- En
- Fr
- عربي
كلمتي
قد نشعر في داخل نفوسنا، بشيء من الرضا عمّا نقوم به تجاه الشهداء، وتجاه عائلاتهم، خصوصاً إذا ما لاحظنا ما تقوم به هيئات عديدة في مجتمعنا المدني على هذا الصعيد. لكنّ ذلك لا يوازي، بالتأكيد، التضحيات الكبرى التي قدّمها الشهداء، والتي يقدّمها بالتالي كلّ واحد من أفراد عائلاتهم، أباً وأمّاً وأخاً وأختاً وزوجةً وأولاداً وأصحاباً وأصدقاء.
في الأمر تكرار للكلام من دون شك، وفيه إعادة للتعبير عن المشاعر والإفصاح عن مكنونات الأفئدة، لكنّ ذلك هو من باب التأكيد لا من باب الدوران في حلقة مفرغة، وهو أيضاً من باب الترتيل والصلاة والعبادة والتكريم وترجيع الذكرى، وهو إحياء لنضارة الحبر الذي تكتب به أسماء الأبطال في سجلات الخلود. إنّ في تلك الشعائر، التي قد لا تؤدي فائدة كبيرة في شؤون المادة والأرقام، تجديداً للقاء مع طيف الشهيد، ومع قامات ذويه التي لم تلن في الشدائد، والتي لم تشكُ ولم تنُح ولم تبكِ إلّا في حدود التعبير عن فيض العاطفة وعمق المحبة ولوعة الفراق.
سنة، سنتان، عشرون، خمسون... شهيد، عشرة، مئة... هذا هو قدر المؤسسة العسكرية التي تتزين بثقة المواطنين، والتي تدرك، منذ قديم زمانها، قيادةً وقادةً وعناصر، حجم المسؤولية الملقاة على كواهلها، والتي تعرف، خصوصاً في عصرنا المنظور، حجم الحاجة الى العتاد والسلاح، تمكيناً لها من تنفيذ مهماتها بالشكل الأكمل والأسرع، وإفساحاً أمامها في مواكبة الجيوش الحديثة في الدول المتقدمة.
وهنا لا بدّ من حسرة لائمة ومن استغراب عتابي: إنّ ما نطلبه من دعم ما هو إلّا الحاجة الملحّة الى القيام بالواجب، وهو ليس بأيّ حال للخزن والتخزين والعرض والاستعراض، فعدوّنا الخارجي يكشف عن براثنه وأطماعه في كل وقت، واعتداءاته تطلّ بقرنها من حين الى حين، وعدوّنا الداخلي، الإرهاب الذي يُمضي الوقت بين نوم ونهوض، وبين اختفاء وظهور، لا يغيب عن بالنا، ولا نغيب عن باله.
إنّنا نشعر بشيء من الرضا عمّا نقوم به تجاه شهدائنا، لكنّ هناك الكثير ممّا يجب وما يمكن عمله، ومن يجدر تذكيرهم بالعمل كثيرون، وأوّل من يمتلكون العلم بهم هم شهداؤنا هؤلاء.