تكريم

إحتفال في وزارة الدفاع وفاءً لرئيس الجمهورية واعتزازاً بقيادته
إعداد: جان دارك أبي ياغي

الرئيس العماد سليمان: مقولة إنقسام الجيش سقطت وولاؤه للوطن والمؤسسة العسكرية
العماد قهوجي: ولاء الضباط والعسكريين للجيش والوطن

 

حدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان «ثلاثة أخطار تتهدّد لبنان، أولها الخطر الإسرائيلي الذي يريد إسقاط صيغة لبنان النقيض لإسرائيل التي ترفض الإعتراف بأي مبادرة للسلام، كما ترفض إعادة الحقوق لأصحابها, ومن بينها حق العودة للاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وثانيها خطر التفرقة بين اللبنانيين وتفكيك وحدتنا الوطنية التي هي عنوان المقاومة الحقيقية ضد إسرائيل»، وثالثها «الإرهاب الذي حاربه الجيش اللبناني ببسالة».
وجدد التأكيد «أن مقولة إنقسام الجيش قد سقطت، وأن ولاء الجيش وضباطه وعسكرييه هو للمؤسسة العسكرية وللوطن»، مشدداً على «أن هذا الولاء ليس لأي أحد آخر لا للرئيس وليس لأي زعيم آخر».

مواقف الرئيس سليمان جاءت خلال الكلمة التي ألقاها في الإحتفال الذي أقامه قائد الجيش العماد جان قهوجي في قاعة العماد جان نجيم في وزارة الدفاع الوطني إحتفاء بفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووفاءً له واعتزازاً بقيادته العليا. وقد حضر الإحتفال الى جانب رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني الياس المر، وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، المدير العام للأمن العام اللواء الركن وفيق جزيني، مدير عام أمن الدولة بالوكالة العميد الركن الياس كعيكاتي، مدير عام الجمارك العامة العميد المتقاعد أسعد غانم, ورئيس الأركان في الجيش اللواء الركن شوقي المصري، الى عدد من كبار الضباط من مختلف مؤسسات الجيش ووحداته.

بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني الذي ترافق مع عرض صور على شاشة عملاقة لشهداء الجيش اللبناني الذين استشهدوا في أثناء أدائهم واجبهم الوطني في الدفاع عن لبنان، خلال تولي العماد سليمان قيادة الجيش. وبعد أن وقف الحضور دقيقة صمت عن أرواح الشهداء، عرض فيلم وثائقي يؤرخ لأبرز المحطات في مسيرة الرئيس سليمان خلال قيادته المؤسسة العسكرية وانتقال قيادة الجيش الى العماد قهوجي.
عرّف الحفل مدير التوجيه في الجيش اللبناني العميد الركن صالح حاج سليمان، وكانت كلمة للعماد قائد الجيش فكلمة رئيس الجمهورية.

 

كلمة الرئيس سليمان
رئيس الجمهورية إستهل كلمته بشكر العماد جان قهوجي «لهذا اللقاء الذي أرجعني الى ذكريات عزيزة جداً على قلبي. والمشاهد التي تابعناها خلال الفيلم الوثائقي، كانت لأحداث كان لي شرف الحضور فيها، وقيادة المؤسسة العسكرية خلال هذه المرحلة. ولكني أؤكد أن هذه الإنجازات هي من صنع قيادة الوحدات وضباط الجيش الذين بقوا متماسكين وموحّدين. وقد كنا نؤكد على الدوام أنه إذا بقي ضباط الجيش مع بعضهم البعض فسيبقى الوطن. وبالفعل، فإن بقاء الضباط والجنود جنباً الى جنب، طوال الفترة السابقة قد ساهم في الحفاظ على الوطن واحداً موحداً».
وأضاف : «كنا نقول أيضاً إن الجيش هو العمود الفقري الذي عليه تُبنى وترتكز مؤسسات الدولة، وبه ترتبط هيئات المجتمع المدني، وقد بقي الجيش كذلك، وصمدت الدولة واجتاز الوطن مشاكله الصعبة».
وقال: «اليوم مسيرة بناء الدولة قد انطلقت، على الرغم من كل الصعوبات، التي تحيط بهذه العملية، وهي عديدة، منها صعوبات إقليمية وأخرى دولية متمثّلة بالأزمة المالية. لكن هذه المسيرة قد انطلقت، مرتكزة بشكل أساسي على العمود الفقري الذي لا يزال يشكّله الجيش اللبناني».

