود للأسباب اللآتية:
1. ازدياد عجز موازنة الدولة اللبنانية، وبالتالي الدين العام، وما ينتج عنهما من حجم كبير لخدمة ذلك الدين. الجدول رقم 1 يظهر تطور النفقات الاجمالية، خدمة الدين العام، ونسبته من مجموع النفقات بين الاعوام 1996 و2009 إذ وصلت نسبة خدمة الدين العام من النفقات 35.5 % عام 2009.
جدول 1: النفقات الاجمالية في الموازنة العامة وخدمة الدين العام (1998 2009-) (بالمليار ل.ل).
السنة |
النفقات الاجمالية |
خدمة الدين |
نسبة خدمة الدين من النفقات |
---|---|---|---|
2009 |
17,167 |
6,087 |
%35.5 |
2008 |
14,957 |
5,304 |
35.5 |
2007 |
12,587 |
4,940 |
39.2 |
2006 |
11,879 |
4,557 |
38.3 |
2005 |
10,203 |
3,534 |
34.6 |
2004 |
10,541 |
4,021 |
38.1 |
2003 |
10,593 |
4,874 |
45.6 |
2002 |
10,139 |
4,622 |
45.6 |
2001 |
8,875 |
4,312 |
48.6 |
2000 |
10,621 |
4,197 |
39.5 |
1999 |
8,453 |
3,624 |
42.9 |
1998 |
7,906 |
3,352 |
42.4 |
1997 |
9,162 |
3,378 |
36.8 |
1996 |
7,225 |
2,653 |
36.7 |
المصدر: منشورات وزارة المالية. ww.finance.gov.lbw
2. الإنفاق المتزايد للحكومة على القطاع العام، وعدم ظهور تطور فعلي في أداء الخدمات الحكومية، بالشكل المطلوب، على الرغم من ترافقه مع زيادة النفقات. والجدول رقم 1 يظهر نمو النفقات بمستوى %161.6 ما بين 2000 و2009.
3. الفساد المستشري في الإدارة العامة، والذي انعكس سلبًا على تقديم الخدمات إلى المواطن، وفقًا لمبادئ الاستجابة والفعالية والكفاية. ويشير الجدول رقم 2 إلى مؤشرات الحوكمة، ومن ضمنها السيطرة على الفساد، والتي تظهر تدني السيطرة من 44.7 نقطة في العام 1998 إلى 22.9 نقطة في العام 2009.
جدول 2: مؤشرات الحوكمة في لبنان (1998، 2004، 2009)[22]
2009 |
2004 |
1998 |
مؤشرات الحوكمة |
---|---|---|---|
35.5 |
37.0 |
38.9 |
المساءلة |
9.0 |
20.7 |
18.3 |
الاستقرار السياسي |
30.5 |
42.2 |
52.4 |
فعالية الحكومة |
50.5 |
50.7 |
46.3 |
جودة النظم |
32.1 |
47.1 |
47.1 |
حكم القانون |
22.9 |
33.0 |
44.7 |
السيطرة على الفساد |
المصدر: البنك الدولي، مؤشرات الحكم العالمية.
عن الموقع ttp:/ / info.worldbank.org/ governance/ wgi/ index.asp
4. التطور التقني الهائل، وطرق استخدام المعلومات، دفع إلى إعادة النظر بالهيكليات التنظيمية السائدة، والعمل على تبني مفهوم الحكومة الالكترونية. والجدول رقم 3 يشير إلى مؤشرات استخدام تكنولجيا المعلومات في العام 2008.
جدول 3: مؤشرات استخدام تكنولجيا المعلومات في العام [23]2008\
المؤشر | العدد والنسبة |
---|---|
عدد مستخدمي شبكة الانترنت | 1196800 |
عدد الحواسيب المركبة | 674360 |
مؤشراستخدام تكنولوجيا المعلومات (23) | 0.91 |
انتشار الانترنت بين السكان | 28 % |
عدد حواسيب خدمة الانترنت (لكل 10 الاف من السكان) | 87.5 % |
المصدر: الاسكوا (2009)، «الملامح الاقليمية لمجتمع المعلومات في غربي آسيا»،
نيويورك، الامم المتحدة.
5. المحيط العالمي والتغييرات السياسية والاقتصادية، وما يرافق ذلك من تأثير على الإدارة العامة[24].
6. الشروط التي تضعها المؤسسات والدول المانحة من ناحية تبني السياسات الاصلاحية وآلية تطبيقها.
الأهداف الرئيسة لعملية الإصلاح والتنمية الإدارية.
إن عملية التطوير الإداري ليست في اتخاذ قرار للقيام بإجراءات معينة في فترة زمنية محددة، بل العكس، هي مسار طويل ممتد في الزمن، ويتطلب تخطيطًا وجهدًا وإرادة واعية، وتعاونًا بين مختلف مؤسسات الدولة، للوصول إلى بناء الدولة الحديثة.
إن هذا المسار الطويل، ينقسم إلى مسارين متكاملين: الأول، يتضمن الأهداف القصيرة المدى، ويهدف إلى إعادة تأهيل الحاجات المادية للإدارات والمؤسسات العامة والاستمرار بذلك (تأمين الحد الأدنى من المباني والتجهيزات والعناصر البشرية) لتتمكن من القيام بمهماتها، وتقديم الخدمات المطلوبة إلى المواطنين. أما المسار الثاني، فهو الأهداف المتوسطة والطويلة المدى، وهي الحركة المستمرة التي تهدف إلى تغيير جوهري في الهيكليات والتشريع والتنظيم، وشروط الخدمة العامة لبناء دولة عصرية، تكون من مقوماتها الأساسية الحكومة الالكترونية. ويوجز الجدول رقم 4 الاهداف القصيرة والمتوسطة والطويلة لعملية الإصلاح الإداري.
جدول 4: أهداف الإصلاح الإداري[25].
الأهداف القصيرة:
• إعادة تأهيل الادارات العامة بالحد الادنى (مباني، تجهيزات، عناصر بشرية)
الأهداف المتوسطة والطويلة:
• وضع هيكلية إدارية حديثة لكل إدارة ومؤسسة عامة، وذلك للتخلص من الإجراءات المعقدة وازدواجية المهمّات والصلاحيات.
• تركيز الدولة على المهمّات والنشاطات الرئيسة المتعلّقة بوضع الاستراتيجيات ورسم السياسات العامة
• تعزيز القدرة على صنع وتنفيذ السياسات، من خلال إنشاء وحدات للتخطيط في تبسيط وتحديث الاجراءات والنظم.
• تطوير الموارد البشرية، بحيث يتم إعادة تأهيل وتدريب وتطوير موظفي الإدارات والمؤسسات العامة، واستخدام مختلف الطرق والأساليب العصرية، لاختيار المرشحين للدخول إلى الإدارات العامة، وتصنيف وتوصيف الوظائف وتقييم الأداء.
• إدخال المعلوماتية، واستخدام المعلومات وتطبيق مفاهيم الحكومة الالكترونية، بهدف تحديث الإدارة، والتي ستنعكس على تبسيط الإجراءات واختصارها. ويتطلب ذلك تزويد الإدارات العامة بالتقنيات الحديثة، وتوفير برامج التدريب المتطورة، التي تساعد على إعداد العنصر البشري المؤهل للقيام بأعمال المعلوماتية المطلوبة.
