عبارة

الأمن وحريّة الإعلام
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

تشكّل حريّة الإعلام ركنًا أساسيًا من أركان الدولة الديمقراطية وسِمَةً من سمات الحضارة الإنسانية الحديثة بوصفها جزءًا لا يتجزّأ من حرية الرأي والتعبير والحصول على المعلومات. فمنذ دخول المجتمعات عصر التطوّر على المستويَين الفكري والمادي، برز الدور الريادي للإعلام المرئي والمسموع في تعميم المعرفة والتوعية وتمثيل قضايا الشعب وتنوير الرأي العام. كما برز أثره الواضح في توجّهات الجماهير، وعلى هذا الأساس أُطلق عليه مصطلح السلطة الرابعة.
وقد تمّ تكريس حرية الإعلام في القوانين الدولية بدءًا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يكفل الحريات الفرديّة والجماعية لا سيّما حرية التعبير وإبداء الرأي، مرورًا بالعديد من التشريعات التي أقرّتها لجان دولية مختلفة معنيّة بحقوق الإنسان وحريّة الإعلام وحماية الإعلاميين واحترام رسالتهم.
أمّا في لبنان فقد تكرّست هذه الحرية في مقدّمة الدستور حيث وَرَد أنّ لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد. لكن ذلك كلّه لا يعني أنّ العمل الإعلامي بلا قيود، بل إنّ ممارسته يجب أن تتم ضمن إطار القوانين المرعيّة الإجراء وهذا ما أكّدته القوانين اللبنانية، بخاصةٍ قانون المطبوعات.
من هذا المنطلق، يجب أن يُفْهَمَ أيُّ إجراء يقوم به الجيش لتنظيم العمل الصحافي والإعلامي كتدبير قانوني يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية الإعلاميين، والمواءمة بين ممارساتهم لدورهم وحقوقهم وبين متطلّبات الأمن التي هي أيضًا في صلب مهمّة المؤسسة العسكرية.
وإنّ السنوات الماضية شاهدة على حُسْن تنسيق هذه الإجراءات بين قيادة الجيش - مديريّة التوجيه والوسائل الإعلامية، في إطار من الاحترام لدور الإعلام والتقدير لرسالته السامية. ولا شك في أنّ الحفاظ على تلك العلاقة الإيجابية هو السبيل الأفضل لصون الحريات مع مراعاة الاعتبارات الأمنيّة، وذلك يعكس صورة مشرقة عن تعاون المؤسسة العسكرية والمؤسسات الإعلامية لما فيه خير الوطن ومصلحته.