ورأى الرئيس سليمان أنه على الرغم من ذلك، «يبقى الخطر على لبنان قائماً، وهو يتمثل بإسرائيل التي تريد أن تنتزع دوره، لكنها لن تستطيع الى ذلك سبيلاً. إن إسرائيل تريد إسقاط صيغة لبنان التي هي نقيض خطتها وسياساتها القائمة على رفض الاعتراف بأي مبادرة للسلام، كما على رفض إعادة الحقوق الى أصحابها، ورفض حق عودة الفلسطينيين الى أرضهم، حتى أنها ترفض الإعتراف بدولتهم. والأكثر من ذلك، فإنها تسعى الى تهجير الفلسطينيين من غزة، وقد ارتكبت لأجل تحقيق هذا الهدف أبشع الجرائم. كما أنها تحاول طرد الفلسطينيين من القرى والمدن التي كانوا يعيشون فيها منذ زمن، ومن بينهم عرب 48 الذين لا يزالون داخل إسرائيل. كل ذلك، من دون أن تغيب عن بالنا التهديدات اليومية التي تطلقها، والتي نعتبرها خروقاً للقرارات الدولية لا سيما القرار 1701، لأن لهذه التهديدات تأثيرات سلبية على المناعة الوطنية كما على الإقتصاد الوطني وفرص الإستثمار في لبنان. واليوم تتطور التهديدات لتبلغ حد التهديد بقصف مراكز الجيش والأبنية الحكومية، ذلك أن إسرائيل تدرك أن قوة لبنان هي في جيشه، وهي لذلك تطلق تهديداتها في حق وزارة الدفاع».

وقال: «سبق لنا ونبهنا عدة مرات من أن مقصد إسرائيل هو تدمير الجيش وضربه. في تموز 2006، كانت تهدف الى زعزعة الوطن من خلال ضرب الجيش. ففي اعتقادها أن العسكريين سوف ينقسمون بين من لا يريد الحرب ومن يريد الدفاع عن لبنان. لكن العسكريين بقوا موحّدين، وتحدوا إسرائيل معاً ، ما ادى الى هزيمتها على يد المقاومة والجيش الذي دعم هذه المقاومة بقوة وساهم في فك الحصار السياسي المضروب عليها بشهدائه الذين سقطوا وبثكناته التي قصفت».
وأضاف الرئيس سليمان: «في الوقت الذي يستمر فيه الخطر الإسرائيلي على لبنان، هناك ايضاً خطر ثانٍ يهدده ينتج من الأول ويتمثل بالتفرقة بين اللبنانيين وتفكيك وحدتنا الوطنية. وهذا الخطر هو أيضاً مقصد إسرائيلي، لأن لبنان الموحد يستطيع التصدي لإسرائيل، وهو عنوان المقاومة الحقيقية ضدها».
وقال: «هناك الخطر الثالث على لبنان والمتمثّل بالإرهاب الذي حاربه الجيش اللبناني ببسالة بشكل لم يعهد له مثيل. وقد سقط لنا شهداء كثر في محاربته. ونحن علينا أن نبقى أوفياء لدمائهم، وجيشنا بقي وفياً لهم وحافظ على وحدته، على الرغم من كل الصعوبات التي اجتزناها معاً. وأنا أعرف أنه كان في ودكم القيام بأكثر من ذلك، لكن ما قمتم به كان أفضل الممكن، واستمر الجيش على الأداء عينه والمواقف نفسها طيلة الفترة التي تلت معركة نهر البارد والتي انتهت بعد ذلك الى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. والجيش، خلال القيادة الإنتقالية له بقيادة اللواء الركن شوقي المصري، وفي القيادة الحالية بأمرة العماد جان قهوجي، لا يزال يؤدي دوره الوطني بشكل ممتاز، ولا يزال يعتمد عليه في استمرار مسيرة الدولة وتطويرها».

