زيارة رسمية

اجتماعات ولقاءات مثمرة في زيارة قائد الجيش الولايات المتحدة الأميركية
إعداد: إلهام نصر تابت

مسؤولون أميركيون: من بين الجيوش التي درّبناها وحده الجيش اللبناني يتمتّع بصفات تضاهي صفات جيشنا


قام قائد الجيش العماد جوزاف عون يرافقه وفد من كبار الضباط بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية استمرت عدة أيام (أواخر حزيران الماضي)، التقى خلالها كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين. الزيارة هي الثالثة للعماد عون إلى الولايات المتحدة الأميركية منذ تسلّمه مهماته قائدًا للجيش، وهي أتت في إطار اللقاء الدوري الذي يعقد سنويًا بين مسؤولين أميركيين ومسؤولين عن الجيوش التي يقدّمون لها مساعدات عسكرية.

 

أبرز ما يسجّل من نتائج لهذه الزيارة، هو الإيجابية التي ميّزت جميع لقاءاتها، وخصوصًا الاجتماع الذي عقد في البنتاغون وعبّر خلاله المسؤولون الأميركيون عن تقديرهم العالي لحرفية الجيش اللبناني. وفي ما يتخطى الإشادة والتنويه بأداء العسكريين اللبنانيين وقدراتهم وكفاءاتهم في استخدام الأسلحة والتقنيات الحديثة، صرّح ضباط أميركيون كبار بأنهم درّبوا 30 جيشًا، ولكنّ الجيش اللبناني هو الوحيد الذي يتمتع بصفات تضاهي صفات الجيش الأميركي على صعيد الاندفاع والمبادرة فضلًا عن الوطنية والإخلاص، معربين عن افتخارهم بالشراكة القائمة بين جيشي البلدين. هذه الإيجابية عزّزها إعراب مسؤولين في البنتاغون عن دعم مطلق لاستمرار تقديم المساعدات إلى الجيش اللبناني.
في موازاة الاجتماع بالمسؤولين الأميركيين، التقى قائد الجيش والوفد المرافق له حشدًا من أبناء الجالية اللبنانية في اليوم الأول من الزيارة وتحدّث إليهم، كما عاد والتقى عددًا من الشخصيات اللبنانية والأميركية في عشاء أقامه على شرفه السفير اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية غبريال عيسى، وقد كانت السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيت ريتشارد حاضرة في جميع اللقاءات، إيمانًا منها بالدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني، وبضرورة مواصلة دعمه.

 

