إعلام داعش الوسائل والخطاب الدعائي والتقنيات

إعلام داعش الوسائل والخطاب الدعائي والتقنيات
إعداد: تريز منصور
باحثة دكتوراه الجامعة اللبنانية- المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية.

المقدمة

إنّه عصر العولمة وزوال الحدود بين الدول والتواصل اللامتناهي، إنه عصر الإنترنت وثورة التكنولوجيا، وبالتالي إنّه زمن الـتأثير والمؤثّرات بلا حدود. وإزاء هذا الواقع، "يشهد العالم صراعات وتبدّلات سياسية وإيديولوجية ونزاعات عسكرية وتحوّلات ديموقراطية، ويعيش الناس حالة من التطوّر السريع، ويتأثّر الفكر والحوار السياسي بالعديد من المتغيّرات، في مقدّمتها العولمة، والإرهاب الدولي، والخلافات والنزاعات في العديد من المناطق. وبيّنت الأحداث التاريخية أنّ لمثل هذا الصراع والتبدّلات والتحوّلات أبعادًا داخلية وإقليمية ودولية، وعناصر يجب مراعاة التفاعل في ما بينها، لأنّها تؤثر وتتأثر في جوانب ومجالات متعدّدة، يأتي المجال الإعلامي في مقدّمتها، بحيث يمارس دوره داخل المجتمع، ويصعب التنبّؤ بآفاق تطوّره بمعزل عن السياق الاجتماعي، السياسي، الاقتصادي، التقني، الثقافي، الفكري والروحي الذي يعمل فيه هذا الإعلام"[1]. وبالتالي أثّرت تلك المتغيّرات مجتمعة في المجال الإعلامي المحلّي والدولي على حدّ سواء، وأنتجت مظاهر إعلامية جديدة على مستوى العالم، وأمّنت قنوات وممارسات ومضامين إعلامية جديدة، تُسهم بدورها في حراك المتغيّرات المعاصرة في المجتمعات المختلفة.

ومن هذه المتغّيرات قام تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"[2] على أنقاض تنظيم "التوحيد والجهاد" بعد مقتل أبي مصعب الزرقاوي العام ٢٠٠٦ وصعود إبراهيم علي محمد البدري السامرّائي المكنّى بالبغدادي العام ٢٠١٠. ويمكنُ القول إنّ ظاهرة "داعش" الإعلامية قد حازت على اهتمام إعلامي إقليمي وعالمي، لناحية التغطية والمساحة المخصّصة في مختلف وسائل الإعلام، كما كانت ولا تزال مادّة دسمة، تُغري العديد من الباحثين في مجالات علوم الإعلام والاتصال والعلوم الأخرى لدرسها. واعتبرت الدراسات أنّ هذه الظاهرة الإعلامية، هي ظاهرة جدّ معقّدة، وسَمَت الإسلام بالصور السيّئة.

"ولا تقتصر فلسفة أفلام "داعش" على الصورة واللباس الموحّد الذي يرتديه عناصر التنظيم والمعدمين بل يمتدّ إلى المؤثّرات المرئية والمسموعة، كما أنّ قوة استراتيجية التنظيم الإعلامية لا تقتصر على الأفلام، بل تركّز على مواقع التواصل الاجتماعي وبثّ إصدارات صوتية وألعابٍ إلكترونية، إضافة إلى إنتاج فيديوهات عالية التقنية، صادمة للعقل وللمنطق وللإنسانية تفوق العادة، تحمل في طيّاتها العديد من الرسائل والأهداف، فتحصل على فرصة كبيرة جدًا في الانتشار باستخدام وسائل إعلام إقليمية ودولية، تعتبر سياستها معادية للتنظيم وأفكاره، ولكن في الوقت عينه تقدّم له فرصة إيصال رسائله لجمهوره المستهدف، والتي تلاقي آذانًا صاغية واستحسانًا عند بعض منحرفي الفكر حول العالم، فيتوافدون للتطوّع في صفوفه، ويقدّمون كل ما يحملونه من خبرات متنوّعة وعلوم وأموال تؤمّن الرافد البشري الذي يضمن استمرارية التنظيم على المدى البعيد".[3]

وتكمن هنا إشكالية التناقض بين أهداف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وبين المغالاة في استخدام وسائل الإعلام المختلفة، التي سنقوم بمعالجتها والإجابة عن فرضيات أهدافها في هذه الورقة البحثية.

 

أوّلًا: ماهية تنظيم "داعش" والإيديولوجية المعتمدة

تختلف التسميات، وتحتدمُ الآراء حول تعريف ظاهرة الأصولية، بحيث أنّه "لم تظهر كلمة "أصولية" في اللغة والمعاجم إلّا حديثًا، ويعرّفها قاموس لاروس الصغير سنة 1966، بأنّها موقف أولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة ما مع الظروف الجديدة. وفي سنة 1984 ظهر "لاروس الكبير" أكثر شمولًا: "داخل حركة دينية (الأصولية) موقف جمود وتصلّب معارض لكل نموّ أو لكلّ تطوّر". ثم يضيف جاعلًا الكلمة تتعدّى نطاق المجال الديني: "مذهب محافظ متصلّب في موضوع المعتقد السياسي.

ويعرّف روجيه غارودي[4] الأصولية: بأنّها تقوم على معتقد ديني أو سياسي مع الشكل الثقافي أو المؤسّسي الذي تمكّنت من ارتدائه في عصر سابق من تاريخها، وهكذا تعتقد أنّها تمتلك حقيقة مطلقة وأنّها تفرضها"[5].

نَشُطت ظاهرة الحركات السلفية "الجهادية التكفيرية" في الآونة الأخيرة، في الفترة التي بدأت فيها ظاهرة "الربيع العربي"، وهي حركات ثوروية تهدف إلى المشاركة في تغيير الأنظمة في العالم العربي وتسعى إلى اعتماد الحراك السلمي في البداية للقيام بهذه المهمة، ومشروعية اعتماد العمل المسلّح للردّ على قمع السلطات في مرحلة لاحقة.

وإذا تعمّقنا تاريخيًا في حقبة نشوء هذه الظاهرة، نجد أنها بدأت في القرن السادس الهجري، ونمت وتطوّرت انطلاقًا من المغرب، وصولًا إلى شبه الجزيرة العربية، الجزائر، مصر، العراق، إيران ولبنان، ولكل من هذه الحركات أسبابها الإيديولوجية والسياسية والثقافية والدينية.

إنّ "فكرة نشوء الدولة الإسلامية توحي بأنّ المقصود هو إعادة دولة كانت قائمة في الماضي، وفق ما نقرأه في الأدبيات العائدة للحركات الدينية، ولكن هذا التصوّر ليس دقيقًا، لأنّ إقامة الدولة الإسلامية، من حيث هو مشروع لم ينشأ إلّا في الفترة المعاصرة ونتيجة لظهور الإيديولوجيات الليبرالية والقومية، فبرز تصوّر إسلامي مضاد على شكل ردّ فعل، يريد أن يبني دولة الإسلام، كردٍّ على تحدّيات الفكر والعقائد الغربية".[6]

فالفوضى العارمة التي تعمّ بعض الدول العربية في مرحلة ما بعد "الثورات"، نتيجة رؤى وتصوّرات فكرية للجماعات التكفيرية وداعميها الذين يسعون إلى النشر المقصود للفوضى في الدول التي تقع تحت نفوذها لتحقيق مفهوم التوحّش. ويعتبر أبو بكر ناجي في كتابه أنّ "إدارة التوحّش"[7] هي عنوان المرحلة المقبلة للحركات الجهادية العالمية، وتقع بين مرحلتين، الأولى:

شوكة النكاية: بحيث ينشر مؤيدوها الفوضى وتوجيه الضربات العسكرية وارتكاب المجازر والتفنّن بعمليات القتل المنظّمة والمُمَنهجة والمتتالية، ضد النظام والموالين له.

شوكة التمكين: وهي القاعدة لبناء الدولة الإسلامية المرتقبة.

ويتمّ بين الشوكتين التدمير المنظّم للدولة ومؤسـساتها الدستورية والاقتصادية والثقافية تمامًا كما حصل في (سوريا، والعراق، وليبيا)، الأمر الذي يساعد المجموعات التكفيرية على السيطرة على مزيد من المساحات الجغرافية.[8]

وأعتُبر "الإرهاب من السمات البارزة للمتغيّر السياسي/الإيديولوجي المعاصر، فالتغطية الإعلامية والإرهاب تربطهما علاقة وثيقة، وهما عمليًا متلازمان ضمن حدود تلك العلاقة طبقًا لجيمس أي لوكازيوسكي (أحد مستشاري العلاقات العامة ممّن كانوا يقدمون النصائح للدوائر العسكرية الأميركية)، إذ يغذّي كلّ منهما الآخر لتحقيق دوافع سياسية وإيديولوجية، فضلًا عن تحقيق الربح التجاري"[9]، ويظهر هذا التلازم عن طريقين:

الأوّل: يحتاج الانتحاريون إلى وسائل الإعلام للفت الإنتباه نحو قضاياهم.