 

ولاء الجيش
وقال: «تجاه كل هذه الأخطار، تبقى المؤسسات العسكرية والأمنية الأساس في الحفاظ على مسيرة الدولة وحمايتها وتحصينها من كل الأخطار. والجيش هو على رأس هذه المؤسسات، وعليه تالياً أن يحافظ على وحدته وعقيدته العسكرية. لقد سقطت مقولة الخوف من إنقسام الجيش. إن ولاء الجيش وضباطه هو، كما قال العماد قهوجي، وأنا أعرف ذلك، إن هذا الولاء هو للمؤسسة وللوطن. إن هذا الولاء ليس لرئيس الجمهورية ولا لأي زعيم آخر. القيادة هي الأساس، ونحن نثق ثقة مطلقة بالقيادة الحالية. فلا يتوقف أحد عند أي انتقادات تحصل. في الدول الديموقراطية، هناك انتقادات دوماً، في دول أوروبا مثلاً هناك انتقادات تطاول المؤسسة العسكرية أكثر من هنا. لذلك نحن علينا أن نستمر بواجبنا وبعملنا من دون أن نتأثر بأي انتقادات سياسية، لأن هدفها سياسي».

ورأى أن «الجيش اجتاز صعوبات جمة ولم ينقسم، كما لم تنقسم القوى الأمنية الأخرى لأنها مرتبطة بالجيش. اليوم نحن لدينا ثقة جامعة بأنه مهما حدث فلن ينقسم الجيش. ونحن مدعوون الى المحافظة على هذه الثقة وهذه الميزة بعملنا واندفاعنا ووطنيتنا. فجيشنا الوطني هو اليوم المثال الأهم في العالم لمعرفة كيف في الإمكان أن تجتمع طوائف متعددة حول القيام بمهمات واحدة. لقد حارب جيشنا إسرائيل والإرهاب معاً، وهو حافظ على الأمن وحمى التظاهرات والقيم الإنسانية والحريات العامة وحقوق الإنسان والتزم الإبتعاد عن الطائفية والتعصب... وذلك من خلال ممارسة هي من الأفضل بين جيوش العالم». وأضاف: «من هنا، الثقة العارمة بالجيش، وهي ليست ثقة وطنية فحسب بل دولية كذلك. ولقد تسنى لي أمر التأكّد من ذلك خلال الجولات التي أقوم بها الى الخارج، ومن هنا وصلت المساعدات للجيش».

 

المساعدات للجيش
وقال: «إن هذه المساعدات كانت نتيجة ثقة أنتم أهل لها، وأنتم مدعوون الى المحافظة عليها. إن كل من يساعدنا إنما يقوم بذلك من دون شروط، نحن نتقبّل دوماً المساعدات العسكرية ولكن من دون أي شرط سياسي. إن الدولة والحكومة اللبنانية تتحملان مسؤولية السياسة اللبنانية، لذلك لا نقبل أي شروط لتسليح جيشنا، وهذه الشروط لن نقبلها في موقفنا من الجيوش أو الدول الأخرى، وبالتحديد علاقتنا مع الجيش السوري الذي تجمعنا به العقيدة الواحدة ضد العدو الإسرائيلي، والذي كان الى جانبنا وساعدنا عندما كنا جيشنا في حاجة الى المساعدة.
واليوم علينا أن نبقي علاقة تنسيق معه، بما يخدم أمن لبنان وأمن سوريا، من دون أي تدخّل بالطبع من أحد في أمور الآخر، إنما بشكل متكافئ وحقيقي، كما تستحق العلاقة أن تكون بين دولتين شقيقتين وجارتين تجمعهما أهداف واحدة تتلخص في التصدي لعدو واحد هو إسرائيل».

