إقتصاد ومال

«كل مواطن خفير» وخط ساخن لتلقي الشكاوى
إعداد: تريز منصور
تصوير:شربل جرجس

القانون الجديد فعّل اجراءات المراقبة والسلع المغشوشة الى انحسار
 

كن مواطناً خفيراً على سلعتك! فعندما تتعرض لأية عملية غش، إتصل على الخط الساخن 1739، أو أرسل شكواك عبر البريد الإلكتروني (www.economy.gov.lb) في مكتب تلقي الشكاوى التابع لمديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد، وستجد من يلبي النداء ويهبّ لمساعدتك.
يتعرض المستهلك اللبناني منذ زمن بعيد لعمليات غش تطال معظم السلع الإستهلاكية من مواد غذائية وأدوية وألبسة ومحروقات وغيرها... وتكاد الإعلانات تشوّش أفكاره وتؤثر على عملية إختياره للمشتريات بنسبة 80 في المئة.
مصلحة حماية المستهلك (حوّلها قانون مصلحة حماية المستهلك الجديد الى مديرية)، لم تلعب دورها الرئيسي بشكل فعّال، خلال السنوات الماضية، نظراً لغياب تشريعات حديثة تفعّل عملها، وللنقص الحاصل في عدد المراقبين.
اليوم وبعد أن أقرّ مجلس الوزراء قانون مصلحة حماية المستهلك في 2 شباط 2005 (أصبح حيّز التنفيذ في أيار من العام نفسه)، بدأت مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد تقوم بدورها بالتعاون والتنسيق مع الجمعيات الأهلية، وفعّلت مكتب الشكاوى الذي كان أنشئ منذ نحو السنتين.
ووفق إحصاءات مديرية حماية المستهلك، بلغ عدد الإتصالات خلال العام 2005، 2539 إتصالاً، ما يظهر تجاوب المواطنين مع الحملة الهادفة الى مكافحة الغش، من خلال الإتصالات على الخط الساخن.
هذا الكلام أكّده رئيس مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد السيد فؤاد فليفل، مشيراً الى أن معظم السلع الموجودة في الأسواق اليوم باتت خالية من الغش والعمل جار للقضاء عليه نهائياً.

 

خطوة تؤتي ثمارها

في حديث خاص لمجلة «الجيش»، إستهل السيد فؤاد فليفل كلامه بالقول: إن القانون الجديد لحماية المستهلك ينظر بطريقة جديدة للمستهلك في لبنان. فهو قانون حديث للغاية وشامل، يرتكز على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة الى مفاهيم جديدة، مثل الوساطة ولجان حل النزاعات وقطاع الخدمات، الخ...
فقانون حماية المستهلك رقم 659 يشكل نقلة نوعية في هذا المضمار، وهذا لا يعني أن القوانين كانت غائبة، ولكنها كانت تتضمن مواداً متفرقة، جاء القانون الجديد ليجمعها ويفعّلها.
يتألف القانون من 206 فصول 132 مادة تحتوي على عناوين جديدة منها: التضليل الإعلاني، مشاركة الجمعيات الأهلية بالعمل مع مديرية حماية المستهلك. وهناك فصل خاص عن حلّ النزاعات لأية شكوى لا تزيد عن ثلاثة ملايين ليرة لبنانية، بحيث يتم حل النزاع فيها من دون إحالة الملف الى القضاء، في حال تم التوافق.
وثمة فصل خاص يوضح طبيعة العلاقة التعاقدية بين المحترف والمستهلك.
كما أن القانون الجديد تطرق الى عمليات البيع التي يجريها المحترف عبر التلفزيون والإنترنت، أو في مكان إقامة المستهلك.

 

القانون الجديد

بموجب القانون، تمّ إنشاء المجلس الوطني لحماية المستهلك، الذي يترأسه وزير الإقتصاد. ودور هذا المجلس إستشاري، فهو يقدم الإقتراحات لتحقيق الأهداف التالية:
- دعم دور المستهلك في الإقتصاد الوطني.
- الحفاظ على صحة المستهلك وسلامة حقوقه.
- تأمين سلامة السلع والخدمات.
- توعية المستهلك، وإعلامه وإرشاده، وحثّه على استعمال أنماط الإستهلاك المستدامة، وعلى اعتماد السلع والخدمات التي تحافظ على البيئة.
يضم المجلس الى وزير الإقتصاد رئيساً، بصفة أعضاء، المدراء العامين في الوزارات المعنية التالية: الإقتصاد، الزراعة، الصحة، البلديات، الصناعة، البيئة، السياحة، الإتصالات، الإعلام، والتربية، إضافة الى رئيس مجلس إدارة مؤسسة المقاييس والمواصفات، وممثلين عن إتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، الصناعيين، نقابة وكالات ونشرات الدعاية والإعلان، وجمعيات حماية المستهلك.
أما لجنة حل النزاعات، فتضّم قاضي شرف أو قاضٍ من الدرجة الرابعة (رئيساً) وممثلاً عن غرف التجارة والصناعة والزراعة وآخر عن جمعيات حماية المستهلك (أعضاء).

