- En
- Fr
- عربي
نحن والقانون
ماذا عن آلية عمله والاطار القانوني الذي يرعاه؟
يشهد عالمنا الحاضر تطوراً هائلاً في جميع المجالات، وخصوصاً في مجال المعلوماتية وتطور تقنيات المعلومات وسرعة الحصول عليها، وباتت الالتزامات والعقود والمعاملات تعتمد الوسائل الالكترونية، تبعاً لما يوفّره الانترنت كوسيلة سهلة فعّالة، ومتوافرة للعموم، تتيح الحصول على المعلومات وحفظها وتبادلها من دون أن تعترضها الحدود الجغرافية. وقد اعتمدت المصارف الخدمات المصرفية الالكترونية نظراً الى ما توفره للزبائن من يسر وسهولة وسرعة وبكلفة متدنية، الأمر الذي من شأنه زيادة حجم عملاء المصارف.
لكن تطبيق العمليات المصرفية الالكترونية يزداد دقة وتعقيداً يوماً بعد يوم، تبعاً لحداثة مفهومها، ووجود خدمات جديدة واسعة في ظل سوق مفتوحة على تنافس حاد على كل المستويات، مع المحافظة على جو الثقة والسلامة والأمان الذي يعتبر من أهم الركائز في القطاع المصرفي بشكل عام.
ومستقبل المصارف لا يعتمد على خدمة الزبائن وحسب، بل أيضاً على مواكبة البيئة الالكترونية الحديثة التي تتيح للعملاء اجراء عملياتهم المصرفية من خلال استعمال الوسائل الالكترونية المختلفة؛ مثل الانترنت عبر الكمبيوتر أو الهاتف الخلوي أو الصراف الآلي
(ATM-Automated Teller Machine) وغيرها...
حسنات الصراف الآلي
في السنوات الأخيرة، شاع استخدام آلات الصراف الآلي لتقديم خدمة سحب مبالغ نقدية لعملاء المصرف الواحد، وظهرت فوائد هذا الاستخدام من خلال:
- تقصير صفوف الانتظار داخل المصرف.
- تقديم الخدمات المصرفية الاعتيادية للزبائن بصورة سريعة، مثل الاستعلام عن الرصيد وسحب مبالغ نقدية محدودة.
- تخفيض حجم الموظفين اللازمين للقيام بتلك العمليات المصرفية.
- تقديم بعض الخدمات المصرفية على مدار الساعة، من خلال وضع آلة الصراف خارج المصرف، سواء أكانت على حائطه أم في أماكن محددة مثل المؤسسات الاستهلاكية والاقتصادية والتجارية والعسكرية وغيرها...
- تسهيل طلبات الزبائن من دون تقييدهم بزمان ومكان محددين.
مكونات الصراف الآلي
يتكون الصراف الآلي من الآتي:
- خزانة معدة بطريقة مؤمنة، لا يتم فتحها إلا من قبل أشخاص مسؤولين عنها، يتم شحنها بأوراق نقدية من فئتين أو أكثر.
- طابعة صغيرة لطباعة الايصالات اللازمة للعمليات والمعلومات المطلوبة من الزبون.
- شاشة ملونة، صغيرة الحجم، ولوحة من الأزرار، يتم عبرهما تسهيل اجراء العملية المصرفية، وتزويد الزبون التعليمات والخطوات الواجب عليه القيام بها، وتزويده المعلومات التي يطلبها.
- فتحة مخصصة لادخال البطاقات الممغنطة أو البطاقات الإئتمانية (Credit Card) المعتمدة لهذه الغاية، وقارئ لتلك البطاقات.
- صندوق خاص لحفظ البطاقات التي صادرتها الماكينة من الزبون نتيجة أخطاء متكررة، تفادياً للتلاعب بالماكينة أو بالبطاقات، أو نتيجة خلل في البطاقة، ولمنع استعمال بطاقات مزيفة.
- في بعض الأحيان، هناك أيضاً كاميرات تصوير لأخذ صور الزبائن أو الأشخاص الذين يجرون عمليات على الصراف الآلي، تحدد شخصية كل منهم وتحتفظ بصورته، وتاريخ اجرائه العملية. ويتم الاحتفاظ بالصور في أرشيف خاص بكل جهاز.