الثاني: إنّ نشاطاتهم تجتذب الاهتمام الإعلامي، وتحتل موقعًا بارزًا ضمن اهتمامات وسائل الإتصال الجماهيري، وتعدّها بعض هذه الوسائل من الأحداث التي تؤدي تغطيتها إلى تعزيز مكانة الوسيلة الإعلامية، وأنّها تحتاج إلى الإطالة والتعمّق في قصص تلك الأحداث لأنّ ذلك يكسبها مزيدًا من المتلقين.[10]

 

ثانيًا: أنواع المؤسـسات الإعلامية وآليات استخدامها

تتعدّد وسائل الإعلام وتتنوّع من تقليدية، إلكترونية، إعلام تواصلي، كاريكاتور وسينما، ويتضاعف تأثيرها وفق المادة أو المعلومة المتداولة عبر صفحاتها، أثيرها أو منصّاتها. وانطلاقًا منه، علينا عرض بعض أنواع المؤســسات الإعلامية التي يعتمدها "داعش" لنشر رسائله الهادفة، لتبيان تقنيات التأثير وعناصر الجذب:

1- تقليدية

أ- هيكل تنظيمي رسمي إفتراضي[11]

يسعى القائمون لدى تنظيم الدولة على تنفيذ استراتيجية إعلامیة، ولا سیّما بعد تأسیس "مركز الحیاة الإعلامي"[12]، ويُعتبر هذا المركز الذراع الإعلامي لتنظيم الدولة الإسلامية المعني بالدعاية في الغرب. كما يحرص التنظيم على استخدام وسائل الإعلام التقليدية، لتشكّل مع الوسائل الحديثة أساسًا لتعزيز هجماته وتنويعها وتحقيق انتصارات دعائية، ما شكّل داعمًا مهمًّا لعملياته العسكرية.

يمتلك "داعش" هيكلًا تنظيميًا رسميًا للإعلام (وزارة إعلام)، ولكنّه كيان إفتراضي، يدير وسائل إعلامية فاعلة على شبكة الإنترنت، حيث رفضت قيادات "داعش" فكرة تأسيس الوزارة على أرض الواقع، خوفًا من استهدافها من قبل الغارات الأميركية أو الجيش العراقي. وقد خصّص أبو بكر البغدادي ما يقارب المليون دولار كميزانية مبدئية لتأسيس تلك الوزارة الافتراضية، التي تندرج في السماح للمجاهدين بإعطاء تصريحات إعلامية، حيث من الضروري استحصالهم على إذن من "وزارة إعلام داعش"، كما أنّها تلزم كل من يعيش في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم بعدم اللجوء أو المتابعة إلّا لوسائلهم الإعلامية الخاصة. كما تدير وزارة إعلام "داعش"، "شبكة شموخ الإسلام" و"منتدى الاعتصام" اللذان يُعتبران بمنزلة بوقٍ رسمي لنشر بياناتها الرسمية الخاصة بمجاهديها. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ "داعش" قد أكّدت أكثر من مرة أنّها لا تملك قنوات فضائية. [13]

 

ب-منتدى الاعتصام   

"تؤكد الأشرطة والمواد الدعائية التي تصدرها المؤسسات الإعلامية التابعة للتنظيم كمؤسستي "الاعتصام" و"الفرقان"، التحوّل الكبير في بنيته وقدراته الفائقة، وتكتيكاته العنيفة، واستراتيجيته القتالية المرعبة، فقد أصدر سلسلة من الأفلام المتقنة، أطلق عليها: "صليل الصوارم"[14]، بدءًا من صليل الصوارم 1 تموز 2012، وصليل الصوارم 2 آب 2012، وصليل الصوارم 3 كانون الثاني 2012، ثم صليل الصوارم 4 أيار 2014."[15]

 

ج-مجلة "دابق" Dabiq ورقية وإلكترونية

لقد طوّر التنظيم في سوريا والعراق من استخدام وسائل الإعلام التقليدية، لتشكّل مع الوسائل الحديثة أساسًا لتعزيز هجماته وتنويعها وتحقيق انتصارات دعائية، ما شكّل داعمًا مهمًّا لعملياته العسكرية. وإنّ التطوّر الأكبر والأبرز في استخدام "داعش" للإعلام، والذي يفوق تجارب سابقة لتنظيم القاعدة، یتمثّل في الإعلان عن إصدار أول مجلة رسمیّة لـ "الخلافة الإسلامیة"، "دابق" Dabiq في 5 تموز 2014، تصدر شهريًا باللغتين العربية والإنكليزية عن مركز الحياة للإعلام، وهي تنشر مقالات وآراء وتحليلات لسلفيين عرب وأجانب منتمين للتنظيم، يناقشون الفكر الجهادي المتطرّف.

واختير الإسم كنية لمنطقة دابق في ریف حلب في شمال سوریا، ولما يحملهُ إسم دابق من بُعدٍ ديني يعكس أهداف التنظيم وأسلوبه الفكري، بحيث أنّه قد ورد في"صحيح مسلم" أنّ النبي محمد قد تناول في حديثه أنّه ثمّة معركة فاصلة سوف تحصل بين المسلمين وأعدائهم في ذلك الموقع مع حلول "آخر الزمان" وظهور "الدجال" ونزول "المسيح"...[16]

ویدلّ اهتمام التنظيم بتقنیات التصویر وزوایاه وجودة الصورة، على وجود متخصّصین في هذا المجال بین عناصره. الأمر الذي جعل من الصعب تمييز المجلة عن الـ"تايمز" الإنكليزية لناحية الجودة في الورق وإبداعية الإخراج، یتمّ توزیع المجلة الورقية في المناطق التي یسیطر عليها في سوریا والعراق، بغية تبلیغ رسالة الخلافة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ مجلة "دابق" كانت تباع على موقع أمازون، كما يمكن تحميل النسخة الإلكترونية مجانًا في مكان آخر في الجزء الخاص بإسم المؤلف، ويظهر إسم مركز الحياة للإعلام، كما كانت الأعداد تتوافر على الموقع في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، وكانت توصف "دابق" على الموقع بأنّها مجلة دورية تركّز على مسائل التوحيد والمنهج والهجرة والجهاد والجماعة، ولكن الموقع سحب النسخة الورقية والإلكترونية على حدّ سواء في حزيران 2015.[17]

 

د-إذاعة البيان

لم تكتفِ وزارة إعلام "داعش" بتلك المجلة الصادرة عنها، بل أطلقت "الدولة الإسلامية" محطة إذاعية "البيان"بعد توقّف بث الإذاعات المحلية بمدينة الموصل العراقية في العام 2014. تبثّ هذه الإذاعة عبر أثيرها على موجة “أف أم” FM خطابات زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي، وهي تغطّي جميع مناطق مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، والمناطق المحيطة بها، كما أنّها تخاطب الرأي العام لإبراز رؤية التنظيم للدين، وما يجب أن تكون عليه دولة الخلافة, إضافة إلى بث نشرات إخبارية على مدار الساعة، تتضمّن أخبارًا محلية وعالمية. ويقول سكان موصليون إنّ الإذاعة تبثّ خطبًا مسجلة للشيخ عمر عبد المنذر من المغرب والشيخ عبد المجيد الهتاري من اليمن وهي خطب "تتحدّث عن الإشكاليات التي وقعت بين الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وتوضح أسباب هذا الخلاف." ويتمّ إعداد هذه النشرات والمواد المبثّة من قبل كادر صحفي متخصّص، كما يعمل في الإذاعة عددٌ من الكوادر الفنية والمذيعين".

