يدًا بيد

أبناء الشهداء مع مؤسسة العاقوري في اليونان
إعداد: جان دارك ابي ياغي

لقاء مع نائب وزير الدفاع وأحلى المواعيد في سانتوريني

... وموعد جديد في اليونان، فمن لم تسنح له فرصة المشاركة في رحلة العام الماضي، نال فرصة هذا العام، ومن لم يتح له الاستمتاع ببهجة التعرّف إلى معالم إيطاليا الجميلة، سوف يكون له ذلك في رحلة أخرى. فالاهتمام بعائلات شهداء الجيش يستمر مدفوعًا بالاخلاص والوفاء لذكرى من أعطوا وطنهم من دون حدود.
«الجيش» رافقت رحلة مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري إلى اليونان مطلع هذا الصيف، والتي شارك فيها 50 شخصًا من عائلات الشهداء.


الانطلاق
في مطار رفيق الحريري الدولي تجمّع المشاركون في الرحلة يرافقهم فريق عمل برئاسة النقيب مروان بدوي الذي انتدبته قيادة الجيش لهذه المهمة. على أرض المطار، استقبلت شركة «الميدل إيست» المسافرين أفضل استقبال واستضافتهم في صالون الشرف، وقدّمت لهم طعام الفطور قبل أن يشدّوا الأحزمة استعدادًا للإقلاع في رحلة أشبه بحلم، استمرت خمسة أيام.


الأكروبوليس
المحطة الأولى كانت زيارة معلم الأكروبوليس التاريخي. وهضبة «أكروبوليس» المقدسة تعتبر «لؤلؤة اليونان» التي احتضنت أقدم المعابد والصروح الثقافية فى أثينا وأشهرها. فهي كانت مركزًا لأبرز القيادات اليونانية ‏ ‏القديمة، ومن بينها باريكليس الذى حكم اليونان (443 و429 قبل الميلاد)، والذى وصف عصره ‏ ‏بالعصر الذهبى للتطور الثقافى اليوناني.
بعد جولة برفقة الدليل السياحي التي أمعنت في شرح أهمية الأكروبوليس التاريخية، كان الغداء في مطعم طابعه أرمني- يوناني يقدّم أشهى أصناف المطبخ الأرمني والسلطة اليونانية التي تشتهر بها المنطقة.

 

في نادي الضباط
بعد الغداء، توجّهنا إلى نادي الضباط في أثينا حيث كان لقاء مع نائب وزير الدفاع اليوناني DIMITRIS VITSAS يرافقه وزير سياسة الهجرة يانيس موزالاس ومندوب وزارة الصحة. حضر اللقاء كذلك، رئيس الجامعة الثقافية اليونانية - اللبنانية وأعضاؤها.
بعد الترحيب بأبناء الشهداء والوفد المرافق، ألقى نائب وزير الدفاع كلمة انطلق فيها من كونه أبًا يتفهم قلق الأبناء وحبهم للحياة. وقال لهم: عندما تكبرون ستدركون أن الحياة تتطلّب شجاعة وجهد لتحققوا أحلامكم. فما أريده منكم أن تمسكوا أيدي بعضكم بعضًا لتتسع دائرة السلام. ثم تمنى للجميع إقامة ممتعة في الربوع اليونانية، والاستفادة من شمسها وبحرها.
بدوره، ألقى النقيب مروان بدوي كلمة باسم القيادة شكر فيها القيّمين على النادي لحسن استقبالهم عائلات شهداء الجيش وأبنائهم، وكل من ساهم في إنجاح هذه الزيارة. ثم قدّم لنائب وزير الدفاع درع قيادة الجيش عربون تقدير. بدوره قدّم VITSAS درع وزارته إلى رئيسة مؤسسة العاقوري، مثمّنًا الجهود التي تبذلها من أجل أبناء شهداء الجيش، وقدّم هدايا للأولاد.
 