- شبكة الكترونية لتشغيل الصراف وربطه بنظام المصرف وبشبكة الاتصالات المصرفية العالمية، ولإدارة العمليات المصرفية التي تتم من خلال الصراف الآلي، وربطها ببعضها البعض تسهيلاً لاجراء العمليات المصرفية الممكنة داخل الدولة وخارجها.
خدمات الصراف الآلي
يسمح هذا الصراف للعميل باجراء بعض العمليات المصرفية، من دون حاجة الدخول الى المصرف وانتظار الموظفين لتلبية طلباته، مثل الحصول على مبالغ نقدية أو كشف حساب أو غيره.
والصراف الآلي هو كناية عن ماكينة مبرمجة تحفظ فيها النقود بطريقة معينة، تستطيع التعرف على بطاقة العميل من خلال ادخالها في مكان مخصص لها ثم الضغط على الرقم السري المحدد من إدارة المصرف الخاص بكل بطاقة، وتحديد العملية التي يريدها العميل، واتباع التعليمات بشأنها.
ان ماكينة الصراف الآلي ذات سعة محددة من العملات. لذلك، فهي تعتمد لخدمة الحالات الطارئة للعميل حفاظاً على وقته وتسهيلاً لحاجاته، وهي محدودة من ناحية عدد المرات وكمية النقود؛ فتمنع تكرار الصرف من الرقم عينه في يوم واحد، وتحدد سقفاً للمبالغ النقدية الممكن سحبها بالاستناد الى ظروف العميل.
تتطلب الخدمات التي يقوم بها الصراف الآلي توافر شبكة واسعة من الاتصالات لربط فروع المصرف الواحد كافة مع بعضها البعض، إضافة إلى ربطها بالمصارف الأخرى، المحلية أو الخارجية أو الاثنين معاً. فالصراف الآلي يسمح لزبون مصرف معين استعمال الصراف الآلي لمصرف آخر للقيام بعملياته المصرفية الالكترونية مقابل عمولة محددة لهذا المصرف الأخير، ما لم توجد إتفاقية تعاون بين المصرفين.
وقد تطورت خدمة الصراف الآلي، وسمحت بتقديم خدمات إضافية لتلك التي نشأت من أجلها، فلم تعد تقتصر على اجراء عمليات سحب النقود وكشف حساب، بل تعدّت ذلك الى تقديم الخدمات المتعلقة بدفع الفواتير الحكومية وتسديد الرسوم الجمركية وسواها، وشحن البطاقات الذكية والبطاقات الهاتفية المسبقة الدفع وغيرها.
ويتم الآن الاعلان عن قدرة الصراف الآلي لبعض المصارف على اجراء عمليات إيداع الأموال عبرها مباشرة.
الاجراءات الإدارية والحسابية لعمل الصراف الآلي
هناك العديد من الاجراءات الادارية والحسابية المتعلقة بعمل الصراف الآلي والتي تتناول الأطراف الآتية:
- الزبون القائم بالعملية المصرفية عبر الصراف.
- البنك المصدّر للبطاقة المصرفية الذي يودع لديه حساب ذلك الزبون.
- البنك الذي يملك الصراف الآلي الذي تم عبره اجراء العملية المصرفية.
وتدور تلك الاجراءات حول النقاط الآتية:
- معلومات شخصية ومصرفية حول الزبون القائم بالعملية الآلية.
- معلومات حول المصرف المصدر للبطاقة المصرفية.
- واجبات وحقوق المصارف التي اشتركت في تقديم الخدمة المصرفية عبر الصراف الآلي؛ كالبنك المصدر للبطاقة، والبنك المالك للصراف الآلي الذي تمت عبره الخدمة المصرفية، والمصرف المركزي الذي يملك شبكة الربط المحلية، والمصرف العالمي الذي يملك شبكة الربط الالكترونية العالمية.
- تفاصيل بيانات اصدار البطاقة المصرفية، وصلاحية وقدرة المصرف على اصدارها أو توكيل طرف ثالث بهذه المهمة ضمن الشروط والمعايير والضوابط المتعارف عليها عالمياً، والجهة التي تضع الأرقام السرية للبطاقات، واجراءات تسليمها للزبائن.