ويتابع السكان هذه الإذاعة بوصفها تمثّل السلطة الحاكمة للمدينة، وفي ظلّ توقّف بث الإذاعات والفضائيات التابعة للحكومة العراقية. [18]

"ووفق مصادر عراقية فإنّ بثّ إذاعة "البيان" قد توقف في شباط 2017، مع التقدّم المستمر للقوات العراقية، خلال معارك استعادة الجانب الأيمن للمدينة".[19]

 

2- إلكترونية

لكل ولاية من ولايات "داعش" موقع إلكتروني إخباري خاص بها ينشر أخبارها والتعليمات التي تأتيها من الخليفة. ويبلغ عدد المواقع الالكترونية التابعة لولايات تنظيم "داعش" ١٢ موقعًا، ويشرف عليها فنيًّا أبو عمر العراقي. ولقد تمّ تدشين هذه الحسابات على موقع التواصل الإجتماعي الروسي «vk»، والذي لا يختلف كثيرًا عن موقع الـ"فيس بوك" من حيث الشكل أو حتى من حيث التعامل. ويعتبر هذا الموقع الأول أوروبيًا، حيث يضمّ أكثر من ١٠٠ مليون زائر ناشط، إضافةً إلى شكله البسيط، ونظام الحماية المميّز بأساليبه المبتكرة. واختيار "داعش" لهذا الموقع ناتج عن اتخاذ أقصى درجات الحماية لحركتها الإعلامية، وعدم مراقبتها من قبل الأجهزة الأمنية الأميركية لحظة بلحظة. كما يتمّ نشر المراسم والفرمانات الصادرة عن الخليفة باللغتين العربية والإنكليزية.[20]

 

٣-وسائل التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر (Facebook, Twitter)

أ-الأسلوب، الآلية والجهات المستهدفة

"تتمثّل خطورة تنظيم "داعش" في أنّ معظم مقاتليه من الشباب الذين ولدوا في عصر الكمبيوتر والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ويجيدون التعامل مع هذه الأدوات، وخصوصًا أنّ بعضهم من مسلمي أوروبا والمهمّشين فيها، والذين يريدون تقويض الحضارة الغربية بأدواتها التكنولوجية نفسها".[21]

"إنّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لدى التنظيم له عدّة وظائف في إطار العمليات النفسية في مرحلة التوحّش، وهي تتكامل مع وظائف الوسائل الإعلامية التي يمتلكها وتتلخّص بالنقاط الآتية:

•  الترهيب والترغيب.

•  بسط السلطة والنفوذ.

•  الدعوة إلى "دولة الخلافة" بقيادة البغدادي.

•  إثارة الفتن الطائفية والمذهبية.

•  تقويض المجتع من الداخل.

•  ضرب السلطة المركزية.

•  الدعوة إلى التجنيد.

•  جمع التبرعات.

•  القدرة على تدمير المقامات والأضرحة، وهدم الآثار (مقامات وآثارات الشرك والكفر).

•  كفاءة التنظيم العسكرية.

•  استتباب الأمن في المناطق التي يسيطر عليها والقدرة على حكمها وتسيير أمورها".[22]

وتتويجًا لنجاحات الدولة الإسلامية في ساحات المعركة في العراق والشام، وضع التنظيم خطة استراتيجية معقّدة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لنفسه.

ومنذ بدء الهجوم على العراق في التاسع من حزيران 2014، نشطت عدّة حسابات على موقع تويتر تدّعي أنّها تمثّل "داعش" في العراق وسوريا، وتنقل مباشرةً آخر تطوّرات عمليات التنظيم، بالإضافة إلى نشر صور عن تحركاته. وعلى الرغم من أنّ "داعش" لم يتبنّ هذه الحسابات رسميًا، إلّا أنّ الكثير من داعمي المجموعة على الانترنت روّجوا لها باعتبارها حسابات رسمية خاصة بالتنظيم في المنطقة. وأطلق مسلحو "داعش" حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيّما على موقع تويتر، وبدأوا بنشر صورٍ وبيانات لإبراز قوّة التظيم العسكرية وتقدمه الميداني في العراق، ونشر صورٍ لعشراتٍ من قوات الأمن العراقية المعتقلة والمقتولة، مع رسائل تهديد للمدن المحيطة، تحذّر السكان من تقدّم التنظيم.

وينشر التنظيم في تغريداته على تويتر تفاصيل موسعة بشأن أنشطته، بما فيها عدد التفجيرات، والعمليات الانتحارية، والاغتيالات التي قام بها، بالإضافة إلى المعابر والمدن التي يسيطر عليها.

 

ب-الهاشتاج وحروبه

من بين أكثر الهاشتاغات التي يستخدمها التنظيم على منصّة تويتر: #جمعة_نصرة_الدولة_الاسلامية و#بغداد_تتحرر و#العراق_يتحرر. ويصدر إلى جانبها مقاطع فيديو ترويجية محترفة من أجل "حملة المليار" التي تناشد المسلمين بنشر رسائل، وصور، ومقاطع الفيديو على تويتر.

ومن ثمّ طوّر التنظيم تطبيقًا الكترونيًا مجانيًا يسمى "فجر البشائر"، يقوم بنشر التغريدات – التي يوافق عليها مديرو "داعش" الإعلاميون – تلقائيًا على حسابات المشتركين في الخدمة، وتشمل المواد المنشورة هاشتاجات، وروابط، وصور، ومقاطع فيديو، وغيرها. وقد نُشر ما يقرب من 40 ألف تغريدة في يوم واحد في أثناء الاشتباكات الدائرة في العراق. ومن بين التغريدات التي انتشرت بشكل واسع، صورة جهادي مسلح يقف تحت راية "داعش" في مدينة الموصل العراقية مع التعليق "قادمون يا بغداد".[23]

 

ج-القرصنة وتدابير الحماية

نظرًا لخطورة الدور والوظيفة اللذين يؤديهما تنظيم "داعش" على مواقع التواصل الإجتماعي، "عمدت الحكومات الغربية عبر أجهزة استخباراتها إلى محاولة منع التنظيم من الهيمنة على الفضاء العام الإلكتروني، ممّا دفع بالتكفيريين إلى البحث عن ملاذات آمنة جديدة على الإنترنت، فكانت شبكة الإنترنت المُظملة Dark web، البديل المثالي، لأنّه لا يمكن الوصول إليها، ولكن يمكن لعدد قليل من المستخدمين تصفّحها، لأنّها سرية تمامًا.

ويعتبر الخبراء أنّ الرسائل الإعلامية المرسلة والمستلمة على متصفّح نظام "تور"[24] TOR يحمي هوية المستخدمين من خلال عملية معقّدة تعرف باسم "طبقات البصل" Onion rooting وهي عبارة عن صنع طبقات حماية حول اتصالاتهم، بحيث لا يمكن اختراقها، وبالتالي لا يمكن تعقّبها من قبل أي طرف. وتبقى خدمات البريد الإلكتروني على متصفّح "تور" TOR BOX وSigaint الأكثر شعبية لدى أعضاء تنظيم "داعش"، لأنّها تخفي هوياتهم ومواقعهم. وهكذا يستغلّ "داعش" هذا النظام لإنشاء المنتديات "الجهادية" المشفّرة وغرف الدردشة وجمع التبرعات الرقمية [25]Bitcoins مباشرة إلى حسابات المتطرفين، ويمكن لأي شخص المساعدة في تمويل التنظيم، استخدام تطبيق Dark Wallet ".[26]

ومن باب الحماية "كشف باحثون أنّ تنظيم "داعش"، قد أنتج كتيّبًا مؤلفًا من 34 صفحة عن أمن نظام الكومبيوتر والإنترنت، ممّا يوضح مدى براعة الجماعة الإرهابية المتطرفة في أمور التكنولوجيا.

كما أنّ "داعش" يوفّر التوجيهات الرقمية حول كيفية استخدام كل شيء رقمي بدءًا من وسائل الإعلام الاجتماعي، ومرورًا ببرامج تصفّح الإنترنت المشفرة مثل Tor، ونهاية بحفظ رسائل البريد الإلكتروني.

وقد وصف أحد الباحثين بمركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية وست بوينت العسكرية West Point Military Academy، خطة "داعش" الإلكترونية بأنّها واحدة من أفضل الكتيّبات المعتمدة في أمن الكومبيوتر والإنترنت".[27]

 

٤- اختيار الصورة المؤثّرة

يتبع تنظيم "داعش" خطّة منظّمة وينتقي المواد التي يقوم بنشرها، ويختار التنظيم صورًا كاريكاتورية قد يكون لها وقعٌ قوي، يفترض أن يولّد شعورًا بالخوف لدى أعدائها، وأن يحصل على إعجاب مجموعات متطرّفة أخرى. وعكس غيره من التنظيمات الجهادية، كجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، لا يهتم "داعش" كثيرًا بصورته لدى العامة، ونادرًا ما ينشر صورًا لأعماله الخيرية أو الخدمات التي يوفّرها في المدن التي يسيطر عليها.