• رفع مستوى الخدمات إلى المواطنين والاستجابة السريعة لحاجاتهم.
• تدعيم اللامركزية وتطوير الإدارات المحلية.
لقد أنجزت الحكومة الأهداف القصيرة في منتصف التسعينيات، وذلك بإعادة تأهيل ما كان سائدًا وما دمرته الحرب من أبنية وتجهيزات وعناصر بشرية. وبدأت العمل ضمن المسار الطويل الذي يهدف إلى بناء الإدارة العامة الحديثة. وفي هذا الإطار، فقد تسعى وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في الحكومات المتعاقبة مع الإدارات العامة المختلفة لتحقيق الأهداف المتبقية من خلال استراتيجيتين تم وضعهما واحدة لتنمية الإدارة العامة وتطويرها، والأخرى تتعلق بالحكومة الالكترونية[26].
الورقة الاصلاحية العام 1997
إذا كانت حدّة الإصلاحات الإدارية تشتد في إبّان الأزمات[27]، وهذا ما حصل فعلاً، عندما تبنى أركان الدولة اللبنانية، مجموعة من التوجهات الإصلاحية، لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي والإداري تحت عنوان «الورقة الإصلاحية»[28]. أما أهم ما تضمنته هذه الورقة فهي: المعالجات الإدارية، المعالجات على صعيد الدين العام، عصر النفقات، ووسائل زيادة الواردات.
في ما يهمّ المعالجات الإدارية، تشدد الورقة على: 1) إعادة النظر في الهيكلية العامة للدولة في اتجاه اختصار حجمها؛ 2) تفعيل أجهزة الرقابة من خلال إعادة النظر في تنظيمها؛ 3) إعادة النظر بقانون الموظفين وتطويره وتحديثه، لجعله يتناسب مع المتطلبات الحديثة للوظيفة العامة؛ 4) وقف التوظيف بمختلف أشكاله، ووقف توسيع الملاكات في جميع الإدارات العامة؛ اتخاذ إجراءات تتعلق بإيقاف بعض التعويضات والامتيازات التي يحصل عليها بعض الموظفين.
تتميّز هذه الإجراءات، بأنها توجهات كبرى تتوافق والتوجهات الإصلاحية العامة، والتي تهدف إلى تحسين تقديم الخدمة العامة إلى الجمهور وتعطيها دفعًا إلى الأمام. لكن هذه التوجهات تتطلب آلية تنفيذية ومتابعة مستمرة. لذلك فإن الأساس لأي قرارهو التنفيذ. أما أهم ما تم تنفيذه: فوقف التوظيف في مراحله الأولى وبعض الإمتيازات لعدد من الموظفين ووضع هيكلية جديدة لمجلس الخدمة المدنية، ودمج بعض المجالس مع مجلس الإنماء والأعمار. أما الإصلاحات المتعلقة بالهيكلية الإدارية فهي عملية طويلة بحاجة إلى وقت وجهد وعزيمة وهذا ما لم يتحقق.
عناصر تطوير الخدمات الحكومية:
أعطت الحكومات المتعاقبة حيزًا هامًا لهدف الإدارة العامة الأساسي في خدمة المواطن وفق مبادئ الفعالية والكفاية والاستجابة والشفافية. إن أهم عناصر تطوير الخدمات الحكومية ما يلي[29]:
• تبني مفهوم «جودة الخدمة» وإرضاء احتياجات المستفيدين.
• تبسيط الإجراءات وإصدار المنشورات التي تساعد المواطن على معرفة الخطوات الإجرائية لأي معاملة يريد القيام بها، والفترة الزمنية لتنفيذها.
• حصول المواطن على الخدمة المطلوبة، من موقع واحد، بدلاً من مراكز مختلفة، وفتح مراكز جديدة تتناسب وحجم الجمهور ومكان الإقامة.
• توفير العنصر البشري المؤهل، واستخدام الأساليب المناسبة في مواقع أداء الخدمات الحكومية.
• فتح مكاتب لتلقي مراجعات المواطنين وشكواهم حول مستوى أداء الخدمات الحكومية.
• تطوير البناء الإداري بما يتناسب وراحة العاملين والمتعاملين.
• تحديد ساعات العمل بشكل مرن (نظام الفريقين) للمواقع ذات الاتصال الواسع بالجمهور.
• فتح مكاتب لإستقبال المواطنين، وإرشادهم، وتزويدهم بالمعلومات المطلوبة بجميع معاملاتهم.
• وضع معدلات لجودة الخدمات العامة والعمل على تحسينها، والالتزام بهذه المعدلات.
• إستخدام تقنيات المعلومات ومفهوم الحكومة الالكترونية، التي تساعد على تأمين الخدمة للمواطن بمستوى عالٍ من الجودة والسرعة.
• مكافحة الفساد بأشكاله كافة وتدعيم الثقة بين المواطن والدولة.
تنفيذ استراتجية تنمية الخدمات العامة وتطويرها:
أعطت الحكومة أيضًا أهمية لتطوير الخدمات الحكومية وذلك من خلال عقد اتفاقات عديدة أجريت مع العديد من المؤسسات الدولية والاقليمية والمحلية، منها برنامج الامم المتحدة الانمائي، الاتحاد الأوروبي، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البنك الدولي، الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي، وغيرها من الهيئات والمنظمات. أمّا أهم ما تم العمل به فيتلخص بما يلي:
• تبسيط الإجراءات: لقد أعطت التشريعات أهمية لتقديم الخدمة إلى المواطن من خلال تبسيط الإجراءات، التي شددت على تحسين أساليب العمل الإداري، واختصار المعاملات، وتحديد المهل الواجب إنجازها[30].
إن تنفيذ السياسات هي من المهمات الشاقة في الإدارة العامة بشكل عام، لأن التنفيذ بحاجة إلى عناصر بشرية كفوءة وذهنية منفتحة وتعاون بين الأفراد والإدارات المختلفة. لذلك فإن هناك مجموعة من المعوقات لتنفيذ تبسيط الإجراءات وأهمها: 1) تعدد النصوص القانونية والتنظيمية وتضاربها وغموضها؛ 2) المركزية الشديدة في اتخاذ القرار؛ 3) ضعف الرقابة التسلسلية من الرؤساء على الموظفين التنفيذيين؛ 4) الثقافة السائدة في الإدارة العامة اللبنانية (كما كل الإدارات العامة في الدول النامية) والمفاهيم المغلوطة حول الخدمة العامة؛ 5) المنافع والمكاسب التي يحصل عليها الكثير من الموظفين، وفي جميع المستويات الإدارية بسبب تعقيدات الإجراءات؛ 6) عدم استخدام نظم المعلوماتية بالشكل الواسع، والتي تساعد على الإسراع في إنجاز المعاملات. لذلك تم استحداث وحدة متخصصة للإدارات والمؤسسات العامة كافةً بهدف العمل على تبسيط الإجراءات، وبخاصة تلك العائدة لمعاملات المواطنين[31]. لكن هذا لا يكفي، إذ إن ذلك مرهون بأن يكون تبسيط الإجراءات جزءًا من استراتيجية عامة لتطوير الإدارات العامة.[32]
• مكاتب الاستقبال: تبنت العديد من المرافق العامة عن طريق فتح مكاتب استقبال لأصحاب العلاقة لإرشادهم وتزويدهم بالمعاملات المطلوبة لمعاملاتهم[33]. إلا أن التحقيقات الميدانية أظهرت نتائج مغايرة. وعلى سبيل المثال لا الحصر:
أ- عدم وجود إقبال كاف من المواطنين لاستخدام هذه المكاتب.
