وقفة وفاء

أبناء شهداء الجيش اللبناني في Animal City:
إعداد: ليال صقر الفحل

نهار ممتع حتى آخر لحظاته

تجديدًا لالتزامها حيال الجيش وعائلات شهدائه، دعت لجنة تنسيق ودعم نشاطات أبناء شهداء الجيش اللبناني نحو 500 شخص من عائلات الشهداء إلى زيارة حديقة الحيوانات Animal City في وادي نهر الكلب.    

 

مهمة نبيلة
أقلّت الباصات العسكرية المدعوّين إلى الحديقة، في ظل تدابير اعتادت المؤسّسة العسكرية اتخاذها في المناسبات المماثلة لتؤمن الراحة لجميع المشاركين، كما يؤكّد لنا العميد المتقاعد طوني عازار بصفته مكلّفًا التنسيق بين اللجنة من جهة وقيادة الجيش من جهة ثانية. عضو اللجنة السيدة نينا مفلح زوجة المقدّم الشهيد ميشال مفلح رافقت الأطفال في نهارهم الطويل، وأعربت عن سعادتها في المشاركة في هذه المهمة النبيلة.
 الفريق العامل في الحديقة تولّى تقديم الشروحات عن الحيوانات المختلفة، وأجاب عن جميع الأسئلة المتعلّقة بأسمائها ونوع الطعام الذي تأكله وبلدها الأم ومدّة حياتها... خلال هذا النهار الممتع، تعرّف الزائرون إلى حقائق وغرائب من عالم الحيوان. مثلًا، السلحفاة الوديعة يمكنها أن تكون خطرة وشرسة إذا عضّت... وثلاثة قرود من فصيلة الـBaboon تستطيع النيل من أسد بالغ وقتله... لم يسمع بعض الأطفال هذه المعلومات لأنه كان منشغلًا في ناحية أخرى من الحديقة، لكن المهم أن الحماسة وحب الاستكشاف غمرا الجميع، ولم يستطع التعب أن ينال منهم.

 

قفزوا وركضوا...
 أكثر من 40 نوعًا من الحيوانات توزّعت في الأقفاص المسيّجة الآمنة، ما سمح بالاقتراب منها من دون خوف، فلا النمر ولا الدبّ ولا الأفعى الصفراء المرعبة ولا النسر ولا الذئب أو حتى الأسد أخافهم...
مجموعة ألعاب تُسمّى بالفرنسية Jeux Gonflables تكفّلت بدورها بتوفير المزيد من السعادة للأولاد، فقفزوا وركضوا وتزحلقوا حتى آخر دقيقة من ذلك النهار الممتع.

 

ضحكات ولادن...
رافقتُهم في جولاتهم بين الأقفاص، سألت بعضهم عن أحواله. أجابت ميرنا (6 أعوام) ابنة المعاون الشهيد طوني الحزوري عن أوّل أسئلتي بضحكة خجولة وبريق في عينين زرقاوين، لكنها ما لبثت أن غادرت، متّجهة صوب التمساح تراقب زحفه نحو بركة مياه صغيرة. ليمار (5 أعوام) وأمين (3 أعوام) ولدا العريف الشهيد وسام دياب كانا من المشاركين في هذه الرحلة أيضًا، سألتهما إذا كانت المرة الأولى التي يزوران الحديقة فيها، ولكن حماستهما منعتهما حتى من الالتفات نحوي. تولّت والدتهما الإجابة بصوت خافت: «لا، إنها المرّة الثانية، نحن نشارك في جميع نشاطات اللجنة ونشكرها على اهتمامها بأبنائنا».
أبناء المعاون نزيه منصور (الذي قضى في حادث سير) بولس، رونالدو، جينيفير ولونا، أتوا من محافظة الشمال ضيوفًا أعزاء، جالوا في أرجاء الحديقة واستعرضوا حيواناتها المختلفة. آخر من قابلت كانا نيفين (8 أعوام) وسيرين (11 عامًا) ابنتا الرقيب أول الشهيد خالد جانبين. كانتا فرحتين طبعًا، رافقتهما والدتهما التي كانت تلاحقهما من قفصٍ إلى آخر خائفة. هي تعرف في قرارة نفسها أنّ المكان آمن، لكن الحزن والخوف اللذان سكنا قلبها يوم استشهاد زوجها، كانا أكبر من أن يبدّدهما سياج، أو قفص، أو فريق عامل أو حتى عسكريون مكلّفون حماية الأطفال ورعايتهم. سألت الفتاتين، هل تشاركان دومًا في نشاطات لجنة تنسيق ودعم نشاطات أبناء الشهــداء، وهــل تحبّان الزيارات والرحلات التي تنظّمها؟ أجابتا بنعــم مفعمــة بالفــرح والامتنان... ثم اقتربــت إحداهمــا منــــي قائلــة: «تقــدّم لنــا اللجنــة ما كــان ليقدّمــه والدنا لــو كــان معنــا...»، كلمــات رافقتنــي طــوال النهــار...
الفضل الأكبر في هذا النهار الترفيهي كان لصاحب حديقة Animal City السيّد سمير غطّاس الذي استقبل الضيوف بقلب كبير، معتبرًا الأمر واجبًا وطنيًا وخدمة بسيطة تقدّم لضيوف أكثر من أعزاء. وهو أصرّ أن ينتهي هذا النهار الحافل بمائدة غداء للزائرين الذين تجمّعوا مجددًا أمام الباصات العسكرية التي أقلّتهم إلى بيوتهم...