وفي محاولة لتقويض تأثير حملة "داعش" على وسائل التواصل الاجتماعي، عمدت الحكومة العراقية إلى حجب مواقع فيسبوك وتويتر وغيرها. غير أنّ منع "داعش" من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ربما لن يكون له تأثير حيوي على أنشطة التنظيم الترويجية. هذا لأنّ لديه مؤيدين وتابعين من مختلف الدول العربية والإسلامية، لذلك فإنّ الاجراءات ضده في هذا المجال في العراق ربما لن يكون لها تأثير كبير. ومن المهم الإشارة إلى أنّ تواجد التنظيم على الانترنت لا يعادل بالضرورة حجمًا شعبيًا.[28]

 

٥- الوسائل الإعلامية الأخرى وتعزيز دور "داعش" وأعماله الإجرامية

أ- شركات انتاج سينمائية

يؤكد "داعش" في كل المناسبات أنّ في صفوفه عباقرة في فنون التصوير والمونتاج، ويُعتبرون من المسؤولين الأوائل عن إعداد الفيديوهات التي تنشر عبر الوسائل الإعلامية ولا سيّما الفضائية منها، وذلك من خلال أبرز شركاتهم الإنتاجية "الملاحم" و"السحاب". كما أنّ الانتاجات البصرية تأخذ طابعًا ملحميًا، عبر مؤسسات الإنتاج التي قدّمت أفلامًا يمكن تصنيفها في خانة الأفلام الوثائقية أو التسجيلية، كمؤسسة "الفرقان" ومؤسسة "خيبر" ومؤسسة "دابق" ومؤسسة "الحياة"، وتخضع بصورة كاملة للرؤية التي يريد "داعش" نقلها. وقد أنتجت هذه المؤسسات عددًا من الوثائق التي ترصد تحركات التنظيم وترسم معالمه المختلفة في الداخل الخاضع له أو على حدوده المتغيّرة.

ونجد اليوم أنّ تنظيم "داعش" ينحو المنحى نفسه جاعلًا من منصّات النشر الرقمية المختلفة وسيلة لنشر أفكاره والتأسيس لخطابه، ومستخدمًا أحدث أساليب الدعاية المعاصرة إقناعًا: الصورة. كثيرةٌ هي الإنتاجات التي ينشرها تنظيم "داعش" عبر قنواته المختلفة، مثل الفيديوهات القصيرة التي ترصد معالم تحركاته اليومية كـ"سلسلة الحياة"، أو تبعث برسائل للكفّار على أراضي الإسلام كـ"نوافذ على أرض الملاحم"، أو تبشّر بدولة الخلافة وترسم نهجها وأسلوب عملها.

ويمكننا بإيجاز عرض الخصائص الفنية لـ"سينما داعش"، التي تعتبر من الوسائل الإعلامية المؤثّرة في تشكيل الرأي العام المؤيد لإيديولوجية "داعش".

•  عناوين فارقة: أهم ما يميّز الأفلام المختلفة التي أنتجها "داعش" هو أسماؤها التي تراوح بين اقتباسات قرآنية كـ"واقتلوهم حيث ثقفتموهم"، أو صيغ تختزل مضمون الفيلم بصورة شعرية، وبألفاظ جزلة كـ"السهم الخائب"، و"صليل الصوارم". يُلاحظ أنّ هذه العناوين مرتبطة بالسلاح والفعل المادي للجهاد.

•  جمهور متنوّع: الجمهور الذي تستهدفه (دولة الإسلام) متعدّد، فعلى الرغم من عدم القدرة على تحديد من يتابع الأفلام بدقة لأنّها تنشر عبر يوتيوب، فمن الممكن استشفاف ذلك من طبيعة الفيلم ومحتواه. في البداية كان الهدف هو تعريف العالم ببدايات تأسيس "داعش" كما في فيلم "إنّها خلافة وربّ محمد" بهدف جذب الجهاديين من جميع أنحاء العالم، ثمّ تطرّق إلى التركيز على الغزوات والفتوحات التي يقوم بها التنظيم وإنجازاته الميدانية كما في سلسلة "صليل الصوارم" وفيلمي "فشرد بهم من خلفهم"، و"اقتلوهم حيث ثقفتموهم"... اللذين يستهدفان كل من يحاول الوقوف في وجه "دولة الإسلام".

•  الموسيقى التصويريّة: تضطلع المؤثرات الصوتية بدور بارز في البناء الدرامي للفيلم. الخلفية دائمًا تحوي أصواتًا واقعية من ميدان القتال تغلب عليها أصوات الرصاص والقذائف والتهليل والتكبير والآيات القرآنية، لكن الأهم هو الأناشيد التي تختلف باختلاف المضمون.

•  المؤثرات البصريّة: الأساليب البصرية المستخدمة في إنتاجات "داعش" تختلف جودتها وقدرتها على الجذب باختلاف المؤسسة المنتجة والجمهور المستهدف. ففي فيلم "سهام الموت" نلاحظ استخدام التقنيات البسيطة التي لا تتعدّى الصيغ الجاهزة ضمن برامج المؤثرات البصريّة، كما يتم الاعتماد على اللقطات الجاهزة من الانترنت لأحداث ماضية. لكن ينتقل الانتاج بعدها إلى الكاميرات الثابتة والمتنقلة التي تلتقط تحركات "المجاهدين" في أرض المعركة ليلًا ونهارًا، كما في "صليل الصوارم"، مع استخدام تقنيات التصوير الليلي واللقطات الخطيرة على حياة المصوّر لاقترابه من جبهات القتال والرصاص. لكن الأكثر تميزًا في المؤثرات المستخدمة هو "لهيب الحرب"، لكونه أقرب إلى إنتاج هوليودي بما يحويه من ألاعيب بصرية، إذ تكثر فيه المؤثّرات المستمدة من ألعاب الفيديو ومن الأفلام السينمائية كالحركات المبطّأة جدًا Super Slow Motion.

•  أسطورة الجهادي: تطغى العناصر الأسطورية على أساليب القتال في وثائقيات دولة الإسلام، بحيث يبدو المقاتلون كأنّهم فرسان خرجوا من الكتب أو من أحاديث التراث بما لديهم من صفات لا يمكن أن تجتمع إلّا في قلّة من الناس، كما ترسم معالم جمالية للعنف، تجعلها أقرب إلى أفلام كونتين تيرنتينو Quentin Tarantino وأوليفر ستون Oliver Stone. علمًا أنّ هذه الانتاجات تحاول أن تستعيد صفات البطل المغمور لا النبيل...

•  الحبكة: التي تُبنى على أساسها هذه الوثائقيات البسيطة، فهي تصوّر انتقال المقاتلين من مكان إلى آخر، أو العمليات التي دارت في مدينة ما، أو الانتصارات. المهم في الحبكة هو آخر ما قام به التنظيم من إنجازات اعتمادًا على تسلسل زمني.

تزداد الصناعة السينمائية لـ "داعش" اتقانًا، حتى مشاهد قطع الرؤوس تزداد درامية بسبب أساليب التخويف المستخدمة فيها. إنّها أفلام محرضة وباثّة للرعب، ولا يمكن إنكار الحماسة التي تشعلها داخل النفس، فالأناشيد الجهادية في الخلفية وشدّة المقاتلين تدغدغ الحس الجهادي لدى بعض المشاهدين الميّالين "للجهاد" كما تزرع القلق في قلوب الآخرين. [29]

 

ب- إجرام متقن في الإعداد والإخراج

"بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على الموصل في العام 2014، قام بنشر سلسلة من الأشرطة الترهيبية تختص بعمليات "قطع الرؤوس"، بدأها بشريط مصوّر بعنوان "رسالة إلى أميركا"، يقوم فيه عضو ينتمي إلى التنظيم بقطع رأس رهينة أميركي يُدعى جيمس فولي، ثم قام التنظيم بعد أيام قليلة بنشر شريطٍ آخر يحمل العنوان نفسه يتضمّن قطع رأس رهينة أميركي ثانٍ يدعى ستيفن سوتلوف، والرهينتان صحفيان أميركيَّان، ثم بثَّ التنظيم شريطًا مصورًا آخر بعنوان "رسالة إلى حلفاء أميركا" في أيلول 2014، يقوم فيه أعضاؤه بقطع رأس رهينة بريطاني لدى التنظيم، يدعى ديفيد هينز، وفي تشرين الأول بثَّ التنظيم شريطًا يقوم فيه بقطع رأس رهينة بريطاني آخر يدعى آلن هينينغ، ويهدّد فيه بقطع رأس رهينة أميركي يدعى بيتر كاسيغ.

