محاضرة

استراتيجيات وخطط فعالة لإدارة الوقت
إعداد: ندين البلعة خيرالله

«الإدارة الحديثة للوقت ضمن مفهوم إدارة الأعمال»، عنوان المحاضرة التي ألقاها البروفسور فانسان مزرعاني (محاضر في عدة جامعات ومعاهد ومراكز أبحاث لبنانية ودولية) في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، في حضور قائدها العميد الركن علي مكّه وضباطها، بالإضافة إلى ضباط من وحدات مختلفة وضباط دورة الأركان 28.

 

الوقت يساوي المال
النشيد الوطني افتتاحًا، ثم باشر البروفسور مزرعاني بالتحدّث عن أهمية الوقت على الصعيدَين العسكري والمدني في التخطيط والتنفيذ انطلاقًا من مقولة «عامل الوقت يساوي المال (In business time is money)». وشدّد على أهمية معرفة مبادئ إدارة الوقت وبخاصة لكل فرد يعمل ضمن فريق أو تزداد مسؤولياته أو عليه إنهاء مهمّة ما في وقت محدّد.

 

التخطيط أساس
لا يؤمن البعض بما يُسمى «إدارة الوقت» الذي هو في الواقع، وبحسب المحاضر، إدارة لأنفسنا (Self management). فوقتنا مقسّم بين العمل والعائلة والترفيه وهذا الواقع يفرض توازنًا بين الحياة العملية والحياة الشخصية (Work Life Balance – WLB) الذي يرتكز لا على مفهوم العمل لوقت أطول، بل على الإنتاج أكثر من الوقت المحدد نفسه.
من أهم المؤشرات التي تدلّ على مشاكل في إدارة الوقت، نسيان بعض الالتزامات، خلق أعذار للعمل غير المُنجَز، تقديم العمل في وقت متأخر، إعطاء نتائج أقلّ من النسبة المتوقّعة، الحذف من أوقات الفراغ والترفيه وتخصيصها للعمل... هنا تظهر الحاجة إلى خطة عملية وفاعلة لتحسين جودة العمل ومردوده، فالفشل في التخطيط هو تخطيط للفشل (Failing to plan is planning to fail). والخطوة الأولى لتخطيط صحيح تكمن في تحديد الأولويات.

 

منظومة كوفي
انطلاقًا من هذا الواقع استخدم ستيفن كوفي (Steven Covey) الذي كان معلّمًا وكاتبًا ورجل أعمال من بين أكثر الأشخاص تأثيرًا في العالم، منظومة بسيطة لإدارة الوقت تقسّم الأعمال والواجبات إلى أربع فئات: العاجل والمهمّ، العاجل وغير المهمّ، غير العاجل والمهمّ، وغير العاجل وغير المهمّ. ولإدارة المهمّات بشكل صحيح يجب البدء بتنفيذ المهمّ والعاجل، من ثم غير العاجل والمهمّ وبالتالي ينصح كوفي بتجنّب المهمّات العاجلة وغير المهمّة وغير العاجلة وغير المهمّة أو توكيلها إلى شخص آخر لينهيها.

 

مبدأ الـ 20/80
أسوأ العمّال هم من يعملون بكثرة ولكن من دون نتائج ملحوظة أو مردود فعلي، وقد أظهرت الدراسات أنّ 80% من الوقت الذي يقضيه الموظّف في العمل هو وقت ضائع على أمور مكتبية أو إعادة أعمال نُفِّذَت سابقًا، بينما وقت الإنتاج الفعلي لا يتجاوز الـ 20%. من هنا علينا أن نحدّد الفئة التي يقع فيها عملنا، الـ 20% أو الـ 80%؟ هل يجعلنا هذا العمل نتقدّم ونتطوّر؟ هل ما نقوم به هو عمل نحبّه ولطالما أردنا القيام به؟ هل الأعمال التي نقوم بها تفيدنا على الرغم من أننا لا نحبّها؟ هل نستمتع بما نقوم به؟
ولتطبيق مبدأ الـ20/80 والعمل بشكل فاعل يعرض مزرعاني بعض النصائح، كتصنيف الأخبار وقراءة المهمّ والبارز منها وعدم إضاعة الوقت على الباقي، الاطّلاع على وسائل التكنولوجيا الضرورية للعمل، والتزام الأصول والأخلاقيات المهنية والوطنية التي توجّهنا لاتخاذ القرارات الصحيحة.

