عبارة

إطفاء الحرائق
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

منذ مدة وجيزة اشتعلت ألسِنَةُ اللّهب وأخذت تلتهمُ أجزاء واسعة من غاباتنا الخضراء في عدة مناطق، فهبّ الجنود ليؤازروا الدفاع المدني والمؤسسات المعنية بإطفاء الحرائق، وينقذوا المواطنين من شر النيران. بذل العسكريون العرق والتعب واندفعوا في وجه الخطر، فلا يمكن أن نرضى باستبدال وجه غاباتنا الخضراء بالسواد، ولا يمكن أن تثنينا كثرة المهمات عن واجباتنا في الرعاية والإنقاذ والإنماء.
إلا أنّ خطرًا من نوع آخر أطلّ بعد تلك الحرائق، وهو الخطر الأمني الذي حضر مع انطلاق التظاهرات المطلبية الشعبية المحقّة على امتداد مساحة الوطن. إنها ظروف لا يكفي معها التعب والعرق، اذ تستدعي السهر واليقظة وتتطلّب أقصى درجات التعقل والصبر، حرصًا على أرواح اللبنانيين وصونًا لحقهم في التعبير السلمي، ومنعًا لأي طرف مشبوه من استغلال الوضع للاصطياد في الماء العكر والإيقاع بين الإخوة.
فحرائق الخلافات الداخلية قد تشبُّ في أي لحظة إذا لم تواجَهْ بالوعي والتضحية والإيمان بقدسية الرسالة الوطنية. وهذا ليس واجب العسكريين وحدهم، بل واجب كل لبناني يتطلع إلى بناء مستقبل زاهر واعد له ولأبنائه.
الحرية مصونة بوضوح، إلا أن الاعتداء على المؤسسات والأملاك العامة والخاصة وأرزاق الناس ممنوع، وتعطيل حياة الآخرين غير جائز، والجيش جاهز كما كان دائمًا، ليمنع العودة إلى الوراء، ويحاصر النيران من كل الأشكال والأنواع، ويَحُول دون امتدادها. فوطننا ليس مسرحًا للتناحر، وإنجازاتنا وأحلام مواطنينا أمانة غالية سنحفظها حتى الرمق الأخير.