- En
- Fr
- عربي
أعلام ورايات
أول علم توسطته الأرزة رفع في 1918
عرف لبنان عبر العصور أعلامًا عديدة، وصفتها المراجع التّاريخية، وحدّدت زمن استخداماتها واعتمادها، وبيّنت معالم مقاييسها وتشكيلاتها وألوانها ومعانيها ورؤى أبعادها الأخرى... إلى أن استقرّت في نهاية الأمر على العلم الوطنيّ الذي رفع للمرّة الأولى في قرية بشامون في الحادي والعشرين من تشرين الثاني 1943، «تاريخ بدء استقلال لبنان».
وفي ما يلي نتناول الأعلام التي تعاقبت في لبنان إلى أن ولد علم الاستقلال، وذلك وفق ما ورد في الكتاب القيّم لجوزف وأدونيس نعمه.
العلم الفينيقي
نقلت إلينا التقاليد القديمة أن العلم الفينيقي كان أزرق اللون، ومن المرجَّح أنّ جدودنا الأقدمين قد اختاروا هذا اللون تيمنًا بالبحر الذي مخروا عُبابه على متن سفنهم الشهيرة. وثمَّة من يقول إنّ اللون الأحمر أضيف بعدئذ إلى اللون الأزرق إثر اكتشاف الفينيقيين الأرجوان الذي مهروا في صناعته.
علم المردة
كان علم المردة بحسب ما رواه بعض المؤرّخين يمثّل صليبًا وسيفًا أبيض اللون على نسيجة حمراء.
في عهد الأمير ابراهيم، ابن أخ البطريرك يوحنا مارون، أصبح هذا العلم مؤلفًا من قطعة قماش بيضاء في وسطها قرنفلة حمراء. وبعد ذلك بزمن طويل، في عهد المتصرفية، أراد داود باشا، أول متصرف على جبل لبنان، (1865)، تبنّي علم الأمير ابراهيم، غير أنّ أسبابًا سياسية حالت دون ذلك، الأمر الذي حمل خلفاءه على اعتماد العلم العثماني بصورة مؤقتة، وقد دام هذا العلم الأخير حتى غادر العثمانيون الأراضي اللبنانية مع انتهاء الحرب العالمية الأولى.
راية المماليك
كانت راية المماليك الذين حكموا سوريا ولبنان ما بين سنة 1250 وسنة 1515 تتألف من قطعة كبرى من القماش الموشّى بخيوط من ذهب تسمّى العصابة، كما كانت لهم راية ثانية من شعر تسمّى «شاليش»، وأعلام أخرى صغيرة صفراء تسمّى «السناجق».
علم العثمانيين
كان علم العثمانيين يتألّف من نسيجة حمراء يتوسّطها رسم هلال ونجمة أبيضي اللون، وقد فرض العثمانيون علمهم على البلدان التي كانت خاضعة لسلطنتهم حتى انهزامهم ورحيلهم عن لبنان في العام 1918.
أعلام الأمراء والمقدَّمين والمشايخ
كان علم المعنيين والشهابيين وآل عساف، وغيرهم من الأمراء والمشايخ والمقدمين الذين ينتمون إلى الحزب القيسي، قطعة من النسيج الأحمر في زاويتها اليمنى قرنفلة بيضاء.
وأما علم اليمنيين، الذين ينتسب إليهم آل علم الدين وآل سيفا، فقد كان، بعكس الأول، قطعة من النسيج الأبيض وفيها قرنفلة حمراء.
وقد اعتمدت زهرة القرنفل لأنّها معروفة كثيرًا في لبنان منذ القدم، وقد تكون أرضه منشأها. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ معظم اللوحات الفنية القديمة العهد، خصوصًا رسوم القرن التاسع عشر، كانت تزيّن بزهرة قرنفل في زواياها، لما لهذه الزهرة من جميل اللون والشكل، وطيب الأريج.
اللمعيون كان لهم علمهم الذي يمثّل صورة الأسد على قطعة نسيج بيضاء (كما جاء في «دائرة المعارف اللبنانية» لفؤاد افرام البستاني).
وقد اختار آل حرفوش والأمراء الشيعة علمًا لهم باللون الأخضر الذي كان شعار المتشيّعين للإمام عليّ- صهر النبيّ.
أما التنوخيّون فكان علمهم مؤلّفًا من خمسة ألوان عمودية متساوية العرض هي الأبيض والأزرق والأصفر والأحمر والأخضر، وفي مقام السيّد عبدالله جمال الدين التنوخي في قرية عبيه (منطقة عاليه) نموذج من هذا العلم.