ومن أهم الإصدارات التي كان لها وقعٌ كبير على موقع "يوتيوب": إصدار "كسر الحدود" بتاريخ 29 حزيران 2014، و"خطبة البغدادي في الموصل" بتاريخ 5 تموز 2014، وسلسلة إصدارات بعنوان: "رسائل من أرض الملاحم"، وهي سلسلة توثّق إنجازات وعمليات التنظيم تصدر تباعًا وقد بلغت حتى الآن 50 إصدارًا، وكذلك سلسلة إصدارات بعنوان: "فشَرِّد بهم مَنْ خَلْفَهم"، ويغطّي الجزء الأول معركة اللواء 93 في ولاية الرقة السورية بتاريخ 23 آب 2014، والجزء الثاني يغطّي معركة مطار الطبقة في ولاية الرقة السورية بتاريخ 7 أيلول 2014. وهنالك إصدار "على منهاج النبوة"، بتاريخ 28 تموز 2014. ويعتبر فيلم "لهيب الحرب"، من أضخم الإصدارات وأكثرها دقةً ورعبًا، ويتضمّن تغطية لعدّة معارك لتنظيم الدولة ورسالة موجّهة لدول التحالف المشاركة في الحملة على التنظيم، وقد أصدره الجناح الإعلامي التابع للتنظيم الخاص باللغة الإنجليزية "مركز الحياة"، بتاريخ 17 أيلول2014.[30]

 

ثالثًا: الخطاب والدعاية وأسلوب التأثير على الجيوش والمدنيين

١-ماهية الخطاب ونوعه 

تتعدّد التعريفات حول مصطلح الخطاب، لكن التفسير الجامع أنّه "أسلوب معيّن للتحدّث عن الواقع الذي يصطنعه أحيانًا بعض الأفراد والجماعات لعرض أو لتفسير العلاقات الشائكة أو تفسيرها والرموز القائمة، بحيث يقدّمون صورة معيّنة وخصوصًا عن فهم الواقع الاجتماعي، وهو أيضًا مجموعة من النصوص مثل اللغة والصور والأفلام والفيديو والموسيقى والأناشيد لتقديم وجهة نظر معيّنة حول الأحداث والممارسات الخاصة"[31]، ويتمّ ذلك بواسطة النصوص، الرموز والأشكال، التقنيات المتطورة، للتعبير عن الجماليات النفسية والثقافية والدينية.

ثمّة أسس لخطاب "داعش" الإعلامي ويمكن تلخيصها بالآتي:

أ- خطاب التغيير الجذري لإقامة دولة الخلافة، والذي يسخّر الخطباء ورجال الدين المنضوين تحت لوائه للتنظير لفكرة الخلافة وأهمية وجود الخليفة أبو بكر البغدادي على رأس الدولة، ومن أبرز الخطابات التي تصبّ في هذه الخانة الخطاب الملخّص بشعار "باقية وتمدّد" (Remaining and Expanding)، ويعكس الاستراتيجيات الكبرى لمرحلة "شوكة النكاية"، ولا يمكن فصله عن ثنائية "المؤمنون والمجاهدون "في مواجهة" الكافرون والمرّتدّون "، أي بالتعبير السوسيولوجي خطاب "نحن" و"همّ"، و"أنا" و "الآخر".[32]

 

ب-خطاب القوة والسلطة

تُعتبر مواجهة أي شكل من أشكال الحكم الديموقراطي أو غير الإسلامي بالقوة، وتحديدًا بالعمل المسلّح المباح والخارج على استخدام ضوابط القوة المفرطة والمتوحّشة، بمثابة مقدّمة لتحقيق النصر، واستلام زمام السلطة في المناطق التي يسيطرون عليها تمهيدًا لإنشاء دولة الخلافة. ويعتبر السيف الرمزية الأساسية للقوة، وإنّ هذا الخطاب موجّه إلى كل من لا يعمل ضمن تعاليم "داعش"، ولا سيما المرتدّ والعميل.

 

ج-خطاب الترهيب وإثارة الرعب

نظرية "الرعب" هي في صلب الإيديولوجية الداعشية، والتي اعتمدها الكثير من الأنظمة الدكتاتورية والقادة السلطويين في العالم، وهي تهدف إلى خلق صور ذهنيّة لدى جمهور وسائل الإعلام مليئة بالذبح والتقطيع والحرق وتفجير الكنائس والأضرحة والمعابد والآثارات التاريخية، بالإضافة إلى الخطف والاعتقال والتهجير والمجازر الجماعية.[33]

فلغة الدم والإرهاب والحقد لدى "داعش" لا يمكن أن تترجم بشكل عادي، بل يجب أن تمرّ ضمن السياق الإعلامي الفنّي الجذّاب. كما أنّ الصناعة الإعلامية المتقنة، حيث المكوّنات البصرية والموسيقية المؤثّرة، تسهم في نشر الرسالة المتوخاة إلى الجمهور المعارض والمؤيّد في الوقت عينه.

إنّ فيديو إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقًا، وفيديو إعدام الأقباط المصريين في ليبيا، وفيديو آخر عن حرق أربعة عناصر من الحشد الشعبي العراقي الذي يقاتل إلى جانب القوات المسلّحة العراقية حيث يرتدون الزي البرتقالي ومقيّدين بأيديهم وأرجلهم داخل هيكل حديدي والنار تندلع في أسفلهم قبل أن تبدأ بالتهامهم[34]، ما هي إلّا حلقة من حلقات خطاب بثّ الرعب المصنوع على طريقة الإنتاج السينمائي الهوليودي. وإنّ هذا الإتقان في تنفيذ الجرائم، وكذلك في الصناعة الإعلامية ليست وليدة الصدفة، أو ابتكار مجموعة تكفيرية فحسب، إنّما هي نتاج لإيديولوجيا إجرامية تجيز القتل والتشريد تحت غطاء مسوّغات دينية وشرعية بمفهوم تنظيم "داعش".

"فالشعار الذي ترفعه تلك المجموعات الإرهابية "نصرت بالرعب" هو شعار ديني، ولكنّه أُخذ إلى غير مفهومه وتطبيقاته ومجالاته. وهؤلاء الذين يطبّق عليهم "داعش" ما يسمّى "الأحكام الشرعية بالقتل أو القصاص يخضعون "للشيطنة في حملات من التشويه الإعلامي باستخدام الأوصاف التالية مثل "أعداء اللـه"، "أعداء الإسلام"، "مرتدّين"، "عملاء أميركا"، "الرافضة"، "الكفرة"، "المرتزقة"، "الخونة"، "عملاء النظام"، "الجيش الصفوي"، "حزب اللاتي"[35]".

 

د-خطاب الحقد والكراهية

يتمظهر الحقد والكراهية ضد الآخر المختلف في الدين وفي المذهب والعقيدة والانتماء الفكري، "بأشكال وبأساليب متعددة وبطريقة منظّمة في الانتاج الفكري والثقافي والإعلامي لـ"داعش"، عبر وسائله الثقافية والإعلامية الخاصة أو عبر الإعلام التواصلي، أو عبر التغطيات الإعلامية التقليدية. [36]

 

هـ- خطاب التغيير والعدالة والرفق واللين والتسامح

يُمارس هذا الخطاب في بعض الأمكنة التي يسيطر عليها من أجل كسب معركة العقول والقلوب، واظهار صورة مختلفة للمحايدين عنوانها الإنسانية والعدالة والتسامح. كما أنّ هذا الخطاب موجّه إلى الغرب حيث يُدمج مع رموز ثقافية غربية كالشوكولا "نوتيلا".

 

٢- المضمون الإنساني الوهمي لخطاب "داعش"

" يتوجّه خطاب "داعش" إلى نوعين من الأعداء:

- العدو البعيد المتمثّل بالغرب الصليبي وحلفائه في العالم والشرق الملحد.

- العدو القريب، وهذا يشمل مروحة واسعة من الأعداء منهم أعوان الصليبيين، وسلطات وجماعات منتسبة إلى الأفكار اللليبرالية، والنصارى المشركين، والمرتدين والأقليات الدينية من دروز وعلويين وإيزيديين وأشوريين وشيعة روافض أصحاب الإعتقاد المنحرف والضال والخارج عن الإسلام...[37]

ويمكن تلخيص مضمون هذا الخطاب بالنقاط الآتية:

- هو حركة دينية للتغيير نحو الأفضل.

- إقناع المسلمين بأنّ المعركة التي يخوضونها لإقامة دولة الخلافة العادلة هي واجب شرعي، وعلى كلّ مسلم أن يسعى لإقامتها.

- التنظيم رائد في تطبيق مبادىء العدالة الاجتماعية.

- التنظيم يعامل جنوده ومقاتليه معاملة حسنة وفق التعاليم الإسلامية الأخلاقية ويتزاورون ويتراحمون.

- التنظيم يعامل النساء والأطفال والكهول المنضوين تحت لوائه معاملة مواطني الدولة الإسلامية من حيث الرعاية والاهتمام والتعليم.

- التنظيم يساعد الفقراء والمحتاجين ويرعاهم ويؤمن لهم الحياة الكريمة ويوزّع عليهم المساعدات المالية.