واضاف: «المساعدات التي تأتي من الخارج عموماً لا تعفي الحكومة من واجباتها تجاه الجيش. فالجيش خصوصاً، كما القوى الأمنية، في حاجة ماسة الى مساعدات كبيرة على كل المستويات، بدءاً بتعزيز أوضاع عديده وعناصره من ضباط ورتباء وأفراد ومتقاعدين، وشهداء وعائلاتهم، وصولاً الى تجهيزه بالعتاد اللائق به. إننا لن نهمل أبداً هذه الأهداف. ونحن سنبذل جهودنا في سبيل تطبيق خطة تسليح الجيش، وتأمين مستشفى عسكري لائق به. لكن الصعوبات المالية المحيطة بلبنان والعالم حالياً تؤخر هذه الخطوات، إنما لا بد من أن يعطى العسكريون حقوقهم، من أجل ترسيخ إستقرار الوطن».

وقال الرئيس سليمان: «إن مهام الجيش عديدة ومتنوعة... هكذا تركته، واليوم أصبحت أعباؤه في ازدياد. لكن الأداء جيد، وهذا ما يجب أن يحفزكم للإستمرار في عطائكم».
ورأى «أن الدفاع عن الارض والوطن ضد العدو الإسرائيلي، بالتفاهم مع المقاومة، والتصدي للإرهاب من دون خوف أو تردد من أولى هذه المهام. وقد أثبت الجيش أنه لا يخاف، وهو يضحي بالغالي كي ينقذ الوطن ومنعته».
وقال: «من مهام الجيش أيضاً حفظ الأمن ومؤازرة قوى الأمن الداخلي في ذلك. فالأمن هو ملح الإقتصاد ومن دونه لا ينتعش الوطن، ولا تأتي اليه الاستثمارات ولا تصان الحريات العامة فيه».

 

الأمن للانتخابات
وأضاف: «إن الأمن أساسي للإنتخابات التي نحن مقبلون عليها، على المؤسسات الأمنية كافة والجيش خصوصاً، أن تثبت صدقيتها الكاملة خلال هذه المرحلة. عليكم إذاً ترسيخ هذه الصدقية وتعزيزها. فهذه الإنتخابات سوف تعطيكم صدقية لسنوات عديدة، وعلى الأقل للإنتخابات المقبلة. أنا أعرف التوجيهات التي تتلقونها من رؤسائكم ومن قائد الجيش. عليكم بذل جهد خاص لعزل الجيش عن التعاطي السياسي. على الضباط، وتحديداً ضباط المخابرات، التصرّف بشكل مدروس للغاية كي يشعر المواطنون ويدركوا بأنكم لا تتعاطون في الإنتخابات... هذا الأمر أقوله لكم ولقوى الأمن الداخلي وللأمن العام ولأمن الدولة ولكل المسؤولين.
إن المسؤولية في الإنتخابات مشتركة، وهي كذلك ملقاة على عاتق الإدارة والقضاء، بحيث يتطلب الأمر تجرداً كاملاً من قبل المسؤولين ومراعاة للمصلحة الوطنية قبل المصلحة الشخصية. فالوطن لا يربح أبداً من خلال مصلحة الأشخاص».
وقال: «أنا متأكد انكم ستقومون بعملكم بشكل جيد. ولدي ثقة كبرى بكم وبقيادتكم، وبالوزراء المولجين بهذا الأمر، وهم مشهود لهم بالنزاهة والتجرّد، والأهم أن لا مصالح خاصة لهم يطلبونها من مؤسساتكم. أنا متأكد مما أقوله، من خلال تجربتي مع وزيري الدفاع والداخلية الحاضرين في ما بيننا».
وأضاف: «إن مسيرة الدولة بدأت تعطي ثمارها، ومظاهر الدولة المدنية المكونة من مؤسسات دستورية... ظاهرة للعيان... هناك مؤسسات تعمل وتتخذ قرارات. بالطبع المطلوب أكثر بكثير، ولكن لا تنسوا أن الممارسة الديموقراطية في لبنان قد تعطّلت لفترة، وها إننا نعتاد من جديد عليها، عاملين على حل مسائلنا من داخل بيتنا، توصلاً الى قواسم مشتركة تفيد اللبنانيين جميعاً».