ب- صعوبة جمع المعلومات بسبب تردد الإدارات المعنية في تأمين ذلك.
ج- استخدام موظفين غير ملائمين وصعوبة نقل موظفين أصحاب كفاءة.
د- النقص في أبسط أنواع المتابعة لصيانة الأجهزة التقنية وتزويدها بما هو مطلوب.
هـ- إفتقار المكتب إلى الفاعلية المطلوبة بسبب عدم تحديث هذه المعلومات بشكل دائم[34].
أما العوامل التي أدت إلى عدم الوصول إلى الفاعلية المرجوة والجدية الملموسة فهي: 1) اعتياد المواطن على «التوسط» لدى الموظف، عبر استرضائه، للقيام بالخدمة المطلوبة؛ 2) استخدام مكاتب وتجهيزات غير ملائمة، عدم وجود العنصر البشري الكفوء؛ 3) عدم وجود رغبة في الهرم الإداري لتنفيذ هذه السياسات لأن ذلك يقضي على الرشاوى والإكراميات؛ 4) عدم وضع مخططات سير المعاملات ومراحلها ومهل إنجازها[35].
ونتيجة لهذه الاسباب، فقد تم إنشاء مكتب استقبال مركزي في وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية، والذي يهتم بتزويد المعلومات حول الخدمات كافةً والتي تقدمها الإدارة العامة في لبنان.
مكتب الشكاوى: أنشئ في معظم الإدارات العامة صندوق لمراجعة شكاوى المواطنين، وهدفه الاستماع إلى مشاكل المواطنين حول تقديم الخدمات العامة وتطويرها. لكن أداء هذا المكتب لم يكن فاعلا، بسبب فقدان الشفافية والمساءلة والطلب من المشتكي أحيانًا مواجهة المشتكى عليه، إذا تطلب الأمر ذلك.
نظام خدمة الشباك الواحد: يتطلب ذلك إعادة هندسة الخدمات الحكومية المقدّمة إلى المواطن بحيث تركز على الأهداف، بدلا من طريقة العمل، والتي تمكن المواطن من الحصول على خدمة عامة أو أكثر في مكان واحد. وبذلك يتم تقديم الإفادات والرخص والتأشيرات والمستندات كافةً التي تساعد المؤسسات الخاصة والأفراد، من دون تدخل أجهزة الدولة في تفاصيل غير مجدية بل مضرة.
ويمكن إنشاء مركز الخدمات العامة، الذي تشترك فيه جميع الوزارات لتقديم الخدمات. أما حسنات هذا المركز فهي: 1) تقديم جميع خدمات الدولة من مركز واحد؛ 2) القدرة على تقويم الخدمات بشكل أبسط؛ 3) القدرة على تقويم أداء الموظف بشكل يمكن متابعته ومحاسبته؛ 4) توفير الخدمات التي تتلاءم وأوقات المواطن؛ 5) تقديم الخدمات إلى المعاقين[36].
الخدمات عبر الإنترنت: أقام معظم الإدارات والمؤسسات العامة مواقع خاصة بها على شبكة الإنترنت كأساس لقيام الحكومة الالكترونية، والتي تزوّد المستفيدين مجموعة متنوعة من الخدمات التي ما زالت خجولة مقارنة بالخدمات الالكترونية المقدمة في دول أخرى. كذلك فإن مشكلة تقديم الخدمات عبر الانترنت بقيت محصورة بشريحة معينة (مؤسسات تجارية وأفراد يتوفر لهم إمكانية الدخول إلى الشبكة) وعدم وجود إدراك عند الموظف والمواطن حول استخدام هذه المواقع. يوجز الجدول رقم 5 أهم الاعمال التي قامت بها وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية والتي تساعد على تطوير الخدمات الحكومية حتى العام 2010.
جدول رقم 5: أهم أعمال وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية لتطويرالخدمات الحكومية حتى العام 2010.[37]
• وضع استراتيجية لتنمية وتطويرالإداراة العامة.
• وضع استراتيجية للحكومة الالكترونية.
• إنشاء وحدة متخصصة لتبسيط الاجراءات
• إحداث مكاتب للاستقبال في بعض الإدارات والمؤسسات العامة.
• تنفيذ برامج تدريب متنوعة لموظفي القطاع العام تساهم في تأمين خدمة أفضل للمواطن.
• توقيع اتفاقات تعاون مع العديد من الدول حول مواضيع تتعلق بالتطويرالإداري.
• مكننة الإدارات الحكومية وإنشاء المواقع الالكترونية وتأمين الاجهزة التقنية المطلوبة لإنشاء الحكومة الالكترونية.
• إنشاء بوابة معلومات الحكومة الإلكترونية.
الخصخصة: يعتقد البعض بأن إحدى استراتيجيات الإصلاح الإداري الفاعلة هي في تصغير حجم الدولة، وتخفيف العبء الملقى عليها في تقديم الخدمات الأساسية، وتحويل بعض نشاطاتها أو معظمها إلى القطاع الخاص، من خلال برنامج الخصخصة[38]، لأن القطاع الخاص قادر على تقديم الخدمات بشكل أفضل للمستفيدين. تبنت الحكومة تطبيق مفهوم الخصخصة (نموذج البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى الدول النامية) كجزء من سياساتها الرامية إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية، وحصر العجز القائم في الموازنة العامة، والحد من تنامي الدين العام[39]، لكن لم تتم خصخصة أي من القطاعات الرئيسة مثل الكهرباء والمياه أو حتى الاتصالات. والجدول رقم 6 يلخّص عناصر تطوير الخدمات الحكومية والاجراءات القانونية للتنفيذ والصعوبات التي تواجه ذلك.
عناصر تطوير الخدمات الحكومية والاجراءات القانونية للتنفيذ
عناصر تطوير الخدمات الحكومية
تبسيط الإجراءات
إصدار المنشورات التي تساعد المواطن على معرفة الخطوات الإجرائية لأية معاملة يريد القيام بها، والفترة الزمنية لتنفيذها.
حصول المواطن على الخدمة المطلوبة، من موقع واحد، توفير العنصر البشري المؤهل، واستخدام الأساليب المناسبة في مواقع أداء الخدمات الحكومية.
فتح مكاتب لتلقي مراجعات المواطنين وشكواهم حول مستوى أداء الخدمات الحكومية.
تطويرالبناء الإداري بما يتناسب وراحة العاملين والمتعاملين.
