- En
- Fr
- عربي
مؤتمر
«ألم... وأمل» كلمتان اختصر بهما الجيش اللبناني واقع الحال في حديثه عن المهمّات التي ينفذها بهدف معالجة تداعيات فاجعة مرفأ بيروت. ومع مرور ٢٥ يومًا على الكارثة، عُقد مؤتمر صحفي في غرفة الطوارئ المتقدمة التي أطلقتها قيادة الجيش بهدف متابعة الأوضاع الإنسانية والإنمائية في المنطقة المنكوبة، شرح خلاله كلّ من رئيس الغرفة العميد الركن سامي الحويك ورئيس قسم الصحافة والعلاقات العامة في مديرية التوجيه العقيد الركن الياس عاد ما تمّ إنجازه في عدّة مجالات.
تحدث رئيس غرفة الطوارئ المتقدمة العميد الركن الحويك شرح عن الخطوات المتخذة لتركيز الجهود المبذولة وتنظيم عمل الجمعيات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية المحلية والخارجية، منعًا للازدواجية، ولتحقيق الإفادة القصوى من الإمكانات المتوافرة لدى هذه الجمعيات، بهدف إعادة بيروت المنكوبة لما كانت عليه، والسعي إلى تأمين المساعدات للمتضررين بأسرع وقت ممكن، قبل حلول فصل الشتاء وهطول الأمطار».
تعاون وتنظيم
وأعلن العميد الركن الحويك أنّ «العمل جارٍ بفعالية بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني إلى جانب ممثلين عن الجهات الرسمية (وزارات مختصة، محافظات وبلديات...) بالإضافة إلى فريق من المستشارين والمتطوعين ومن الشباب أصحاب الخبرة، الذين وضعوا خبراتهم لإنجاح المهمة سواء من ناحية التخطيط والتنظيم، أو التواصل مع الجمعيات والمساعدة في إجراء الإحصاءات وغيرها...». وأضاف: «من أهداف إنشاء الغرفة أيضًا، تحديد فريق العمل ووضع المبادئ للوصول إلى الأهداف المرجوة. وقد اعتمدنا مبدأ الفعالية القصوى في كل الجهود والمساعدات التي نتلقاها، إضافة إلى الشفافية والنزاهة في التعامل مع الجميع».
وعن ماهية العمل، قال رئيس غرفة الطوارئ المتقدمة: المهمة الأولى تكمن في تقييم الحاجات المختلفة للمتضررين في المنطقة المنكوبة، على مختلف الأصعدة. بعدها يتم تقييم القدرات الموجودة لدينا مع الجمعيات والمتطوعين العاملين معنا، ليصار إلى توزيع المهمات. ونطلب بعدها من المنفّذين رفع التقارير لمراقبة جودة العمل. وعن تنظيم العمل المشترك، أوضح أنّه تمّ تقسيم منطقة بيروت إلى ١٨٨ قطاعًا، توزعت فيها جهود طالبي تقديم الخدمات (إعادة إعمار، ترميم، تـوزيع مأكولات وغيرها...)
وأشار رئيس الغرفة إلى أنّه مع بدء العمل تمّ تأهيل الغرفة بالمعدات والعنصر البشري، كما تمّ إنشاء قسم الإتصالات بهدف تأمين التواصل مع المواطنين والإعلام، لتلقي الشكاوى والاتصالات والتقديمات من المواطنين والرد عليهم. وقد تلقّت الغرفة لغاية اليوم (٢٩/٨/٢٠٢٠) نحو ٣٠٠٠ اتصال.
وحول موضوع تسجيل الجمعيات بهدف تسهيل العمل، شرح العميد الركن الحويك أنّ «كل جمعية متعاونة يمكنها التسجيل في الغرفة عبر تقديم أوراقها الثبوتية، وقد تمّ تنظيم مؤتمر لهذه الجمعيات لشرح سير العمل. وأصبح عدد المنتسبين حوالى ٣٢٩ جمعية، وهو عدد يدل على ثقة الجميع بالمؤسسة العسكرية وبشفافية العمل لديها من أجل تأمين المساعدات اللازمة للجميع».
وتابع شرح آلية العمل، فقال: استخدمنا الأنظمة الذكية والتكنولوجيا عبر منصات إلكترونية وتعبئة استمارات لمسح الأضرار وتقدير الحاجات ومعرفة القدرات، وذلك بهدف تنسيق العمل وتوزيع المهمات بأفضل طريقة، وضمان جودته ومراقبته.
وشدّد العميد الركن الحويك على حماية جميع الأبنية التراثية المتضررة وترميمها قدر الإمكان، مؤكّدًا أنّ الجيش يرحّب بأي جمعية شرط إبراز أوراقها الثبوتية، وهو على استعداد لاستقبال الأفراد المتطوعين كعمل فردي للتعاون معهم في أعمال مسح الأضرار وتوزيع المساعدات، وما على هؤلاء الأفراد سوى التوجه إلى مبنى بلدية بيروت للتعاون مع الجيش والجمعيات.
في ما خص المساعدات الغذائية والأمن الغذائي، أعلن العميد الركن الحويك «أنّه تمّ توزيع ( من قبل الغرفة وليس الجيش) نحو ٣٠٠٠ حصة غذائية للعائلات المتضررة، وهذه المهمة ليست منوطة بنا كغرفة، ولكن احتفظنا بكمية احتياطية منها وقدمناها إلى بعض العائلات المحتاجة. كذلك هناك جمعيات تهتم بطهي المأكولات وتوزيعها، وعددها ١٨٨ جمعية مسجلة لدى الغرفة. ونقوم بالتالي بمراقبة عملها عبر خبراء تغذية وأطباء من الجيش أو مدنيين، للكشف على المطابخ والوجبات وصحة العمل والسلامة الغذائية».
