هو وهي

الاستفزاز
إعداد: ريما سليم ضومط


نسيت، كالعادة، أن تحضر الأغراض التي أوصيتك بها، أليس كذلك؟! عبارة قد تبدو بريئة جدًّا لسامعيها، لكنها ليست كذلك بالنسبة إلى الزوج الذي يتلقّاها، فكلمة «كالعادة» تحمل من الاستفزاز ما يكفي لخلق شجارٍ عنيف، ولتعكير أجواء المنزل لعدّة أيامٍ!

كلمة قد تشعل شجارًا بين الزوجين فما العمل؟

 

عنف معنوي
يشير الاختصاصي في علم النفس العيادي المؤهّل أول عمّار محمد إلى أن الاستفزاز هو أحد أنواع العنف المعنوي الناتج عن قصور في المعرفة، وجهل لأساليب الحوار اللائق، ويلجأ إليه عادةً الأشخاص الذين يعانون إفلاسًا على صعيد التواصل الاجتماعي السليم، والذين يعتقدون بأنهم ملمّون بكل شيءٍ، ويتوهمون بأنهم على صواب في كل ما يفعلونه.
 من مظاهر الاستفزاز التهجّم اللفظي والنقد الدائم للآخر وتضخيم عيوبه إما بشكل مباشر أو من خلال التلميح لها، وهو أحد الأسباب التي تؤدي إلى تفكّك العلاقة الزوجيّة، لأنه يقود الزوجين إلى خلافات دائمة واتهامات متبادلة وردود فعل عنيفة. ويشير المؤهّل أول محمد إلى أن الأشخاص الذين يتعرضون لاستفزاز مستمر من قبل الشريك، هم في وضع لا يحسدون عليه، فهم دائمًا مضطرون لتبرير أفعالهم وللدفاع عن أنفسهم تجاه الاتهامات المجحفة التي توجّه إليهم، وهم حتمًا يشعرون بالظلم والغبن. ولكنه يوضح في الوقت نفسه أن الوضع السيىء الذي يعانيه هؤلاء الأشخاص، قابل للتغيير وفق شروط معيّنة. في العادة عندما يوجّه أحد الزوجين عبارة نقدٍ للآخر أو يقوم بالتهجَّم اللفظي عليه، يستشيط الآخر غضبًا نتيجة الأذى المعنوي الذي تعرّض له، وقد يفجّر غضبه هذا بهجوم مقابل لا يخلو من الحدّة والعنف الكلامي، أو ربّما يكتم غيظه فيصمت على مضض. وفي الحالتين ينتهي الأمر بخلاف مع الشريك قد يستمر أيامًا، فما البديل؟

 

تعديل ردّة الفعل وصولًا إلى تعديل الفعل
يوضح المؤهل الأول محمّد أن التغيير الذي ينشده الطرف المتضرّر معنويًّا، يشترط أن يبدّل الطرف المذكور نمط سلوكه وردّة فعله تجاه المواقف الاستفزازيّة التي يتعرّض لها بدلًا من قضاء العمر بانتظار أن يُبَدِّل الشريك أسلوبه من دون أن تتحقق له هذه الأمنية. وهو يقدّم في هذا الإطار بعض النصائح التي تساهم في تحقيق الهدف المنشود:
- عندما يوجّه إليك الشريك عبارة اتهام أو نقدٍ ما، قم بتكرار العبارات والكلمات أو الإيحاءات التي قام بها، من دون أن تبدي انفعالًا، وذلك بهدف إسماعه قسوة ما تفوّه به من عبارات جارحة، ومن ثم اسأله بهدوءٍ عمّا يهدف إليه من خلال حديثه، وانتظر ردّه برويّةٍ. عندئذٍ سيشعر بالإحراج تجاه أسلوبك الحضاري في مواجهة استفزازه، وستكون بذلك قد قطعت عليه الطريق لخلق مشادّة كلامية، كما أنّه سيسعى في المرّات المقبلة إلى تبديل صيغة الحوار لتكون أكثر انسجامًا مع أسلوبك الراقي.
- عليك أن تتحلّى بالثقة التامّة بنفسك وبقدراتك، فإظهار عدم الثقة بالنفس يمنح الآخر الاستفزازي سلاحًا ضدّك ويسمح له بالتحكّم بمشاعرك.
- حاول أن تبدّل النّمط المعتاد في الرّد على الاستفزاز، فإذا كنت ممن ينفعلون بسرعةٍ ويردّون الصّاع صاعين، تمهّل قليلًا وحاول أن تهدأ قبل الرّد. يمكنك مثلًا أن تتلهّى بتناول كوبٍ من الماء، أو ربما تدير جهاز الراديو، ريثما يهدأ غضبك وتتمكّن من الردّ من دون انفعالٍ.
- تجاهل الاستفزاز وكأنّك لم تسمعه، فهذه خير وسيلة لإسكات الطّرف الآخر.
- لا تدافع عّن نفسك عندما يلمّح الشّريك إلى عيوبك أمام الآخرين من دون أن يذكر اسمك بالتّحديد، بل شارك في انتقاد تلك المساوىء باعتبارها غير موجّهة إليك على الإطلاق.
- حاول أن تحافظ على هدوئك واتّزانك، فقوّة الإنسان تكمن في قدرته على كتم غيظه وضبط انفعالاته، لا سيّما أمام الناس.