كلمة

أمانة الشهداء
إعداد: العميد حسين غدار
مدير التوجيه

يترك الشهداء حين يغادروننا بالجسد أمانة بين أيدينا، وهي في الحقيقة من جزأين: الأمانة الوطنية التي تُلزم جميع العسكريين رفاق الشهيد بمواصلة الجهد والتضحية في سبيل الوطن والمؤسسة حتى لا تضيع الشهادة هدرًا، والأمانة الشخصية أي أفراد عائلة الشهيد الذين فقدوا الأب أو الابن أو الأخ، وعانوا من الفقد وألم الفراق.
يقتضي الوفاء لتضحيات الشهداء إذًا حفظ أمانتهم الشخصية كما الوطنية، وهذا التزام أخلاقي قبل أن يكون قانونيًّا، ومعنوي قبل أن يكون ماديًّا. وتأتي في هذا السياق النشاطات والاحتفالات التي ينظمها الجيش لأفراد عائلات العسكريين الشهداء في مختلف المناطق خلال المناسبات المختلفة والأعياد الوطنية. ووراء الفرحة التي تسعى القيادة إلى رَسْمِها على وجوههم، تكمن رمزية العرفان والتقدير لهم وللشهداء، ورسالة الاطمئنان إلى أن الحياة، رغم حجم الخسارة التي لا تعوَّض، تبقى جميلة ومفعمة بالأمل بوجود السند القوي واليد الممدودة والقلب الرحب، وهذه كلها تتجسد في رفاق الشهيد الذين يحرصون أشد الحرص، وفق توجيهات القيادة، على منح الأولوية المطلقة لأفراد عائلات الشهداء في مختلف شؤونهم وحاجاتهم.
في مطلع العام 2024، ومع انقضاء سنة مليئة بالتحديات التي واجهها الجيش بكل ثقة وإصرار وحافظ خلالها على تماسكه وعلى أمن الوطن، وحلول سنة حافلة بالاستحقاقات التي لا تقل صعوبة عن سابقاتها، تبقى شؤون عائلات الشهداء في صلب أولويات القيادة، بندًا ثابتًا تتجلى فيه قيم الشرف والتضحية والوفاء، لأن استمرار هذه القيم لا يكون إلا بالوفاء لشهدائنا الذين مثّلوا الشرف الأسمى في حياتهم وبعد رحيلهم، وقدّموا التضحية الأغلى حين جادوا بأرواحهم ليحيا لبنان.