- التنظيم يرفق بالحيوانات ويعتني بها ولا سيّما القطط والطيور، وهذا ما ظهر عبر مواقع التواصل الإجتماعي في فيديوهات وصور تظهر أعضاء التنظيم مع الطائر النادر في العالم والمهددّ بالإنقراض "أبو منجل" إثر اجتياحهم لمدينة تدمر الأثرية. [38]

- التنظيم يمتلك قدرة عالية على حكم المناطق التي يسيطر عليها ويتقن تنظيم أمورها وتسييرها، ويستطيع أن يملأ الأسواق بالمواد الغذائية والخضار والفواكه ويؤمّن مقوّمات العيش الكريم، كما أنّه يستخدم أسلوب الترفيه من خلال الإحتفالات الدينية والعروض والرحلات السياحية.[39]

 

رابعًا: مصادر التمويل وحجمها

"إنّه التنظيم الإرهابي الأفضل تمويلًا في العالم"، هكذا تصفه الدول المنضوية تحت قبّة مجلس الأمن، الذي يحاول بدوره تنفيذ مشروع القرار الذي تقدّمت به روسيا للحدّ ممّا يمكن تسميته "التجارة مع الإرهاب". والحصول على معلومات دقيقة حول مصادر تمويل "داعش" وحجمه هو أمرٌ في غاية الصعوبة باعترافٍ دولي، إلّا أنّ ما يرد في هذا الإطار يفيد بأنّ بيع النفط هو المصدر الأساس لإيرادات "داعش"، وتشير التقديرات بحسب وزارة الخزانة الأميركية إلى أنّ عناصر "داعش" يكسبون ما يزيد على مليون دولار يوميًا من بيع النفط إلى وسطاء خاصين في السوق السوداء.

والجدير ذكره في هذا الإطار، أنّ مجلس الأمن كان قد اعتمد سابقًا قرارًا يرمي إلى قطع التمويل عن المتشددين، عبر التهديد بمعاقبة الدول التي تشتري نفطًا منهم. وتردّد اسم تركيا لكون النفط المنهوب مستخرجًا من سوريا والعراق، إضافة إلى ما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن كون تركيا تمثّل ممرّ ترانزيت لتدفق الإرهابيين إلى سوريا والعراق.

تعتمد منابع تمويل "داعش" بالدرجة الثانية على بيع الآثار المسروقة، وهذا ما أعلنته منظمة اليونيسكو صراحةً حيث أوضحت أنّ "داعش" يتاجر بالفن والآثار لتمويل عمليات البيع، مع الإشارة إلى تورّط عدّة دول ومافيات في هذه التجارة. من هنا جاء مشروع القرار الروسي ليمنع تهريب القطع الفنية والأثرية التي سُـرقت منذ العام 1990 في العراق، وامتدت اليوم إلى سوريا.

ولكي يستمر وينفق الأموال الطائلة على أفلامه الترويجية، ثمت موارد ومصادر أُخرى يعتمد عليها "داعش"، فحركة النقل البري في المناطق التي يسيطر عليها تسمح له بالتجارة بالذهب والمنتجات الزراعية، إلى جانب الأغراض المسروقة التي لا تحصى، كالأجهزة الكهربائية والسجائر وغيرها.

وفي الختام لا يمكننا إغفال مصدر تمويلي أساسي لـ "داعش" هو المساعدات التي يتلقاها من بعض الدول ومن غسل الأموال، وفي هذا الإطار تردّدت أسماء دولٍ كثيرة من الغرب وأيضًا من المنطقة العربية، وإن كانت جميعها تنفي في العلن أيّ تورطٍ لها.

كما أنّ مسألة الخطف مربحة أيضًا لـ "داعش" الذي حصل وبحسب أرقام أميركية، على أكثر من 20 مليون دولار من الفديات العام 2014.[40]

وفي إطار التمويل حصلت صحيفة "فايننشل تايمز" على معلومات خلال تحقيق استقصائي على صفحتها الأولى عن مصادر تمويل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بجباية أموال الزكاة والضرائب والأتاوات المفروضة في المناطق الواقعة تحت سيطرته، في ظل تضييق الخناق عليه بقصف المنشآت النفطية. كما أنشأ "داعش" دائرة لـ"غنائم الحرب" في كل ولاية حيث تمكّن من تأمين إيرادات كبيرة عن طريق الضرائب وعمليات المصادرة والإبتزاز تعادل ما يحصل عليه من تهريب النفط الخام، هذا ويجني التنظيم ما يعادل 23 مليون دولار من الضرائب التي يفرضها على الرواتب التي تدفعها الحكومة العراقية للموظفين في مدينة الموصل.

ويشير التحقيق إلى أنّ ما يحصل عليه التنظيم من الضرائب والأتاوات التي يفرضها على البضائع والشاحنات التي تدخل العراق عبر المناطق التي يسيطر عليها يُقدّر بنحو 140 مليون دولار.

وعلى الرغم من سعي التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى تجفيف مصادر التمويل النفطية للتنظيم، إلّا أنّ الأخير كان يسعى دائمًا إلى إيجاد موارد أُخرى لكسب الأموال وتمويل عملياته، ما دام تدفّق البضائع التجارية والمحاصيل الزراعية والتحويلات المالية مستمرًا في المناطق التي يسيطر عليها.[41]

وفي الإطار عينه، كشف تقرير نشرته صحيفة "التايمز البريطانية" أنّ شركات كبرى تؤدي دورًا في تمويل التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها "داعش"، بملايين الدولارات، عن طريق الإعلانات الرقمية على المواقع الإلكترونية لتلك التنظيمات أو على صفحات التواصل الاجتماعي المرتبطة بها، أو عبر يوتيوب. وتعدّ هذه الشركات العالمية الكبرى بالعشرات، ومنها "مرسيدس بنز" و"جاغوار" و"هوندا" عمالقة صناعة السيارات، ومتاجر "ويتروز" البريطانية وغيرها، ومن المرجح أن تدرّ هذه الإعلانات عشرات الآلاف من الدولارات شهريًا للجماعات المتطرفة، مثل "داعش" و"القاعدة"، أو "كومبات 18"، وهي من جماعات النازية الجديدة التي تدعو للعنف.[42]

 

الخاتمة

لا شكّ أنّ ظاهرة "داعش" الإرهابية - الإعلامية معقّدة، وأخذت حيّزًا كبيرًا من اهتمام الباحثين في شتّى المجالات، وحازت على مساحة كبيرة من التغطيات الإعلامية العربية والعالمية، وقد ظهرت جليًا قدرات التنظيم الإعلامية والمادية، التي ترتكز على الفكر السلفي التكفيري، في مجال العمليات النفسية ضد "العدو" في مرحلة التوحّش. ونجد أنّ تنظيم الدولة لم يوفّر وسيلة إعلامية إلّا واعتمد عليها كي يتوجّه من خلالها إلى الجمهور المؤيّد والمعارض لفكره الإرهابي على حدٍّ سواء، إنطلاقًا من الإعلام التقليدي مرورًا بمنصّات النشر الرقمية، ووسائل التواصل الإجتماعي (فيسبوك وتويتر...) المختلفة، فهو لم يترك وسيلة لنشر أفكاره الإجرامية والتأسيس لخطابه، مستخدمًا أحدث أساليب الدعاية المعاصرة إقناعًا، وأحدث التقنيات الهوليودية ابتكارًا: كالصور، الرموز، الموسيقى التصويرية، والفيديوهات القصيرة التي ترصد معالم تحركاته اليومية الإرهابية بغية الوصول إلى أهدافه التخريبية في الدول والمجتمعات.

 

المصادر والمراجع

1-   د.اللبان، شريف، "قراءة في الاستراتيجية الإعلامية والثقافية لتنظيم داعش"، الإعلام العربي والمجتمع الطبعة 21، 2016 (Arab Media & Society (Issue 21, Spring 2016.

2-القيم، كامل، "حرب الرموز وتسويق مثيرات العنف والإرهاب رؤية في تسويق الدعاية والحرب النفسية لتنظيم "داعش"، مجلة حمورابي للدراسات، العدد العاشر، تموز 2014.

3-الهاشمي، هشام، "عالم داعش- تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام"، دار الحكمة – لندن/ دار بابل- بغداد، الطبعة الأولى، 2015. 

4-بزنس إنسايدر- التقرير، "شبكة الإنترنت العميقة لتنظيم داعش والجانب المظلم من الإنترنت"، 2015.

5-صعب، سهام "الحركات الأصولية الإسلامية في لبنان"، دار مختارات، الطبعة الأولى، 2005.

6-عبد الرزاق، انتصار ابراهيم، الساموك، حسام صفد، "الإعلام الجديد، تطوّر الأداء والوسيلة والوظيفة"، وزارة الإعلام والتعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد – سلسلة مكتبة الإعلام والمجتمع، الطبعة الإلكترونية الأولى.

7-د.منّاع، هيثم، "خلافة داعش"، بيسان للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، كانون الثاني، 2015

8-د. محسن، محمد، "الاستراتيجية الإعلامية لتنظيم داعش، الخطاب، القدرات والوسائل"، بيروت، أيلول، 2015 .