في الختام، أكّد العميد الركن الحويك «أنّ الهدف الأساس لغرفة الطوارئ المتقدمة يكمن في تأمين التنسيق اللازم لوصول المساعدات إلى أصحابها بأقصى سرعة، ومراقبة عمل الجمعيات لضمان الجودة والنوعية، والقيام بكل ما من شأنه مساعدة المتضررين والتخفيف من معاناتهم. كما لفت إلى أنّ هناك جمعيات ترغب تقديم مساعدات مالية شهرية لفترة ستة أشهر، والآن يتم التنسيق معها، لتوحيد المعايير والالتزام بها وتوحيد المبلغ، بغية استفادة أكبر عدد من المواطنين».
...وأرقام
ثم تولّى رئيس قسم الصحافة والعلاقات العامة في مديرية التوجيه العقيد الركن الياس عاد، عرض إيجاز مفصّل حول الآلية المعتمدة في توزيع المساعدات التي يتسلّمها الجيش، وكيفية توزيعها على المؤسسات المعنية، لا سيّما المستشفيات، وذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة. وأوضح العقيد عاد أنّ وحدات الجيش تولّت توزيع ٥٠٪ من المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى لبنان، فيما تولّت سفارات الدول المانحة وعدد من المنظمات غير الحكومية والهيئة العليا للإغاثة توزيع باقي المساعدات. وأكّد أنّ «الهدف الأساسي يكمن في تأمين التنسيق اللازم لوصول المساعدات إلى أصحابها بأقصى سرعة، ومراقبة عمل الجمعيات والقيام بكل ما من شأنه مساعدة المتضررين وتخفيف معاناتهم».
وأوضح العقيد عاد أنّ المساعدات الطبية التي وصلت إلى لبنان توزّعت بين: أدوات ومعدات طبية وأدوية ولقاحات ووسائل وقاية وتضميد. وأنّ هذه المساعدات تُفرز وتُخزَّن في مستودعات الطبابة العسكرية، ثم يصار إلى توزيعها على الجهات المعنية وفق معايير وشروط محددة، وذلك بالتنسيق بين وزارتَي الدفاع الوطني والصحة من جهة، والمستشفيات من جهة أخرى. ولفت العقيد عاد إلى أنّ «الجيش يعتمد مبدأ الشفافية في تسلّم المساعدات وتوزيعها على المتضررين، وهذه المهمة مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق المؤسسة العسكرية».
أما على صعيد المساعدات الغذائية، فشرح أنّه تمّ توزيع عشرات آلاف الحصص الغذائية على سكان المناطق المتضررة، وشملت عدّة مواد، منها: الطحين، الحبوب، المعلبات، الحصص المعلبة، الوجبات الجاهزة والزيت. وأضاف: «مع بدء وصول هذه المساعدات (في التاسع من شهر آب الفائت) أنشأ الجيش مراكز لفرز المواد الغذائية وتوضيبها وتخزينها بمساعدة عسكريين ومدنيين متطوّعين، وقد وصلت قدرة التوضيب إلى نحو ٤٥٠٠ حصة في اليوم. وتمّ في الفترة الأولى وضع نقاط ساخنة تُمكّن المواطنين القاطنين خارج منازلهم من تسلّم الحصص الغذائية الخاصة بهم، فيما جرى بعد ذلك توزيعها على المنازل».
ولفت إلى أنّ نحو ١٣٠٠ عسكري أسهموا في عملية إزالة الركام من الأحياء السكنية تسهيلًا لعودة العائلات، ما سهّل إيصال المساعدات الغذائية إلى المنازل. كما أوضح أنّه «في تواريخ مختلفة، تسلّم الجيش نحو ٥٤٢،٥ طنًا من الطحين تمّ تحويلها بالاتفاق مع بعض الأفران إلى ربطات من الخبز وتسليمها إلى المواطنين. وأشار العقيد عاد إلى أنّ برنامج العالم الغذائي World Food Program قدّم ١٢٥٠٠ طنٍ من الطحين وضعوا بتصرف وزارة الاقتصاد، وقد عمل الجيش على تأمين المستودعات اللازمة للتخزيـن.
أمّا بالنسبة إلى المساعدات المتعلّقة بمواد البناء، فقد قدّمت شركة سبلين ٢٠٠٠ طن من الترابة السوداء، تمّ استلام نحو ٦٢٥ طنًا منها وهي مخزّنة في قاعدة بيروت البحرية. كما أنّ هناك «٢٥٠ لجنة هندسية عسكرية ومدنية تتولّى أعمال مسح الأضرار في المناطق المتضررة، وتضمّ نحو ١٠٠٠ عسكري وضابط و ٥٠٠ مهندس مدني متطوع.
من جهة أخرى، طمأن العقيد عاد: إلى «عدم وجود مواد خطرة قد تؤثر على السلامة العامة في المرفأ». وحول مسألة المفقودين أعلن أنّ «عمليات البحث عنهم لم تتوقف وما زالت مستمرة من قبل فوج الهندسة والدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني»، كاشفًا عن أنّ العدد المتبقي هو ٧ مفقودين: «٣ لبنانيين و٣ من الجنسية السورية ومفقود من الجنسية المصرية».
وفي الختام جدّد دعوة المواطنين إلى تسلّم بضائعهم بهدف تسريع عملية تنظيف المرفأ، كاشفًا أنَّه ما من مواد خطرة أخرى في المرفأ، بل مواد تستخدَم لأغراضٍ صناعية تسرّبت بعد الانفجار، وقام الجيش بمعالجتها.