 

مشاركة القطاع الخاص

يعتبر السيد فليفل «أن مشاركة القطاع الخاص في عمل حماية المستهلك سهّلت العمل وفعّلت الأهداف. كما أن تشديد العقوبات حدّ من عمليات الغش. ففي حين لم تكن قيمة الغرامات تتعدى المليوني ليرة لبنانية، أصبحت اليوم مع القانون الجديد تتراوح بين ثلاثة ملايين ليرة و75 مليون، مع إمكانية سجن لمدة تتراوح بين 3 أيام وثلاث سنوات».
وفي هذا الإطار أضاف السيد فليفل: «في ما يتعلق بالتفتيش العام للمحال، فقد رفعت المديرية 69 دعوى قضائية إعتماداً على 696 عيّنة أخذت من المنتجات... ولكنه لغاية اليوم لم تصدر أية أحكام قضائية وفق القانون الجديد».
وأشار الى أن «عمليات الإعلام والإرشاد والتوعية التي تقوم بها مديرية حماية المستهلك، ساهمت بتفعيل الثقة المفقودة بين المجتمع الأهلي وإدارات الدولة. وهكذا فقد سارع المواطنون الى رفع شكواهم الى مكتب الشكاوى بعد استحداثه في المديرية، إما عبر الخط الساخن 1739 أو عبر البريد الإلكتروني (www.economy.gov.lb). وتجدر الإشارة الى أن المكتب يعمل من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة من بعد الظهر، أما الإتصالات التي ترد إليه بعد هذا الوقت، فيتمّ تسجيلها على آلة. وتتابع المديرية شكاوى المستهلكين عن كثب في حال تعرضهم لمحاولات تزوير أو غش في الأسعار أو المواصفات الخ...، مما قد يؤدي كما ذكرنا الى رفع دعاوى قضائية عند الضرورة».
وعمّا إذا كان عدد المراقبين في الوزارة كاف ليتم تطبيق القانون على أكمل وجه، قال السيد فؤاد فليفل: «إن القانون لحظ ضرورة توظيف مراقبين جدد نظراً لحاجة الوزارة إليهم. فعدد هؤلاء اليوم لا يتجاوز ال 71 في كل لبنان، وفي حين طلبت الوزارة توظيف نحو 120 مراقباً، تمت الموافقة على مشروع 14 خبيراً و37  مراقباً. ولكن ملف مشروع توظيف هؤلاء موجود حالياً في عهدة مجلس الوزراء، بانتظار إقراره في القريب العاجل، نظراً للأهمية المعلقة عليه».

 

نظام مراقبة السوق

عن المهام التي تقوم بها مديرية حماية المستهلك اليوم وفق القانون الجديد والإمكانيات المتوافرة لديها، قال السيد فليفل: «إن النهج الشامل الذي وضعه الإتحاد الأوروبي بهدف ضمان تداول حر للمنتجات والخدمات مع مستوى ملائم من السلامة، يستعمل نظاماً يسمى «مراقبة السوق»، وهو نظام تقع مسؤولية تطبيقه على عاتق السلطات الوطنية فقط. وتتولى هذا الدور مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد والتجارة من خلال مكاتبها الأربعة في بيروت وصيدا وطرابلس وزحلة، إذ تؤمن خدمات عدة أهمها:
- تحليل عيّنات من سلع غذائية معروضة محلياً أو مستوردة.
- تسعير كتب مدرسية.
- مراقبة الوزن الصافي، مقابل الوزن الإجمالي للسلع، وتحديد حجم مستوعبات وحاويات الغاز على المحطات.
- التحقق من طلبات الإعلانات الجمركية،  من خلال تقديمها الى مديرية حماية المستهلك وإتمام الإجراءات القانونية المتعلقة بها.
- مراقبة عمليات تصنيع المجوهرات المحلية والمستوردة.
- متابعة ومعالجة شكاوى المستهلكين التي يتلقاها مركز الشكاوى.
وأضاف فليفل قائلاً: لا بدّ من الإشارة الى أن الغش الكبير يكمن اليوم وبنسب كبيرة في الإعلان المضلّل، فيما تنخفض نسبته بشكل ملحوظ وكبير في السلع (إنتهاء مدة الصلاحية وغيرها...)، ونحن نكافح اليوم إنتشار بعض السلع المستوردة من الخارج والتي تحتوي على مادة «السودان» (مادة شديدة الإحمرار تستعمل في الكاتشاب مثلاً) ويمكننا التأكيد أن الأسواق أصبحت نظيفة من هذه السلع.
أما في ما خص المحروقات، فالسوق ليست خالية من عمليات الغش.
وختم فليفل بالقول: «إن وضع السلع المعروضة حالياً في الأسواق أفضل من السنة الماضية. وإن السنة المقبلة سوف تكون أفضل من السنة الحالية، وذلك بفضل تعاون وجهود جميع الفرقاء المعنيين بحماية المستهلك. وإننا ندعو بكل ثقة جميع المواطنين، أن يكونوا خفراء على سلعهم، وأن يتصلوا بمكتب تلقي الشكاوى في المديرية، التي هي حاضرة دائماً لمساعدتهم.