- تحديد الاجراءات الإدارية والحسابية للدخول في شبكة الصرافات الآلية العالمية، والشركات والمؤسسات العالمية التي تتولى تنظيم تلك العمليات؛ مثل ماستر كارد (Master Card) وفيزا (Visa) وأميركان اكسبرس (American Express) وغيرها. وهي التي تقوم بوضع الأنظمة والبرامج اللازمة للتعامل بتلك البطاقات المصرفية وبطاقات الائتمان، وتحدد الدول والمصارف الأعضاء، وحقوقها وواجباتها، وكيفية القيام بالاجراءات الادارية والحسابية وعمليات المقاصة بينها.
- تحديد الأطر والقواعد الفنية والتقنية والقانونية والأمنية لتنظيم عمل الصراف الآلي محلياً وعالمياً، وكيفية اثبات العمليات المصرفية التي تم اجراؤها، ووضع البرامج اللازمة لحماية ماكينات الصراف الآلي والزبون وأمواله من عمليات القرصنة الاجرامية.
التنظيم القانوني للصراف الآلي في لبنان
قبل صدور القانون رقم 133/99 بتاريخ 26/10/1999 الذي وسّع مهمة مصرف لبنان المنصوص عليها في المادة 70 من قانون النقد والتسليف، ومنحه مهمة تنظيم العمليات المصرفية الالكترونية وصلاحية الرقابة عليها، وصلاحية فرض الغرامات والعقوبات الإدارية المخوّل بها قانوناً مع الهيئات المنشأة لديه، أصدر حاكم مصرف لبنان القرار الأساسي رقم 7299 تاريخ 10/6/1999 المتعلق بالصراف الآلي (ATM) وبطاقات الائتمان والوفاء. ثم جرى تعديله بالقرار الوسيط رقم 8216 بتاريخ 26/8/2002. وفي ضوء هذا القرار يمكن تحديد الإطار القانوني الذي ينظم عمل الصراف الآلي في لبنان كما يلي:
* شروط الاستخدام:
حدّد القرار رقم 7299/99 وتعديلاته شروط وضع جهاز الصراف الآلي وتشغيله، وقسم تلك الشروط الى شروط متعلقة بالمصارف والمؤسسات المملوكة من تلك المصارف، وشروط متعلقة بالمؤسسات الأخرى، إضافة إلى شروط متعلقة بأجهزة الصراف الآلي، فنص على أنه:
1 - يسمح للمصارف والمؤسسات المملوكة من المصارف بوضع وتثبيت وتشغيل جهاز صراف آلي في المكان الذي تراه مناسباً وذلك شرط:
- إعلام مصرف لبنان مسبقاً.
- ألا يتجاوز عدد أجهزة الصراف الآلي التي ينوي المصرف وضعها خارج مباني مراكز عمله عدد فروعه بالإضافة الى مركزه الرئيسي. ولا تحتسب ضمن التعداد المذكور أجهزة الصراف الآلي (مهما كان عددها) المثبتة والمشغلة في الأبنية القائمة فيها مراكز عمل المصرف.
2 - يسمح لأية مؤسسة لبنانية أخرى غير تلك المحددة في البند 1 من هذه المادة بوضع وتثبيت وتشغيل جهاز صراف آلي في المكان الذي تراه مناسباً شرط:
- موافقة مصرف لبنان مسبقاً.
- إبرام عقد بين المؤسسة والمصرف المعني يحدّد ويحصر المسؤوليات المختلفة وعدد أجهزة الصراف الآلي المنوي تركيبها وتشغيلها والمتنازل عنها من قبل المصرف، بعد تخفيض عددها من العدد الإجمالي الذي يحق له تركيبه وتشغيله خارج مراكز عمله.
3 - يجب على أجهزة الصراف الآلي أن تقبل بطاقات الائتمان والوفاء المحلية والدولية كافة المقبولة من مصرف لبنان.
4 - يتوجب ربط أجهزة الصراف الآلي بشبكات الربط الالكترونية على أن ترتبط هذه الشبكات بعضها ببعض الزامياً، وعلى ألا يجري التعامل محلياً إلا بواسطة هذه الشبكات.