تحديد ساعات العمل بشكل مرن (نظام الفريقين) للمواقع ذات الاتصال الواسع بالجمهور.
فتح مكاتب لاستقبال المواطنين، وإرشادهم، وتزويدهم بالمعلومات كافةً المطلوبة لمعاملاتهم.
وضع معدلات لجودة الخدمات العامة، والالتزام بهذه المعدلات.
استخدام تقنيات المعلومات، التي تساعد على تأمين الخدمة الى المواطن بمستوى عال من الجودة والسرعة.
مكافحة الفساد بأشكاله كافة وتدعيم الثقة بين المواطن والدولة.
الإجراءات القانونية للتنفيذ
أعطت التشريعات أهمية لكل من:
- تبسيط الإجراءات وتحسين أساليب العمل الإداري
- مكاتب الاستقبال لإرشاد الجمهور
- مكتب الشكاوى (المراجعات)
- الخدمات عبر الإنترنت، مثل، الحصول على جواز سفر أو الحصول على المعلومات المطلوبة للمعاملات.
- الخصخصة
العوائق
1- تبسيط الإجراءات
- تعدد النصوص القانونية وتضاربها
- المركزية الشديدة وضعف الرقابة
- المنافع والمكاسب
- عدم استخدام نظم المعلوماتية
2-مكاتب الاستقبال
-استخدام أشخاص ومكاتب وتجهيزات غير ملائمة
-عدم وجود رغبة في الهرم الإداري
-عدم تزويد مخططات سير المعاملات
-إعتياد المواطن على التوسط
3-مكتب الشكاوى
-عدم اهتمام الإدارات بالشكاوى
-فقدان ثقة المواطن بجدوى الشكاوى إلى الإدارات
-الكم الهائل من الشكاوى إلى القصر الجمهوري وهذا يتطلب جهاز كبير للاستجابة.
4-الخدمات عبر الإنترنت
- انحسار الخدمات بشريحة معينة
- الخصخصة
- قيود قانونية
- معارضة داخل المؤسسات
- مواقف سياسية مختلفة
- آلية غير واضحة
المصدر: إعداد الباحث
الصعوبات
إن تطوير الخدمات الحكومية وتبني خدمة العملاء ليس عملية سهلة ترتكز على اتخاذ قرار فقط، خصوصًا عند تناول خطة شاملة ترتكز على إعادة هندسة الادارة والتحسين المستمر (Continuous Improvement)، بهدف إيصال الخدمة العامة إلى المواطن، بأعلى مستوى من الفعالية والكفاية والاستجابة. من هنا لا بد من الإشارة إلى أهم العوائق[40] التي تواجه هذا النوع من التغيير وهي:
1. يظهر السلوك الفعلي في الإدارة العامة وجود موقفين مختلفين حول التنمية الإدارية ويواجهان بعضهما البعض. الأول، يمثل مجموعة الرياديين (Entrepeneurs) وتظهر دائمًا الأفكار الجديدة والأدوات والوسائل المتطورة. وترتكز أفكارها على دراسة تجارب الآخرين من الدول وعلى إمكانية الأخذ بما هو ممكن تطبيقه (مثل، فريق وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية). لكن أفكار هذه المجموعة تتلاشى بسرعة بسبب المناخ السائد في الإدارة العامة. إذ إن هناك مجموعة أخرى مسيطرة «Reactionary»، والتي نادرًا ما تقبل بشيء جديد. والعكس صحيح، فإن أفرادها يواجهون أي شيء، يهدد الروتين الموجود، ويضعون مبررات لعدم إمكانية تطبيق الأفكار الجديدة أو نجاحها (الأجنبية). لذلك فإن هذه المجموعة المهيمنة على الإدارات العامة، لا تقبل بتطوير الإدارات الحكومية بل تشكل عائقًا فعليًا أمامه[41].
2. عدم قدرة السياسيين على صناعة تغيير فعلي وإبعاد ما هو قائم عن عمل الإدارات العامة وحياة المواطنين، ذلك أن تغيير الاتجاهات السياسية في الإدارة العامة هو أكبر من القرارات التي تأخذها القيادات السياسية، والتي ترتكز على المساومات «Bargaining» والحلول الوسطى «Compromising». كما أن أفراد الإدارة العامة، ليسوا أدوات لتنفيذ السياسات الحكومية بشكل آلي. فالإدارة العامة ليست محايدة، إنما لها [42]حياتها الخاصة. ومن هنا تأتي أهمية قبول واقتناع أفراد الإدارة العامة بما يقرره رجال السياسة من إصلاحات وفقًا لمبدأ «نظرية القبول بالسلطة»[43].
3. إعتبار أن التغيير، ليس استنزافًا للموارد فقط، إنما للوقت أيضًا، خصوصًا أن التغيير الإداري عملية طويلة لا تتطلب أشهرًا أو سنوات فحسب، إنما عقودًا أو حتى أجيالًا[44]. إن إدارة التغيير الناجح في القطاع العام يتطلب مجموعة من العوامل: أ) تأكيد الحاجة للتغيير؛ ب) وضع مخطط وإقناع العاملين به؛ ت) بناء دعم داخلي وتجاوز مقاومة التغيير؛ ث) تأكيد دعم الإدارات العليا والتزامها التغيير؛ ج) بناء دعم خارجي سياسي وتجاري والمجتمع المدني؛ ح) تأمين الموارد المطلوبة للتنفيذ؛ خ) ومأسسة التغيير ليصبح عملاً يوميًا.
4. الفساد الإداري المستشري والعقلية الموروثة، والتي ترتكز على أساس أن الوظيفة العامة هي امتياز وموقع استفادة، ومن ظواهرها الوساطة، والمحسوبية، وتقديم المنافع المادية والمعنوية.
5. عدم تدريب الموظفين بالشكل المطلوب، وذلك لعدم وجود فرق عمل كافية، للقيام بذلك، أو لاقتناع العديد من المدراء والموظفين بعدم جدوى التدريب، خصوصًا أن هناك جزءًا كبيرًا منهم يتهرب من تحمل المسؤولية.
6. تدخل رجال السياسة في أعمال الإدارة العامة (وفقًا لمصالحهم الشخصية) والذي هو تجاوز لدورها في رسم السياسة العامة وتحديدها.
7. إختلاف التوجهات بين المستويات الإدارية في الوزارات، بخاصةٍ الوزراء والمدراء العامون، بما يكبل الحركة الإصلاحية في الإدارة.
8. تقديم الخدمات وفقًا للعلاقات الشخصية «المحاباة» والاستفادة المادية أو المعنوية.
9. شح الموارد، والتي تضعف توجهات الدولة، في تحديث الإدارة لما تحتاجه برامج الإصلاح من موارد لتحقيق ذلك.
وقد عرض اسكندر بشير مجموعة من المشكلات الإدارية المستعصية في الإدارة اللبنانية وهي[45]:
- الطائفية «Confessinanalism»: تلعب الطائفية محورًا أساسيًا في أعمال الإدارة اللبنانية ونشاطاتها، إن على صعيد التعيين، أو على صعيد الترفيع، حتى أصبحت أساس قاعدة التمثيل البيروقراطي «Representative Bureaucracy». لقد تم استخدام هذا التمثيل ليصبح الولاء للطائفة وزعيمها بدلا من الولاء للدولة ومؤسساتها.