 

طاولة الحوار
وقال الرئيس سليمان: «إن الحوار الوطني المشكّلة هيئاته من رئيس الجمهورية ورئيسي مجلسي النواب والوزراء ورؤساء الكتل النيابية، مفيد للغاية. وطاولة الحوار يمكن أن تكون نسخة من هيئة إلغاء الطائفية السياسية المنصوص عنها في الدستور، وتتشكّل في الطريقة عينها».
وأضاف: «إن طاولة الحوار تعالج أموراً كثيرة، وأنا أعرف أن المواطنين يسألون أين أصبحت الإستراتيجية الدفاعية؟ إن مثل هذه الإستراتيجيات لا تُبنى بالإرتجال بل على قوائم أساسية هي القدرة العسكرية، والقدرة القومية - الإقتصادية، والسياسة. أنتم تدركون القدرة العسكرية للجيش والمقاومة، وقدرتنا الإقتصادية هي في طور التحسن، أما الوضع السياسي فلم يستقر بعد. أنتم تشاهدون كيف يتبدّل الوضع من حولنا، فبالأمس كانت هناك مفاوضات توقفت اليوم. ونحن، قبل الذي حصل في غزة كنا نناقش في طريقة معينة، وبات علينا اليوم أن نناقش بشكل مختلف».

في حرب غزة تمّ تطبيق أمر بدهي في الإستراتيجية التي نسعى اليها، من دون أن يكون مكتوباً، ويتلخّص في كيفية منع الجرائم المرتكبة في غزة من التأثير على الوضع اللبناني. لقد قام الجيش بدوره، وكانت المقاومة جاهزة للمشاركة في الدفاع عن لبنان في حال تمّ الإعتداء عليه أو إحتلال جزء منه. هذا التفاهم بين الجيش والمقاومة يشكّل أساساً صالحاً لبناء الإستراتيجية الدفاعية».
وقال: «إن كل الخطوات التي نقوم بها تنعكس ايجاباً على الوطن والتقدّم كبير جداً. ولكن أمامنا الكثير من المعضلات التي علينا أن نحلها. المهم يبقى في المحافظة على وحدتنا والعمل على تحسين أوضاعنا وتحصين لبنان، بحيث لا تنعكس أي أخطار علينا، وإذا ما حصلت إيجابيات إقليمية فنستفيد منها».
وختم بالقول: «أنا مؤمن جداً بالدور الذي تقومون به، وأشجعكم على المضي قدماً والإفتخار بمواقفكم. وأنا مطمئن أن القيادة، في عهدة العماد جان قهوجي هي في أيادٍ أمينة».

 

كلمة العماد قهوجي
العماد جان قهوجي ألقى كلمة جاء فيها: «بداية اسمحوا لي أن أرحب بكم في بيتكم الدائم، في مؤسستكم الأم، هذه المؤسسة التي تبادلكم بقيادتها وضباطها وعسكرييها الشكر بالشكر والوفاء بالوفاء والتقدير بالتقدير، بعد أن بذلتم في ساحاتها ربيع العمر وزهر الشباب، وكان لكم الباع الطولى في إرساء مداميكها وإعلاء بنيانها ورفع رايتها، خفّاقة مزهوة فوق كل شبر من تراب وطننا الحبيب».
وأضاف قائلاً: «فخامة الرئيس، لقد شاءت الظروف الإستثنائية التي شهدتها البلاد أن تنتقلوا من سدّة قيادة الجيش الى موقع رئاسة البلاد قبل أن تجري مراسم التسلّم والتسليم اللازمة وفقاً للمعتاد، وهذا ما جعلنا نتطلع الى لقاء آخر في قيادة الجيش، نتوجّه فيه بتحية تكريم الى فخامتكم، ونجدّد العزم على متابعة المسيرة في ظل عهدكم الميمون، الذي أعاد للوطن موقعه الريادي في المنطقة والعالم، وشرّع أمام اللبنانيين أبواب الإنقاذ والخلاص، وآفاق الأمل بمستقبل واعد مزدهر».

