من التاريخ

أسلوب تحرير الفرمانات السلطانية
إعداد: د. شادية علاء الدين

القافية وجمع التأنيث وتفخيم وتعظيم...

 

حرر السلاطين العثمانيون الفرمانات باللغة العثمانية، وكانت تترجم الى اللغة العربية وتنسخ لتوزع على الولايات العثمانية بهدف تنفيذ الاوامر والتعليمات التي تتضمنتها. وبدت اللغة العربية المستخدمة في الفرمانات ضعيفة ركيكة وجملها خالية من الفواصل، واحيانًا تفتقر إلى التنقيط.
صاغ السلاطين والوزراء العثمانيون فرماناتهم ومراسيمهم بصيغة خاصة بهم وبنمط اعتمدوا فيه على القافية وجمع التأنيث، فكانت مقدمات الفرمانات والمراسيم في غالبيتها متشابهة من حيث الأسلوب الذي يعتمد التفخيم والتعظيم المبالغ فيهما، واستخدام جمع التأنيث في غير موضعه.
الفرمانات والمراسيم التي حررت باللغة العثمانية كانت تتضمن بعض المفردات باللغة العربية، مثل: العظام الفخام الكرام... أصحاب العزّ والإحتشام.


وتزخر افتتاحية الفرمانات والمراسيم بعبارات التعظيم للسلاطين والوزراء والقادة العسكريين وكبار موظفي الدولة العثمانية، من نوع: «حضرات السلاطين العظام والوزراء الفخام»، «وكلائي الفخام ووزرائي العظام والصدور الكرام والعلماء الأعلام»، «حضرات وكلاء الفخام»، «العلماء الكرام والموالي العظام»، «بعد التحية الوافية والتسليمات الكافية»، «حضرة الصديق الفخام»، «أمير الأمراء الكرام كبير الكبراء الفخام ذو القدر والاحترام صاحب العز والإحتشام»، «افتخار الأماجد الكرام ذوي المجد والاحترام»، «أعظم الامراء الكرام أفخم الكبراء الفخام»، «دستور (وزير) مكرم مشير مفخم»، «سعادة الوزير الوقور والهمام الجسور»، «دستورون مكرمون مشيرون مفخمون نظام العالم مدبروا أمور الجمهور بالفكر الثاقب متموا مهام الأنام بالرأي الصائب ممهدوا بنيان الدولة»، «قدوة السادات الكرام»، «قدوة النواب المتشرعين»، «المشيران العظام والميرميران (أمير الامراء) الكرام»...
وفي الفرمانات الموجهة إلى رجال دين وقضاة شرع ومثقفين نقرأ عبارات من نوع:
«عمدة كبراء الطائفة العيساوية بطريرك طائفة الكاثوليك في استانبول وتوابعها... دامت رتبته...»، «عمدة العلماء الكرام واعيان السادات والمدرسين الفخام»، «جناب إفتخار العلماء الكرام نائب طرابلس... التحية والتسليم بمراسم الاعزاز والتكريم»، « فخر الخطباء الكرام السيد الشيخ»، «أقضى قضاة المسلمين... معدن الفضل واليقين رافع أعلام الشريعة والدين»، «فخر الفضلاء الكرام»...
أما في مجال تعظيم السلطان لنفسه ولأجداده السلاطين العثمانيين فنقرأ مثلًا:
«حضرات اجدادي العظام»، «صار إصدار أمري هذا الجليل القدر»، «أمري هذا الشريف»، «سينالوا غضبي الملوكي»، «من الآن وصاعد توصيف إسمي السامي الشهرياري بلفظة الغازي هو صحيح ويلزم أن يقرأ إسمي الهمايوني الملوكاني بعنوان الغازي في صلاة الجمعة والعيدين (عيد الفطر والأضحى) على منابر ومحافل الجوامع الشريفة»...
أما في خاتمة الفرمانات والمراسيم فنجد عبارات من نوع:
«الى خاتم الكلام من فصل القضاء والاحكام»، «واعتمدوا العلامة السلطانية الشريفة تحريرًا في اواخر شهر رجب سنة ست وستين ومايتين والف»، «تبادروا بالعمل والحركة بموجب فرماننا... وتعتمدوا علامتنا هذه الشريفة تحريرًا في اواسط شهر ذي القعدة سنة تسع وخمسين ومايتين والف»، «بوصوله (المرسوم) ووقوفكم على مضمونه تبادروا بإجراء العمل والحركة بموجبه والتجنب والتحاشي من الخلاف في 24 محرم 1270»، «إحذروا المشاكسة والمخالفة حرر في... القسطنطنية المحروسة»، «التنبيه على الجميع... بأن كل أحد (شخص أو فرد) يكون معلومه هذه التنبيهات... وهكذا تعلم وتعتمد علامتي الشريفة تحريرًا في اوائل شهر محرم الحرام سنة سبعين ومايتين والف».
كذلك، اعتمدت كتابة الفرمانات والمراسيم والعقود المتعلقة بإرث الجنود، على القافية وجمع التأنيث في تحرير مضمونها، وفي هذا السياق نقرأ مثلًا:
«النظامات الجديدة العسكرية»، «نظاماتنا العدلية»، «من متروكات المتوفي (الإرث)...من عقارات ودراهم وأملاك وحيوانات»، «مدير القضوات (الأقضية)»، «إعلام عن القباحات... دون مراعات خواطر... وتدققوا على إجراء المحررات المشروحات»، «تحررت بتحريرات من طرفنا»، «مستشار أصول التجارات»، «هكذا فراغات وانتقالات بمعرفتهم وعلى اوراق».
أما الأسلوب الذي صيغت به العقود الرسمية خصوصًا تلك المتعلقة بالقضايا العقارية فلا يختلف عما سبق ذكره، بحيث يظل التزام القافية واضحًا:
«العقد المذكور على الوجه المسطور»، «باع بالطوع والرضا والإختيار من غير إكراه ولا إجبار»، «من طرق وطرايق ومضافات ولواحق»، «صحيحات شرعيات مقبولات».

 

المصادر:
- الوثائق العثمانية الواردة في سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس.
- شادية علاء الدين: الإدارة العثمانية في مدينة طرابلس الشام.
- قاموس اللغة العثمانية المسمى الدراسات اللامعات في منتخبات اللغات، جمعه ورتبه محمد علي الانسى باشكاتب محكمة بداية بيروت، طبع في مطبعة جريدة بيروت، 1381هـ الموافق1960م.