- الولاء الشخصي «Personal Alliance»: إن ممارسة الطائفية السياسية الوظيفية دفع بممثلي الطوائف في الدولة، إلى التعيين، على قاعدة «المحاصصة» الطائفية. وبذلك أصبح ولاء الموظف إلى صاحب السلطة، ليكسب وده ورضاه، وليحصل منه على الدعم والأمن الوظيفي.
- الشكليات «Formalism»: يتم التركيز على صياغة النصوص دون إعطاء أهمية تذكر إلى التنفيذ، الذي يحتاج إلى مفاهيم إدارية وسلوكية حديثة تتجاوز مفهوم الشكليات.
- المركزية الإدارية المتشددة «Centralization» والتي تكبل الإدارة اللبنانية ككل.
- التوجه القانوني «Legalism»: يشير إلى أن الإدارة هي أداة لتنفيذ القوانين، وبذلك فإن صياغة هذه القوانين هي الأساس في العملية الإدارية.
عناصر النجاح
إن الحكومة اللبنانية، وعبر وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، تسعى الى تحقيق إدارة حديثة تتمثل «باستراتيجيا تنمية الإدارة العامة في لبنان وتطويرها واستراتيجية الحكومة الالكترونية»، وببرامج تنموية سنوية، لدفع عملية تحسين الخدمات إلى الأمام. لكن سعي الوزارة، ومعها المنظمات والهيئات الدولية والاقليمية الداعمة، تواجه صعوبات جمّة أثناء التنفيذ. إذ أن النظام السياسي القائم يشكل العائق الاكبر أمام إيجاد إدارة عامة حديثة تلبي متطلبات المواطن، ناهيك عن الاوضاع السياسية القائمة والتهديدات الاسرائيلية الدائمة. لذلك، وأمام هذه الظروف يمكن اقتراح مجموعة من العناصر التي قد تساعد على إيجاد بعض النجاحات. أمّا هذه العناصر فهي:
1. وضع رسالة ورؤية للادارة العامة تعبّر عن هويتها وتوجهاتها المستقبلية، تكون خدمة المواطن في الأولوية، وهذا ما يساعد على خلق التزام في مختلف الإدارات بوضع الأهداف والاستراتيجية التي تساعد على تحقيق التوجهات الإدارية العامة.
2. صياغة أهداف محددة، وقابلة للقياس، وواقعية، ويتم العمل على تحقيقها ضمن مدة زمنية محددة، مع أهمية وضع آليات للتنفيذ، بمشاركة المستويات الإدارية كافة، لأن ذلك يحدّ من مبررات صعوبة التنفيذ.
3. تحليل البيئة العامة (الداخلية والخارجية) للإدارات العامة ككل، وبيئة كل إدارة على حدة، لتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات، والتي ستساعد على وضع استراتيجيا أو استراتيجيات وسياسات عملية تلائم كل إدارة وتخدم تحقيق الأهداف الموضوعة.
4. وضع خطة مركزية واقعية وواضحة، مبنية على تحديد الأولويات والعقبات المرتقبة، وترتكز على التغيير التدريجي، وتعتمد المراحل وتحديد الأدوات، على أن يكون لكل إدارة خطتها التي تنبثق وتتماشى والخطة العامة المركزية. وإن من ميزات هذه الخطة أنها تفاعلية، أي أنه يمكن تعديلها لتتكيف والتغيرات في المحيطين الداخلي والخارجي.
5. دعم والتزام سياسي واضح ومستمر من المسؤولين في المستويات الإدارية كافة بعمليات الإصلاح والتنمية الإدارية، شرط ألا يؤثر تبديل الأشخاص والمواقع على الاستمرار بالإصلاح الإداري. وهذا يبدأ برفع يد السياسيين عن الإدارة، وتحريرها من الولاءات السياسية والطائفية.
6. تخصيص الموارد المالية الكافية لعملية تطبيق الإصلاحات والتنمية الإدارية، وهذا يتطلب تأمين مصادر التمويل، ووضع الأولويات أمام محدودية الموارد المالية.
7. وجود وحدات مركزية وإعطاؤها صلاحيات واسعة لكي تتابع تحديد الإصلاحات المقترحة وتنفيذها وتوجيهها وتفسيرها (وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية).
8. إعتبارالإصلاح حركة مستمرة لا نهاية لها. إذ أن التغيير سوف يستمر ويترافق مع التغيير الذي يحصل في المحيط العام[46]. إن ذلك يترافق مع مفهوم «التحسين المستمر» الذي يؤدي إلى تطوير الخدمات الحكومية بشكل مستمر.
9. تعزيز الموارد البشرية من خلال استقطاب العناصر الشابة والكفوءة وتعيينها، بخاصةٍ أن هناك نقصًا كبيرًا في ملاكات الإدارات العامة. كذلك الامر، وضع نظام للتعويضات يتناسب والتعويضات في القطاع الخاص ودول متشابهة ويكون مبنيًا على العدل والانصاف، ويلبي متطلبات الحياة الكريمة للموظف.
10. التشديد على أهمية تقويم الأداء والتدريب في تنمية قدرات الموظف وتطويرها، ليتماشى والتطورات العلمية والتقنية الحديثة[47]، وإدراك دوره الفاعل والإيجابي في تقديم الخدمة للجمهور.
11. بناء ثقافة عامة، ترتكز على روح الفريق وخدمة المواطن، تدعم استراتيجية تطوير الخدمات العامة، ويؤدي ذلك إلى التزام أفراد الإدارة العامة كافة بعملية التنمية والمشاركة الفعلية بذلك، لأن التنمية هي عملية تغيير جوهري في ذهنية الفرد، وهي ذات فائدة كبرى على المجتمع ككل.
12. تصميم نظام مكافآت وتحفيز الموظفين ذوي الأداء العالي، لأن ذلك يعطي دفعًا للإصلاح الإداري ويخفف من مقاومته[48]، ويعطي دفعًا لتطوير الخدمات الحكومية.
13. بناء القيادات الإدارية في الإدارات كلها لما لها من دور في دفع الموظفين وتحفيزهم للوصول إلى الرؤية والأهداف الموضوعة.
14. إيجاد أدوات ووسائل تظهر رأي المواطن في مستوى تقديم الخدمات، مع أهمية تبني مؤشرات أداء رئيسة (key performance indicators) لتوقعات المستفيدين ومستوى أداء تقديم الخدمات، وهذا ما يساعد على تعزيز نظام التقويم المستمر، وفقًا للأهداف المحددة والتزود بتغذية مرتجعة «Feedback». أما أسس هذا النظام فترتكز على: رضا الجمهور على الخدمات، كلفة هذه الخدمات، والتغيير في سلوك الموظف بتقديم هذه الخدمات.
15. إعطاء أهمية للرأي العام في عملية الإصلاح الإداري، وذلك بمشاركة هيئات المجتمع المدني، عبر استشارات قد تتم مع أفراد فاعلة أو جمعيات متخصصة، أو عبر برامج توعية أو مراقبة.