9- نابوليني، لوريتا، ت.كرّوم، سامر "الدولة الإسلامية "داعش"- الدولة الإسلامية وإعادة ترسيم حدود الشرق الأوسط"، الورّاق للنشر، 2015 .

10-جريدة السفير اللبنانية، إعلام داعش: صور الدمار الحصرية، العدد 65131، آب 2015.

11-Farewell, James, P. “the media strategy of ISIS” in Survival: Global politics and strategy, dec,2014- jan 2015,v56,

12- Hamid, Chadi,” ISLAMIC EXCPTIONALISM”, St Martine’s Press, 2016.

13- Stern, Jessica, Berger, J.M “ISIS THE STATE OF TERROR” Harper Collins Publishers, first edition,2016

14-//http://www.alalam.ir/news/1552479

15 -//http://www.almayadeen.net/…

16-//http://www.alaraby.co.uk/.../

17-(//http://www.almaany.com/ar//dict/ar-ar الافتراضي

18-//http://www.aljazeera.net/news/.../8/.../

19-//http://www.alhayat.com/.../

20- //https:// www.annahar.com/.../248773.

21-http://www.bbc.com/arabic/middleeast/.../140619_isis_internet_campaign

22-http://www.bbc.com/arabic/inthepress/2015/12/151214_press_uk_Tuesday.

23-//http:// www.isis.org/en/publication/survival/Bectrons2014-4667.

24- //http://www.mbc.net

25-//htt://www. Mominoun.com/…/.

26-//http://www.noonpost.org/content/5637 .

27-//http://www.opendemocracy.net/paul-rogers/Islamic-State-Why-So-resilient.

28-//http: //www.shafaaq.com/.../

29//http://www.studies.aljazeera.net/ar/files/isil/.../2014112363816513973.htm.

30-//http:// www.ent.siteintelgroup.com.

31-//http://www.Tawhed,ws/ala=chr3ofr2.

 


[1]-     عبد الرزاق، انتصار ابراهيم، الساموك حسام صفد، "الإعلام الجديد، تطوّر الأداء والوسيلة والوظيفة"، وزارة الإعلام والتعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد – سلسلة مكتبة الإعلام والمجتمع، الطبعة الإلكترونية الأولى، ص 11.

[2]-     تشكّل تنظيم "داعش" أو ما يسمّى بـ (الدولة الاسلامية في العراق والشام) في نيسان 2013، وعرّف نفسه في البدء على أنّه اندماج بين ما يسمّى بـ (دولة العراق الاسلامية) التابع لتنظيم القاعدة الذي تشكّل في تشرين الأول 2006، وجبهة النصرة في سوريا، إلّا أنّ هذا الإندماج الذي أعلن عنه أبو بكر البغدادي، رفضته النصرة على الفور. وبعد هذا الإعلان بشهرين أمر زعيم القاعدة أيمن الظواهري بإلغاء الاندماج، غير أنّ البغدادي خالف هذا الرأي وأكمل العملية لتصبح "داعش"، (الدولة الاسلامية في العراق والشام) واحدة من أكبر الجماعات المتطرّفة المسلّحة التي تقوم بالقتل والدمار في العراق وسوريا. ويتبنّى هذا التنظيم الفكر السلفي الجهادي (التكفيري)، ويهدف منظّموه إلى إعادة ما يسمونه "الخلافة الاسلامية وتطبيق الشريعة.

//http://www.alalam.ir/news/1552479

[3]-     "هوليود داعش" وافلامه تهز العالم - اسرار شبارو - النهار

//https://www.annahar.com/.../248773- "هوليود-داعش" - وافلامه-تهزّ-العالم.

[4]-     روجيه غارودي: ولد في فرنسا، من أم كاثوليكية وأب ملحد. اعتنق البروتستانتية وهو في سن الرابعة عشرة، درس في كل من جامعة مرسيليا وجامعة إيكس أون بروفانس وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، وفي عام 1937 عين أستاذًا للفلسفة في مدرسة الليسيه من ألبي. أُخذ خلال الحرب العالمية الثانية كأسير حرب لفرنسا الفيشية في الجلفة بالجزائر بين 1940 و1942. وفي عام  1945 انتخب نائبًا في البرلمان، وصدر أول مؤلفاته عام 1946. حصل جارودي على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون عن النظرية المادية في المعرفة، ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عن الحرية عام 1954 من جامعة موسكو.
 ( روجيه - غارودي//http://ar.wikipedia.org/wiki/)

[5]-     د. صعب، سهام "الحركات الأصولية الإسلامية في لبنان"، دار مختارات، الطبعة الأولى، 2005، ص 17.

[6]-     د. صعب، المصدر نفسه، ص 27.

[7]-     أبو بكر ، ناجي، "إدارة التوحّش، أخطر مرحلة ستمرّ بها الأمة"، مركز الدراسات والبحوث الإسلامية  بلا) مدير التوحيد والجهاد.

.//http://www.Tawhed,ws/ala=chr3ofr2

[8]-     د. محسن، محمد، "الاستراتيجية الإعلامية لتنظيم "داعش"، الخطاب القدرات، والوسائل"، بيروت، أيلول، 2015 ص 4.

[9]-     د.اللبان شريف،"قراءة في الاستراتيجية الإعلامية والثقافية لتنظيم داعش"، (Arab Media & Society (Issue 21, Spring 2016 ص1.

[10]-    جذور الأوروبية لتطور الإرهاب المعاصر- مؤمنون بلا حدود.

 //http://www. Mominoun.com/…/

[11]-    إفتراضي: الواقع الافتراضي، أو الواقع التقريبي، هو محاكاة يولّدها الكومبيوتر لمناظر ثلاثية الأبعاد لمحيط أوسلسلة من الأحداث تمكّن الناظر الذي يستخدم جهازًا إلكترونيًا خاصًا من أن يراها على شاشة عرض يتفاعل معها بطريقة تبدو فعلية.

//http://www.almaany.com/ar//dict/ar-ar/

[12]-    مركز الحياة للإعلام: هو مؤسسة إعلامية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، تمّ إنشاؤها في أيار العام 2014، وتنتج الكتب ومقاطع الفيديو والأناشيد بنحو عشر لغات (الإنكليزية، الفرنسية، الروسية والألمانية...) ومن ثم تترجم إلى العربية.

ومن أبرز هذه الإنتاجات: "لهيب الحرب"، "المعركة بدأت الآن" و"نهاية حدود سايكس بيكو" وغيرها...

(//http://www.noonpost.org/content/5637)

[13]-    د. اللبّان مصدر سابق، ص 6-12.

[14]-    "صليل الصوارم" هي سلسلة أناشيد لـ "داعش" تتضمن الشهادة، الجهاد المسلّح ودعم المجاهدين، كما أنّها تخضع لتقنية عالية. ويظهر ذلك من خلال تنويع المؤثرات.

 .http://www.mbc.net

[15]-    بناء الهيكلي لتنظيم "الدولة الإسلامية" - Al Jazeera Center for Studies

.//http://www.studies.aljazeera.net/ar/files/isil/.../2014112363816513973.htm

[16]-    "دابق" مجلة "داعش" اسم قرية سورية وردت في "صحيح مسلم"...

//http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/10/14/dabiq-syria-isis-islamic

[17]-    .//http://www.ar.wikipedia.org/wiki

[18]-    //http://www.aljazeera.net/news/.../8/.../-البيان-أول-إذاعة-للخلافة-من-الموصل...

[19]-    https://www.alaraby.co.uk/.../داعش-يخسر-آخر-منابره-توقف-إذاعة.

[20]-    د.اللبّان، مصدر سابق، ص6.

[21]-    د.اللبّان، مصدر سابق، ص 1.

[22]-    أوبن ديموقراسي- التقرير، ثلاثة أسباب تميّز تنظيم الدولة الإسلامية وربما تجعله صامدًا لسنوات" 16 تموز 2015.

.//http://www.opendemocracy.net/paul-rogers/Islamic-State-Why-So-resilient

[23]-    http://www.bbc.com/arabic/middleeast/.../140619_isis_internet_campaign

كيف يستخدم "داعش" الانترنت في الترويج لنفسه؟ BBC Arabic.

[24]-    يحافظ متصفّح" تور" Tor على خصوصية نشاطك على الإنترنت، بحيث يخفي هويّتك ويحمي حركتك من أشكال الرقابة المختلف، يمكن استخدام "تور" لتجاوز حجب بعض المواقع. (//http://www.securityinabox.org/ar/guide/torbrowser/windows)

[25]-    "بيتكوين” Bitcoin: هي عبارة عن عملة إلكترونية يمكن مقارنتها بالعملات الآخرى ( الدولار أو اليورو)، لكن مع عدة فوارق أساسية أبرزها أنّ هذه العملة هي عبارة عن عملة إلكترونية بشكل كامل يتمّ تداولها عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيولوجي لها، كما أنّها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت أو حتى تحويلها إلى العملات التقليدية. ويقول القائمون على هذه العملة أنّ الهدف من طرحها للتداول للمرة الأولى في العام 2009 هو تغيير الاقتصاد العالمي بنفس الطريقة التي غيّرت "الويب" Web أساليب النشر. (//http://www.aitnews.com)

[26]-    بزنس إنسايدر- التقرير، " شبكة الإنترنت العميقة لتنظيم "داعش" والجانب المظلم من الإنترنت"، 2015، ص 43.