 

نظام كارفر
نظام كارفر (Carver Matrix) هو طريقة أخرى للتخطيط والعمل بشكل فاعل وتقويم مدى أهمية كل مهمّة وأولويّتها. ويمكن الارتكاز في هذا المجال على ستّة معايير مع إعطاء علامة لكل منها على خمسة: أهمية المشروع، إمكان الحصول على المعدات اللازمة لتنفيذه (Accessibility)، مردود هذا المشروع، الوقت الذي يحتاجه، وقعه على المشروع الأكبر الذي نقوم به، وهل المهمّة واضحة ومحدّدة؟ بعد وضع العلامات على كل من هذه المعايير، نقوم بجمعها والمهمّة التي تحظى بالعلامة الأعلى هي التي تحصل على أولوية التنفيذ.

 

ساعة Pomodoro
طريقة أخرى لتنفيذ المهمّات بشكل فاعل وإدارة الوقت هي استخدام ساعة Pomodoro. يتمّ اختيار المهمّة التي نبغي تنفيذها ونقوم بتعيير 25 دقيقة للعمل عليها من دون استقطاع. بعد مرور الدقائق الـ25 نأخذ قسطًا من الراحة لمدة 3 إلى 5 دقائق ونعاود الكرّة. وبعد 4 Pomodoro يمكننا أن نحظى بقسط من الراحة يراوح بين الـ15 و20 دقيقة، فتكون هذه الاستراحة مقدّسة كما وقت العمل. وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة اختيار الوقت المناسب لتطبيق طريقة الـPomodoro في فترة لا تتمّ خلالها مقاطعتنا لا باتصالات ولا بزيارة أو دخول مفاجئ لشخص ما، وذلك لإنتاجية أفضل وتركيز أكبر.

 

لائحة الواجبات والمفكّرة
من الأساليب العملية والفاعلة لتنظيم الوقت، وضع برنامج محدّد بالواجبات والمهمات (To-do list) وتقسيم الأعمال إلى خطوات واضحة وبسيطة بحسب الأولويات. يتمّ تحديث هذا البرنامج بشكلٍ يومي وأسبوعي من خلال وضع إشارة على المهمات التي أنجِزَت أو تمّ تأجيلها أو أُلغِيَت.
إلى ذلك، تبقى الوسيلة الأكثر انتشارًا لتنظيم المواعيد وإدارة الوقت والأعمال، المفكّرات بأنواعها الورقية والإلكترونية (Agenda- Organizer- Smart phones- Computer...) والبرامج والتطبيقات المتطوّرة التابعة لها. ولكلّ منها حسناته وسيّئاته لذلك مهما كانت الوسيلة التي نستخدمها، المهم هو اختيار الطريقة التي تناسبنا وتسهّل عملنا وتؤدّي إلى الالتزام والإنتاج.

 

مضيعات الوقت
في مجال إدارة الوقت وتنظيم الأعمال، نواجه العديد من مضيعات الوقت Time wasters أبرزها: المقاطعات الهاتفية والمقاطعات الشخصية، البريد الإلكتروني والكمّ الهائل من الرسائل الذي يصلنا، وحتى الاجتماعات المطوّلة... ويمكن تجنّب كل هذه المضيعات للوقت من خلال رفض المقاطعة خلال وقت إنتاجنا (Prime Time)، ومعرفة متى يجب الانسحاب من اجتماع ما للعودة إلى عملنا.
إضافة إلى ما سبق، نواجه كمًّا هائلًا من المعلومات التي تُعَد مضيعة للوقت ولكن لا غنى عنها. من هنا علينا أن نعرف كيف نحلّلها ونفرزها لاستخدام المفيد منها من خلال طريقة الـ 5Ds التي تقسّم المعلومات إلى عدّة فئات: ما يمكن رميه (Discard it) ، ما يجب معالجته (Deal with it)، مايمكن تأجيله (Determine a future action)، أو تسليمه إلى شخص مختصّ (Direct or Distribute it)، وأخيرًا ما يجب أرشفته (Deposit it).
بعدها تطرّق المحاضر إلى أهمية تفويض الأعمال الأقلّ أهمية إلى آخرين ومراحل التفويض، كما تحدّث عن المماطلة وخطورتها على الإنتاج، وعن المشاكل والعراقيل التي يمكن أن يواجهها الفرد في عمله على تنظيم وقته وجدول حياته اليوميّة مع تقديم بعض الحلول العملية.
ختامًا، وجّه العميد الركن مكّه شكرًا باسم قائد الجيش للمحاضر، آملًا تطبيق مضمون هذه المحاضرة لما فيها من مصلحة العمل والمهمات في المؤسسة، وقدّم له درعًا تذكارية عربون تقدير.