وتابع: «لقد عملت لسنوات طويلة في ظل قيادتكم الحكيمة، فعايشت عن قرب الأوضاع الدقيقة التي أحاطت بعمل المؤسسة، وأدركت أهمية ما اتخذتم من قرارات صائبة ومواقف شجاعة خلال الظروف الصعبة التي مرّت بها البلاد، بحيث كان لها الأثر البالغ في الحفاظ على تماسك الجيش ووحدة الوطن، وعودة الجميع الى سلوك طريق الحوار والمصالحة والتوافق، كسبيل وحيد لإنقاذ لبنان من الأزمات التي عصفت به. وحين أتيت الى قيادة الجيش متسلحاً بثقتكم الغالية، شعرت بملء الفخر والإعتزاز وأنا أشهد بأم العين بصماتكم الواضحة في ما تحقّق من إنجازات مشرقة، هي ثمرة سهركم الدائم وعصارة جهودكم اللامحدودة. ووجدت أنه من السهولة بمكان، السير قدماً في عملية تطوير المؤسسة أكثر وأكثر، لا سيما أننا نرى في موقعكم الجديد سنداً دائماً لها، وفي رعايتكم الكريمة خير معين ونصير».

وأردف: «فخامة الرئيس، إن نهجكم القويم في مرحلة توليكم قيادة الجيش، المستند الى ترسيخ المبادىء العسكرية والثوابت الوطنية في نفوس العسكريين، والتزام معايير العمل المؤسساتي وإبعاد الجيش عن السياسة والولاء المطلق للوطن، قد جعل من المؤسسة العسكرية، موضع ثقة اللبنانيين جميعاً ومثالاً يُحتذى بين مؤسسات الدولة كافة، فكان في سلّم أولوياتي التمسّك بهذا النهج، والحفاظ على هذه الإنجازات والبناء عليها. فأنا لم أصل الى سدة القيادة لتغيير المبادئ والمفاهيم التي قامت عليها المؤسسة، بل إن ما أطمح اليه وأسعى في سبيله هو تطوير آلية العمل، ورفع قدرة الجيش عديداً وعتاداً وتدريباً، والاستفادة القصوى من المساعدات العسكرية التي تقدّمها الدول الشقيقة والصديقة، والتي نتمنى أن تتطوّر وتزيد الى المستوى الذي يليق بكفاءة العسكريين وتضحياتهم، ويتناسب مع حجم المخاطر والتحديات التي يواجهها الوطن».