ويروي بعضهم أنّ أسرة لبنانية أخرى هي آل «أبي نكد» كان لها علمها الخاص المؤلّف من لونين عموديين متساويين، الأول هو الأصفر والثاني هو الأزرق السماويّ، تتوسّط هذا العلم، على حدّ ما جاء في إحدى الروايات، عبارة «الجنّة تحميها السيوف» أو «الجنّة في ظلال السيوف».
وجاء في كتاب «تاريخ المسيحية» المنشور في فلورنسا العام 1685، وصف للعلم اللبناني الذي كان مؤلفًا من شعارَين هما غصن أرز على قطعة من قماش أبيض في قسمها الأعلى، رمزًا للخلود، وغصن سنديان على قطعة من قماش أحمر في قسمها الأدنى، رمزًا للقوّة والثبات.
علم الجنبلاطيين
وكان للجنبلاطيين كذلك علمهم الخاص، وهو أحمر اللون، محاط بإطار أخضر، وفي وسطه سيف ويد خضراء داكنة اللون على مقبضه.
علم الشهابيين
كان للشهابيين علمهم الخاص المؤلّف من قطعة نسيج زرقاء في وسطها هلال أبيض. غير أنّ أعلامًا عديدة أبصرت النور في ذلك العهد.
العلم اللبناني في عهد المتصرفية
توارت عهود المقدَّمين والأمراء المعنيين والشهابيين، وتوارت معها أعلامهم وراياتهم وبيارقهم، وأقبل عهد المتصرفية بعد حوادث 1860. إلا أنّ نظام المتصرفية الصادر في العام 1861، لم ينص في مواده على وجود علم رسمي إلى أن جاء رستم باشا المتصرف الثالث وأمر بإعلان علم الدولة العثمانية شعارًا لحكومة جبل لبنان وذلك حتى العام 1918 تاريخ سقوط الدولة العثمانية.
العلم العربي في بيروت (1918)
على أثر انتهاء الحرب العالمية الأولى ودخول الحلفاء إلى سوريا ولبنان، رُفع العلم العربي المربَّع الألوان فوق دار الحكومة في بيروت لمدة تسعة أيام فقط، إلى أن أنزله الحلفاء في تاريخ 10 تشرين الأول 1918.
العلم اللبناني في الفترة الانتقالية (1918-1920)
في الثاني من تشرين الأول سنة 1918، عقب سقوط الامبراطورية العثمانية، هبَّ اللبنانيون ثائرين، فاتّخذوا لهم علمًا وطنيًا جديدًا يتألّف من نسيج أبيض تتوسطه أرزة خضراء. ودام هذا العلم مرفوعًا في لبنان قرابة السنتين.
علم لبنان في عهدي الاحتلال والانتداب (1920- 1943)
في آذار 1920، تمّ اعتماد العلم الفرنسي بعد أن أضيف إليه الأرزة الخضراء في وسطه رمزًا وطنيًا للدولة. وقد تبنّى الجنرال غورو هذا العلم في خطابه الذي ألقاه بمناسبة إعلان إنشاء دولة لبنان الكبير في الأول من أيلول 1920، كما نص عليه الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار 1926. وقد ظلّ علمًا للبنان حتى العام 1943، تاريخ قيام الاستقلال ونهاية الانتداب الفرنسي.
علم الدولة اللبنانية (علم الاستقلال) 1943
عقد مجلس النواب بتاريخ 8/11/1943 جلسته المصيرية لتعديل دستور 1926 وإلغاء جميع المواد التي تمس بسيادة لبنان.
أثار هذا الأمر السلطات الفرنسية التي أقدمت على تعليق الدستور واعتقال رئيس الجمهورية بشاره الخوري، ورئيس الحكومة رياض الصلح، والوزراء كميل شمعون، سليم تقلا، عادل عسيران، والنائب عبد الحميد كرامي في قلعة راشيا. فتداعى مجلس النواب للاجتماع حيث رسم النواب العلم ووقّعوا عليه، ورُفع هذا العلم للمرة الأولى فوق مقر حكومة بشامون قبل أن يقره البرلمان اللبناني في كانون الأول 1943.
يرمز اللون الأحمر في العلم إلى دماء الشهداء، والأبيض إلى الثلوج التي تغطي جبال لبنان، والأرزة ترمز إلى القداسة والخلود.
ويحمل الرسم تواقيع رئيس مجلس النواب صبري حماده، صائب سلام، هنري فرعون، محمد الفضل، سعدي المنلا، رشيد بيضون، ومارون كنعان.