16. تطبيق مفاهيم الحكومة الالكترونية، تقنيًا وإداريًا، لان ذلك يؤمن للمستفيدين خدمات تساهم في توفير الجهد والوقت والمال.
إن هذه الإرشادات يمكن أن تساعد على تنفيذ متطلبات تطوير الخدمات الحكومية، ولكن تبقى «العبرة في التنفيذ».
بناء على ما تقدم، يمكن اقتراح نظام لتطويرالخدمات الحكومية ضمن إطارعمل Framework ويرتكز على الأسس التالية:
1. المدخلات (Input): تتألف من الموارد المالية والبشرية المتوافرة والتجهيزات المستخدمة والمشاكل المختلفة كافة لتطوير الخدمات الحكومية.
2. عملية التطوير: ترتكز على مفاهيم الإدارة الاستراتيجية في وضع رسالة ورؤية لأهداف قابلة للتحقيق. أمّا أهمّ المتغيرات المستخدمة في هذه الخطة فهي، المتغيرات التابعة، وتتضمن تطوير أداء الخدمة للجمهور، التنمية الإدارية، إعادة هندسة الإدارة، واستخدام التكنولوجيا. أما أهم المغيرات المستقلة فهي: الاستقطاب والتعيين والتدريب والتطوير وتقويم الأداء للموارد البشرية، ثقافة المنظمة، المشاركة، المنظمات غير الرسمية، نظام الحوافز، التحسين المستمر، نظم المعلومات، تقويم الأداء المؤسسي، تحجيم الإدارة، وتبسيط الإجراءات.
3. المخرجات (Output): هي النتائج المتوخاة من عملية التخطيط ومتابعتها، وتتمثل بقياس تطوير تقديم الخدمة للجمهور ويتم قياسها بمجموعة من المتغيرات، منها:
خدمة الجمهور: جودة الخدمات، نوعية الخدمات، سرعة الخدمات، عدالة التوزيع، ورضى المستفيدين.
- التنمية الادارية: سلوك الموظف، أداء الموظف، وسمعة الإدارة.
- إعادة هندسة الادارة: إختصار العمليات الإدارية، تطبيق وسائل حديثة لتطويرتقديم الخدمات.
- التكنولوجيا: إمكانية الحصول على المعلومات المطلوبة وتقديم الخدمات للجمهور عبر الانترنت.
4. التغذية المرتجعة (Feedback): وهي تقديم معلومات إلى المعنيين عما تم تحقيقه والعوائق التي حالت دون تحقيق هذه الأهداف. إذ إن التغذية العكسية التي تتم من مصادر مختلفة (المدراء، الموظفون، والمستفيدون)، تقدم معلومات مفيدة، تساعد على تحقيق أهداف الخطة.
5. المحيط (Environment): ويتمثل بالعوامل المؤثرة على أعمال المنظمات وتتألف من:
• المحيط الداخلي: يتمثل بالهيكليات الإدارية القائمة، جميع أفراد الإدارة العامة، ثقافة الإدارة العامة (القيم المشتركة والعادات والتقاليد (سلبية أو إيجابية)).
• المحيط الخارجي: يتمثّل بالعوامل الخارجية التي تساعد على تحقيق الأهداف. أما أهم هذه العوامل فهي: العوامل السياسية والامنية والقانونية والاقتصادية والمالية والثقافية والاجتماعية والتقنية، وعوامل إقليمية وعالمية تؤثر سلبًا أو إيجابًا (مفاهيم إدارية حديثة).
- إن تحقيق الأهداف الموضوعة بحاجة إلى استجابة لتغيرات المحيط الداخلي والمحيط الخارجي للإدارة العامة.
إن متغيرات هذا الإطار العملي مفتوحة على بعضها البعض وتتفاعل مع بعضها البعض «Flow»، وليس في ظل نظام جامد يرتكز فقط على نظام مدخلات ومخرجات. إن وضع هذا الإطار العملي هدفه تبسيط الحقائق وفهم الامور وربط المتغيرات والمساعدة على قيام أبحاث تجريبية تقيس مدى نجاح الأهداف بشكل ميداني.
شكل 1 نظام تطوير الخدمات الحكومية
المصدر: من إعداد الباحث استنادًا إلى المقترحات التي تم تقديمها كعناصر للنجاح.
الخلاصة
تفتش الإدارة العامة في كل مكان وباستمرار عن تحسين الأداء الإداري في تقديم الخدمات العامة إلى المواطنين، وذلك عبر أفكار ووسائل جديدة تم الاطلاع عليها. لكن المواطن يخيب أمله بمستوى الخدمات التي تقدمها الدولة، بخاصةٍ بعد القيام بحركة إصلاحية للإدارة. إذ أن الحكومة تتعهد وتنفذ القليل، ونادرًا ما تقدم ما وعدت به بشكل كلي.
يزداد الاندفاع نحو الإصلاح الإداري، بمختلف أدواته، عندما تواجه الحكومة حالة من المناخ العدائي، وعزلة سياسية وشعبية، وأزمة مالية وإقتصادية، وصدقية منعدمة. إن الأفكار والأدوات الجديدة، ليست الحل النهائي لمعالجة المشاكل الإدارية الموجودة. إنما هي تجربة جديدة، لا بد منها، لمرحلة محددة، فيها من عناصر القوة والضعف. وكما يقول (Waldo)، إن الإدارة العامة موضوع واسع وكبير، وما زال فيه الكثير من الأماكن المظلمة، لذلك يجب أن تفتح أبوابها إلى تقنيات وأدوات جديدة.[49]
إن الإصلاح والتنمية الإدارية غير سهلة التطبيق، في ظل مقاومة بيروقراطية وسياسية. فعلى الرغم من أن تبسيط الإجراءات، هي من الأدوات السهلة في الإصلاح الإداري، فلا يزال تطبيقها متعثرًا، وهو أصعب مما يتصوره البعض. فكيف إذًا حول خطة تغيير شامل في الهيكلية الإدارية والسلوك التنظيمي.
إن السلوك الإداري القائم، يبعد إمكانية تغيير كبير في الهيكلية الإدارية. من هنا تأتي أهمية القيام بتغييرات طفيفة «Incremental Changes» أو بتحسينات مستمرة، قابلة للتطبيق، والمنبثقة من الأنظمة والقوانين التي يرتكز عليها السلوك البيروقراطي. إن تطوير الخدمات الحكومية بحاجة إلى استخدام أدوات جديدة قابلة للتنفيذ، تشدد على جودة الخدمات وسرعة تقديمها، وعلى إصلاح الأخطاء التي تحصل وتعزيز القدرات الإدارية بشكل مستمر. ما يمكن استنتاجه، ومن خلال تجارب وخبرات في الإصلاح والتنمية الادارية، إن الإصلاح يتم بشكل تدريجي، أي «شيئاً فشيئًا»مع أهمية اختيار أماكن قابلة للإصلاح والتطور. وإن أي إصلاح يغطي كل شيء، نادرًا ما ينجح[50].