وقال: «فخامة الرئيس، إن الجيش بصفته رمزاً لسيادة الوطن واستقلاله، والمدافع الأول عن أرضه وشعبه، ومقدساته، لن يفرط قيد أنملة بواجبه المقدس في الدفاع عن لبنان ضد أي اعتداء إسرائيلي، والإستمرار في مواجهة الإرهاب وكل العابثين بمسيرة الأمن والإستقرار وذلك بالتعاون والتنسيق مع القوى الأمنية كافة، وسيبقى الى جانب هذه القوى العين الساهرة أبداً على سلامة المواطن وكرامته وحريته، في مختلف الإستحقاقات والمناسبات الوطنية، ولا سيما منها الإنتخابات النيابية المقبلة. وإزاء تجنّي البعض على المؤسسة العسكرية، فإني أؤكد لكم أن ولاء الضباط والعسكريين سيبقى وحده وكما عهدتموه للجيش والوطن، فيما نتطلع اليوم بكثير من الأمل الى جهدكم الملموس في جلسات الحوار التي تعقد برعايتكم، للتوافق على إستراتيجية وتنفيذ متطلباتها لاحقاً، وتوظيف مختلف طاقات الشعب اللبناني في خدمتها، بما يكفل الحفاظ على وحدة الوطن وحمايته من المخاطر التي تهدده باستمرار».
وختم: «بإسم ضباط الجيش ورتبائه وأفراده، نسأل الله أن يمدّكم بجميل الصبر ووفير القوة والعطاء، لقيادة سفينة الوطن الى شاطئ الأمان، ونعاهدكم بأن يبقى الجيش راسخاً في مبادئه وقيمه، وفياً لرسالته وقسمه ودماء شهدائه الأبرار، وأن يبقى كذلك ساعد الدولة القوي، ومنارة الشعب في التضحية والفداء من أجل لبنان الحضارة والحرية والإنسان».

 

درع الجيش
بعد انتهاء الكلمة قدّم العماد قهوجي الى الرئيس سليمان، درع الجيش، لينتقل بعدها رئيس الجمهورية ووزيرا الدفاع والداخلية وقائد الجيش الى مكتب وزير الدفاع.
بعد ذلك، حضر الرئيس سليمان الى مقصف مبنى قيادة الجيش حيث كان في استقباله عند المدخل رئيس الأركان ورؤساء الأجهزة الأمنية وأعضاء المجلس العسكري ونواب رئيس الأركان ومدير المخابرات.
وقد صافح رئيس الجمهورية الضباط ثم قطع قالب الحلوى في حفل الكوكتيل الذي أقيم للمناسبة. وشرب الرئيس سليمان والحضور نخب الجيش، قبل أن يغادر مودعاً بالمراسم ذاتها التي استقبل بها.

 

تكريم دائم التجدّد
مدير التوجيه العميد الركن صالح حاج سليمان ألقى كلمة ترحيبية في مستهل الإحتفال، فقال:
«نلتقي في هذا اليوم الأغر، وفي هذه القاعة العامرة، لنشهد تكريم الجيش، بشخص قائده حضرة العماد جان قهوجي، للبناني الأول فخامة العماد ميشال سليمان، بمناسبة تسلّمه مقاليد رئاسة الجمهورية اللبنانية، بعد أن تولّى زمام قيادة المؤسسة العسكرية في أصعب الظروف، وأشد المراحل دقة وخطورة، فاستطاع بفضل حكمته، ونجاح قيادته وإخلاص عسكرييه الوصول بتلك المؤسسة أولاً، وبالبلاد ثانياً، الى واحات الإستقرار والأمل.
وهذا التكريم دائم التجدّد، بالغ القيمة والمجد، فلا هو قد تأخر، ولا هو قد تغيّر، وما الشهور التي أخّرت حصوله إلا ردحات من الزمن زادته ألقاً ورسوخاً، وزادتنا شوقاً اليه وانتظاراً لحصوله. ثم إن هذا التكريم، كلما طال به الإنتظار يستطيع أن يغرف أكثر وأكثر من التكريم الكبير الذي أطلقه فخامة الرئيس على الوطن بأسره، من هنا فإن المؤسسة العسكرية تتكرّم بتكريمه، بحضور صاحبي المعالي وزير الدفاع ووزير الداخلية، ويشاركهما في ذلك، رفاق السلاح في المديريات العامة لكل من قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك اللبنانية. وهذا ما يترسّخ أكثر وأكثر في وجداننا جميعاً، وفي تراث معاهدنا وثكناتنا من خلال الأمل الواعد والغد المشرق الذي نراه في حضرة العماد جان قهوجي، الذي تسلّم الأمانة، فبشّر بالأمان، وأضاء الشعلة وأنار الطريق».