[27]-    الحياة - كتيب الحماية من القرصنة الإلكترونية الذي يستخدمه «داعش» يعود.

//http://www.alhayat.com/.../كتيب-الحماية-من-القرصنة-الإلكترونية.

[28]-    موقع الـ بي بي سي BBC: مصدر سابق.

[29]-    الخصائص الفنية لـ (سينما داعش) - صحيفة العالم الجديد

//http://www.al-aalem.com/الخصائص - الفنيّة-لـ "سينما-داعش".

[30]-    موقع الجزيرة: مصدر سابق.

[31]-    د. محسن، مصدر سابق ص 10.

[32]-    د. محسن، مصدر سابق ص 11.

[33]-    د. محسن، مصدر سابق ص 1٢.

[34]-    جريدة السفير اللبنانية، عدد 13160، 1-9-2015.

35]-    القيم، كامل، "حرب الرموز وتسويق مثيرات العنف والإرهاب رؤية في تسويق الدعاية والحرب النفسية لتنظيم داعش"، مجلة حمورابي للدراسات، العدد العاشر، تموز 2014، ص ص 87-117.

[36]-    د. محسن، مصدر سابق ص13.

[37]-    Farewell, James,P. “the media strategy of ISIS” in Survival: Global politicians strategy, dec,2014-

.jan 2015,v56, pp49-55.

 //http://www.isis.org/en/publication/survival/Bectrons2014-4667 

[38]-    جريدة السفير اللبنانية، إعلام داعش: صور الدمار الحصرية، العدد 65131، آب 2015.

[39]-    شوفان، نبيل، وزارة إعلام داعش، منظومة الترويج الفني والحرب النفسية، موقع صحيفة العربي الجديد،29 آذار 2015، ص 25.

[40]-    "داعش" التنظيم الإرهابي الأفضل تمويلًا.. ما هي مصادر تمويله؟

//http://www.almayadeen.net/.../داعش-التنظيم-الإرهابي-الأفضل-تمويلا---ما-هي-مصادر-تمويله.

[41]-    مصادر تمويل "داعش" غير النفطية في الفايننشال تايمز - BBC ...

//http://www.bbc.com/arabic/inthepress/2015/12/151214_press_uk_tuesday

[42]-    كيف تساهم أكبر شركات العالم في تمويل داعش؟ - شفق نيوز.

//http: //www.shafaaq.com/.../كيف-تساهم-أكبر-شركات-العالم-في-تمويل.

“Dahesh” Media Mass Media, Publicity Speech & Techniques

Since 2014, the organization of the Islamic State “Dahesh” has been “urging” world public opinion, and its media phenomenon has become a major focus of the global media, researchers and critics alike.

The organization adopted an organized media and rhetorical strategy aimed at spreading chaos in the countries under its influence to achieve the concept of “brutality” and to spread the conceptual and intellectual visions and perceptions in the chaos that pervades some Arab countries in the post-revolutionary period, The next world jihadist, which falls between two phases, is the first one Chawkat Alnikaya with its supporters spreading chaos, directing military strikes, massacres, and organized killings. And the second one “Chawkat Eltamkeen”, which is the basic basis for the construction of the Islamic state expected.

Between the two Forks, the organized destruction of the state and its constitutional, economic and cultural institutions, just as happened in Syria, Iraq and Libya, which helps the Takfiri groups to control more areas.

 

Upon to its enormous financial management capabilities, it has been able to establish media and publishing center and traditional media institutions

(Magazine, radio, film production institutions…) in addition to the electronic media (Websites). “Dahesh” also uses Social media platforms, which is the fastest and most influential today, especially the sites of Facebook and Twitter and Hashtag, where the organization publishes the news of crimes committed, Using musical chants, images and symbols.

The philosophy of the films produced by “Dahesh” is not limited to the picture and uniform worn by the elements and the destitute and broadcast audio versions and electronic games, but to the production of high-tech videos and Hollywood level, shocking to the mind and logic and humanity beyond the usual, and carries many messages and objectives, A very big opportunity to spread.

The organization of the Islamic state has a varied rhetorical approach, which is the discourse of radical change to establish the state of the caliphate, which ridicules the preachers and clergymen under its banner to speculate on the idea of caliphate and the importance of the existence of Caliph Abu Bakr al-Baghdadi. (Remaining and Expanding), and reflects the major strategies of the stage of “Chawkat Elnekaya”, and can not be separated from the “dual believers and mujahideen” in the face of “unbelievers and apostates” , which is mean in the sociological expression speech “we”, “them”, “I” and the other.

Le système médiatique de Daech Les moyens, le discours propagandiste et les techniques

Depuis l’année 2014, l’organisation de l’État Islamique «Daech» préoccupe l’opinion publique mondiale et son phénomène médiatique a constitué un axe principal à évoquer pour les médias mondiaux, pour les chercheurs et pour les critiques à la fois.

L’organisation s’est basée sur une stratégie médiatique oratoire organisée, visant à répandre le chaos dans les pays qui sont soumis à son pouvoir, et ce en vue de réaliser la notion de «barbarie» et diffuser les perceptions et les conceptions intellectuelles et takfiristes, à l’ombre du chaos énorme qui a envahi certains pays arabes durant la phase «d’après-crise» et qui constitue le titre du mouvement djihadiste mondial prochain. Ce mouvement inclura deux phases, la première étant «Chawkat al-Nikaya» (l’Épine de la vengeance), durant laquelle les partisans de cette organisation répandent le chaos, mènent des frappes militaires et commettent des massacres, tout en maîtrisant les opérations de crimes organisés. Or la deuxième phase est «Chawkat al-Tamkin» ou «l’épine de dominance» qui porte sur des actes de dominance et de renforcement des pouvoirs et qui est considérée comme étant la base essentielle à l’établissement de «l’État islamique» prévu par cette organisation.

 

C’est ainsi qu’entre ces deux phases aura lieu la destruction organisée de l’État et de ses institutions constitutionnelles, économiques et culturelles… justement comme c’était le cas en (Syrie, Irak, et Libye), fait qui a aidé les groupes terroristes à contrôler encore plus de territoires.

Et grâce à ses pouvoirs monétaires énormes que l’organisation a pu établir un centre d’information et de publication, ainsi que des institutions médiatiques traditionnelles (magazines, radios, studios de production cinématographique…), arrivant aux médias électroniques. Daech a recours à la plateforme médiatique des réseaux sociaux, considérée comme le moyen médiatique le plus rapide et possédant l’influence la plus grande aujourd’hui, notamment en ayant recours aux deux sites de réseaux sociaux Facebook et Twitter, sans oublier les systèmes des Hashtags. Sur ces sites l’organisation publie les informations concernant les crimes commis, d’une manière très marquante, en ayant recours aux chants, aux photos et aux signes. La stratégie adoptée concernant les vidéos de «Daech» ne se limite pas uniquement aux photos ou à l’uniforme commun porté par ses membres et par les personnes exécutées, comme elle ne se limite pas à la diffusion de productions audio et au lancement de jeux électroniques, mais s’étend même à la production de vidéos en résolution HD et qui sont à la hauteur des films réalisés à Hollywood.  Nous parlons à ce niveau de vidéos choquantes à tous les niveaux, contenant divers messages implicites et des cibles à viser, fait qui donne à l’organisation précitée l’opportunité d’une diffusion à haut niveau.

Tout comme l’organisation de l’État islamique dispose d’un style de discours varié qui est le discours du changement radical visant à établir le califat islamique. L’organisation a ainsi recours aux orateurs et aux clercs affiliés à elle et qui assument la mission de présenter des discours propagandistes mettant l’accent sur l’idée du califat et sur l’importance de la présence d’Abou Bakr al-Baghdadi en tant que calife ou chef de l’État islamique. Parmi les discours s’inscrivant dans ce cadre figure celui qui pourrait être résumé par le slogan «Remaining and Expanding» (demeure et s’étend) reflétant les grandes stratégies de la phase «l’épine de la vengeance» et qui ne peut être séparé de la dualité des «croyants et moudjahidines» face aux «incroyants et renégats de la foi», c’est-à-dire, en termes sociologiques, le discours du «nous» et «eux» et «Moi» et «l’autre».