5 - على الشركات المعنية إعلام مصرف لبنان بموجب كتاب تتعهد فيه بالمحافظة على مبدأ السرية المصرفية، وأية تعديلات تطرأ عليه، مرفقاً به تقرير يتضمن:
- أسماء مالكيها.
- عدد المشتركين على الشبكة.
- أنظمة وقواعد عملها.
6 - على المصارف والمؤسسات المصدرة للبطاقات تزويد مديرية الاحصاءات والأبحاث الاقتصادية في مصرف لبنان، شهرياً وخلال مهلة سبعة أيام تلي انتهاء كل شهر، المعلومات المتعلقة ببطاقات الائتمان والوفاء وبالصراف الآلي وبأجهزة نقاط البيع (POS terminals)، موضوعة على ديسكيت (Diskette)، طبق برنامج ونماذج توزّع من مصرف لبنان.
* بطاقات الائتمان المقبولة للاستخدام في الصراف الآلي:
بعد أن اشترطت المادة الأولى من القرار رقم 7299/99 وتعديلاته على أجهزة الصراف الآلي أن تقبل بطاقات الائتمان والوفاء المحلية والدولية المقبولة من مصرف لبنان، نصت المادة الثانية من هذا القرار على أن مصرف لبنان يقوم بإصدار:
1 - لائحة بالبطاقات الدولية المقبولة مع تابعاتها ومشتقاتها.
2 - لائحة بالبطاقات المحلية المقبولة التي يجب أن تكون متوافقة مع المعايير التقنية الدولية.
ولا تخضع لأحكام هذا القرار البطاقات الخاصة (Proprietary Cards) التي تصدرها المؤسسات لخدمة زبائنها، والتي لا تكتسب الطابع الخدماتي المالي أو المصرفي.
* الاجراءات الحسابية لعمل الصراف الآلي:
سنداً للمادة 5 من القرار رقم 7299 تاريخ 10/6/1999، يجب أن تتم محلياً، ضمن مهلة أقصاها 31/12/2002، أعمال المقاصة والتسوية كافة الناتجة أو المرتبطة باستعمال البطاقات المحلية المصدرة في السوق اللبنانية المستعملة محلياً (أي من دون المرور بالشبكات العالمية)، وكذلك اجراءات التحكيم (Arbitrage) لحل النزاعات وفقاً لأنظمة يتعاقد بشأنها المتعاملون.
أما بعد ذلك التاريخ (31/12/2002)، فيجب على المصارف والمؤسسات المصدرة للبطاقات تزويد مديرية الاحصاءات والأبحاث الاقتصادية في مصرف لبنان، شهرياً وخلال مهلة سبعة أيام تلي انتهاء كل شهر، المعلومات المتعلقة ببطاقات الائتمان والوفاء وبالصراف الآلي وبأجهزة نقاط البيع (POS terminals)، موضوعة على ديسكيت (Diskette)، طبق برنامج ونماذج توزع من مصرف لبنان، سنداً للمادة 4 من القرار رقم 7299/99.
وبالنسبة الى البطاقات الدولية، المصدرة والمستعملة محلياً، فيجب أن تتم، محلياً وضمن المهلة المذكورة أعلاه، أعمال المقاصة والتسوية كافة المتعلقة بها، وفقاً لأنظمة يجري وضعها بالتنسيق مع مصرف لبنان والمؤسسات الدولية المعنية بهذه البطاقات.
ان ازدياد العمليات المصرفية الالكترونية التي تقوم على التقنيات التكنولوجية الحديثة يقلّص من فرص التوصل الى صيغ قانونية شاملة كاملة بالسرعة المطلوبة، وتزداد المسألة تعقيداً بفعل التطور اللامتناهي في هذا المضمار، إضافة إلى أنه في طور التكوين غير الواضح المعالم والطبيعة والأبعاد.
لذلك بات ضرورياً على المجتمع الدولي والحكومات والمصارف السعي لايجاد بنية قانونية ملائمة لرعاية العمليات المصرفية الالكترونية عبر الصراف الآلي. فالتشريعات والقوانين النافذة حالياً عاجزة عن الاحاطة بهذه العمليات المعقدة.
مرجع:
د. أحمد سفر: العمل المصرفي الالكتروني في البلدان العربية، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس - لبنان، 2006.