في العاصمة أثينا
بعد ذلك، توجّهنا إلى فندق ALEXANDROS في العاصمة أثينا حيث بتنا ليلتنا الأولى. ثم أخذنا قسطًا من الراحة استعدادًا لسهرة راقصة بدعوة من الجامعة الثقافية اليونانية- اللبنانية، تعرّفنا خلالها إلى الفولكلور اليوناني ومطبخه اللذيذ. خلال السهرة، التقينا رئيس الجامعة السيد وليد الياس الذي رحّب بأبناء شهداء الجيش والوفد المرافق، وقال: لا يسعنا كجامعة ثقافية وكجالية لبنانية إلا أن نكرّم أبناء شهداء الجيش، وننحني إجلالًا لآبائهم الذين قدّموا أغلى التضحيات للحفاظ على حدود الوطن من كل اعتداء غاشم. واعتبر أنّ ما تقوم به الجامعة تجاه أبناء شهداء الجيش ليس من باب الواجب فقط، إنما هو شرف لنا... في هذا السياق، يذكر أن التعاون بين الجامعة والجيش ليس جديدًا، فقد سبق للجامعة أن قامت بحملة تبرّعات (بقيمة 55 ألف دولار) لنزع الألغام في لبنان بين العامين 2009 و2010، إلى تقديمها أدوية (بقيمة 33 ألف يورو) وغير ذلك من مبادرات.
الجامعة الثقافية اليونانية - اللبنانية تأسست في العام 1986 في أثينا، وتضم اليوم 220 عضوًا، وتتمتع بشبكة علاقات جيدة جدًا مع المجتمعين اليوناني واللبناني، ومن أهدافها: دفع وتوثيق العلاقات الثقافية والاجتماعية والتربوية والسياحية والرياضية بين البلدين.
في ختام اللقاء، نوّهت رئيسة مؤسسة العاقوري السيدة ليا بنائب رئيس الجامعة السيد كوستا استفانيدس وبالجهود التي بذلها لتنظيم الرحلة ووضع برنامجها.

 

سانتوريني اليونانية.. جنّة الرومانسية
في صباح اليوم الثاني، استيقظ الجميع مع ساعات الصباح الأولى للتوجّه إلى جزيرة SANTORIN التي تقع على بعد 200 كلم جنوب شرق اليونان، وعاصمتها مدينة فيرا. استغرقت الرحلة حوالى 8 ساعات إلى أن وصلت بنا الباخرة السياحية BLUE STAR DELOS إلى جزيرة الحب والأحلام.
تعتبر جزيرة سانتوريني اليونانية من ضمن أفضل 20 وجهة للسفر في العالم، ومن بين أفضل 10 جزر على وجه الأرض وفق إحصاءات هذا العام، فهي تتمتع بمميزات لا تعد ولا تحصى، تجعل منها قبلة رائعة للهاربين من صخب الحياة وضوضائها.
وقد ظهرت هذه الجزيرة نتيجة تراكم طبقات الحمم البركانية عبر التاريخ (قبل 3600 سنة) ما أدّى إلى تشكُل هضبة مميزة بمنحدراتها الأخّاذة، وبخصوبة أراضيها. كما تشتهر الجزيرة الأسطورية بحفاظها على تراث المطبخ اليوناني القديم وفنونه المتنوعة.

 

الشواطئ الساحرة
مارس الجميع كبارًا وصغارًا رياضة السباحة مستفيدين من الشمس الحارقة. وبينما اختار البعض السباحة في أحواض الفندق، توجّه البعض الآخر إلى الشاطئ، فالمنطقة تشتهر بشواطئها المتعددة الأنواع: الرملية الحمراء، الرملية البيضاء، والشواطئ ذات الأحجار الزجاجية والرمال السوداء.
 بعد الظهر، وبعد تناول الغداء، توجهنا إلى مرفأ «ATHINION» حيث ركبنا الباخرة «AFRODITI» لزيارة منطقة البركان أو ما يسمى «جزر بركان سانتوريني» التي يقصدها آلاف السيّاح. هنا، تقسم الزيارة إلى قسمين: منطقة البركان الحديث (NEW VOLCANY) التي قصدها البعض سيرًا على الأقدام وصولًا إلى فوهة البركان، ومنطقة البركان القديم (OLD VOLCANY)، حيث غطس الأولاد في المياه البركانية لبعض الوقت، ومارسوا جميع أنواع الرياضات المائية قبل المغادرة إلى جزيرة OIA.