الولايات المتحدة هي الداعم الأساسي للجيش اللبناني
نظّم السفير اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية غبريال عيسى، حفل استقبال لقائد الجيش العماد جوزاف عون والوفد المرافق. أقيم الحفل في مبنى السفارة اللبنانية، وحضره حشد من أبناء الجالية اللبنانية وبعض الفاعليات الأميركية وفي مقدّمهم السفيرة الأميركية في لبنان السيدة إليزابيت ريتشارد.
العماد عون شكر السفير اللبناني على تنظيم هذا اللقاء، مثنيًا على مواقفه الداعمة للجيش، كما نوّه بدور الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية وبارتباطها بوطنها الأم، وقال: «إنّ وجودكم في هذا البلد الصديق للبنان له أهمية كبرى، فأنتم سفراء لوطنكم هنا، تحملون همومه رغم بعد المسافة الجغرافية، لكنني واثق بأن ارتباطكم به عميق وقوي. لبنان بحاجة إليكم حتى ولو كنتم تعيشون في الغربة، وكل مواطن لبناني يستطيع مساعدة وطنه أينما وُجد، وأنا واثق بأنكم لا توفّرون جهدًا للمساعدة. نعلم جميعًا مدى انخراطكم في الحياة السياسية والاقتصادية الأميركية، وإذ نفتخر بما تحقّقونه وتنجزونه في هذا المجال، فإن لبنان ينتظر منكم دورًا أكبر في المساعدة عبر علاقاتكم وتواصلكم مع المسؤولين الأميركيين».
ولفت العماد عون إلى أنّ «الولايات المتحدة الأميركية هي دولة صديقة للبنان، واستقراره يهمّها، لذا فهي الداعم الأساس للجيش اللبناني إيمانًا منها بأنّه الوحيد القادر على ضمان هذا الاستقرار»، مشيرًا إلى أن «90% من المساعدات التي يتلقاها الجيش مصدرها الولايات المتحدة الأميركية».
كما تطرّق العماد عون إلى الوضع العام في المنطقة وخصوصًا في سوريا، وما له من تداعيات أمنية واقتصادية واجتماعية على الساحة اللبنانية، مؤكّدًا أنّ الجيش شكّل شبكة أمان للبنان واللبنانيين عبر جهوده المتواصلة في حفظ الأمن والاستقرار، وأضاف: «الجيش مستمر بتنفيذ المهمات الموكلة إليه، من حماية الحدود إلى الاستقرار الداخلي. نتابع مهمتنا متسلّحين بإيماننا بقضيتنا ومحبة شعبنا لنا، وهما أهم أسلحتنا... لقد كنّا أول جيوش العالم التي حاربت الإرهاب منذ العام 2000 قبل أحداث أيلول الأليمة، مرورًا بمعركة نهر البارد حيث قدم الجيش 177 شهيدًا، وصولاً إلى معركة «فجر الجرود»، وهنا أشكر الولايات المتحدة الأميركية على المساعدات العسكرية التي كان لها دور فاعل في القضاء على الإرهاب عسكريًا. العالم بأسره يواجه الإرهاب وليس نحن فقط، ولكننا استطعنا القضاء عليه، ولا نزال نلاحق أيّ خلية إرهابية تحاول زعزعة الأمن والاستقرار في لبنان».

 

أنتم شركاؤنا
وحيّا العماد عون الشعب اللبناني المقيم والمنتشر في كل أصقاع العالم على وقوفه إلى جانب الجيش ودعمه له في مسيرته وخصوصًا في معركة «فجر الجرود»، وقال: «أنتم شركاؤنا في النصر الذي حققناه بدعمكم المادي والمعنوي». وختم بأن الجيش يتابع مسيرة تطوير وحداته ورفع مستواها من خلال التدريب مع الأصدقاء الذين يدعمون المؤسسة العسكرية، ومن خلال استقدام عتاد جديد مشيرًا في هذا السياق إلى طائرات «سوبر توكانو»، ولافتًا إلى أنّ العمل مستمر في المؤسسة لتطوير الطبابة وتعزيز دور المرأة. كما وجّه تحية إلى شهداء الجيش اللبناني، مؤكدًا أنّ الجيش لن ينساهم ولن ينسى عائلاتهم.
وكانت كلمة للسفير عيسى أشاد فيها بدور الجيش اللبناني وتضحياته، شاكرًا للولايات المتحدة الأميركية دعمها المستمر للجيش، منوهًا بشكل خاص بدور السفيرة الأميركية في لبنان.

 

لقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة
في اليوم الثاني لزيارته، التقى قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزف دانفورد في مكتبه وتناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وسبل مكافحة الإرهاب، إضافة إلى استمرار التعاون العسكري بين الجيشين اللبناني والأميركي. وقد أكد الجنرال دانفورد أن الجيش الأميركي مصرّ على مواصلة دعمه للجيش اللبناني.

 

اجتماع موسّع في البنتاغون
شهد اليوم الثالث لزيارة العماد جوزاف عون ووفد من الضباط إلى الولايات المتحدة الأميركية المحطة الأهم، أي اللقاء بعدد من المسؤولين في الجيش الأميركي خلال اجتماع موسّع عُقد في مبنى البنتاغون، ضمّ الضباط اللبنانيين وضباطًا أميركيين وتمّ خلاله عرض العلاقات بين الجيشين وتقييم المساعدات العسكرية الأميركية للبنان. وقد قدّم الجانب اللبناني عرضًا شرح فيه كيفية استخدام الجيش للأسلحة الأميركية خصوصًا خلال معركة «فجر الجرود» ثم قدم تصوّره للحاجات المستقبلية للجيش. من جهتهم، استمع المسؤولون الأميركيون باهتمام إلى ما عرضه الجيش اللبناني، مؤكدين تقديرهم للكفاءة العالية التي أظهرها في مواجهة الإرهاب وخصوصًا خلال معركة «فجر الجرود».
عقب الاجتماع، زار العماد عون مدافن أرلينغتون الوطنية، ووضع إكليلاً على ضريح الجندي المجهول.