إن ما يستلزمه الإصلاح هو تغيير في المبادئ، الثقافة «Culture»، المواقف والسلوك «Managerial Attitudes»، العادات في العمل «Work Habits» وحتى القيم الاجتماعية «Social Values». إن تحقيق ذلك يتطلب وقتًا طويلاً، ووقتًا أكبر من تغيير عناوين أو قوانين أو هيكليات إدارية أو حتى أدوات فنية وتقنية وأفراد[51].
إن الاصلاح والتنمية الإدارية بحاجة إلى تغيير الذهنية، التي تتعاطى مع المواطن، لأن المكننة والبرامج ما هي إلا أدوات ووسائل. ويبقى «التعامل الإنساني» الذي هو الأساس في التعامل مع المواطن، وهو بحاجة إلى ثقافة ووعي والتزام ومواطنية صحيحة. وإن ذلك يتطلب الوقت والجهد والتعب والتدريب. لذلك فإن محور تعزيز جودة الخدمة للمواطن يرتكز على تبني مفهوم الادارة الاستراتيجية، على أن يكون المحور الاساس التنظيم المرن، الموارد البشرية الجديرة بالإضافة إلى السلوك التنظيمي المؤمن بالخدمة العامة.
إن أهم قيود هذه الدراسة، ارتكازها على الاسلوب التحليلي لتجارب تطوير الخدمات العامة من خلال محاولات الاصلاح الإداري وبناء إدارة حديثة، وعدم دراسة الموضوع في إطار تطبيقي وميداني. لذلك، هناك أهمية للتركيز في دراسات مستقبلية على دراسة توقعات المواطن (المستفيد) من الخدمات العامة وموقف الموظف وإدراكه أهمية إرضاء هذه التوقعات.
[1]- انظر الخطيب، برهان (2000)، «الانحراف الاداري في لبنان: اسبابه ووسائل علاجه»، بيروت، المؤسسة اللبنانية العربية للتوزيع والنشر؛ المركز اللبناني للدراسات (2004). «الدولة والتنمية والاصلاح الاداري في لبنان» بيروت، منشورات المركز اللبناني للدراسات.
[2]- See, for example, Kamensky, John M. (1996), «Role of the Reinventing Government Movement in Federal Management Reform», Public Administration Review. 56(May/ June): 247-255. McGowan, Robert P. (1995), «Total Quality Management: Lessons from Business & Government», Public Productivity & Management Review. 18(No. 4):421-431.
[3]- تسعى «الهندرة» إلى تغيير وإعادة هندسة العملية الإدارية، بهدف تقديم أفضل الخدمات إلى الجمهور. أما إدارة الجودة الشاملة، فتهدف إلى تقديم الخدمة الممتازة (الجودة) إلى الجمهور، بأفضل السبل المتاحة. أخيرًا، تسعى الإدارة بالأهداف إلى تحديد أهداف مختارة تسعى الإدارة إلى تحقيقها.
[4]- See Jooste, Stephen (2008), «A New Public Sector in Developing Countries», Working Paper, No. 36. Collaboratory for Research on Global Projects.
[5]- أنظر البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري الأولى 2009. الموقع الالكتروني:
http:/ / www.echobeirut.com/ news.php?action=show&id=3446 cited 12 March 2011.
[6]- See Gerald Caiden (1991), «Administrative Reform Comes to Age», NY, DC Gruyter.
[7]- القريوتي، محمد وعوض العنزي (2004)، «جهود التطوير الاداري في الكويت: دراسة تقييمية ميدانية»، دورية الادارة العامة، 44 (العدد 3)، 573-626.
[8]- العكش، فوزي (2003)، «الإصلاح الإداري في الأردن: دراسة استطلاعية من وجهة نظر العاملين في الجهاز الحكومي»، مجلة جامعة دمشق، 19(العدد2): 211-252.
[9]- الفاعوري، رفعت و فاطمة العمادي (2000)، «إتجاهات مديري الإدارة الوسطى في القطاع الحكومي الخدمي نحو التطوير الإداري في دولة قطر(دراسة ميدانية)»، مجلة جامعة الملك سعود، العلوم الادارية، 12 ( العدد 1)، 83-106.
[10]- المدهون، موسى(1999)، «الاستراتيجيات الحديثة للتغيير والاصلاح الاداري»، أبحاث اليرموك وسلسلة العلوم الانسانية والاجتماعية، (العدد 2)، 93-102.
[11]- القحطاني، سالم (1999)، «التطوير الاداري من خلال التجربة السعودية: المفهوم، والمداخيل والاساليب»، مجلة كلية التجارة والاقتصاد، العددان 11 و12، 459-507.
[12]- دقامسة، مأمون (2000)، «التغيير التنظيمي، دراسة ميدانية لاتجاهات المديرين في الإدارات الحكومية في الأردن»، الإداري، 88 (العدد مارس)، 79-115.
[13]- اللوزي، موسى (1998)، «إتجاهات العاملين في المؤسسات الحكومية الأردنية نحو إدارة التغيير»، دراسات، 25 (العدد 2)، 338-356.
[14]- العوامله، نائل (1992)، «التغيير التنظيمي في أجهزة الإدارة العامة في الأردن: دراسة ميدانية»، مجلة أبحاث اليرموك، 8 (العدد 2)، 174-205.
[15]- المعشر،زياد (1999)، «رضا القطاع الصناعي عن أداء دائرة الجمارك في الأردن»، دراسات، 26 (العدد 2): 190-206.
[16]- أبو تاية، سلطان (1999)، «مستوى الرضا عن خدمات القطاع العام: دراسة ميدانية لرأي القطاع التجاري وانطباعاته في مدينة الكرك»، دراسات، 26 (العدد 1)، 16-31.
[17]- دقامسة، مأمون (2001)، «مستويات إشباع حاجات العاملين في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي». الإدارة العامة، 40 (العدد 4)، 819-855.
[18]- أنظر الجمهورية اللبنانية (2001)، «إستراتيجيا تنمية وتطوير الادارة العامة في لبنان. مكتب وزير الدولة لشؤون لتنمية الإدارة». ص. 8.
[19]- Hammergren, Linn A. (1983), «Development & the Politics of Administrative reform: Lessons from Latin America», Colorado, USA: West view Press. See also Arie Halachmi & Geert Bouckaert (1995), «Reengineering in Public sector.» International review of Administrative Sciences. 61 (No. 3):323-327; Arie Halachmi (1995). «Reengineering and Public Management: Some Issues & Considerations», International review of Administrative Sciences. 61 (No. 3):329-341.
أنظر أيضا القريوتي، محمد قاسم وعوض خلف العنزي (2004)، «جهود التطوير الاداري في الكويت: دراسة تقييمية ميدانية»، الادارة العامة، 44(عدد 3)، ص 576.
[20]- أنظر عبد المعطي محمد عساف (1980)، «آراء في التطوير الإداري»، المجلة العربية للإدارة، المنظمة العربية للعلوم الإدارية، عمان. (العدد 3)، السلوم (1985). ص 173.
[21]- وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، الخطة المرحلية للإصلاح الإداري، 1996-1997.