 

غروب الشمس المشهد الأجمل
تشتهر جزيرة سانتوريني بمشهد غروب الشمس الجميل والذي يعتبر من بين المشاهد الأجمل في العالم بحسب شهادات العديد من السيّاح. أبناء شهداء الجيش رصدوا الشمس «تسبح» في البحر مرتين: مرة من على متن الباخرة وسط البحر، ومرة أخرى من أعلى موقع في جزيرة «OIA» المشهورة بشوارعها المرصوفة بالحجر الأبيض وزحمة المحلات التجارية والحانات والفنادق والمقاهي. ومع انسدال خيوط الشمس الأخيرة، عاد الجميع إلى الفندق منشرحين وفي قلبهم فرح لا يوصف.

 

القرى والبيوت التقليدية
انتهى اليوم الثالث، ودخلنا صباح الرابع، وهذا اليوم كان مخصصًا لزيارة بعض قرى سانتوريني المشهورة بالبيوت التقليدية الجميلة والمواقع الأثرية. البداية كانت من MEGHALOCHORI (وتفسيرها القرية الكبيرة) التي لا يزيد عدد سكانها عن 800 نسمة. وما يزيد من جمالها المنحدرات المكسوة بالمباني التاريخية المزينة بالقباب البيضاء والزرقاء. المحطة الثانية كانت في آثار منطقة أكروتيري (AKROTIRI) حيث جال الزوار في متحفها التاريخي الذي يحتوي على 10% من آثار المدينة. يتألف المتحف من طابقين ويحتوي على مقتنيات ترجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتضم العديد من التماثيل والأواني وغيرها من المقتنيات التي تعود للفترتين الهيللينية والرومانية.

 

تذوّقوا النبيذ
المحطة الثالثة والأخيرة كانت للتعرّف إلى صناعة النبيذ في سانتوريني المشهورة بإنتاج العنب، والتي يعود إنشاء أول معمل للنبيذ فيها إلى العام 1946، حيث شاهد أبناء الشهداء المراحل الأربعة التي تمر بها صناعة النبيذ قبل تصديره.
المساء كان وقتًا حرًا للتنزّه والتسوّق في أسواق المدينة وحاناتها، وشراء ما لذّ وطاب من مأكولات وهدايا تذكارية.

 

إنتهاء الحلم
في صباح اليوم الأخير، استيقظ الجميع باكرًا للاستفادة من كل دقيقة قبل المغادرة إلى أثينا ومنها إلى لبنان. ولكن مهما طال عمر الحلم لا بدّ أن ينتهي، وها هي لحظة العودة إلى واقع الحياة قد حانت، إلى أن يبدأ حلم آخر...


بطاقة شكر

لم تكن رحلة أبناء الشهداء إلى اليونان لتنجح، لولا الاهتمام البالغ الذي أدّاه كل من المؤهل علي رعد والرقيب دوري المقشر، الموفدين من جهاز الرعاية والشؤون الاجتماعية للعسكريين القدامى في قيادة الجيش، تجاه الأولاد المشاركين في الرحلة، فاستحقا أسمى آيات الشكر من مؤسسة العاقوري، التي شكرت أيضًا الإعلامية كلود أبو ناضر هندي وفريق عمل الـMTV الذي رافق أبناء شهداء الجيش في رحلتهم إلى اليونان، وأعدّ تحقيقًا بث في حلقة خاصة يوم عيد الجيش.