 

ثقة غالية
نظّم السفير اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية السيد غبريال عيسى عشاءً رسميًا على شرف العماد عون والوفد المرافق، شاركت فيه السفيرة الأميركية في لبنان السيدة إليزابيت ريتشارد ووزير الصحة أليكس عازار ومساعد وزير الخزانة طوني الصايغ وهما من أصل لبناني، إلى جانب عدد من الشخصيات اللبنانية والأميركية.
وألقى العماد عون كلمة قال فيها: «أودّ بداية أن أعبّر عن اعتزازي العميق بتجدد اللقاء في ما بيننا، وهذا اللقاء يضاف إلى سلسلة طويلة من محطّات التعاون والتنسيق بين الجيشين اللبناني والأميركي. لقد أثبتت الولايات المتحدة الأميركية حرصها الدائم على دعم أمن لبنان واستقراره، من خلال تطوير قدرات الجيش بالأسلحة والمعدات والبرامج التدريبية المتقدمة. إنها ثقة غالية نفتخر بها، وبالمستوى المرموق الذي بلغته شراكتنا في مواجهة الأخطار التي تهددنا، وبخاصة خطر الإرهاب ومخططاته الإجرامية لاستهداف أمن الشعوب الحرة وقيمها».
وأضاف العماد عون: «لقد حقّق الجيش اللبناني إنجازات كبرى على صعيد مكافحة الإرهاب، سواء عبر اقتلاع التنظيمات الإرهابية من حدودنا الشرقية بعد عملية «فجر الجرود»، أو عبر ملاحقة خلاياها في الداخل والقضاء عليها. ومما لا شك فيه أنّ وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانبنا كشريك فاعل، ساهم بشكل حاسم في هذه الانتصارات. لكنّ ما تحقق، على الرغم من أهميته، هو مرحلة ضمن حرب طويلة على الإرهاب، تستوجب توثيق تعاوننا، واستمرار التنسيق الكامل في ما بيننا. ونحن على ثقة تامة بحتمية النصر النهائي على الإرهاب، بفضل عزيمة الجيش وتضحياته، وكذلك بفضل الدعم المتواصل من حلفائنا، وفي مقدّمهم الولايات المتحدة الأميركية. وفي هذا السياق أتوجّه بالتقدير والامتنان إلى السفيرة الأميركية في لبنان السيدة إليزابيت ريتشارد وطاقم السفارة. لقد بذلوا جميعًا جهودًا حثيثة لتعزيز التواصل وترسيخ الروابط بين بلدينا خلال هذه المرحلة الحساسة. كما أثمن دور السفارة اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية عبر سفيرها وفريقها الديبلوماسي، في سبيل تعزيز الروابط بين البلدين، ودور الجالية اللبنانية التي وجدناها خير ممثل لوطننا ورسالته في الانفتاح على الشعوب. ختامًا أشكر حُسن استقبالكم، كما أشكر السيناتور روبرت كرم مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية، على ما أبداه من اهتمام لمساندة لبنان وجيشه، وأعرب عن أملي بأن تسهم هذه الزيارة في تعميق العلاقات بين بلدينا وجيشينا لما يخدم تطلعاتنا ومصالحنا المشتركة».
وكانت كلمة للسفيرة ريتشارد، شدّدت فيها على دور الجيش، منوّهةً بإرادته القتالية مهما كان نوع السلاح الذي يستخدمه، ومؤكّدةً استمرار دعم بلادها له.
كما شكر السفير غبريال عيسى السفيرة الأميركية على دعمها المتواصل للجيش، مشيرًا إلى أن السفارة اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية ستواصل جهودها مع السلطات الأميركية لتأمين استمرارية هذا الدعم.