[22]- المصدر: البنك الدولي، مؤشرات الحكم العالمية http:/ / info.worldbank.org/ governance/ wgi/ index.asp
[23]- يرتكز هذا المؤشر على المشتركين في خدمة الهاتف النقال والهاتف الثابت، عدد الحواسيب، ومستخدمو شبكة الانترنت. تعتبر الإمارات العربية الأعلى بين الدول العربية بمعدل 2.39.
[24]- سكرتارية الكومنولث (1995)، من المشكلة إلى الحل: استراتجية الإصلاح في دول الكومنولث، لندن، سكرتارية الكومنولث، ترجمة مكتب وزير الدولة لشؤون الإصلاح الإداري. ص.ص. 3-5.
[25]- أنظر الجمهورية اللبنانية (2001)، «استراتيجيا تنمية وتطوير الادارة العامة في لبنان»، مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، ص. 21، أنظر الخطة المرحلية للإصلاح الإداري 1996-1997، وزارة الدولة لشؤون الإصلاح الإداري.
[26]- الجمهورية اللبنانية (2007)، «استراتيجية الحكومة الالكترونية لبنان»، مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية.
[27]- Caiden, Gerald (1969), «Administrative Reform», Harmondsworth: Penguin.
[28]- أنظر الصحف اللبنانية (النهار، السفير ...) بتاريخ 26/ 11/ 1997.
[29]- راجع منشورات وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية حول الاصلاح والتنمية الادارية .
[30]- المادة 4 من المرسوم الاشتراعي رقم 111/ 59 (تنظيم الإدارات العامة) والمادة 20 من المرسوم الاشتراعي 115/ 59 (إنشاء التفتيش المركزي).
[31]- أنظر التقرير السنوي لمكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية ، 2008.
[32]- OECD (2009), «Overcoming Barriers to Administrative Simplification Strategies: Guidance for Policy Makers», OECD publishing.
[33]- أما هذه المرافق فهي: الجامعة اللبنانية، المديرية العامة للتنظيم المدني، وزارات الاقتصاد والزراعة والسياحة والعمل والشؤون الاجتماعية والاتصالات والصناعة.
[34]- أنظر صحيفة النهار، 27 نيسان 2001، ص. 5.
[35]- أنظر نفس المصدر.
[36]- أنظر إلى عيسى الغزالي (1996)، «التجربة الكويتية في مجال الإصلاح الإداري»، ورشة عمل الإصلاح الإداري التي نظمتها وزارة الدولة لشؤون الإصلاح الإداري.
[37]- التقارير السنوية والنشرات الشهرية لوزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية منذ 2001.
[38]- Savas, E.S. (1978), «Privatization: the Key to Better Government», NJ:Chatham House.
[39]- أنظر برنامج عمل الحكومة اللبنانية للتصحيح المالي، 1999؛ قانون تنظيم عمليات الخصخصة وتحديد شروطها ومجالات تطبيقها، الجريدة الرسمية-العدد24-2/ 6/ 2000؛ هناك دراسات وكتب هائلة عالجت موضوع الخصخصة. أنظر، مثلا، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (1999)، تقييم برامج الخصخصة في منطقة الاسكوا، الأمم المتحدة، مركز دراسات الوحدة العربية (1999). الإصلاحات الاقتصادية وسياسات الخوصصة في البلدان العربية، بيروت.
[40]- هناك العديد من الكتب والدراسات أشارت إلى هذا الموضوع، منها، زاهر الخطيب (1991)، مشروع وثيقة للإصلاح الإداري.
[41]- See Caiden, Gerald (1994), «Administrative Reform», In Randall Baker, Comparative Public Management. West Port, PREAGER. Jreisat, (1988)
[42]- Fernandex, Sergio & Hal Rainey (2006), «Managing Successful Organizational Change in the Public Sector», Public Administration Review, (March-April), 168-176
[43]- See Chester Bernard (1968), «The Functions of the Executive», London, Harvard University Press.
[44]- See Caiden, Gerald (1994), «Administrative Reform», In Randall Baker, Comparative Public Management, West Port, PREAGER
[45]- بشير إسكندر (1994)، «التنمية في لبنان»، بيروت، دار العلم للملايين، ص ص 119-124.
[46]- سكرتارية الكومنولث (1995)، «من المشكلة إلى الحل: إستراتيجية الإصلاح في دول الكومنولث»، لندن، سكرتارية الكومنولث، ترجمة مكتب وزير الدولة لشؤون الإصلاح الإداري.
[47]- أنظر إلى توصيات ندوة «إدارة الموارد البشرية في القطاع العام»، مكتب وزير الدولة شؤون الإصلاح الإداري، تموز 2000.
[48]- Jreisat, Jamil (1988), «Administrative Reform in Developing Countries: A Comparative Perspective», Public Administration & Development, Vol. 8, p. 95
[49]- Waldo, Dwight (1956), «Perspectives in Administration», Alabama, University of Alabama Press.
[50]- Caiden, Gerald (1991), «Administrative Reform Comes of Age», NY, WalterDe Gruyter, p. 10.
[51]- See Caiden, Gerald (1994), «Administrative Reform». In Randall Baker, «Comparative Public Management», West Port, PREAGER.
Developing the performance of governmental services in Lebanon Strategic vision
This study aims at evaluating the efforts of the administrative reform and development movement in Lebanon and its influence over the performance of governmental services by analyzing the reformative steps of the public administration since the nineties and correlating this analysis with the ethics of public administration and the experiences of some countries.
Readers will get to know the problems faced by the public administration, the objectives of reform and administrative development, the development elements of governmental services and their types of application as well as the difficulties challenging the development of these services. Finally, the researcher suggests a group of factors (elements of success) in order to develop governmental services which were summed up in a framework set up for this particular reason. However, the most important contents of this model is represented by the application of the concepts of strategic administration, the management of human resources and the organizational behavior. All of these contents contributed to offering a high level of governmental services.
The main terms of this research are:
The high quality of services, administrative reform, administrative development, strategic administration, organizational behavior, management of human resources.
Développer la performance des services gouvernementaux au Liban Une vision stratégique
Cette étude vise à évaluer les efforts du mouvement de réforme administrative et de développement au Liban et son influence sur la performance des services gouvernementaux en analysant les étapes de réforme de l'administration publique depuis les années nonante et en liant cette analyse avec l'éthique de l'administration publique et les expériences de certains pays.
Les lecteurs connaîtront les problèmes rencontrés par l'administration publique, les objectifs de la réforme et du développement administratif, les éléments de développement des services gouvernementaux et leurs types d'applications ainsi que les difficultés et les défi du développement de ces services. Enfin, le chercheur suggère un ensemble de facteurs (éléments de succès) dans le but de développer des services gouvernementaux qui ont été résumées dans un cadre mis en place pour cette raison particulière. Cependant, les contenus les plus importants de ce modèle sont représentés par l'application des concepts stratégiques de l'administration, la gestion des ressources humaines et le comportement organisationnel. Tous ces contenus ont contribué à offrir un haut niveau de services gouvernementaux.
Les principales modalités de cette recherche sont:
La haute qualité des services, la réforme administrative, le développement administratif, l'administration stratégique, le comportement organisationnel et la gestion des ressources humaines.